أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
السمعة السيئة للأم تحول عائقا أمام زواج بناتها!!
بقلم : الديار ... 07.10.2022

يؤكد مستشارو العلاقات الأسرية أنه من غير المنطقي أن تأخذ الفتاة بجريرة أمها، ما يحول دون زواجها في أغلب الأحيان، ذلك أن العديد من الفتيات يرتهن للسمعة السيئة لأسرهن فيتأخر زواجهن أو لا يتم أصلا حتى ولو كنّ ذوات جمال صارخ وأخلاق عالية. وقد زُرع في أذهان الأسر عبر عصور طويلة أن الفتاة نسخة طبق الأصل من أمها.
تونس- لم تتخط عفاف العويني عمر الثلاثين عاما وقد تقدم لخطبتها الكثير من الشباب من ذوي المستوى التعليمي الهام والمنزلة الاجتماعية المرموقة، لكن في كل مرة تفشل الخطبة ولا يعود أهل العريس ثانية. وفي كل مرة تختلق عفاف الأعذار لتصمت ألسنة جيرانها، فعفاف خريجة شعبة الاقتصاد والتصرف لا ينقصها لا الجمال ولا الأخلاق لتكون زوجة ولم لا أمّا مثالية.
كانت العويني الأخت الكبرى لفتاتين متقاربتين في السن وكانت ثلاثتهن يعشن مع أمهن وأبيهن الذي لا يزورهن إلا نادرا ليترك المجال لرجال يترددون على بيتهن من حين لآخر وهو ما جعل سمعة أمهن في الميزان.
ورغم أن البنات لا تنقصهن لا العفة ولا الأخلاق ولا الجمال، إلا أن سمعة أمهن السيئة مثلت عائقا أمام زواجهن وخصوصا أختهن الكبرى التي رفضت أكثر من عائلة الارتباط بها بعد أن سمعت من أهل الحي الذي يقطنّ به كلاما سيئا عن أمها.
وقالت العويني لـ”العرب” إنها لا تستطيع أن تقطع علاقتها بأمها رغم ما تسمعه عنها، فهي في النهاية قد عملت من أجل إعاشتهن وتعليمهن في وقت تخلى فيه أبوهن عنهن.
وأضافت أنه في آخر مرة كانت الأمور على ما يرام فقد تعرفت على شاب وسيم تقدم لخطبتها وتمت الموافقة لكن عندما غادر منزلها التقى بأحد شباب الحي فأسر له بأن سمعة أمها سيئة وأن بعض الرجال يترددون على منزلها فما كان منه إلا أن فسخ الخطبة وأنهى علاقته بها.
وليست العويني هي الوحيدة فالأمثلة كثيرة عن فتيات رحن ضحية أسرهن وكريمة السليتي واحدة منهن ولئن اختلفت وضعيتها عن وضعية عفاف فإن النتيجة واحدة.
وقالت السليتي لـ”العرب” إن أمها عرفت في الحي بسلاطة لسانها وعدوانيتها المستمرة للنساء والرجال وعدم احترامها لمبدأ الجوار وحسن المعاشرة فقد كانت تختلق المشاكل وتوقع بين الجيران وتفتن بين الأزواج حتى أنها لقبت بـ”الفتانة”.
وأكدت السليتي أنها لم تعد تفكر في الزواج أصلا لأنها حتى وإن تزوجت فإن الطلاق سيكون من نصيبها وأن أمها ستفتعل المشاكل مع عائلة زوجها ويكون مصيرها الانفصال.
وترتهن العديد من الفتيات للسمعة السيئة لأسرهن فيتأخر زواجهن أو لا يتم أصلا حتى ولو كن ذوات جمال صارخ وأخلاق عالية، ما يجعلهن يقدمن تنازلات بغاية جذب العرسان.
ويرى استشاريو العلاقات الأسرية أن هذا السلوك يعتبر خطوة تؤدي إلى التعاسة الزوجية وانهيار العلاقة مع الشريك، لكون الفتاة وافقت على الارتباط ليس بهدف الزواج كمؤسسة اجتماعية، بل لإثبات أنها امرأة تصلح للزواج.
