فلسطين : لعبة القمَّار والحوار, وحتى لو كان الثمن وطن!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 09.05.2009
في هذه الايام وفي هذه الاثناء يمتشق الكثيرون من بيننا ما في جعبتهم من بلاغات الكلام وتصفيفه وترتيبه وتفصيله بمقاسات مختلفه حول ما جرى للشعب الفلسطيني في الذكرى ال61 لام الكوارث الفلسطينيه اللتي قمنا بتعريفها تعريفا مخففا تعارفنا عليه في عرفنا التاريخي الفلسطيني ان يكون باسم " النكبه", والحال ان هذه التسميه اقل بكثير من ان تعبر عن تسونامي كارثة عام 1948 اللتي ما زالت تتفاعل بكل مسبباتها ومقوماتها الكارثيه وانعكاساتها على حياة الشعب الفلسطيني حتى يومنا هذا , وهو الشعب اللذي تكالبت ومازالت تتكالب عليه قوى الصهيونيه والامبرياليه ومعها ثلل الخيانات العربيه والفلسطينيه التي لم تُحسن من اداءها السياسي والوطني منذ امد بعيد لابل زادت الطين بله ببلاهات سياسيه ووطنيه قادت الشعب الفلسطيني الى ماهو عليه اليوم من حال سياسي مزري ينحصر في مساحة مُعتقَّلين[سجنَّين] فلسطينيين في قطاع غزه والضفه من جهه وفي مساحة تيه المنافي واللجوء الفلسطيني في دول الجوار العربي والعالم ككل من جهه ثانيه وبالتالي ماهو جاري اليوم على الساحة الفلسطينيه في الذكرى ال 61 لكارثة الشعب الفلسطيني هو ان العقل الفلسطيني صار منكوبا بنكبة واقع فصائلي فلسطيني اختزل الوطن الفلسطيني في اطر مصالح وتوجهات الفصائل[ قبائل عصريه] الفلسطينيه الموبوءه بوباء تمجيد الفصيل وتبخيص الوطن والشعب الفلسطيني اسميا وموضوعيا... يحكُون لك عننا ما يحكون من تاريخ وعذابات وبطولات وتضحيات, وهذا صحيح,, ولكنهم لا يحكون لك حكاية وطن موبوء بالفصائل والاحزاب والتعريفات التضليليه لفلسطين الجغرافيا وفلسطين الديموغرافيا, وفلسطين التي صارت عنكَّا اسرائيل وصار لنا فيها " اعضاء كنيست" يكتبون عن النكبه وهٌم اعضاء في برلمانا صانعا ومبرمجا للنكبه,,, وفلسطين اخرى في وكر رام الله تتحدث عن حق العوده وكأنه ليست فلسطين الاصل واصل فلسطين, وفلسطين غزه التي غرقت في حصار ودمار طُعم " ديموقراطية" الصهيونيه والامبرياليه ومشتقاتها من اوسلاويون وكامبديفيديون قادوا رقاب الشعب الفلسطيني الى حد السكين وقنابل الفوسفور,, وفلسطين المهاجره والمسافره قسرا في ارواح واعناق ووجدان الملايين من اللاجئين الفلسطينيون الذين صاروا يتفرجون قسرا علينا في الوطن ونحن نترك الوطن جانبا فريسة للاستيطان والاحتلال الاسرائيلي, ونتقاتل على الفصائل المفصله على مقاسات الكارثه الوطنيه الحاصله اليوم في سجون ومحميات كبيره اقامتها وحاصرتها و تحاصرها اسرائيل في سجن