أحدث الأخبار
السبت 20 نيسان/أبريل 2024
149 50 51 52 53 54 55969
الغارديان: حديث قادة إسرائيل عن حرب متعددة الجبهات يناسب نتنياهو الساعي للنجاة والبقاء في السلطة!!
29.12.2023

ناقش المعلق في صحيفة “الغارديان” سايمون تيسدال، مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الدعوات لتخفيض مستوى التوتر في غزة، بالقول إن الزعيم الإسرائيلي يحب الحروب التي لا نهاية لها، ولهذا يواصل الحديث عن تصعيد متزايد في الحرب الحالية.فهذا الوضع يخدم أجندته الشخصية من ناحية الحفاظ على دعم تحالفه المتطرف ولتقوية موقعه.
وقال تيسدال إن التحذيرات بشأن حرب واسعة تجتاح كل الشرق الأوسط، تم تداولها منذ الأيام الأولى المحفوفة بالمخاطر بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وتعتبر أهم نقطة ساخنة وأخطرها هي الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، حيث حدثت في الأيام الأخيرة مواجهات عنيفة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، وترافقت مع غارات إسرائيلية متفرقة على سوريا، وضربات على القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، ورد انتقامي كذلك الذي أمر به الرئيس جو بايدن يوم الثلاثاء، وكلها أمثلة تغذي السردية عن حرب واسعة. وعززت المسيرات والصواريخ في البحر الأحمر والتي يطلقها الحوثيون حالة الفزع في المنطقة.
نتنياهو يحب الحروب التي لا نهاية لها، فهذا الوضع يخدم أجندته الشخصية من ناحية الحفاظ على دعم تحالفه المتطرف وتقوية موقعه
إلا أن التبنؤات بحرب واسعة لم تتحقق بعد وذلك لسببين رئيسين، الأول هو تفكير حكومة الحرب التي يتزعمها نتنياهو بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر بشن هجومين متتابعين ضد حماس وحزب الله، لكن الولايات المتحدة أقنعتها بعدم ذلك. وكان تفكير المسؤولين الإسرائيليين في تشرين الأول/ أكتوبر هو أن تدمير حماس يعتبر أولوية.
أما السبب الثاني، فنابع من حسابات المتشددين في إيران، الذين اعتقدوا أن مصالحهم تقتضي عدم التورط في الحرب. فحماس وحزب الله والجماعات العراقية واليمنية كلها جماعات وكيلة، تسلح وتمول وتدرب وتحصل، رغم النفي الإيراني، على توجيهات من الحرس الثوري الإيراني، وكلها ليست إيرانية وهي التي تقوم بالقتال، وبهذه الطريقة تشن إيران حربا غير مباشرة ضد إسرائيل، وبقدر من الإنكار. والمشكلة المباشرة هي أن قوة هذين العاملين اللذين يدعوان لضبط النفس، تضعف.
وبعبارات أكثر وضوحا، فمع دخول الحرب شهرها الرابع، فإن الطرفين يقومان بنزع القفازات. وهو ما يفسر تدخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي ردد بفزع دعوات الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة وقف فوري للنار، وتوضح تزايد الدعوات البريطانية والألمانية والأمريكية لخفض التوتر أو التوقف القصير واحتواء الفوضى في غزة. وجاء الدافع من المخاوف النابعة من استمرار القتل الذي وصل إلى أكثر من 21000 فلسطيني في غزة، وتحذير الأمم المتحدة من كارثة إنسانية.
ولكن قادة الغرب الذين يفترض أنهم عاجزون عن وقف الحرب، يعرفون أن موجة القتل التي لا هوادة فيها، والقتل العشوائي الإجرامي والهزيمة الذاتية للجيش الإسرائيلي في غزة، أصبحت استفزازا لا يمكن احتماله من أعداء إسرائيل. وما يحركهم هو شبح الانفجار الإقليمي الأوسع، وليست صور الأطفال الفلسطينيين المشوهين جراء القصف الإسرائيلي.
