"الكلاج".. حلوى رمضانية تزين موائد الإفطار في لبنان!!
04.04.2023
بيروت - أثناء التجول في شوارع العاصمة اللبنانية بيروت قُبيْل موعد الإفطار تجذبك رائحة يتداخل فيها طعم السمن والقطر وماء الزهر والقشدة، وسرعان ما تدرك أن حلوى “الكلاج” باتت جاهزة.يرتبط “الكلاج” بشهر رمضان لأن محال الحلويات تصنعه خلال هذا الشهر فقط، ويلقى تناوله إقبالا واسعا بعد الإفطار لكونه الصنف المفضل لدى الكثيرين. واعتاد اللبنانيون على شراء “الكلاج” خلال رمضان حيث يستطيب المفطرون طعمه الحلو واللذيذ، عقب تناولهم الوجبة الرئيسية، بعد ساعات طويلة من الصوم.وفي مشهد يتكرر يوميا خلال شهر الصيام يسرع اللبنانيون إلى شراء الحلويات بالتزامن مع اقتراب موعد الإفطار، وأصبح هذا جزءا من التقاليد والموروثات الاجتماعية خصوصا لدى سكان بيروت وضواحيها.إلى يومنا هذا لا يزال مصنع "الكلاج السنابل" في بيروت، المصدر الوحيد لـ"ورقة عجين الكلاج" بالنسبة إلى محال الحلويات في لبنانوتتكون حلوى “الكلاج” من رقائق العجين مستطيلة الشكل يتم حشوها بقشدة الحليب والسميد وماء الزهر، ثم تقلى بالسمن البلدي وبعد ذلك يجري تغميسها في القطر. ويُجمع أصحاب محال الحلويات على أن سر هذه الحلوى يكمن في رقائق العجين التي ابتكرها “الحلونجي البيروتي” محمود المكاري، منذ أواخر ستينات القرن الماضي.وقبل تلك الفترة كان هذا النوع من الرقائق يستورد من سوريا، لكن كان يشوبه التفتت (ممزق) والكميات ضئيلة لا تلبي حاجة السوق اللبنانية، وهو ما دفع المكاري إلى ابتكاره الذي كان السبب في تلقيبه بـ”أبوالكلاج اللبناني”.وإلى يومنا هذا لا يزال مصنع “الكلاج السنابل” في بيروت، الذي أسسه المكاري، المصدر الوحيد لـ”ورقة عجين الكلاج” (الرقائق) بالنسبة إلى محال الحلويات في لبنان.وبقي المكاري متربعا على عرش “مملكة الكلاج” ولم يكشف سرها لأحد، فضلا عن أنه قام بتطوير التقنيات المستخدمة في إعداد هذه الحلوى من خلال جلب آلة متطورة من فرنسا في التسعينات.وهكذا استطاع المكاري تطوير صناعة الرقائق من الفحم إلى الغاز ثم على البخار وصولا إلى الآلات الكهربائية. و”عندما تقول الكلاج فإن ذلك يعني حلول شهر رمضان”، هذا ما قاله مصطفى الذهبي (45 عاما)، مدير محلات “الذهبي للحلويات” الشهيرة التي تأسست عام 1951 في بيروت.وصرّح للأناضول بأن “هناك ارتباطا وثيقا بين هذه الحلوى وشهر رمضان المبارك لدى اللبنانيين”، مشيرا إلى أن “أصول هذا النوع من الحلويات تعود إلى مدينة إسطنبول”.لكن مصطفى الذهبي الذي ورث صناعة الحلويات أبا عن جد، أكد أن سر “الكلاج اللبناني” يكمن في رقائق العجين الخاصة التي يُصنع منها.وذكر أنه “في الخمسينات كان اللبنانيون يستوردون رقائق الكلاج من الشام حيث كانت تصنع هناك أيضا، لكنها كانت مفتتة ونوعيتها غير جيدة، ما انعكس سلبا على جودة الحلوى”.وأردف قائلا “المكاري هو وحده من استطاع صناعة هذا النوع من الرقائق في لبنان بجودة ممتازة، بالرغم من أن آخرين في لبنان حاولوا، لكنهم لم ينجحوا في ذلك”.وكغيرها من السلع والمنتجات الأخرى في لبنان تأثر سعر رقائق الكلاج بزيادة معدلات التضخم في البلاد بشكل غير مسبوق، حيث ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد منها من 4 إلى 8 دولارات.أما سعر دزينة الكلاج المقلي الجاهز للأكل (12 قطعة) فارتفع من 18 ألف ليرة (نحو 0.16 دولار) إلى مليون ليرة (نحو 9.2 دولار) منذ 2019، وذلك تأثرا بارتفاع المواد التي تدخل في صناعته كالغاز والسمن والحليب، جراء هبوط قيمة الليرة من 1500 إلى أكثر من 100 ألف ليرة مقابل الدولار خلال الفترة الماضية.هذا الواقع جعل الكثير من السكان غير قادرين على شراء هذا الصنف المفضل من الحلويات في رمضان، أو اضطرهم إلى التقليل من كمياته نظرا إلى تدهور الوضع المعيشي في البلاد وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.وتأتي هذه الزيادة الكبيرة في الأسعار تأثرا بالهبوط غير المسبوق الذي سجلته الليرة اللبنانية مقابل الدولار، إثر نشوب أزمة اقتصادية حادة مازالت تعصف بالبلاد منذ أربع سنوات.وتتربّع الحلويات والمشروبات الغنية بالسكر على موائد الإفطار في لبنان، وفي السهرات الرمضانية تكون هي سيّدة السهرة، ومن أشهرها الكلّاج الذي يحتوي على سعرات حرارية عالية.
www.deyaralnagab.com
|