أحدث الأخبار
الأحد 28 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 4973
صاندي تايمز: من يريد “انتصار” السيسي وماذا يعني بقاؤه في الحكم للمصريين والسياسة العالمية؟!
11.12.2023

نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريرا أعده تيموتي كالداس، نائب مدير معهد التحرير للسياسة في الشرق الأوسط، حلل فيه الطريقة التي سيفوز فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي دمر اقتصاد البلد ولا يحظى بشعبية بين المواطنين،بالانتخابات الرئاسية، وماذا يعني فوزه لمصر والسياسة العالمية. وقال إن المصريين يناقشون مخاطر انخفاض قيمة العملة المصرية أكثر من حديثهم عن “الانتصار” المحتوم في أحدث نسخة من مسرح الانتخابات التي طلب منهم المشاركة فيها.
ويعلق على أن الجولة الحالية هي الثالثة للسيسي، مع أن الدستور حدد ولاية الرئيس بمرتين مدتها 8 أعوام وحظر تعديل المواد لكي تطيل حكمه في السلطة، لكن الجوانب الفنية القانونية ليست مشكلة، فبعد فوزه بنسبة 97% عام 2018 عدل الدستور عام 2019 ومددت فيه ولاية الرئيس لستة سنوات، وقرر أن السيسي له الحق بالترشح مرة ثالثة بعد نهاية ولايته في 2024.
ومن الصعب أن نرى لماذا يعتقد أي شخص لماذا يستمر السيسي في الحكم، وسط القمع الداخلي وعقد من التدهور الإقتصادي وضعف مصر الجيوسياسي؟
ولهذا السبب، يجب التحكم بالعملية الانتخابية. ولم يكن أمام المصريين وعددهم 113 مليون نسمة في الانتخابات السابقة سوى مرشحين للاختيار بينهما، وجاء المرشح المنافس في المرتبة الثالثة نظرا لأن الأصوات الباطلة تجاوزت تلك التي حصل عليها منافسو السيسي.
وفي هذه الجولة كما في 2018، فقد تم اعتقال المرشحين من المعارضة والقادة السياسيين وطواقمهم لمنعهم من المشاركة. وما تبقى من مرشحين وهم ثلاثة في الانتخابات الحالية، اثنان منهما عبد السند يمامة وحازم عمر، هما داعمان للسيسي، فيما يصر زعيم الحزب الإشتراكي المصري، فريد زهران بأنه مستقل، مع أن حزبه شارك في قائمة وطنية نظمها النظام عام 2019 للدخول في البرلمان، وينظر إليه البعض بأنه مخترق.
وفي ظل حتمية استمرار السيسي في الحكم، ربما رأى البعض أن المشاركة في الانتخابات هي الإمتحان الأكبر للتفويض الذي سيمنح إليه. وحتى في ذروة شعبيته عام 2014، كافح السيسي للحصول على مستويات مرغوبة من المشاركة، مما دفع مسؤولي الانتخابات لتمديد وقتها ليوم من أجل تعبئة الناخبين. وفي الانتخابات الأخيرة قدمت الرشاوى والمال وعلب الطعام لخلق مظهر من مظاهر المشاركة الشعبية في الإقتراع.
ويعلق كالداس أن شراء الناخبين رخيص في مصر، مما يعطي صورة أن مصر وبعد عقد من حكم السيسي أصبحت فقيرة وأكثر من تلك التي ورثها.
وأضاف أن مصر أضعف بكثير، فعلى مدى عقود تراجعت مكانة مصر من كونها قوة إقليمية لقوة محلية، وحتى في ظل السيسي، فهناك أسئلة حول مكانتها كقوة محلية. فعلى الحدود الغربية تعتبر تركيا والإمارات أكثر تأثيرا في ليبيا، وفي الجنوب، قامت الإمارات بالتفاوض على تحرير القوات المصرية في السودان عندما اندلع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وفي أزمة غزة المتصاعدة، على الحدود الشرقية والتي وضعت مصر مرة أخرى في مركز الضوء، لأنها تسيطر على المعبر الدولي الوحيد من غزة، معبر رفح، وملايين الفلسطينيين الذين أجبروا على التحرك نحو الحدود، حيث تخشى مصر تدفقا للاجئين نحو مصر، لن تسمح إسرائيل بعودتهم عند نهاية القتال. كما أن السيسي خائف من حماس وعلاقتها مع حركة الإخوان المسلمين التي أطاح بها.
ومع أن مصر لها مقعد على طاولة المفاوضات إلا أن هناك حس بالتأثير المتزايد لقطر، رغم الدور الجوهري الذي تلعبه مصر.
