أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
1 2 3 41120
سوق الصفارين في النجف.. حكاية تاريخ تقاوم التطور!!
26.09.2022

النجف (العراق) - في مركز محافظة النجف القديمة تقع سوق كبيرة تعد عصب الحياة الاقتصادية للمدينة، وتتفرع عنها عدة أسواق تحمل أسماءً لها ارتباط وثيق بتاريخ هذه المدينة.
ومن هذه الأسواق سوق الصفارين أو ما يسمى بسوق الصفافير شعبياً (نسبة إلى الصفر الذي يعني النحاس ذي اللون الأصفر)، والتي تعتبر واحدة من الأسواق التي حافظت على اسمها دون الحفاظ على أصل المهنة، بسبب تعدد مهن أخرى لا تمت لمهنة الصفارين بصلة.
ويقول الحاج رشيد (أحد أقدم العاملين في المهنة ويحاول الحفاظ على تراثها رغم استغناء الناس عن الأواني النحاسية والاستعانة بمعادن جديدة ورخيصة) في حديث لوكالة الأنباء العراقية (واع) إن “الصفارين في هذه السوق كان عددهم بالمئات من عمال وصناع وأساتذة مهنة قبل أكثر من خمسين عاماً، حيث كنت صغيراً وكانت هذه هي مهنتي التي ورثتها عن آبائي وأجدادي”. ويضيف رشيد أن “المهنة أصبحت منقرضة أو في طريق الانقراض إذ لم يبق منها شيء، وأغلب العاملين فيها فارقوا الحياة، وأنا الوحيد الموجود بالنسبة إلى هذه المهنة”، مشيراً إلى أن “المهنة منتهية لا وجود لها بسبب توفر أدوات أخرى مثل الأواني الزجاجية وأواني الفافون التي أثرت على المهنة تأثيرا سلبيا”.
المهنة كانت تعد من أجمل المهن، وتوارثها الأبناء عن الآباء، وعمّر في أزقة السوق الضيقة حرفيون يعملون في هذه المهنة الشاقة والممتعة، فجعلوا من هذا المكان معلماً تاريخياً.
ولفت إلى أن “المهنة ازدهرت في بادئ الأمر، لكنها الآن لا يوجد لها رواج إطلاقا”، موضحا أن “مهنة الصفارين التي أعمل بها منذ عشرات السنين لا تتعدى صناعة أواني الزينة أو ترميم القديمة منها”. وأكمل، “الإبريق والمصخنة أصبحا من التحف”.
ولعل ما تتمتع به السوق اليوم هو مختلف المعادن التي يطلبها المتبضعون، بحسب العاملين في السوق. ويقول المواطن أبوأيمن (صاحب محل بيع أدوات منزلية) لوكالة الأنباء العراقية “بمرور الوقت بدأت مهنة الصفارين تنقرض أو تقل نتيجة قلة استخدام المجتمع للصفر بوجود مواد بديلة”.
وأوضح أبوأيمن أن “المجتمع بمرور الوقت اتجه إلى استخدام البديل وترك الأواني النحاسية، حيث أصبح التوجه نحو استعمال الصفر المستورد واستخدامه كزينة وليس كمادة للاستخدام المنزلي”، لافتا إلى أن “تسمية السوق حتى مع انقراض المهنة لم تقتصر على اسمها الحالي، حيث سميت بعدة أسماء أخرى كعكد السيف وأبوباب السيف ثم سوق الحدادين وسوق الصفارين”.
ويضيف أن “تسميتها بسوق الصفارين طغت بسبب كثرة الصفارين الذين كانوا موجودين فيها وأغلبهم توفوا ولم يبق سوى شخص واحد ألا وهو الحاج أبوغالب الصفار”، مشيرا إلى أن “المهنة انقرضت منذ عشرات السنين لكنها مازالت تحافظ على إسمها التراثي في هذه السوق”.
ونظراً إلى التطور الحاصل في السلع والمقتنيات وانتشار المستورد انحسرت صناعة النحاسيات والمقتنيات التراثية، وأصبحت السوق مهددة بالانقراض والاندثار، لتطوي سوق الصفارين صفحة من تاريخ العراق، بعد أن اندثرت الكثير من المعالم التاريخية في العراق نتيجة الظروف والمتغيرات الاقتصادية والسياسية التي مر بها البلد.
وما يميز هذه السوق هو كثرة الأصوات فيها، والتي كانت ناجمة عن عملية تطويع المعدن وتحويله إلى مقتنيات وتحف وغيرها من أباريق الشاي وفوانيس المنازل والمزهريات والأواني والكؤوس. وكانت هذا المهنة تعد من أجمل المهن، وتوارثها الأبناء عن الآباء، وعمّر في أزقة السوق الضيقة حرفيون يعملون في هذه المهنة الشاقة والممتعة، فجعلوا من هذا المكان معلماً تاريخياً.

1