مساحة غزه وسجن مساحة الضفه المُقطعه والمهشمه جغرافيا وديموغرافيا واقتصاديا ووطنيا.... لاهكذا ترد الابل, ولا هكذا تؤكل الكتف, ولا هكذا تعود الخيل الى مرابطها, ولا هكذا تعود الطيور المهاجره الى اوطانها واعشاشها, ولا هكذا تُحرَّر الاوطان ولا هكذا تُشيد الاوطان بسواعد تهدم ولا تبني وبعقول موبوءه بالفصائليه من المهد الى اللحد و الى الابد, وهي تقبض على الفصائليه والجهويه حتى ولو كان ثمن هذا وطن وحتى ولو اختطف وأُخذ الشعب الفلسطيني كرهينه تُقامر عليها على طاولة القمار المصريه وشروط رباعية المجرم توني بلير وربط اعادة اعمار مادمرته اسرائيل في غزه بقبول شروط رباعية الامبرياليه وشروط اوسلو التفريطيه والكارثيه .. في غزه يعدون العده لبناء بيوت من الطين والقش للمشردين في اعقاب العدوان الاسرائيلي على غزه , وفي رام الله يعدون العده لحكومة جديده في خضراء رام الله و"كا زينو" اريحا, لان طاولة القمار في مصر مالكها قمَّار اقليمي ومديرها قمَّار مخابراتي عاد للتو من رحلة عناق مع ليبرمان ونتانياهو لابل ان طاولة القمار " المباركيه" الذي يُزعَّم ان الحوار الفلسطيني يجري حولها في واد والقضيه الفلسطينيه في واد اخر, وهي طاولة قمار و ليست حوار, واكثرية من يجلس حول هذه الطاوله مُقامرين مارسوا لعبة القمار على حساب الوطن الفلسطيني في اوسلو وواشنطن والقاهره واقاموا لهم وكر للمُقامرين في خضراء رام الله ...ثقافة القمار والكازينو ... وهذه الثقافه هي التي تتحكم بمقومات نجاح لعبة القمار والحوار في القاهره, وحتى تنجح اللعبه وتحصل غزه على قُوتها وغذاءها ووقودها عليها ان تلبي شروط المقامرين وعلى راسها الاعتراف باسرائيل والغاء حق العوده ونبذ اسلوب المقاومه والقاء السلاح والهروله الى سرب دايتون, ..والحقيقه هي ان المُقامرون في القاهره لا يعتبرون حصار غزه حصارا ظالما لابل انهم يعتبرونه حصارا مبررا وورقة ضغط على حماس حتى تعود وتسلم رسن غزه من جديد[ طبعا في ثوب وحدوي فلسطيني وهمي؟؟] الى ادارة خضراء رام الله, وكل رفض لهذه الشروط من قبل حماس معناه استمرار الحصار على قطاع غزه وعدم امكانية رفعه حتى تستسلم حماس لشروط الاعتراف بها دوليا واقليميا.. مصيدة القمار والحوار وثمنها هو الوطن الفلسطيني والتفريط الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني:::: الذي هانت عليه القدس وهي تُهوَّد يوميا, ولا تبعد سوى مرمى حجرعن رام الله,,, تهُون على طاولة قماره غزه و فلسطين وما بعد بعد فلسطين وحتى القاهره الذي استبدل موقعها حسني مبارك بوكر شرم الشيخ المدير العام لطاولة القمار الرئيسيه في العالم العربي!!