وعلى الصعيد الإقتصادي، فربما زاد الناتج المحلي العام بمستوى متواضع، إلا أن ملايين المصريين وقعوا أسر الفقر وخلال السنوات العشر التي حكم فيها السيسي مصر وبعد الإنقلاب العنيف الذي قام به، تراجعت قوة العمالة، وهي مقياس للقوى العاملة النشطة في الإقتصاد، وكذا انكمش القطاع الخاص، وتضخم الدين الخارجي للبلد، وزادت مخاوف الأمن الغذائي، ووصلت نسبة التضخم على الطعام والمشروبات في تشرين الأول/أكتوبر إلى 71.3%.
ويعتقد الكاتب أن نهج السيسي لترسيخ سلطته وتقوية نظامه أضعف الدولة المصرية وأفقر الشعب المصري. وقامت سياساته الإقتصادية على استخدام نفوذ الدولة وإغداق العقود على الشركات التي يمكلها النظام، لمشاريع لم تدرس بعناية وغير ضرورية. وتضم هذه المشاريع، عاصمة إدارية جديدة بحجم جزيرة سنغافورة، ومزينة بأطول بناية في أفريقيا وأطول خط حديد فردي في العالم. وهناك النهر الاصطناعي وحديقة مركزية والتي تبلغ مساحتها ضعف مساحة حديقة نيويورك المركزية، ويخطط لها في الصحراء، ببلد يعاني من ندرة المياه، وبنى أيضا قصورا رئاسية.
وخلص تحليل لوكالة بلومبيرغ إلى أن مصر قد تكون ثاني دولة في العالم ستتخلف عن سداد ديونها. وفي الوقت نفسه تتنافس الوكالات إلى تصنيف مصر لمستويات غير مرغوبة، وهذا راجع للاقتراض المتهور. فقد تضاعف دين البلد الخارجي أربعة أضعاف من 43,2 مليار دولار عام 2013 إلى 164.7 مليار دولار في حزيران/ يونيو الماضي. وهذا راجع أيضا إلى الحكم السيء المدفوع بطموحات قمع السكان، وكذا قمع نشاط السوق والاستثمار في وقت تنمو فيه الامبراطورية الإقتصادية للنظام.
وتحتل مصر المرتبة 136 من 142 دولة في مؤشر برنامج العدالة العالمي لحكم القانون، حيث عدل السيسي قوانين مصر لكي يوسع سيطرته على النظام القضائي للبلد، الأمر الذي يتضح في حالة الناشط البريطاني-المصري علاء عبد الفتاح، فقد قضى معظم فترة حكم السيسي كسجين سياسي ولا يزال في المعتقل، حيث فشل الزعماء البريطانيون بتأمين خروجه من السجن. وفي آخر محاكمة لعبد الفتاح بالتهمة الجديدة بأنه “أعاد إرسال تغريدة ناقدة للنظام”، حرم فريق دفاعه من الإطلاع على ملفه مما أضعف من قدرتهم على تحضير دفاع عنه، كما ترك القمع السياسي أثره على الإقتصاد، ففي غياب المحاكم الموثوق بها وإنفاذ العقود، امتنع المستثمرون عن الإستثمار.
وأسهم ضعف مصر الإقتصادي بضعفها الجيوسياسي، فقد اعتمد السيسي وبشكل كبير على الدعم المالي من دول الخليج، وقام البرنامج الأخير مع صندوق النقد الدولي، وهو الثالث منذ وصول السسيسي للحكم على بيع أصول الدولة العامة لمشترين خليجيين، ومن بين 34.8 مليار من احتياطي العملة في البنك المركزي 30.4 مليار وديعة من حكومات أجنبية لدعم اقتصاد مصر.
ويرى الكاتب أن ثقل مصر الجيوساسي في تراجع، فالأزمة الإنسانية التي خلقتها إسرائيل بقصف غزة، منحت مصر فرصة لتذكير داعميها بأهميتها وتأمين دعم مالي. ومنذ اندلاع الحرب وعدت المفوضية الأوروبية بـ 9 مليارات يورو للاستثمارات ومنع أثر الحرب في غزة، ويفكر صندوق النقد الدولي بمضاعفة قروضه لمصر. ويبدو ان شركاء مصر الدوليين راغبون بحرف النظر عن سياسات القمع وممارسات النهب للنظام المصري. ولو لم يتم ربط هذه المساعدات بسياسات إصلاحية وعد بها النظام، فستكون مجرد مساعدة في تدهور الإقتصاد وتعميق الأزمة.
وعلى مدى عقد من الزمان، ومن خلال القمع والسياسات الإقتصادية التي صممت لإثراء إمبراطورية النظام على حساب المصلحة العامة، جعل السيسي الاقتصاد هشا والمحاكم مخترقة والشرطة أكثر قمعا وأضعف على مستوى المنطقة، ولكن السيسي يواصل إنكار أنه ارتكب أخطاء.