أحدث الأخبار
الثلاثاء 23 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 4970
صحافة : نيويورك تايمز: دبي أصبحت للروس جزءا من روسيا ولكن خارجها!!
14.03.2023

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا عن الروس في دبي قالت فيه إنهم يستطيعون في الإمارة بناء حياة جديدة دون الحاجة لقطع العلاقة مع وطنهم الأم. وفي تقرير أعده أنطون ترويانوفسكي قال فيه “في جزيرة اصطناعية على حافة الخليج الفارسي يشعر ديما توتكوف بالأمان. فليست هناك مشاعر معادية للروس كتلك التي يسمع عنها في أوروبا. ولم يشاهد حفرا في الشوارع ولا متسولين كما لاحظ في لوس أنجليس. وفي الوقت الذي تحقق فيه شركة الإعلانات التي يملكها في روسيا، فلن يقلق من تجنيده لكي يقاتل في أوكرانيا”.
وقال “هناك حرية في دبي وبكل الطرق”، وكان يتحدث في مقهى افتتحه قبل فترة، وحيث يدرس أبناؤه في مدرسة بريطانية. وقال “نحن مستقلون عن روسيا، وهذا مهم جدا”.
يتسابق أصحاب المطاعم في موسكو وسانت بطرسبرغ على فتح مطاعم جديدة لهم في دبي حيث يدير أثرياء روس أعمالهم ويفتتحون مشاريع جديدة
بعد عام من العقوبات التاريخية على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، لا يزال الأوليغارش الروس أغنياء. وفي دبي، اكبر مدن الإمارات العربية المتحدة، عثروا على “ميناء الحرب الخاص بهم”. وأصبحت الروسية بمثابة اللغة الوسيطة (لينغوا فرانكا) في الممرات على البحر ومراكز التسوق الفخمة والضواحي. ويتسابق أصحاب المطاعم في موسكو وسانت بطرسبرغ على فتح مطاعم جديدة لهم في دبي. ويدير رجال أعمال مع توتكوف أعمالهم من دبي ويفتتحون أعمالا جديدة.
ويضم الشتات الروسي الجديد في دبي طيفا من أصحاب الملايين ممن تعرضوا للعقوبات، وأصحاب الخبرات التقنية من الطبقة المتوسطة ممن فروا من التجنيد، الذي أعلن عنه الرئيس فلاديمير بوتين. وكلهم يشتركون بسبب واحد للبقاء في الإمارات، وهو وجود طائرات مباشرة منها إلى روسيا، إلى جانب تمسك الإمارات بموقف المحايد من الحرب، وعدم تعرضهم للعدوانية التي يواجهونها في أوروبا.
يضم الشتات الروسي الجديد في دبي طيفا من أصحاب الملايين ممن تعرضوا للعقوبات، وأصحاب الخبرات التقنية من الطبقة المتوسطة ممن فروا من التجنيد
وقالت تمارا بيغاييفا، التي افتتحت مركزا علاجيا من طابقين بات يجذب إليه العملاء السابقين، “لماذا تفتح أعمالا في مكان لا يظهر الود لك؟”، مضيفة “من الواضح أنهم في أوروبا لا يريدون رؤيتنا”.
وبالتأكيد فمركز جذب الروس إلى دبي هو أنها ليست سياسية، وكما أظهرت مقابلات مع عدد من الروس الذين استقروا فيها. وعلى خلاف أوروبا، فلا توجد أعلام أوكرانية ولا تظاهرات تضامنية. فالحرب هناك تبدو بعيدة جدا. ولو وجد أشخاص لديهم مواقف معادية لروسيا، فهي أمر شخصي، والتظاهرات في الإمارات الديكتاتورية غير قانونية ويتم التحكم بحرية التجمع في البلاد.
وترى الصحيفة أن وجود أعداد من الأثرياء الروس في دبي رغم انقطاعهم عن الغرب، يظهر المدى الذي نجح فيه بوتين بالحفاظ على العقد الاجتماعي: فالطبقة القريبة من السلطة يمكنها أن تراكم ما تريد من ثروة.
وفي الحقيقة، قالت الباحثة السياسية أيكتارينا شولمان، إن بوتين كان يرسل رسائل لرجال الأعمال بأنه مستعد لإزالة الكثير من العقبات التي تقف أمام ثرائهم. وفي قانون جديد سهل على النواب عدم الكشف عن دخلهم وممتلكاتهم. وقالت شولمان “نعم، قطعناكم عن العالم الأول، ولكن الأمور لم تتغير للأسوأ بالنسبة لكم”. وأعاد بوتين طبيعة العقد الاجتماعي بالنسبة للأثرياء “أولا، هناك عدد من الدول التي لا تزال صديقة لنا. وثانيا، لديكم العديد من الفرص لكي تثروا أنفسكم ولم نعد نحاسبكم على الفساد”. ومن الناحية العلنية، دعا بوتين الأثرياء لإعادة تركيز أموالهم وثرواتهم واستثمارها في داخل روسيا، إلا أن هذه الطبقة لديها أفكار أخرى.
