المصالحة العراقية المستحيلة!!
بقلم : نقولا ناصر* ... 27.07.2009
(الاعتراف الأميركي باستحالة استقرار الوضع في العراق دون شراكة سياسية مستحيلة بدورها للمقاومة في مشروع الاحتلال هو مشروع أميركي للمصالحة العراقية محكوم عليه بالفشل مسبقا)
تحتل "المصالحة العراقية" الآن البند الأول في جدول الأعمال السياسي لكل أطراف الصراع التاريخي الدائر على أرض الرافدين في الوقت الحاضر، فبينما تسعى القوة الأميركية القائمة بالاحتلال لهذه المصالحة كشرط مسبق لضمان استمرارية النظام السياسي الذي كانت منذ غزو العراق عام 2003 تجهد لإقامته في بغداد حتى يتسنى لها تحرير قواتها لاستخدامها في مسرح العمليات الأفغاني، تسعى القوة الإيرانية -- المستفيدة الأولى حتى الآن من الاحتلال الأميركي -- لمصالحة تضمن أن يستمر هذا النظام نفسه ضامنها لكي تظل هي المستفيد الأول بعد رحيل قوات الاحتلال الأميركي، في الوقت نفسه الذي تجهد المقاومة العراقية من أجل إنجاز مصالحة تكون المدخل إلى وحدة وطنية لا تسرع في تحرير العراق من الاحتلال وكل المستفيدين منه وما تمخض عنه فحسب بل تكون أيضا ضامنا لسلاسة المرحلة الانتقالية التي ستعقب الرحيل المرتقب لقوات الاحتلال ثم بعد ذلك ضامنا لاستقرار النظام الوطني الذي سيحمل أعباء إعادة بناء الدولة العراقية وإعادة إعمار الدمار الشامل الذي خلفه الغزو فالاحتلال والطفيليات السياسية التي جاء بها معه لتمتص نسغ الحياة من الجسد العراقي النازف.
وخلال الأسبوع الماضي كانت "المصالحة" هي العنوان الرئيسي للحراك السياسي لأطراف الصراع الثلاثة، فهي كانت اليافطة التي رفعها الرئيس الأميركي باراك أوباما كهدف لاستقباله نوري المالكي رئيس وزراء النظام المنبثق عن الاحتلال في بغداد، وكانت هي اليافطة للمهمة التي أرسل نائبه جو بايدن لأدائها في العاصمة العراقية أوائل الشهر الجاري، وكان انتداب أوباما لبايدن لإنجاز هذه المهمة تجاوزا لوزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ووزير دفاعه روبرت غيتس وسفيره في بغداد كريستوفر هيل، ورفعا لمستواها، عل بايدن ينجح في ما فشلوا فيه جميعا وفشل قبلهم ريان كروكر، سفير سلفه جورج بوش إلى القطر العربي المحتل، بعد ست سنوات من الجهود الحثيثة التي بذلها لتحقيق مصالحة بين الطفيليات السياسية المتكالبة على ما استطاعت نهشه من فتات الاحتلال، تكالبا جامحا لم يكبحه أي رادع حد زج الوطن العراقي المثخن بجراح الاحتلال في فتنة طائفية لم يجد الاحتلال رادعا لها سوى الزج بالمزيد من قواته المحتلة التي فشلت بدورها بدليل ما يخصصه أوباما حاليا من جهد ورجال لإنجاز المهمة.
وبينما كان الرئيس السوري بشار الأسد يحث زعيم التيار الصدري الزائر في دمشق، مقتدى الصدر، على "أهمية العمل من أجل المصالحة الوطنية" ويؤكد "حرص سوريا على دعم أي جهد يستهدف تحقيق هذا الهدف"، حسب بيان من مكتب الرئيس بثته وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، كان رئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) علي لاريجاني يحث أحمد الشلبي، رئيس "المؤتمر الوطني العراقي" الزائر في طهران، على "الوحدة بين العراقيين جميعا، وبخاصة بين الشيعة" لأن "الوضع الحساس والخاص للعراق في المرحلة الانتقالية" يجعل هذه الوحدة "أساسية أكثر من أي وقت مضى"، حسب تقرير نشرته "طهران تايمز" يوم الخميس الماضي، وهو تقرير لم يفته الإشارة إلى "حسد" بعض الدول العربية من الدور الإيراني في العراق!
