عُمان : مهرجان مسقط الثقافي.. ألف اختراع واختراع !!
12.02.2016
مسقط - حولت مدينة مسقط برودة طقسها خلال الأسابيع الماضي إلى دفء مع انطلاق فعاليات مهرجان مسقط الثقافي الذي اعتادت المدينة على احتضانه كل عام.ورغم الحديث الذي ساد خلال العام الماضي عن احتمالية تأجيل المهرجان نظرا إلى الأزمة الاقتصادية التي تمر بها المنطقة بعد تهاوي أسعار النفط، إلا أن المهرجان بقي كما كان، بل ضاعف فعالياته الثقافية هذه المرة وطرح برنامجا ثقافيا متميزا من خلال أسماء كثيرة وفعاليات نوعية.ويقام مهرجان مسقط في عدة مواقع أبرزها حديقة العامرات وحديقة النسيم. في حديقة العامرات يخيل للزائر أنه يعيش مرحلة زمنية مختلفة، حينما يدخل إلى القرية التراثية التي تبدو أقرب إلى ألوان الأبيض والأسود. وهناك يمكن معرفة أدق تفاصيل القرية العمانية القديمة والكثير من أنماط الحياة في عمان في مراحل زمنية بعيدة. قال سلطان بن سيف الندابي “هذه القرية علامة بارزة في المهرجان. أنا أحرص على زيارته في كل عام، وهذه المرة أتيت بصحبة ضيوف لي من دولة قطر أعجبتهم القرية كثيرا".ما ممدوح عبدالرحيم البنأ من مصر فقال "تفاجأت كثيرا عندما دخلت الحديقة. فعلا هذا زمن مختلف عن الزمن الذي نعيشه ولكن المهرجان استطاع أن يستعيده".وتقدم فرق الفنون الشعبية الكثير من معزوفاتها ورقصاتها التي تحول برودة مسقط إلى دفء خالص. أما في حديقة النسيم فإن الأجواء هناك تبدو تسويقية أكثر من أي شيء آخر، فإضافة إلى ألعاب الأطفال وفرق الفنون الشعبية والمسرحيات والحفلات الغنائية، يفتح أحد أكبر معارض التسوق في عمان الذي تشارك فيه دول كثيرة مثل الصين وإيران وسوريا ومصر ودول أخرى.وتقول مريم خلفان الساعدي وهي تجر عربة محملة بالمشتريات “هذه فرصة جيدة، رغم عدم انخفاض الأسعار، المعروضات متنوعة وأسعارها في المجمل أفضل بكثير من المجمعات الكبرى التي تعرض بضاعتها بأسعار جنونية”. وتضيف الساعدية “أتيت أنا وأبنائي؛ هم مع والدهم في مدينة الملاهي وأنا هنا أشتري ملابس لي ولهم”.ويروج المهرجان هذا العام عبر معرض “ألف اختراع واختراع” للمخترعين المسلمين والعرب من خلال أركان تهتم بالتكنولوجيا والجوانب العلمية. كما يشهد المهرجان بشكل يومي عروضا مسرحية لفرق استعراضية من مختلف دول العام وفي مقدمتها الهند ولبنان وكازاخستان وتركيا والفلبين. كما عادت هذا العام حديقة الديناصورات مرة أخرى من خلال عروضها المبهجة التي تجتذب الأطفال طوال أيام المهرجان.إلا أن أبرز أحداث مهرجان مسقط هو “طواف عمان” سباق الدراجات السنوي العالمي الذي يحول مدينة مسقط إلى محط أنظار العالم، حينما تنقل المئات من القنوات الفضائية الرياضية في العالم جولة مسقط لسباق الدراجات، وتستغل المدينة هذه الفعالية التي يشاهدها العالم لتجعل الطواف يمر بالقرب من أشهر وأبرز معالمها السياحية والثقافية والتراثية. كما يبرز النقل كما في السنوات الماضية التنوع التاريخي والجغرافي الذي تتمتع به عمان.وكانت الفعاليات الثقافية قد شهدت هذا العام حضورا متميزا على مستوى الكيف، حيث شارك المفكر اللبناني علي حرب في ندوة احتشد لها المثقفون العمانيون حملت عنوان “المثقف والسلطة.. التأثير والتأثر”، ودار نقاش مهم في الندوة بدأه علي حرب بطرح نماذج مختلفة للمثقفين وعلاقتهم بالسلطة منهم المثقف المستشار والمثقف المندمج مع السلطة والمثقف المعارض.وتحدث خميس بن راشد العدوي رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء عن علاقة المثقف بالسلطة الدينية، معتبرا أن السلطة الدينية إحدى أهم السلطات التي تحتاج علاقتها بالمثقف إلى دراسة عميقة.وفي جانب آخر، عقد المترجم السوري صالح علماني جلسة حوارية مع المثقفين العمانيين ضمن فعاليات المهرجان، دارت حول علاقته بأدب أميركا اللاتينية والقدر الذي ساقه ليكون مترجما للغة الأسبانية ولأدب الواقعية السحرية كما بات يعرف في العالم، وخاصة ما ترجمه من روايات ماركيز ويوسا.ويقدم الكاتب الجزائري واسيني الأعرج هذا الأسبوع محاضرة حول كيفية كتابة الرواية التاريخية، تعقبها ورشة على مدى يومين تشارك فيها مجموعة من الكتاب العمانيين الشباب. كما تقام ضمن البرنامج الثقافي العديد من الأمسيات الشعرية والمسرحيات التي تقدمها فرق مسرحية عمانية وعربية.وإضافة إلى مسابقات التصوير الضوئي التي توثق المهرجان، تقام بشكل مستمر عروض الأزياء التي تعتبر أحد المعطيات الثقافية التي أصبحت الشعوب تهتم بها وتطورها لتتواكب مع العصر ومعطياته ومتطلباته.كما أقيمت العديد من الحفلات الغنائية طوال أيام المهرجان الذي تختتم فعالياته منتصف الشهر الجاري. وكانت الفنانة الإماراتية حصة آخر الفنانات التي أحيت ليلة استثنائية من ليالي المهرجان.ويقول الصحافي بجريدة عمان أحمد الذهلي “يقدم المهرجان هذا العام فعاليات تستحق أن نقف إلى جوارها ونساعد القائمين عليها، نحن نحتاج لأن تأخذ السياحة دورها وتساهم في الدخل”. ويشتكي العمانيون من أن المواقع السياحية والطبيعية غير مستغلة سياحيا على نحو يجعلها تساهم في الدخل.
ويتحول المهرجان من صخب ظاهر في الحدائق والساحات إلى مساحة ثقافية وحوارية عميقة في القاعات والمسارح والجلسات الحوارية، وربما هذا ما خفف الكثير من السخط بعد إصرار بلدية مسقط على تنظيم المهرجان رغم رفض بعض أعضاء المجلس البلدي في العاصمة إقامته هذه السنة بالتحديد.!!
www.deyaralnagab.com
|