**جفاف وفيضانات وجراد تواكب الانفجار السكاني.
*القارة الأفريقية التي من الممكن أن تكون سلة غذاء العالم تعاني من عوامل وتأثيرات مناخية عديدة مثل الفيضانات والجفاف ما ينذر بالجوع مع الانفجار السكاني القادم. لذلك ينبه العلماء إلى اتخاذ تدابير عاجلة قبل أن تحل الكارثة ويصبح العيش فيها غير ممكن مع نقص الغذاء.
قال علماء أفارقة هذا الأسبوع إن عدد سكان أفريقيا من المتوقع أن يتضاعف تقريبا بحلول سنة 2050، لكن النمو في إنتاج الغذاء يتباطأ بوتيرة أسرع من أي منطقة أخرى في العالم مع تأثير الجفاف والفيضانات والحرارة والآفات الناجمة عن تغير المناخ.
ومع تزايد عدم انتظام الأمطار، أصبحت الطاقة الكهرومائية التي تعتمد عليها العديد من البلدان الأفريقية لإدارة اقتصادها غير مضمونة، في حين تواجه المجتمعات الساحلية التعرية والفيضانات وهجرة الثروة السمكية.
لكن الأموال التي تحتاجها الدول الأفريقية للتصدي لتلك التهديدات مفقودة إلى حد كبير أو تأتي فقط في شكل قروض، في حين أن سوء الإدارة والتفكير المنعزل حول كيفية معالجة المشاكل يعوقان العمل الفعال، حسبما أشار العلماء.
وقال يوبا سوكونا نائب رئيس اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في مالي، في وقت أصدرت فيه الهيئة العلمية التابعة للأمم المتحدة تقريرا عن الآثار والتكيف والتعرض للاحترار العالمي هذا الأسبوع “لسنا على الطريق الصحيح لامتلاك القدرة على الصمود أمام تغير المناخ”.
وحذرت الهيئة العلمية من أن الجهود المبذولة في جميع أنحاء العالم للتكيف مع الضغوط المتسارعة (من الحرارة والجفاف إلى الفيضانات الشديدة وارتفاع مستوى سطح البحر) غير كافية وتهدد المليارات من البشر مع استمرار ارتفاع استخدام الوقود الأحفوري، على الرغم من اتخاذ مجموعة من التدابير الذكية للتكيف مع آثارها (من أنظمة الإنذار المبكر إلى تعزيز الرعاية الاجتماعية والاستخدام المتزايد لحواجز الفيضانات الطبيعية مثل أشجار المانغروف الساحلية) التي تبشر بالتوجه نحو خيارات أفضل في أجزاء كثيرة من العالم.
وقال هويسونغ لي رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إن التقرير الجديد الذي قدمه 270 من كبار علماء المناخ هو “تحذير رهيب من عواقب التقاعس في مواجهة التهديدات”.
وقال العلماء إن مواجهة التحديات في أفريقيا، من الفقر واسع النطاق إلى نقص الكهرباء ومسار التنمية وتحقيق الحياة الكريمة للناس، ما تزال محاور ذات أولوية.
وقد دفع ذلك بعض المسؤولين الأفارقة إلى التشكيك في إعطاء الأولوية للعمل المناخي، بحجة أنه ينبغي للقارة استخدام احتياطياتها النفطية لتحفيز النمو كما فعلت العديد من البلدان الغنية، خاصة مع عدم توفير ما يكفي من التحفيز لاعتماد طاقة أنظف.
ومع ذلك حذر علماء الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ من أن هذه الظاهرة تهدد بتقويض التنمية بشكل أساسي، حتى في الوقت الذي يمكن فيه للجهود الرامية إلى التكيف (من ري المحاصيل إلى حماية الأحياء الفقيرة الحضرية من الفيضانات) أن تنقذ الأرواح والناس من براثن الفقر.
وقالت ديبرا روبرتس الرئيسة المشاركة لمجموعة العمل المعنية بالتقرير ورئيسة جهود مرونة المدن لبلدية ديربان إيتيكويني في جنوب أفريقيا “علينا أن نتعامل مع تغير المناخ كجزء من التحدي الإنمائي الأكبر الذي نواجهه”.
