فالت، ومنفلت!!
بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 06.05.2009
فالت: اسم الفاعل للفعل فلت، أي مشى على حل شعره، وتصرف وفق هواه، ولم يراع ديناً، أو خلفاً، أو عادة مجتمع، ولا يحترم الأصول، وفالت: لفظة مفرد، جمعها فالتون، ومنفلتون بالرفع، وفالتين، ومنفلتين بالنصب والجر، ومن الفعل فلت تم اشتقاق لفظة انفلات الذي كان سيد غزة وحاكمها المطلق قبل أن تحسم حركة حماس الوضع، وتضع حداً للانفلات، والتسيب، والفوضى، وتبسط القانون، والنظام، واحترام المال العام.
قد يتساءل البعض؛ وماذا عنّ على بالك ذكر الانفلات، والمنفلتين، وقد عبر عامان تم خلالهما تصفية بؤر الانفلات، واقتلاع جذوره، وتجفيف بركه التي أسنت، وباتت غزة تنعم بالأمن والهدوء والاستقرار والثقة، ونحن في طريق المصالحة؟
سأذكر السبب ولكن بعد أن أسرد هذه الواقعة عن ذاك الزمن حين كانت قوات الأمن الفلسطيني تعد بعشرات ألوف الرجال في قطاع غزة، منها الأمن العام، والشرطة، والقوات الخاصة، والمخابرات، والاستخبارات، والوقائي، والدفاع المدني، والبحرية، وقوات ال 17، وأسماء أخرى لا أعرفها، وكان لهم تجمع كبير في قلب مدينة خان يونس، يضم كل الأجهزة الأمنية، ويسمى المربع الأمني، وكانت بلدية خان يونس تقع ضمن هذا المربع الأمني، أي أنها تحت عين الأسد الرابض المسمى: القوات الفلسطينية التي يفترض ألا تغيب شاردة ولا واردة عن عينها الحارسة للوطن، والتي تؤملنا بتحرير فلسطين، وعودة اللاجئين، واسترداد كل المدن والقرى الفلسطينية المغتصبة.
وكنت رئيس بلدية خان يونس في ذلك الوقت ـ قبل أن تأتي حماس بالحسم، وتكلف رئيس بلدية، وأعضاء مجلس بلدي آخرين، وفق هواها ـ عندما جاءت سيارة المنفلتين، ووقفت وسط حشد سيارات القوات الفلسطينية، أمام مبنى بلدية خان يونس، وراح المنفلتون يطلقون النار في الهواء، دون أن يتحرك أحد من القوات الفلسطينية، أو يتساءل عن مطلقي النار، وعن السبب، وهل مطلقو النار يهود، أم عرب؟ هل هم مقاومون، أم قطاع طرق؟ لم يسأل أحد من هم هؤلاء الذين يطلقون النار، ولا وجهتهم، ولا هدفهم، ولم يعترضهم أحد!.
اقتحم المنفلتون مبنى بلدية خان يونس وهم يطلقون النار، صعدوا إلى مكتب رئيس البلدية، وأطلقوا في داخلة الرصاص، وكسّروا، وحطّموا الأثاث، عاثوا فساداً لوقت ما، وانسحبوا إلى قواعدهم ملوحين برايات النصر، دون أي تدخل من ألاف رجال القوات الفلسطينية التي كانت تتفرج! وكأن الذي يجرى من تخريب داخل مبنى بلدية خان يونس يتم داخل مبنى بلدية تل أبيب، ولا علاقة للقوات الفلسطينية بذلك.
قبل يومين سمعت في الإذاعة العبرية معالي وزير في حكومة رام الله السيد محمود الهباش، يطالب سكان قطاع غزة بالثورة، والخروج على حكومة حماس، التي صار القضاء عليها ليس واجباً وطنياً، وإنما واجب ديني، وأخلاقي، وإنساني، إنه يطالب بالثورة كي تعود غزة إلى زمن الانفلات، ونتوج المنفلتين سادة علينا، وندفع لهم الجزية، ونقدم لهم بناتنا، وأخواتنا، ونساءنا سبايا، ونذبح تحت أقدام المنفلتين فلذات أكبادنا، كي يعاود رصاص المنفلتين يلعلع في سماء غزة، ويهدي قبلاته للغاصبين!
www.deyaralnagab.com
|