وإذا كان حرص طهران على المصالحة بين "الشيعة" مفهوما في دوافعه وأهدافه، فإن حكمة الدبلوماسية السورية وواقعيتها التي تضطرها لاستقبال الصدر وحثه على المصالحة لا يمكن أن تنخدع بقوله إن حكومة المالكي "ما زالت تحت تأثير المصلحة الحزبية" لتغض الطرف عن كون "تياره" السياسي ما زال محكوما بالسقف الطائفي الحزبي إياه بدليل إعلانه كذلك أنه لا يسعى إلى "إسقاط" حكومة المالكي أو "إضعافها" وبدليل عجزه حتى الآن عن إيجاد أي قاسم مشترك مع المقاومة بالرغم من كل رطانة تياره ضد الاحتلال، ولا يمكن أن تفوتها حقائق مثل دور "جيش المهدي" الذي يقوده في الفتنة الطائفية، ومثل الصراع الدموي بين "التيار الصدري" وبين غيره من القوى الطائفية في إطار "العملية السياسية" وخارجها للفوز بحصة من السلطة التي أنشأها الاحتلال الأميركي، وللفوز بالحظوة لدى طهران باعتبارها القوة "العراقية" الأكثر تأهيلا من غيرها من أطراف الأخطبوط الإيراني في العراق لضمان استمرارية المكانة التي أصبحت لإيران في العراق في ظل الاحتلال الأميركي، ومثل التقلب السياسي الذي يدفع التيار الصدري مثلا للانضمام إلى "الائتلاف الشيعي" ثم الخروج عليه أو للتحالف مثلا مع حزب الدعوة لإيصال المالكي إلى سدة رئاسة الوزراء ثم انقلاب الطرفين على بعضهما، لكن الحقيقة الهامة التي لا تفوت الدبلوماسية السورية بالتأكيد هي التناقض المزمن للتيار الصدري بين المعارضة اللفظية ذات الملامح الإيرانية للاحتلال وبين المقاومة الفعلية للاحتلال على الأرض.
غير أن الحقيقة الأكثر أهمية التي تدركها الدبلوماسية السورية لكنها تختار الاستنكاف عن الجهر بها لأسباب حصيفة معروفة تكمن في أن حرص طهران على المصالحة "بين الشيعة" العراقيين، أو على الأصح بين الأحزاب والمليشيات التي تدعي تمثيلها لهم، هو طريق طائفي مجرب أثبت بالتجربة المرة أنه أولا مستحيل بين الأحزاب التي تدعي منذ الاحتلال تمثيل هذا المذهب العريق في التراث الديني والسياسي العربي، بدليل انفراط الائتلاف الطائفي الذي يحث لاريجاني الآن على إحيائه، وهو ثانيا ليس طريق العراقيين إلى أي وحدة وطنية، بدليل أنهار الدماء العراقية البريئة التي سفكت بسبب السير فيه، وهو ثالثا ليس طريقا لأي مساهمة عربية في إحلال الأمن والاستقرار في العراق بعد أن أحبط جهود جامعة الدول العربية لتحقيق المصالحة بين العراقيين، وهو رابعا الطريق المسؤول عن الفتنة والفرقة والاقتتال الوطني الذي استخدم لتشتيت أي جهد وطني شامل لمقاومة الاحتلال منذ الغزو، والدعاة إلى هذا الطريق والذين سلكوه هم خامسا الوحيدون المستفيدون منه، وهو سادسا طريق مثل الوبأ انحصرت عدواه داخل الحدود العراقية حتى الآن لكنه يهدد بالانتشار إقليميا انتشارا يهدد النسيج الوطني وبالتالي وحدة الأراضي الإقليمية لأقطار التجزئة العربية المجاورة، وهو سابعا الطريق الوحيد للمصالحة الذي تسعى إليه القوتان الأميركية والإيرانية بهدف إطالة أمد الاحتلال لأن أي وكيل للاحتلال بعد رحيله لا يمكن إلا أن يكون طائفيا.
