أحدث الأخبار
السبت 20 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 41121
قبرص لا تستفيد من شمس الـ340 يوما!!
10.01.2022

رغم أن السياح يستمتعون في جزيرة قبرص المتوسطية بالشمس المشرقة أغلب أيام السنة، إلا أن القبارصة لم يستفيدوا بعد من هذه الطاقة المتجددة والنظيفة التي اتجهت لها أغلب الدول المشمسة في إنتاج الكهرباء، وذلك بسبب شبكة الإمدادات غير المرنة بحسب الخبراء لأنها غير مرتبطة بأي دولة مجاورة لتعويض نقص الكهرباء في حال حصل ذلك.
نيقوسيا - تأسف يورغيا موسكو، وهي تتحدث من منزلها المعرّض بكثافة لأشعة الشمس، لعدم توصّل بلدها قبرص بعد إلى تعزيز مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء، رغم كون 340 من أيام السنة في الجزيرة المتوسطية مشمسة.
وفيما تتفحص المرأة الثلاثينية فاتورة الكهرباء المرتفعة، تعرب عن عزمها على “استئجار قطعة أرض” لتركيب ألواح شمسية فيها.
وليست يورغيا وحدها من اختار هذا الحلّ في الجزيرة التي تجذب شمسها وشواطئها السياح، إذ في عام واحد ازداد عدد الألواح التي ركّبها الأفراد بنسبة 16 في المئة، وفقا لهيئة الكهرباء القبرصية.
ومع ذلك، تجد قبرص صعوبة في زيادة مساهمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في إنتاج كهربائها. فعام 2019 كانت الكهرباء المؤمّنة بواسطة هذين المصدرين لا تزال تراوح عند نسبة 13.8 في المئة من إجمالي الإنتاج، أي دون المتوسط الأوروبي (19.7 في المئة)، وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي “يوروستات”.
قبرص تعمل على توقيع عدد من الاتفاقات وإطلاق مجموعة من المشاريع كالربط الكهربائي الأوروبي – الآسيوي المكلف
وأمل قبرص في أن تصل حصة مصادر الطاقة المتجددة من إنتاجها الكهربائي إلى 23 في المئة بحلول سنة 2030، وفقا لخطة عملها الوطنية.
إلا أن المشكلة تكمن، وفقا لخبير الكهرباء في مركز “كيوس” القبرصي للأبحاث ماركوس أسبرو، في أن “من الصعب توقّع” حجم إنتاج الطاقة المتجددة.
ويوضح يورغوس مونياتيس وهو المدير المشارك لمحطة فاسيليكوس، أبرز معامل إنتاج التيار الكهربائي في الجزيرة المتوسطية، أن “الطاقة متوافرة نهارا من المصادر الكهروضوئية. أما في الليل فينخفض إنتاجها إلى الصفر”.
ويشرح أسبرو أن التعويض عن نقص الطاقة المتجددة “يتطلب أن تكون الشبكة مرنة، والحال في قبرص ليست كذلك” لكون الجزيرة معزولة.
وفي حال وجود نقص، لا يمكن لقبرص الاعتماد على شبكة أي دولة مجاورة، فالجزيرة التي تبعد أكثر من 800 كيلومتر عن أقرب السواحل الأوروبية إليها، وهي تلك اليونانية، غير متصلة تاليا بأي نظام كهربائي آخر.
وإلى هذا السبب، يعود بطء تطور الطاقة المتجددة في قبرص مقارنة بالدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، بحسب أسبرو.
ويستلزم تسريع هذا التطور، على حد قوله، حلا يضمن توفير الطاقة أثناء فترات انخفاض الإنتاج، أي “التخزين أو الربط البيني مع البلدان الأخرى، وما إلى ذلك”.
ولكن رغم توافر تقنيات تخزين الكهرباء من المصادر المتجددة، من الصعب والمكلف راهنا اعتمادها على نطاق واسع، وفقا لخبراء القطاع.
وفي غرفة التحكم في محطة فاسيليكوس، يشير مونياتيس إلى عمود فارغ على الشاشة، والسبب أن توربينات توليد الطاقة من الرياح لم تكن تتحرك في هذه الساعة، إذ ما مِن نسمة رياح على الجزيرة بأكملها.
وتعمل محطة فاسيليكوس التي تغطي 61.5 في المئة من حاجات الجزيرة من الكهرباء، بواسطة حرق زيت الوقود (الفيول) الثقيل والديزل، وهما من أنواع الوقود الأحفوري، ما يضع قبرص بين أكثر الدول تلويثا في الاتحاد الأوروبي.
ويسأل مونياتيس “ماذا عسانا نفعل إذا لم توجد ريح؟”. ويضيف “إنه أمر صعب، لا يمكننا الاعتماد إلا على أنفسنا”.
وسعيا منها لكسر عزلتها، تعمل قبرص على توقيع عدد من الاتفاقات وإطلاق مجموعة من المشاريع، كمشروع الربط الكهربائي الأوروبي - الآسيوي المكلف جدا الذي يشارك في تمويله الاتحاد الأوروبي، ويهدف إلى ربط شبكات الكهرباء في قبرص بشبكات دول تعتبر مجاورة مثل إسرائيل واليونان. وفي التاسع عشر من أكتوبر الماضي وقعت قبرص واليونان ومصر أيضا اتفاقا لاستجرار الطاقة الكهربائية سعيا للربط بين الدول الثلاث.
وتواجه قبرص كذلك عاملا ديموغرافيا يتسبب ببلوغ الاستهلاك مستويات عالية، إذ أن الدولة البالغ عدد سكانها 800 ألف كانت تستقبل قبل جائحة كوفيد - 19 نحو أربعة ملايين سائح سنويا معظمهم في فصل الصيف.
وهذا ما أدى مثلا إلى ارتفاع حاجات الجزيرة هذه السنة من 300 ميغاواط في الربيع إلى 1200 ميغاواط خلال الصيف، بحسب مونياتيس.
ويضيف المدير المشارك أن “الجميع يشغّلون مكيّفات الهواء خلال النوم” في ليالي الصيف الحارة، ما يضطر معمل فاسيليكوس إلى الاعتماد على وحداته لتوليد الكهرباء “نظرا إلى عدم توافر الطاقة الشمسية ليلا”.
أما بالنسبة إلى المستهلكين “فكلفة الكهرباء لا تكفّ عن الارتفاع”، وتقول يورغيا “إنها تشكّل عبئا” على موازنة عائلتها.
وارتفع سعر الكيلواط من 16.97 سنتا من اليورو نهاية العام 2020 إلى 21.78 سنتا في أغسطس 2021، أي بزيادة أكثر من 28 في المئة، وفقا لأرقام هيئة الكهرباء.
وتلاحظ يورغيا أن تحوّلها إلى اعتماد الطاقة الخضراء لمنزلها ستترتب عليه كلفة باهظة. وتقول “لا نستطيع تحمّل تنفيذ هذه الخطوة حتى مع مساعدات الدولة”.ولربما يكمن الحل الآخر في اعتماد نمط حياة مختلف. ففي تشيروكيتيا، على مسافة ستة كيلومترات من فاسيليكوس، يكفي لوحان شمسيان لتلبية حاجات ميليسا أهيرن ورفيق حياتها.
وتقول أهيرن التي عملت طويلا في مجال الأسواق المالية “كل ما نحتاج إليه هو أربعة مصابيح كهربائية وشاحن هاتف وبطارية كمبيوتر!”.

1