أحدث الأخبار
الأربعاء 24 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 41122
قوارب صيد السمك شرق العراق تمخر في الجفاف!!
06.05.2021

بعقوبة (العراق) - منذ عدة أسابيع يزحف الجفاف بوتيرة متصاعدة نحو أكبر خزين مائي في محافظة ديالى شرقي العراق وهو يحاصر صيادي الأسماك ويجبرهم على النزوح المؤقت وسط مخاوف من أن تكون الأوضاع أشد قسوة مع قرب حلول موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
وقال صياد الأسماك أبوسلام الجبوري (61 سنة) لوكالة أنباء شينخوا إن” وضع بحيرة حمرين ينذر بخطر حقيقي، وخاصة أن الجفاف زحف بوتيرة متصاعدة في الأسابيع الماضية، وبرزت أراض واسعة كانت لوقت قريب مغمورة بالمياه”، لافتا إلى أنه اضطر إلى مغادرة موقعه المفضل لصيد الأسماك إلى موقع آخر للاستمرار في عمله.
وشكلت بحيرة حمرين لأكثر من نصف قرن مصدر رزق للعشرات من الأسر القريبة من البحيرة، حيث أمّنت مصادر رزقها عن طريق صيد الأسماك بمختلف أنواعها.
وأضاف الجبوري أن “بحيرة حمرين سبق وأن ضربتها موجات جفاف حادة سنة 2007 وقبلها أيضا، لكن هذه المرة ربما تكون الأعنف في ظل حديث عن أن نهر ديالى الذي يمثل شريان الحياة للبحيرة قد انحسرت مياهه القادمة من بحيرة دربندخان في إقليم كردستان شمالي العراق بنسبة عالية جدا، بالإضافة إلى انعدام الأمطار والسيول التي كانت تساعد في زيادة خزينها”.
أما مصعب الوندي، وهو صياد أسماك منذ 20 عاما تقريبا، فقال إن “الجفاف واضح في أطراف بحيرة حمرين الغربية والشرقية القريبة من طريق حوض حمرين”، لافتا إلى أنهم يسمعون من المختصين “أن الكارثة ما زالت في بدايتها وربما تكون أكبر تأثيرا خلال الأشهر القادمة”.
وأضاف أن “من 100 إلى 150 صيادا يتواجدون في بحيرة حمرين وربما أكثر في بعض المواسم وهم يشكلون أقدم الصيادين في محافظة ديالى”، مؤكدا “أننا تعودنا على لعنة الجفاف المتكررة لكننا نأمل بأن تسعفنا عناية السماء”.
وأوضح أحمد الزركوشي، المسؤول الإداري لمنطقة السعدية التي تقع على ضفاف بحيرة حمرين، أن “البحيرة تضم الخزين الاستراتيجي من المياه لمحافظة ديالى وتستوعب أكثر من مليارين و400 مليون متر مكعب من المياه، لكنها فقدت أكثر من 60 في المئة من مياهها، وهي في انخفاض مستمر لأن كمية المياه التي تصلها من نهر ديالى قليلة جدا”.
وأضاف أن “انخفاض بحيرة حمرين يؤثر على 70 في المئة من مناطق ديالى بشكل مباشر لأنها تشكل شريان الحياة لـ90 في المئة من الأنهر في المحافظة”، لافتا إلى أن صيادي الأسماك هم أول المتضررين من انخفاض المياه الحاد في البحيرة ولكن الضرر سينسحب في الفترة المقبلة على القطاع الزراعي والفلاحين وهم بالآلاف.
وأكد فرات التميمي، عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة ديالى، أن نسبة الأمطار خلال موسم الشتاء الماضي كانت منخفضة جدا وهذا الأمر انعكس على الإمدادات المائية لنهر ديالى الذي يعد أهم مصادر تزويد بحيرة حمرين بالمياه، مشددا على أن المحافظة على أعتاب مرحلة قاسية جدا في الصيف القادم.
ويأخذ نهر ديالى مياهه من بحيرة دربندخان في كردستان العراق، والتي تستمد مياهها من نهر سيروان الذي ينبع من إيران والذي فقد جزءا كبيرا من وارداته بسبب قيام السلطات الإيرانية بإنشاء سدود على روافده في السنوات الأخيرة.
وأوضح التميمي أن “صيادي الأسماك بالطبع سيصيبهم ضرر كبير بسبب انحسار مياه البحيرة وتقلص مساحتها، وعلى الحكومة المحلية في ديالى والحكومة المركزية أن تعملا على مساعدتهم لإيجاد فرص عمل بديلة أو دعمهم ماديا وتشجيعهم على إقامة بحيرات اصطناعية لتربية الأسماك”.
أما عماد خليل، وهو تاجر أسماك محلي، فقد أشار إلى أن “كمية الأسماك المنتجة من بحيرة حمرين في انخفاض مستمر لأن الصيادين يواجهون صعوبات بسبب الانحسار المستمر للمياه”، مبينا أن كمية الأسماك التي ترد إلى الأسواق من البحيرة انخفضت بنسبة تصل إلى 50 في المئة في الأسابيع الأخيرة وربما ستنخفض أكثر في الأشهر القادمة.
وأضاف “نحن كتجار أسماك بدأنا نتجه إلى أصحاب الأحواض والبحيرات الاصطناعية لتغطية النقص الحاصل في الأسماك وتأمين احتياجات الأسواق المحلية”.
واعتبر عاصم خلدون (خبير أمني محلي) أن الأجزاء الغربية والشرقية من بحيرة حمرين التي ضربها الجفاف هي المنطقة الآمنة لعمل الصيادين، إذ أنها تخضع لسيطرة القوات الأمنية ويستطيع الصيادون العمل فيها بحرية، أما الأجزاء الشمالية والجنوبية من البحيرة التي تمتد على مساحات واسعة فما زالت تشهد بين الحين والآخر خروقات أمنية لمسلحي تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية (داعش)، ولذلك فإن توجه الصيادين للعمل فيها ينطوي على خطورة كبيرة.
وأشار إلى أن صعوبات الحياة وفقدان الكثير من الصيادين فرص العمل في هذه البحيرة قد يدفعان البعض منهم إلى المغامرة من خلال التوجه إلى الصيد في مناطق غير مؤمنة بشكل كامل، الأمر الذي يشكل خطرا كبيرا على حياتهم، لافتا إلى أن الخيار الأفضل بالنسبة إلى هؤلاء الصيادين هو النزوح مؤقتا والعمل في مناطق أخرى أو مجالات أخرى غير الصيد لحين عودة المياه إلى المناطق الآمنة من البحيرة التي شكلت ملاذا آمنا وفرصة عيش لهم ولعائلاتهم على مدى سنوات طويلة.

1