ومن المؤكد أن الدبلوماسية السورية تدرك أكثر من غيرها كل هذه الحقائق وغيرها الكثير، غير أن الوقت ربما يكون قد حان في المرحلة الانتقالية الفاصلة التي يمر العراق بها لافتراق سوري حاسم عن الرؤية الإيرانية والأميركية للمصالحة العراقية، افتراق يستلهم المبادئ القومية لسوريا وقيادتها ويستهدف مصالحة توحد العراقيين وطنيا في مقاومة الاحتلال حتى التحرير، لا السعي وراء سراب توحيدهم طائفيا على أمل توفير استقرار للعملية السياسية الأميركية والنظام المنبثق عنها بهدف إطالة أمد الاحتلال.
**ثلاث استنتاجات أميركية
إن الرؤية الأميركية للمصالحة قد توصلت إلى ثلاث استنتاجات رئيسية: أولها أن النظام الذي رعاه الاحتلال حتى الآن في المنطقة الخضراء ببغداد هو نظام طائفي يعجز بحكم طائفية مكوناته السياسية نفسها عن تحقيق أي مصالحة يمكن أن توصف ب"الوطنية".
وثانيها أن مصالح إيران تتناقض مع أي مصالحة وطنية في العراق إلا إذا قبضت الثمن إما شراكة لها مع المصالح الأميركية في العراق وحوله أو وراثة منفردة للاحتلال الأميركي فيه.
وثالثها وأهمها أن المقاومة العراقية حقيقة مادية قائمة على الأرض ترسخت وتنمو يوميا وعجز الاحتلال واذرعه "العراقية" عن دحرها بالرغم من كل محاولات دحرها طوال السنوات الست الماضية وبالتالي لا يمكن دونها أن تتحقق أي مصالحة وطنية عراقية أو يحل أي أمن واستقرار.
ولأن الاحتلال الأميركي يبدو عاجزا عن قطع أذرع الأخطبوط الإيراني في العراق ويبدو عاجزا بقدر أكبر عن قطع دابر المقاومة العراقية فإنه يسعى الآن إلى مصالحة توفق بين إيران وامتداداتها العراقية وبين المقاومة، غير أن هذا مشروع أميركي محكوم عليه بالفشل المسبق، لأن بحرا من الدماء التي سالت في الحرب العراقية الإيرانية وتاريخا من الأطماع الفارسية في العراق وقضايا الحدود التي تفاقمت بالغزو يفصل بين طرفي هذا المشروع، فالمراقب يدرك بأن إيران استثمرت الاحتلال الأميركي لمواصلة حربها على العراق التي توقفت بين البلدبن باتفاق لوقف إطلاق النار عام 1988 لا باتفاق سلام تعذر حينها ومن غير الممكن أن يتحقق الآن بمصالحة بين المقاومة -- وهي الوريث الشرعي للنظام الوطني العراقي الذي خاض تلك الحرب – وبين الجيوش الإيرانية العلنية والسرية التي تصول وتجول تحت المظلة الأميركية في العراق اليوم، ناهيك عن أنهار الدماء التي سالت طوال السنوات الست المنصرمة والتي خطط الاحتلال لسفكها لكنه بذكاء المستعمر التقليدي ترك تنفيذ الجريمة لأطراف "العملية السياسية" وهي دماء لا يمكن للمقاومة غسلها إلا ربما بمحاكمة المسؤولين عنها، لا بالتصالح معهم.
ولهذا السبب شهد المراقبون منذ زيارة بايدن لبغداد أوائل الشهر الجاري مسرحية ما صوره الإعلام الأميركي كخلاف بين الإدارة الأميركية وبين حكومة المالكي وهو لا يعدو كونه اختلافا بينهما حول تكتيكات "فرق تسد" التي يراهما كل طرف منهما مناسبة أكثر لشق صفوف المقاومة عن طريق إغراء هوامشها بالانضمام إلى "عمليتهم السياسية"، حيث قدم أطراف هذه العملية عرضا نموذجيا لمؤهلات العميل المزدوج وهو يحاول ضرب راعييه الأميركي والإيراني أحدهما بالآخر.
