الكذب الخلاَّق : امريكا المُلطخه والكذَّابون الجُدد!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 18.07.2009
منذ فتره ليست بقصيره بدأ الاعلام العربي بتداول مصطلح " المحافظون الجدد" ومن لا يعرف معنى هذا المصطلح القديم الجديد الذي تبلور بوضوح دامي واجرامي في عهد رئاسة جورج بوش الابن فهو مصطلح يعبر عن مجموعه او مجموعات سياسيه امريكيه تابعه لليمين المسيحي المتطرف وقريبه جدا من الفكر الصهيوني وتؤمن بجباروت القوه الامريكيه وامكانية الهيمنه الامريكيه على العالم, وتضم هذه المجموعات الشبه فاشيه وفاشيه حقيقيه مفكرين ومنظرين يوجهون العامه والخاصه ويوظفون الاعلام لخدمة مأربهم العدوانيه,, وكانت ابرز معالم هذه المجموعات الفاشيه في فترة جورج بوش الابن انها كنَّت وتكن عداء سافر لكل ماهو عربي ومسلم, وعلى هذا الاساس شن جورج بوش حروبه الداميه على افغانستان والعراق واظهر عداءه الشديد للسودان والصومال وايران الخ من الدول العربيه والمسلمه, وحروب بوش الذي تلقى اوامر شنها من " الرب" كانت تحصيل حاصل سواء حدثت احداث الحادي عشر من سبتمبر ام لم تحدث, وسواء كان العراق حليف للقاعده ام لم يكن [ طبعا : ثبت فيما بعد كذب امريكا بما يتعلق بجريمة العدوان الامريكي على العراق] وبالتالي ماجرى في الثمانية اعوام الاخيره هو ان ما يسمى بالمحافظون الجدد في امريكا كانوا وما زالوا حقا وحقيقه الفاشيون الجدد الذين ارتكبوا جرائم مليونيه بحق الشعب العراقي والافغاني والفلسطيني واللبناني وغيرهما من شعوب اخرى ابتلعت غوانتاناما والسجون الطائره الامريكيه ابناءهما, وعليه يترتب القول ان الفاشييين الجدد من امثال جورج بوش ورامسفيلد وبولتين ورايس وغيرهما من من يتجولون اليوم احرارا بالرغم من كونهم مجرمي حرب كانوا وما زالوا يؤمنون ب"مصداقية" ماهم فاعلون ومرتكبون من جرائم منذ شن حرب الاباده على افغانستان ومرورا بالعدوان على العراق واحتلاله وحتى اطلاق مصطلح "الفوضى الخلاقه" في العراق في ظل مقتل وتشريد الملايين من الشعب العراقي لابل ان بوش والزمره الفاشيه الامريكيه قد دعمت العدوان الاسرائيلي عام 2002 على الضفه الفلسطينيه والعدوان على غزه عام2008\2009 في حين كان بوش ورايس يروجون لما يسمى بحل الدولتين وخارطة الطريق التي تبين لاحقا انها كانت خارطة تدمير الضفه وقطاع غزه في فترة حكم بوش ولا ننسى طبعا التأييد الامريكي للعدوان الاسرائيلي على لبنان عام2006 الذي تمر في هذه الايام ذكراه الثالثه... في فترة حكم بوش كانت امريكا تتحدث عن السلام والامن من فواهات المدافع وقنابل الطائرات تحت شعار : اقتل واقتل واكذب فأكذب حتى يصدقونك الناس , وما ان انتهت حقبة حكم معتوه واشنطن والفاشيون الجدد حتى ظهر حجم الدمار في العالم العربي والاسلامي وكانت خاتمته العدوان على قطاع غزه, ومافعله هؤلاء الفاشيون هو حرفيا ما كانوا يفكرون به والحديث عن السلام والديموقراطيه في العراق ماهو الا كذب دامي واجرامي ما زال جرحه ينزف في فلسطين والعراق ولبنان وافغانستان والسؤال المطروح بما يتعلق بالسياسه الامريكيه: هل جاء دور الكذابون الجدد بعد المحافظون والفاشيون الجدد الذين حكموا امريكا على مدى ثمانية اعوام؟؟؟