ويقول أناتولي كامينسكخ، رجل الأعمال في مجال العقارات والذي يتفاخر بأن وكالته باعت عقارات في دبي بقيمة 300 مليون دولار، “بالنسبة لنا جميعا، هذه واحة أمان ولفترة من الزمن”، مضيفا “كل واحد يريد أن يضع أصوله في مكان ما”. واحتفل كاميسنكخ وشركته “سوبها ريلتي” بوضع تمثال مصغر لكاتدرائية سانت بازل وثلج اصطناعي أمام مكتب الوكالة في دبي. وفي جزء من نخلة الجميرة هناك مطاعم روسية ونواد ليلية حيث كانت مزدحمة في ليلة أربعاء، وطلب الرواد شمبانيا دوم بريغنون التي تبلغ كلفة الزجاجة منه 1200 دولار، والتي قدمتها العاملات الراقصات بأضواء لامعة. وعندما بدأ زبون مخمور بالصراخ “المجد لأوكرانيا”، أخرجه حرس المطعم إلى الخارج حالا.
ويقول ديمتري كوتيلينتس، منتج البرامج الترفيهية الأوكراني والذي انتقل لدبي مع عائلته، “تشعر بأنهم دفنوا رؤوسهم بالرمال”، في إشارة للروس حوله، مضيفا “إما أنهم لا يريدون متابعة ما يجري بين روسيا وأوكرانيا أو يعتقدون أن شيئا لم يتغير”.
ودعا بوتين في خطاب حالة الأمة، الشهر الماضي، الأثرياء لجلب مالهم إلى البلد الأم بدلا من التعامل معه بأنه مصدر للدخل ولكن من الخارج. وفي الحقيقة حول الكثير من الأثرياء الروس حياتهم إلى الإمارات، التي رفضت مثل بقية دول الشرق الأوسط فرض عقوبات على موسكو.
ويبلغ تعداد سكان الإمارات 10 ملايين نسمة، منهم مليون مواطن، وهناك ملايين الهنود والباكستانيين، وعدد قليل من الأوروبيين والأمريكيين.
وفي تحليل لصحيفة “نيويورك تايمز”، وجد أن الإمارات أصبحت في الأيام الأولى للغزو الوجهة المفضلة للطيران الخاص من روسيا. وزاد إغراء البلد منذ ذلك الوقت. وتظهر إحصائيات الحكومية أن الروس قاموا بـ 1.2 مليون رحلة إلى الإمارات عام 2022، مقارنة مع مليون رحلة قبل بداية العام الدراسي عام 2019. وهم من أكثر المشترين غير المقيمين للعقارات في دبي، حسب وكالة بيترهومز. وهناك تايكون الفحم الحجري والأسمدة، أندريه ملينشنكو، الذي انتقل إلى دبي العام الماضي، وذلك بعدما أجبر على ترك مقر إقامته في سويسرا بسبب العقوبات. ويزور المسؤولون الروس وعائلاتهم الإمارات أيضا، إلا أنهم يحاولون عدم الظهور ولأسباب جيدة. ففي منطقة فولوغدا، شمال- غرب روسيا، طرد الحزب الروسي الموحد المقرب من الكرملين اثنين من نوابه بعد وضعهما صورا على منصات التواصل أثناء زيارة لدبي. وكان أحدهما يقضي عطلة مع كسنيا شويغو، ابنة وزير الدفاع الروسي.
وقال رئيس شركة روسية كبرى إن “دبي أصبحت جزءا من روسيا خارج روسيا”. ونفى توتكوف، الذي افتتح مقهى “أنجلز كيكس” في دبي، أن تكون العقوبات قد أضرت بالاقتصاد الروسي، مشيرا إلى أن شركة الإعلانات التابعة له في روسيا حققت أرباحا، إذ تحاول الشركات الروسية ملء الفراغ الذي تركته الشركات الغربية.
وقال توتكوف (39 عاما) إنه استفاد من سعر الصرف وقام بنقل عدد من أصوله إلى دبي مستخدما بنوكا لم تطلها العقوبات الغربية. وقال “نصرف بالدولار ونحولها إلى هنا” و”بدولارات نحصل على فرص كبيرة للربح، وكل واحد يعمل هذا”. وقال إنه كان يخطط وعائلته قضاء الصيف في موسكو لكنه ليس متأكدا بعد فرض التجنيد. “هناك مخاطر ضخمة.. ماذا سيحدث لو لم أستطع الخروج”.
وقال ديمتري بلاكيرف العامل في شركة التكنولوجيا أورال ماونتينز إنه ترك روسيا لمعارضته الحرب، واختار دبي لأنه زارها من قبل ولتوفر الرحلات المباشرة إليها.