فعندما "اقترح" بايدن ضم "بعثيين" إلى العملية السياسية سارع المالكي إلى اعتبار اقتراحه تدخلا في الشؤون الداخلية العراقية التي يحتار المراقب في معرفة أي شأن منها لا يتدخل فيه المحتلون الأميركيون. وعندما تأكد في الأسبوع الماضي توقيع بروتوكول بين الحكومة الأميركية وبين "المجلس السياسي للمقاومة العراقية" طلب وزير خارجية المالكي من الولايات المتحدة وتركيا "توضيحات" بينما اعتبرت حكومته أي اتصالات أميركية كهذه خرقا للاتفاقية الأمنية بين الجانبين. وكان الصوت الإيراني مميزا ومرتفعا في التهديدات التي أطلقها علنا أطراف "عراقية" في العملية السياسية بالتحول إلى "مقاومة" أميركا في العراق إن حاولت أن تفرض من قالت إنهم مارسوا العنف والإرهاب على هذه العملية.
وعلى كل حال فقد تبرأ الجسم الأساسي للمقاومة من أي اتصالات كتلك، فالقيادة العليا للجهاد والتغيير (عزة الدوري) تلخص موقفها في البيان الذي أصدرته قيادة قطر العراق لحزب البعث في السابع عشر من الشهر واعتبر "زيارة بايدن محاولة واضحة لترتيب الأوضاع الداخلية في العراق وتعزيز التفاهم الأميركي – الإيراني وتنظيمه قبل عملية الانسحاب الأميركي من العراق" ودحض التقارير التي تحدثت عن "ضغط بايدن" على المالكي لإنجاز مصالحة مع البعثيين باعتبارها "أخبارا كاذبة" هدفها "تشويه" سمعة الحزب وأعلن " أن البعث لا يلتفت إلى ما يسمونها (المصالحة) ورفضها مرارا وتكرارا وأكد أنه اختار منذ البداية طريق المقاومة المسلحة لطرد الاحتلال ومن جاء بهم لحكم العراق".
بينما تلخص موقف القيادة العليا للجهاد والتغيير (حارث الضاري) بالبيان الذي أصدرته في اليوم نفسه اللجنة الموحدة لفصائل التخويل والذي أكد بأن "طبيعة مرحلة الصراع بيننا وبين العدو المحتل لا تستدعي التفاوض معه بل تتطلب زيادة زخم الضربات لإجباره على الإذعان لشروطنا والانسحاب من أرضنا" بينما اعتبر البيان "العملية السياسية برمتها من حكومة ودستور ومفوضية وما إلى ذلك هي من إفرازات الاحتلال لا نعترف بها ولا نقر بمشروعيتها ونطالب بزوالها مع زوال الاحتلال"، بينما أكدت القيادتان أنهما لم تفاتحا بالأمر، وكانتا قد أوضحتا أنهما ليس ضد التفاوض بشروط المقاومة من حيث المبدأ.
وينسحب موقف القيادتين هذا على مؤتمر للمصالحة ذكرت تقارير إن بايدن ينسق لعقده في واشنطن قبل نهاية العام، وقبل انتخابات "العملية السياسية"، برئاسة أوباما نفسه، تحضره عدة دول عربية، تتوقع الإدارة الأميركية منها استخدام ما لها من نفوذ أو ما تستطيعه من مساع حميدة لإقناع المقاومة العراقية، وبخاصة تلك التي يقودها البعثيون، بإلقاء سلاحها والانضمام إلى العملية السياسية مقابل التصريح للبعث بالعمل كحزب سياسي مشروع ودور في صنع القرار العراقي، وفي هذا السياق ذكر تقرير لأسبوعية "الأهرام ويكلي" هذا الشهر أن بايدن حث المالكي على السماح للبعثيين بإعادة التجمع في حزب جديد يشارك في الانتخابات التي أقر "البرلمان العراقي في الأسبوع الماضي إجراءها أوائل العام المقبل.
**حقائق عراقية تنتظر اعترافا عربيا
لكن هذا الاعتراف الأميركي باستحالة استقرار الوضع في العراق دون شراكة سياسية مستحيلة بدورها للمقاومة في مشروع الاحتلال إن كان يحكم مسبقا على المشروع الأميركي للمصالحة بالفشل فإنه من جانب آخر يؤكد مجموعة من الحقائق: أولها أن المصالحة بين القوى الطائفية والعرقية بالمحاصصة بينها قد اثبت فشله، ليستمر حتى الآن ما وصفه مؤخرا إياد علاوي -- الذي دخل التاريخ باعتباره أول رئيس وزراء عراقي تحت الاحتلال -- ب"فراغ السلطة" في بغداد.
