بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 06.09.2012

في هذه الاثناء وفي ثنايا عقود مضت غنينا وتغنينا بقضية القضايا بوطن الاوطان الذي يقع على مرمى حجر وجمحة غزال في واقع وخيال الذاكره الجماعيه.. يقع هناك وراء البحر وهناك خلف الجبال وهناك عبر الحدود وهنا مباشرة تحت اقدامنا وليس في خيالنا, وبين هنا وهناك باتت تفصلنا مسافات طويله عن تحقيق حلم تائه بين طيات التاريخ وتفاصيل التفاصيل وتعابير التعابير الذي نحيكها ونلوكها جيل بعد جيل وبين هذا وذاك بات من الصعوبه وصف حالنا ونحن نعيش في تناقضات ومتناقضات وشعارات واستشعارات..نطرح الشعارات ونستشعر خطورة الوضع وزيادته خطوره وكأننا او هكذا نبدو امتهنا مهنة التوصيف او الاستشعار فقط لننتقل من شعار الى شعار ومن استشعار الى استشعار ومن تحذير الى اخر ومن ادانه الى اخرى..مجرد ادانه عابره.. تسجيل موقف او إجتراح تعابير تعبر عن مدى العجز الذي يقطن حالنا وواقعنا ولا يبرحنا منذ عقود مضت او حياكة اي تبرير يضمن تبرير واستمرارية الحدث الراهن واستشعار القادم... الامه في خطر .القضيه في خطر... الاقصى في خطر.. الشعب في خطر.. المخيم يعيش حالة الخطر..غزه تموت.. رام الله تعيش وتتسبَّح على شاطئ يافا بتصريح خاص!...مخيمات تأخذ اشكال اقفاص..علب سردين معبأه بالبشر..شواطئ تعج بالبشر.. مساحة علبة سردين وسرح شاطئ بحر يافا الذي احتضن مؤخرا الاف من جوعى الحريه وعطشى البحر.. هناك وضبطا في هذه البقعه وعلى هذا الشاطئ كانت اول خطواتي مع رحلة فلسطيني بلا هويه وحين رفعت نظري من بين سطور كتابي التطمت عيوني مباشر بيافا التي كانت على مرمى نظري وتعجبت من هذه المفارقه العجيبه وهي انني لم اجلس في هذا المكان من قبل ولم اقرا هذا الكتاب من قبل.. المكان شاطئ يافا ويافا والكتاب كان يحكي قصة يافا وماحدث لها ولاهلها عام 1948 والزمان ثمانينات القرن الماضي حين كانت يافا المهجوره والمهجَّره اطلال تطل على شاطئ البحر والميناء العتيق... اطلال بيوت يافا ومساجدها وكنائسها التي تحولت الى حانات ومطاعم وملاهي للغرباء الذين احتلوا المكان وشرعَّنوا سرقته بقصة طابو الالفين عام...طابو الالفين الذي محى عروبة يافا في وضح النهار.. سرقة مدينه ...سرقة وطن..تشريد شعب.. في وضح النهار وعلى مرأى وسمع الجميع..عيني عينك والقضيه مستمره منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا..!