ويرى خبراء علم الاجتماع أنه قد زُرع في أذهان الأسر عبر عصور طويلة أن الفتاة نسخة طبق الأصل من أمها في كل شيء، السلوكيات والأخلاقيات والمزايا والعيوب والطباع، وأن الأم لو كانت صالحة ستكون ابنتها مثلها، أو العكس إذا كانت تتسم بصفات سيئة.
ويشيرون إلى أن العديد من الفتيات دفعن فواتير باهظة بسبب ذلك، حيث يتمسك المجتمع بأن يتم رهن خطبة البنت بسمعة أسرتها، أمها تحديدا، حيث لا تزال هناك عادات وتقاليد حاكمة لمراحل الزواج عند أغلب العائلات في مختلف الدول العربية، والسؤال أولا عن أسرة الفتاة من حيث الطباع والسلوك والسيرة بين الناس.
وتوجد فتيات في مراحل متقدمة من العمر دون زواج ليس بسبب أخلاقهن أو تدني مستواهن التعليمي بل لوجود انحرافات في عائلاتهن، كالأب أو الأم أو الأخ، ويرفض الكثير من الشباب الزواج من هؤلاء الفتيات مهما كان التزامهن الأخلاقي ومستوى جمالهن، لأن الفتاة دائما ما تؤخذ بجريرة أسرتها عند التفكير في خطبتها.
ويرى متخصصون في العلاقات الاجتماعية أن الاعتقاد الراسخ لدى أغلب الأسر بأن سلوكيات العائلة أهم من طباع الفتاة نفسها عند إجراء تحريات ما قبل الزواج يتسبب في ممارسة ضغوط نفسية غير محدودة على الفتيات في المجتمعات التي لا تزال تقدس العادات والتقاليد والطقوس القديمة خلال الزواج، ويدفعهن إلى تقديم تنازلات ليكون لهن نصيب في تكوين أسرة.
وقال استشاريو العلاقات الأسرية إن هناك أمهات سيئات السلوك ولديهن فتيات بصفات حسنة وقدوة لغيرهن، لكن ثمة من يفضل الابتعاد عن هذه الفئة خشية الصدام مع العائلة وقت الخلافات الزوجية مستقبلا.
وغالبا ما تتم تحريات ما قبل الزواج عبر أكثر من شخص موثوق فيه ويكون الاهتمام الأكبر بسمعة الأب والإخوة والأم في محيط العمل والسكن، وبعد تجميع المعلومات ومطابقتها يتخذ الشاب وأسرته القرار النهائي، أما السؤال عن الفتاة فيأتي في مرحلة لاحقة، وقد يصعب الزواج منها ولو كانت مثالية الجمال والخُلق.
ويرى بعض خبراء علم الاجتماع أن أخذ الفتاة بجريرة أمها أمر مبالغ فيه وأنه لا يجوز إبطال الزواج لسبب لا يتعلق بالفتاة نفسها. كما يرون أنه ينبغي على الشاب المتقدم للزواج أن يذكر للبنت ما يدفعه للزواج وما يخشاه… وعندها يُصاغ الحل من خلال إجراء عملي يتفق عليه الطرفان، ومنه الاتفاق على مكان السكن وعدد الزيارات وما سوف يتعذر به في حالة معارضة أحد أو كلا عائلتيهما.
وينصح الخبراء في حال وجود فتاة من خيرة النساء إلا أن أمها تحمل صفة سيئة بالاتفاق المبدئي على خطوات إجرائية تقلل من تأثر حياتهما الزوجية بتلك الصفة، مثل إجراءات عملية يتفهم فيها كل منهما ظروف الآخر ولا مجال لإخفاء ما قد يكون مستقبلا مصدر إزعاج يعكر صفو حياتهما، وإن حدث هذا التعكير مستقبلا فهناك مجال بل ومجالات لحله، حيث لا توجد حياة زوجية تخلو مما يعكرها ولو بشكل قليل.

*المصدر : العرب
1