logo
«ألف فتاة مثلي» وثائقي أفغاني واقعي ومقدام لفتاة تكسر الصمت!!
بقلم : زهرة مرعي ... 25.09.2020

«ألف فتاة مثلي» فيلم وثائقي من أفغانستان يشجع الفتيات والنساء على كسر الصمت والبوح بتعرضهن للتحرش الجنسي أو الإغتصاب، والتحرر من عقدة الذنب التي تلازمهن مدى الحياة.
فيلم من 80 دقيقة، يُحسب لبطلته «خاطرة» إقدامها وشجاعتها وتحديها لمجتمع قد يكون من بين المجتمعات الأكثر محافظة وذكورية. كما يُحسب لمخرجته تقديمها لمثل تلك القضية العالمية بالشكل والأسلوب المطلوبين.
تركت المخرجة الأفغانية ساهرة موساوي ماني للأحداث أن تنساب، بكل ما فيها من ألم وخوف وأمل، ولم تتدخل، وإذ بالفيلم يكشف عن جريمة كبيرة.
«ألف فتاة مثلي» الذي اُنجز سنة 2018 أتيحت فرصة مشاهدته عبر فيسبوك لمتتبعي مهرجان المرأة يافوية في دورته الرابعة على مسرح السرايا العربي – يافا، وذلك في بداية أيلول سبتمر.
كانت فرصة مهمة لمتتبعي هذا الشريط أن يعاينوا مباشرة شجاعة «خاطرة» إبنة الـ23 عاماً. تلك الصبية التي غارت وهي طفلة من بنات أعمامها وهن يتغنجن في أحضان أبائهن.
تمنت عودة والدتها من تجارته في إيران لتحظى بحبه وحنانه والغنج بين يديه. ولكن.. عاد وليته لم يعد. تخطى حدود الأبوبة في ملامساته. سألته الطفلة المشتاقة له «لماذا تفعل هذا»؟ كان الرد مدعوماً بالتعميم لمنع تكرار السؤال «كافة الأباء يفعلون هذا ما بناتهن»!
مرت السنوات وصارت «خاطرة» لعبة أبيها يعبث بها ساعة يشاء، وبعلم الأم والإخوة الذكور، وما من أحد حرّك ساكناً. أنجبت خاطرة من أبيها «زينب» ومن ثم «محمد».
لم تكن الفتاة تستكين على ذاك الرعب، الذي لازمها طوال حياتها. قصدت تباعاً 15 من الملالي تشكو وتطلب التدخل لحمايتها. جميعهم كانوا يُسكتونها، أو يُكذّبونها، ومنهم من نصحها بالتستر في منزلها، وإن هي تقدمت بشكوى فقد يغتصبها عشرة آخرون!
وحدها شاشة التلفزيون حققت حريتها من الاغتصاب المتمادي. روت حكايتها في أحد البرامج على الشاشة الأفغانية، وبدأت من حينها رحلة جديدة في عالم التعنيف المجتمعي الذكوري والأسري. لكنها نجحت في مقاضاة من استباح لحم طفلته الطري، وتمادى في إجرامه.
«خاطرة» التي عاشت في جهنّم والدها سنوات طوال، كان عليها إختبار جهنم المجتمع والأقارب من إخوة ذكور وأعمام. ذاقت شظف العيش وهي تتنقل طوال سنة من منزل لآخر مع والدتها والطفلين «زينب ومحمد».
فعندما تُكشف هويتها يسارعون لطردهم. حتى أن أحد اخوتها ضربها بعنف لأنه لم يحظ بعمل بسببها، وطرد المخرجة من المنزل «ما بدي تصوير خلص».
محاكمة الوالد المجرم وسجنه تمت سنة 2015، لكنّ «خاطرة» لم تكن تقوى على متابعة الحياة في وطنها مع «زينب ومحمد» خوفاً من أعمامها وسواهم ممن يرمون مسؤولية ما حصل عليها.
تقول خلال حوارها الهادئ مع الكاميرا «كل امرأة في هذه البلاد لها مئة مالك.. قصصنا تُدفن معنا في الأرض». حصلت على تأشيرة للعيش في فرنسا بمساعدة من جمعية إنسانية وتقول: «هناك سأجمع الطفلين كأخ وأخت».
إنها الخاتمة والبدء من جديد. سجنت والدها، ومنعته من تنفيذ تهديده الذي كان يرعبها بقوله الدائم لها «عندما تكبر زينب ستصبح زوجتي». الشجاعة أنقذت خاطرة، وأملها أن تقتفي الفتيات والنساء دربها.
قالت هناك «ألف فتاة مثلي» وربما هناك الملايين. فليس حتمياً أن يكون المغتصبون محصنين بـ»نظام قضائي يجرّم النساء اللواتي يطلبن الحماية» كما في العديد من البلدان، بل هم موجودون في الكثير من الدول التي تدعي حرية النساء ومساواتهن مع الرجال.
«ألف فتاة مثلي» فيلم وثائقي واقعي وإنساني بإمتياز، وعرضه على نطاق واسع في العالم يحمل رسالة توعية وتشجيع على كسر الصمت، كي لا يرافق جرح الإغتصاب البليغ النساء إلى قبورهن. فكيف الحال مع جرح من ذوي القربى ومن الأب تحديداً؟

٭المصدر : القدس العربي

www.deyaralnagab.com