شئ عجيب غريب ان تُحاك الحكاية ذاتها بذات الخيوط وذات القدر الذي ربط بين حكايتي مع كتابي ومع شاطئ يافا ومع ابناء يافا المبعدون قسريا عن شاطئها والذين ما زالوا يخيمون في مخيمات الاقفاص و البؤس والعذاب وحكاية شاطئ يافا الذي عج في عطلة العيد بالاف الفلسطينيون من ابناء وبنات الضفه الذي انعم الله عليهم بتصريح من الاحتلال ليخرجوا من وراء الجدار الى فسحة الهواء الطلق على شاطئ يافا.. الحَّق انني سعدت كثيرا بسعادتهم وفرحتهم بالبحر ولا علاقه لما نكتب هنا بالحدث سوى في حياكة الحكايه..حياكه بحته..حياكة خطوط حكاية شعب صار يتنفس الهواء بتصريح خاص وهو داخل وطنه وجزء اخر من هذا الشعب لايرى الضوء قسرا وقهرا في مخيمات الاقفاص وعلب السردين واجزاء اخرى تأن تحت وطأة الحصار والظلم وعن حال القدس واهلها حدث بلا حرج.. اسوار تطارد اسوار.. وفقر يلاحق عوز.. وما زلنا نلقي الاشعار في زهرة المدائن ونطرح الشعارا ت ونستشعر الاخطار التي تتربص بالاقصى وباحاته واسواره... استشعار لخطر واقع وزاحف وليس لخطر قد يحدث ونستبقه حتى لا يحدث.. الاستشعار نفسه صار شعار كل المراحل.. الاستشعار وفي المقابل استمرار الاستيطان والتهويد بوتيره عاليه...يا عالم يا هُو القدس في خطر!... ما حَّدا سامع.. الكل مطنش وطنا ومهجرا وعربا وعجما ومليار مسلم ومليار شعار... واستشعار الخطر ونقل الخبر على "الخواء" المباشر....صرنا رواه ومدونون لحكايتنا.. رواه فقط... بنعد العُصي فقط.. وبندَّون الادانات المحليه والعالميه واحيانا نجلبها مجانا...ادان الوزير الفلاني.. المنظمه الفلانيه.. المؤسسه الفلانيه....إيه العالم فهم تماما ماذا نريد؟..ادانات وتصريحات وشعارات...طيب خُذوا ادانات وتصريحات لتشبعوا !..إملأوا الصحف والفضائيات والمواقع الالكترونيه : ادانات وتصريحات وشعارات واستشعارات!. ما الفائده؟.. الاحتلال سائر ويسير بسرعه فائقه جعلت القدس العربيه نقطه او نُقيطه في بحر من الاستيطان... الضفه غارقه حتى اذنيها في بحر من الاستيطان والجدار الزاحف.. تسونامي زاحف نحو كل قريه ومدينه فلسطينيه..حكاية غزه طويله وعريضه...ادانات وشعارات واستشعارات وتحذيرات وشغلنا الشاغل السلطه المشدوهة البال والغائبه عن الحاضر وغارقه في اعداد طلب عضوية الدوله في هيئة الامم..قضية تقديم الطلب صارت شعار واستشعار فارغ ..كلها حصيلتها ومحصلتها ربح خالص للاحتلال....طيب.. خذ واعطي وفاوض وناور وتنَّور واسال ذاتك:وين بدنا ننصب خيمه للإ حتفال بعضوية الدوله وكيف بدنا نطلع تصريح ومن مين؟؟.. طيب منيح..!! ابقوا معنا : اذا نحن مش لاقيين لا مكان ولا تصريح لنصب خيمة الاحتفال! فكيف بدنا ننصب ونبني دوله كامله؟..لكع في لكع وكلام في كلام... شعار واستشعار اخر ضمن حياكة حكايه لها بدايه وليس لها نهايه.. بعد ثمانية اعوام تذكروا الجماعه ان عرفات مات مسموما وبعد ثمانية عوام اخرى سينتهي التحقيق والحكم سينتهي بشعار واستشعار وحياكة قصة مؤامره لا اول لها و لا اخر والى حينها تكون رام الله معبرنه والقدس اورشليم وعلى مدخلهما لافتة استقبال كتب عليها::اورشليم وراماليم ترحب بكم! وفي المقابل ستجد حالنا كما هو: دراويش شعارات واستشعارات وإدانات.. كالعاده ادانه : منظمة المؤتمر الاسلامي تدين عبرنة اسم القدس..خذ بالك: الجماعه الاخرين بيكُونوا منتهيين من مهمة التهويد والحديث حينذاك يدور حول العبرنه فقط..عبرنة اسماء الاماكن....ندعوكم الى جوله في البلاد السليبه وستجدوا اسماء الاماكن والمدن العربيه معبرنه فعلا :: عكا عكو,,الناصره نتسيرت, يافا يافو, القدس يروشلايم,عسقلان اشكلون. بئر السبع بير شيبع ..