لاحظوا معنا ببساطه مجرى الاحداث حتى وصولها وبلوغها الى طاولة القمار والحوار في القاهره: قبل العدوان على غزه كان الكا زينيون والمُقامرون وحلفاءهم في القاهره يراهنون على قوة اسرائيل بردع وهزيمة حماس, ولم يتوقفوا عن اتهام حماس وصواريخ حماس وتحميلها المسؤوليه عن العدوان الاسرائيلي على غزه لابل وصفوا صواريخ حماس بالحدايد الطائشه التي تعطي اسرائيل ذرائع للعدوان على غزه, وكأن اسرائيل هذه احتلت فلسطين عام 1948 بسبب الصواريخ الفلسطينيه, وكأنها كانت بحاجه لذرائع حتى ترتكب مئات المجازر بحق الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا,, دير ياسين, كفر قاسم, الرمله, السموع , الدوايمه, الخليل , القدس, نابلس , جنين, غزه, صبرا وشاتيلا, قانا واحد وقانا اثنين, والكثير الكثير من المجازر بحق الشعب الفلسطيني على مدى قرن من الزمان,,,, وبالتالي ماجرى من عدوان اسرائيلي على غزه في نهاية العام الماضي وبداية هذا العام كان ضمن استراتيجية القمار, حيث راهن الاوسلويين والكامبديفيديون على هزيمة المقاومه واستسلامها امام العدوان الاسرائيلي, وراهن البعض بالعوده على ظهر دبابات اسرائيل الى غزه, وعندما لم يحدث هذا ولم تهزَّم المقاومه في غزه ,قامت اسرائيل بتدمير غزه عنوه ومع سبق الاصرار حتى تصبح قضية اعادة الاعمار ورقة مساومه في يد اسرائيل[ فتح المعابر وادخال مواد البناء والغذاء] وعلى طاولة القمار في القاهره, بمعنى ربط اعادة الاعمار وادخال مواد البناء ورفع الحصار عن قطاع غزه بشرط قبول حماس شروط الرباعيه وشروط عباس وحسني مبارك واسرائيل::: نجاح الحوار على طاولة القمار ثمنه القبول بشروط الرباعيه والاعتراف باتفاقية اوسلو ...بدون هذا لايوجد نجاح حوار فلسطيني ولا رفع حصار, وعليه يترتب القول ان ما يجري في القاهره هو ليست حوار وطني فلسطيني بمعنى الحوار,, لابل هو لعبة قمار مفضوحه::: الوطن مقابل الغذاء والبناء والسؤال االمطروح:: هل يقبل الشعب الفلسطيني بكل قطاعاته وطنا ومهجرا بمبدأ هذا القمار؟؟...... الان ان الاوان ان يُفضح المفضوح ويعلن جوهر ما هو جاري على طاولة القمار في القاهره وهو ان المُقامر حسني مبارك ومعه المقامرمحمود عباس يقامرون على الوطن الفلسطيني بمبدأ :: البناء والغذاء واعادة الاعمار مقابل الوطن!!, وعليه يترتب القول بان الفصل و القول الاخير في هذه القضيه الخطيره يجب ان يكون للشعب الفلسطيني, وعلى هذا الشعب ان يقلب طاولة القمار على راس المقامرين والمغفلين بالقول ان شرط الحوار الفلسطيني هو اعادة الاعمار اولا وليست العكس: اعادة الاعمار ومن ثم الحوار والشعب الفلسطيني ليست رهينه يراهن عليها على طاولة قمار حسني مبارك وما يسمى بالرئيس الفلسطيني " الشرعي"!!.. من هو هذا الذي شرعَّن وجود هذا الرئيس الفلسطيني الذي يُشرعن ربط عودته الى غزه بنجاح الحوار اولا ورفع الحصار لاحقا؟؟
كل مافي الامر ان ما يجري في القاهره هو قمار وتجارة بالقضيه الفلسطينيه وحقوق الشعب الفلسطيني, واليوم وبعد 61 عاما على النكبه والكارثه الفلسطينيه لابد من القول ان ما يجري في القاهره هو اكبر من نكبه لابل كارثه ولعبة قمار قذره تربط بين نجاح الحوار بقبول شروط الرباعيه و بيع القضيه الفلسطينيه وعلى راسها التفريط بحق العوده,, بمعنى واضح ماهو جاري في القاهره هو حوار على طاولة قمار والمطلوب اليوم تصحيح هذا المسار الفلسطيني الاعوج بالقول : لا حوار قبل اعادة الاعمار ورفع الحصار عن غزه وليس العكس... كفى قمار وحوار قمار!!
*كاتب فلسطيني , باحث علم اجتماع , ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونيه
www.deyaralnagab.com
|