لا يمر عام في الصومال من دون كوارث طبيعية تضرب معظم أقاليمه، وتجبر الآلاف من السكان على النزوح من مناطقهم، هربا من ظروف معيشية متردية بالأساس، وهو ما يعقد الوضع الإنساني المتأزم.
وحاليا، يعاني البلد العربي من حالة جفاف، حذرت وزارة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث، مؤخرا، من أنها ستدفع 2.5 مليون صومالي (من أصل 12 مليون نسمة) إلى مواجهة حالة من انعدام الأمن الغذائي ونقص المياه.
ولا يتوقف الوضع عند هذا الحد، فتداعيات غزو حشرة الجراد الصحراوي تضاعف معاناة السكان، الذين يعانون أصلا من تذبذب الأمطار نتيجة تغير المناخ، وفق وزيرة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث، خديجة محمد ديرية، في تصريح صحفي مؤخرا.
وبجانب تلك الكوارث الطبيعية، تنشط في الصومال حركة مسلحة متمردة، هي "الشباب"، تقاتل القوات الحكومية منذ سنوات.
*مخيمات مقديشو
الفارون من ويلات الجفاف في إقليم شبيلى السفلى بولاية جنوب غربي الصومال، يصلون تباعا إلى مخيمات ضواحي العاصمة مقديشو، على أمل الحصول على ما يسدون به رمقهم.وهؤلاء يحتمون من نار الشمس الحارقة تحت ظلال الأشجار، في مخيم العدالة بضواحي مقديشو، في انتظار من يوفر لهم خيما تقيهم الحر نهارا والبرد ليلا.نظيفة أحمد، وهي أم لـ11 طفلا، قالت إنها نزحت من بلدة ونلوين؛ بسبب الجفاف الذي ضربها، ما أثر سلبا على مزارعهم، التي كانت تتعرض لآفة الجراد الصحراوي.
وأضافت نظيفة: توقف الزراعة يعني توقف عجلة حياتنا، فلجأنا إلى هذه المخيمات خوفا على حياة أطفالنا.واستدركت: لكن المخيمات تشهد المخاوف نفسها، فالظروف هنا صعبة أيضا، حيث لا يوجد مأوى ولا غذاء.وكل صباح، يصطف النازحون الجدد في طوابير طويلة لِتَسلُّم خبز لا يكفي أسرهم، وهو يصل إليهم من تبرعات مواطنين.
*كوخ للنساء والأطفال
اللجوء إلى مخيمات ضواحي مقديشو لا يعني انتهاء المعاناة، بل تبدأ معاناة من نوع آخر، فالحصول على مأوى قد يثقل كاهل تلك الأسر التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة.ويكلف بناء كوخ أو منزل مصنوع من أعواد الأشجار والبلاستيك الأسرة النازحة نحو 360 ألف شلن صومالي (15 دولارا)، وهو ما يجعل بعضهم يفترشون العراء، لعدم قدرتهم على بنائه.محمد سيدو، وهو أب لـ5 أولاد، قال: كل شيء بثمن هنا حتى أعواد الأشجار، لكن رغم تلك الظروف نحاول بناء كوخ واحد قد يتسع فقط للنساء والأطفال، أما نحن فنفترش العراء ليلا، ونستظل تحت الأشجار نهارا.وتابع: تركنا جميع ممتلكاتنا سوى القليل، هربا من ويلات الجفاف، لكن لم نجد من يقدم لنا العون ويخفف معاناتنا.
*متاعب صحية
وتصاحب معاناة هؤلاء النازحين الجدد ظروف صحية صعبة، فمنهم من يعاني أمراضا مزمنة، فضلا عن لدغات ثعابين.وقال إبراهيم محمد؛ إن لدغة ثعبان أقعدته منذ شهور عن مزاولة عمله الذي كان يعيل أسرته، لتتحمل زوجته وحدها مصاعب تحصيل لقمة العيش.وأردف: كنت أمل زيارة المراكز الصحية في المخيمات لمعاينة جرحي، لكن الخدمات الصحية توقفت تماما، نتيجة غياب دعم الهيئات الإنسانية في الشهور الماضية.وقالت فاطمة آدم، وهي مسؤولة مخيم "فينوس"؛ إن 30 أسرة فرت من تبعات أزمتي الجفاف والجراد.وتابعت: هم يعانون في المخيمات بسبب غياب الهيئات الإنسانية المعنية بإعادة تأهيلهم ومدهم بالغذاء لإبقائهم على قيد الحياة.
*نداء إغاثة
وفي مواجهة الجفاف والجراد، أطلقت وزارة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث نداء إغاثة لمساعدة المتضررين في الأقاليم.وقالت الوزيرة خديجة محمد، في مؤتمر صحفي مؤخرا؛ إن تذبذب الأمطار في الموسم الماضي أدى إلى انعدام الغذاء ونقص المياه.وأفادت بأنه تم الإبلاغ عن حالات مجاعة في إقليم جدو وبلدات في ولايات جوبالاند وجنوب غربي الصومال وهيرشبيلي وجلمدغ وبونتلاند وصوماليلاند.ودعت الهيئات الإنسانية الدولية والمحلية إلى المساعدة في إنقاذ المتضررين من أزمات الجوع والجفاف والجراد.ومطلع آذار/ مارس الجاري، أعلن مسؤول محلي وفاة 11 شخصا بسبب الجوع والجفاف في مدن وبلدات بإقليم جوبا الوسطى، الخاضع لسيطرة حركة "الشباب".وبحسب وزارة الزراعة الصومالية، فإن أسراب الجراد التهمت أكثر من 100 ألف هكتار (الهكتار الواحد يساوي ألف متر مربع) من الأراضي الزراعية في البلاد.وحذرت من أن هذا الوضع يشكل خطرا على قطاعي الزراعة والرعي، وهما العمود الفقري للاقتصاد الصومالي، إلى جانب الأمن الغذائي في البلاد.وأعلنت الأمم المتحدة، منتصف شباط/ فبراير الماضي، عن الحاجة لجمع مليار دولار؛ لتقديم مساعدات إنسانية خلال 2021 إلى 5.9 ملايين صومالي، بينهم 2.6 مليون نازح بسبب الكوارث الطبيعية.
الجفاف يهدد 2.5 مليون صومالي وسط نقص الغذاء والماء!!
بقلم : الديار ... 19.03.2021