وأشار كريستوفر تريسوس مدير مختبر المخاطر المناخية في كيب تاون إلى مشروع لتحسين إمدادات المياه وظّف سنة 2018 سكانا محليين لإزالة الأشجار المجتاحة التي تستهلك كميات كبيرة جدا من الماء، بعد أن استنفدت جل المياه تقريبا في المدينة.
وقال إن مثل هذه المشاريع تعزز فرص العمل وتساعد على حماية الناس من الصدمات المناخية، كما يمكن أن تساعد في إعلام المزيد من الأفارقة بالمخاطر والفرص المرتبطة بالمناخ.
وأشار إلى أن “التوعية ضرورية لتسريع التكيف مع تغير المناخ في أفريقيا”، مؤكدا أن الدراسات أظهرت أن أقل من نصف الأفارقة يدركون ماهية الاحترار العالمي وأنه من صنع الإنسان.
وقال دانيال أولاغو مدير معهد تغير المناخ والتكيف معه في جامعة نيروبي إنه ينبغي على الدول الأفريقية الاستفادة من الأنظمة الطبيعية (من الأراضي الرطبة إلى أشجار المانغروف) لمكافحة الفيضانات، بدل بناء حواجز خرسانية.
وقال أولاغو مؤلف تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إن “المخاطر تتطلب منا التحرك بسرعة كبيرة جدا”.
وأعرب العلماء عن قلقهم بشكل خاص إزاء التهديدات “المتتالية” مع ارتفاع الحرارة، مثل إبعاد الأسماك، وجعل العمل خارج المكاتب أكثر صعوبة، وتقويض زراعة المحاصيل، مما يؤدي إلى نقص في الغذاء يمكن أن يكون عالميا ومحليا.
وقال تريسوس إن أفريقيا تواجه بالفعل مخاطر “عالية” من الآثار المناخية لاسيما على الأنظمة الغذائية حتى لو ظل الاحترار دون الحد المتفق عليه عالميا (1.5 درجة مئوية). كما ستشهد اقتصادات القارة والصحة والأنظمة الإيكولوجية وإنتاج الأغذية تهديدات عالية جدا و”نحن لسنا مستعدين لذلك”.
وقال العلماء إن الأفارقة يمكنهم خفض المخاطر بشكل كبير من خلال تدابير التكيف، بدءا من تنويع المحاصيل ومصادر الدخل الريفي إلى دعم صناديق الحماية من الفيضانات في المجتمعات الحضرية الأكثر ضعفا في الأحياء الفقيرة.
وقالت روبرتس إن هناك “عدم تطابق بين مكان إنفاق الأموال ونقاط الضعف”.
كما حدد العلماء أنه من أجل اتخاذ إجراءات أسرع وأفضل تنسيقا، لا ينبغي التعامل مع تغير المناخ باعتباره قضية تهم وزارات البيئة فقط، بل ينبغي أن يوضع على جدول أعمال مسؤولي المالية والأمن والزراعة.
وأضافوا أنه من أجل إنجاح التكيف الأفريقي، فإن تأمين المزيد من التمويل بالغ الأهمية.
وأشار تريسوس إلى أن مبلغ التمويل المستهدف للتكيف يقل بمليارات من الدولارات حتى عن أقل تقدير تكلفة لما هو مطلوب لأفريقيا.
وحذرت روبرتس من أن القارة مثلها مثل أجزاء أخرى من العالم قد تشهد تغييرات “لا رجعة فيها” في إمداداتها الغذائية والمائية وأنظمتها الإيكولوجية الطبيعية، إذا لم يُكبح جماح الاستخدام العالمي للوقود الأحفوري وتغيّر المناخ الذي يتسبّب فيه خلال هذا العقد. وقالت إن الفرصة ستمُرّ لكي نواجه تحديات كبيرة.
أفريقيا تواجه مخاطر عالية من التأثيرات المناخية!!
بقلم : الديار ... 12.03.2022