ويقول الكاتب إن الاغتيال الإسرائيلي هذا الأسبوع لواحد من قادة الحرس الثوري الإيراني البارزين سيد رضي موسوي، بغارة جوية على دمشق، كان خرقا واضحا لكل الخطوط الحمراء التي التزمت بها إسرائيل وإيران لتجنب الصدام المباشر. وكان موسوي “سمكة كبيرة” مهمته التنسيق مع حزب الله والنظام السوري. وتعهدت إيران بالانتقام وتدفيع إسرائيل الثمن الباهظ، إلا أن القتل كان يحمل رسالة أخرى.
وحسب المعلق في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل، فقد “نُظر لموت موسوي في المنطقة على أنه إشارة إسرائيلية لإيران بأنها لا تستطيع مواصلة التمتع بالحصانة مع مواصلة الترويج وتمويل الإرهاب ضد إسرائيل وعلى يد عملائها. وهو ما يقربنا نحو التصعيد مع حزب الله بل وحتى إيران على الحدود الشمالية”.
حرب بلا نهاية تعني نجاة نتنياهو، في وقت يخسر فيه الشاكون، ولو حصل على ما يريد في غزة، فربما تكون هذه بداية الحرب الشاملة
وهدد بيني غانتس، العضو البارز في حكومة الحرب الإسرائيلية، بأن صبر إسرائيل ينفد مع حزب الله، وألمح إلى أنها قد تجتاح لبنان لو لم يتحسن الوضع.
ولكن ضبط النفس وعدم التدخل في حروب الوكالة قد لا يذهب أبعد من ذلك. وربما تواجه إيران مشكلة في ضبط الجماعات الوكيلة التي تدعمها، فلم تهتم جماعة الحوثيين، مثلا، بإعلان أمريكا عن إنشاء مجموعة دولية للمهام الخاصة بقيادتها، وزادت الهجمات البحرية. وأطلق الحوثيون 50 مسيرة وصاروخا باتجاه إسرائيل.
وفي الوقت نفسه، باتت إسرائيل تتحدث عن حرب على عدة جبهات، وهو زعم يشير للتصعيد. فقد أخبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الكنيست بأن إسرائيل تواجه سبع جبهات: غزة، الضفة الغربية، لبنان، سوريا، العراق وإيران. وقال إن إسرائيل ترد على كل هذه الجبهات.
ومن بين هذه الجبهات، فالخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل هو الأكثر توترا ويقترب من حافة الحرب الشاملة، حسب الكثيرين في إسرائيل. ونقلت صحيفة “هآرتس” عن وزير في حكومة نتنياهو قوله: “هناك عدد متزايد من الأشخاص باتوا يتقبلون فكرة الحرب مع حزب الله وأنه لا حياد عنها”.
وهناك سبب آخر يدعو للقلق من أن التصعيد أصبح خطرا حقيقيا، فرئيس الوزراء اليائس الفاقد للثقة والمحشور في الزاوية، قد يرحب بحالة الحرب الدائمة على كل الجبهات. فحرب شاملة بالنسبة له ستكون بمثابة تهديد وجودي يُخرس النقاد، ويقوي تماسك تحالفه ويؤجل الدعوات لانتخابات عاجلة.
وأكثر من هذا، فحرب واسعة تقوم فيها إسرائيل بمواجهة وكلاء إيران، قد تكون فرصة لنتنياهو كي يحقق حلمه الطويل وهو الصدام المباشر مع طهران، العدوة اللدودة له، وهو طموح مصيري طالما سعى إليه وكاد أن يقنع دونالد ترامب به.
باختصار، حرب بلا نهاية تعني نجاة نتنياهو، في وقت يخسر فيه الشاكون، ولو حصل على ما يريد في غزة، فربما تكون هذه بداية الحرب الشاملة.