وثانيها أن الدولة العراقية التي هدمها الاحتلال قد عجز حتى الآن عن بناء بديل لها ولن تستطيع الحكومات المتصارعة في ظل الاحتلال بناءها، ويستطيع المراقب تعداد أربع منها مثل حكومة الظل الأميركية للاحتلال وحكومة الواجهة العراقية له في المنطقة الخضراء وحكومة دولة القاعدة "الإسلامية" التي تخوض مع كلتا الحكومتين حربا طائفية وحكومة الكرد العرقية المحصورة في الشمال العراقي ناهيك عن حكومات المليشيات الطائفية في الأقاليم.
وهذا يقود إلى الحقيقة الثالثة وهي أن إعادة بناء الدولة العراقية هي مهمة وطنية لم يعد يوجد من هو مؤهل لها غير المقاومة، وهذه بدورها تقود إلى الحقيقة الرابعة وهي أن المقاومة قد فرضت وجودها ممثلا حقيقيا للشعب العراقي بحيث لم يعد من الممكن تجاهلها، فالاعتراف الأميركي بها سواء المباشر (توقيع بروتوكول مع "المجلس السياسي للمقاومة) أم غير المباشر (المناورات الأميركية لشقها بشرائها سياسيا بعد فشل تجربة "الصحوات" لعزلها عن قاعدتها الشعبية بشراء قادة للصحوات ماليا).
وخامس هذه الحقائق أن المقاومة قد نجحت في ما فشل فيه الاحتلال، فهي توحد صفوف فصائلها بصورة متسارعة في مصالحة وطنية حقيقية لم تعد تتردد في المصارحة في النقد الذاتي لأخطاء الماضي، وكان انضمام اللجنة القيادية للحزب الشيوعي إلى الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية للقيادة العليا للجهاد والتغيير أحدث المؤشرات إلى ذلك، بينما يستمر معسكر الاحتلال وعمليته السياسية في التصدع والتشظي.
أما الحقيقة السادسة فهي نجاح حزب البعث في الخروج كالعنقاء من مجزرة "اجتثاثه" باعتباره المؤسسة الوطنية العراقية الباقية الوحيدة المؤهلة لبناء الوحدة الوطنية والدولة الوطنية القادرتين على إنقاذ وحدة الأراضي الإقليمية للوطن العراقي وإنقاذ العلاقة التاريخية الجيوسياسية للعراق مع أمته العربية والإسلامية، وليس أدل على هذه الحقيقة من الحالة الهستيرية التي أصابت حكومة المالكي نتيجة اعتراف الاحتلال الأميركي بهذه الحقيقة، وهي هستيريا أصابت حكومة البديل الطائفي بالرعب حد أن تحظر زيارة ضريح الرئيس الشهيد صدام حسين في إشارة غنية عن البيان إلى أن إرثه الذي اعتقدت أنها قد دفنته إلى غير رجعة بإعدامه قد انبعث ليقض مضاجعها ومضاجع الاحتلال الذي جاء بها.
بقي أن تعترف الدول العربية بهذه الحقائق لترسيخها بعد أن اعترف الاحتلال الأميركي بها جاهدا للالتفاف عليها بهدف إجهاضها، عل النظام العربي يكفر عن دوره في إيصال الوضع العراقي إلى ما آل إليه، وعسى أن يكون تفاؤل قيادة قطر العراق لحزب البعث في الحادي عشر من الشهر الماضي في محله عندما قالت إن المقاومة العراقية "نجحت في إحداث شرخ في الطوق العربي المفروض حولها ، ورغم انه لم يصل لمستوى الدعم إلا انه رسالة واضحة للجميع بان المقاومة تفرض وجودها عربيا وعالميا مما يفتح المجال أمام تطورات عربية لصالح المقاومة".
*كاتب عربي من فلسطين
www.deyaralnagab.com
|