" سوبرماركت" إعلامي !
بقلم : ريم عبيدات ... 02.03.2009
دهشت صديقتي إذ تناقشنا مطولا في تداعيات فكرة المرأة والاعلام، وكثرة ارتباطاتها بغيرها من الميادين وحقول المعرفة، وصعوبة التعاطي الفكري والمهني مع تداخلاتها وانعكاساتها، فدراسات إعلام النوع الاجتماعي، من أحدث العلوم الاجتماعية، التي جمعت بين علم النفس والاجتماع، والاعلام والطب، كما وعلم الانثربولوجيا، والفنون المختلفة.
في مناقشة لما آل اليه وضع برامج المرأة بدءا من الاستنساخ الممل، إلى التقليد البغيض، إلى الموضوعات المكرورة، للطروحات المسطحة. والتأثير المدمر لمثل هذه التناولات المختلفة للشعور المجتمعي بالكآبة العميقة ورفض الذات والإحساس الرهيب باللاجدوى وغيرها الكثير.
نتائج دراسات تحليل الأشكال البرامجية للمرأة، تشير لأفقر قائمة ممكنة برامجيا، فمن المجلة التي تتسع لكل شيء يمشي على الأرض ولا يطير في السماء، لبرامج المقابلة ذات الأسئلة المعروفة مسبقا، مرورا ببرامج يطلق عليها زورا الوثائقية ولا شأن لها بأي عنصر من عناصرها. فهي الأكثر تطلبا تلفزيونيا وليس متابعة شخصية لعدة ساعات لاتمت لحياتها بصلة، عبر كاميرا واحدة لسلوك مصنوع من أوله لآخرة، وعدد من ساعات المونتاج التقليدي يتخللها مجموعة مقابلات في أبسط أشكال المناقبية المسطحة التكوين والفكرة والروح، لضيفة الحلقة التي عادة ما تكون شخصية فاقعة.
برامج المرأة في التلفزيونات المهنية صاحبة الرسالة الاجتماعية والانسانية الواضحة المعالم، هي الأكثر إثارة للجدل الفني والعلمي بصفتها معايير للتفوق المهني الأرفع. لدقة التعامل معها منهجيا ومهنيا، وكثرة متطلباتها المعرفية. فيما تعامل في تلفزيوناتنا العربية بصفتها مأوى لأبسط صور الكفاءات والمخيلات الفقيرة.
أما الإسفاف ومحاكاة الغرب فهي سوية برامجية وقبلها تفكيرية وعلمية تفتقر إلى الحياة وإلى التناقض المرتفع الفكرة والسوية والتنفيذ الذي هو المحرك الأساسي للخطاب المرئي.
أما كذبة حرية الاختيار فيما اللعب على مكبوتات الجمهور وحاجاته المختلفة عبر هذا التشويه المذل لأهم أركان البناء المجتمعي فليس إلا كارثة الكوارث في التفكير والتخطيط الاعلامي. وسيكولوجية منظمة الأبعاد، تخلق مفرزات مجتمعية مشوهة ومدمرة، تواصل الانتحار في الثنائية الاخطر بين صعرورة الانكفاء والانسحاب أو باب العنف والتطرف بكافة صوره وتشكلاته ليس أخطرها على الاطلاق الإداري والسياسي منه. انزلاق مدو لكعكتنا الاعلامية برمتها في سياق نظام اقتصاد السوق، الذي دفع بالانتاج ليخرج من كافة أبواب التاريخ ليدخلنا معا إلى نفق جغرافي مظلم واحد اسمه “السوبرماركت”.
www.deyaralnagab.com
|