اكثرية الاسماء معبرنه.. واقع وحاصل ومستمر الان في مناطق الضفه... لا تنسوا طبعا جزء من شعبنا المنسي في الوطن المنسي صار بيحكي لغة العبربيه ولا يتقن غيرها..عبري مبهَّر ببهار عربي او العكس عربي مبهر ومكحَّل بالعبريه...الله وكيلك بعد حين ستحتاج لمترجم خاص اذا كنت تفهم فقط عربي سلت او مسلوت...عٍنا كمان اعضاء كنيست بيسَّمُوا حالهم نواب فقط..مُختبئ وراء لقب النائب حتى يخفي ذيل اسرائيل..الغابه والشجره..النائب فلان والنائب علان دون الاشاره للكنيست.. هكذا يسمونهم في الاعلام المحلي؟...عيب..شويه مكسوفين..يخَّبُون الكنيست واسرائيل جانبا حتى يقصفونا بالشعارات والاستشعارات في فترة الانتخابات البرلمانيه..عنصريه.. احتلال..شعبنا.. وطنا...انتخبونا...ليش؟... لاننا احزاب عربيه ومش صهيونيه!..صحيح وتصحيح: احزاب عربيه وطنيه وقوميه مقرها الكنيست الاسرائيلي وبتصدر كمان مفكرين قوميين الى الشعوب العربيه واللي مش مصدق ماعليه الا مشاهدة الفضائيات العربيه.. شعار واستشعار.. جَّرش كلام...ساق الله على الجريشه ولوسمعتنا واستمعت لشعاراتنا واستشعارنا لخجلت من كونها اسمها جريشه او جريش...شعارات واستشعارات وبيانات وتصريحات وتنديدات من النهر الى البحر ومن المحيط الى الخليج... حالة فوضى فوضويه وانبطاحيه...بالمناسبه شطحه قصيره قبل ان انسى او لا انسى : الثوره عنَّا في البلاد العربيه بتبدأ بدمار الوطن وبتنتهي بهدم الاضرحة.. الهر وكيلكم هَّدم الوطن دار دار وزنقه زنقه وضريح ضريح.. دمار وبعْدين الإعمار على الله والله العليم..والدوله عنا بفلسطين بدأت ببيع الوطن والشعب...هيك المنطق عنا!.. بيع وتبعيه للإحتلال حتى تطلع إلنا دوله في مقاطعة رام الله..حتى هاي ما طلعت واللي صار ان اسرائيل اسست دولة اسرائيل تُو "اثنين" في الضفه والقدس.. ونحن ما زلنا بنهَّوهو: خط احمر..مرحله خطيره.. هيئة امم..شرعيه دوليه.. جامعه عربيه..عملية سلام..احتلال..حق وباطل....شعارات واستشعارات الى مالا نهايه وبعدين في اخر السنه كالعاده بندَّون الامر في تقرير رسمي وبنكتب:ازداد عدد المستوطنين لهذا العام في الضفه وصارعشرة اضعاف مما كان عليه الوضع في العام المنصرم!...العام القادم الله يستر كما يستشعر المستشعرون..العدد ازداد مسبقا عشرة اضعاف وفي المقابل ازداد العجز والانبطاح الفلسطيني عشرين ضعف...راتب وبس..راتب واحتلال ودبوس..حاله وطنيه مقلوبه على عقب..ما بتصير مَّليح الا مع تصريح او تتجاوز سن الخمسين حتى يُسمح لك بالصلاه قي المسجد الاقصى..حتى الصلاه في بيوت الله بتصريح... الهواء بتصريح.. كل شئ بتصريح من الاحتلال..طيب: وين السلطه ووين راحَّت كل هالهيصه بالاستقلال والانعتاق من الاحتلال....صُمنا وصمنا ونمنا وقُمنا وافطرنا واصبحنا على راتب وبس..حتى الراتب يقدَّم مقابل مهام وخدمات.. وكَّمان عنا سُلطَّتين وحده غرب وحده شرق.. غرب وشرق عنا موظفين سلطه..الوطن عَم بضيع او ضاع بين حانا الغربيه ومانا الشرقيه...شعارات تطارد شعارات واستشعارات.. وحده وطنيه.. حكومة كفاءات..حكومه مُقاله..حكومه مقلقله...انقلاب..لا ما نُو انقلاب!: تصحيح مسار!..بالنُص.. نُص لفتح ونص ل حماس!..النُص والمناصصه طبعا في فتات الوطن ومش كُلو..كلو ضاع.. وطوشه حول مِين حَيسافر ل طهران للشطحه في اروقة مؤتمر عدم الانحياز؟!..بكَّفي كتابه..اخاف ان اطول عليكم واحكي لكم الحكايه الى يوم القيامه..ما بتخلص... حاله مزمنه: شعار وإستشعار الى ما لا نهايه... حالة التَّهوْهو...!!