الجواب على السؤال اعلاه يتطلب القول بانه : منذ بداية هذا العام وتحديدا منذ تولي باراك اوباما دفة الرئاسه الامريكيه ونحن لا نسمع سوى كلام معسول عن الملاك "الاسود" الذي حل مكان الشيطان الابيض في البيت الابيض, وبدأت رحلة الاعلام العربي مع عصر اوباما وكانت قمة التغطيه والترويج الاعلامي قد وصلت الى ذروتها في خطاب اوباما للعرب والمسلمين من القاهره الشهر الماضي وهو الخطاب الذي لم ياتي بجديد سواء ببعض الكلام المعسول الهادف الى دغدغة المشاعر العربيه ومحاولة تلميع وتصليح صورة امريكا الاجراميه في العالم العربي ونحن لا نذكر هنا تسمية صورة امريكا المشوهه عمدا لاننا لم نشوه صورة امريكا بالمعنى اللغوي في العالم العربي لابل ان صورة امريكا واياديها ملطخه بالدماء العربيه من المحيط الى الخليج وذلك من خلال الممارسات الامريكيه الاجراميه بحق الشعوب العربيه من فلسطين وحتى العراق الذي قتلت فيه امريكا وشردت الملايين من العراقيين, ومن ثم يلقي اوباما خطابه في القاهره ولا يعتذر ولو بكلمه واحده عن جرائم امريكا في العراق... الدول هي اللتي تتحمل المسؤوليه وتعتذر عن الاخطاء وتدفع التعويضات بغض النطر عن من هو الرئيس الحاكم... ولم يتطرق الكذابون الجدد في خطاباتهم حتى اليوم عن ماجرى وماهو جاري في قطاع غزه والجرائم الاسرائيليه اللتي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني في غزه والضفه وفي كامل فلسطين لابل ان الكذابون الجدد في واشنطن يتحدثون عن حل الدولتين ووقف الاستيطان اليهودي في الضفه الفلسطينيه في الوقت اللذي يوافقوا فيه على بناء 2500 وحدة سكن استيطانيه في المستوطنات القائمه وكأن هذه المستوطنات كانت بالاصل شرعيه ويحق لها التطور جغرافيا وديموغرافيا؟! ومن ثم يبعث الكذابون الجدد مبعوثهم المدعو ميتشل كرارا ومرارا للتفاوض على حد زعمهم وكذبهم ...لم يُبقي بوش واوسلو اصلا المساحه الجغرافيه الكبيره في الضفه الفلسطينيه حتى يعاود ميتشل للتفاوض عليها مع المستوطنين ونتانياهو وليبرمان مع الاخذ بالحسبان ان الجانب الفلسطيني الرسمي هالك ومتهالك سياسيا ولا يتوقف عن مديح ظل اوباما العالي!!..ميتشل يتفاوض على اراضي فلسطينيه مع مستوطنين صهاينه احتلوا المكان وحلٌوا مكان الفلسطينيين وامريكا كانت وما زالت هي الداعم الاول والرئيسي لهؤلاء المستوطنون..احتلال واحلال... القدس والضفه يتعرضا الان الى هجمه احلاليه واحتلاليه واستيطانيه غير مسبوقه من حيث الكثافه والتكثيف في الوقت الذي يُفرق فيه ميتشل ابتساماته واكاذيبه على الشعب الفلسطيني.. مايوجد اليوم في الضفه الفلسطينيه من استيطان صهيوني لايترك اي مجال لقيام دوله فلسطينيه كما ادعى ويدعي الوسيط الكذاب المدعو ميتشل واوباما وبوش من قبله.. من المحافظون الجدد الى الكذابون الجدد ...جميعهٌم يتعاملون مع المحنطون العرب باساليب الكذب والخداع والقوه العسكريه..... ما جرى ويجري من انسحاب شكلي لقوات الاحتلال الامريكي من المدن العراقيه هو كذبة اخرى من اكاذيب الكذابون الجدد...يخرجون من الابواب وينتظرون على الشباك لدخول المدن العراقيه المحتله من قبل امريكا و عُملاءها وعملاء ايران الذين قتلوا وشردوا ملايين العراقيين....استبدل الكذابون الجدد اللغه وحافظوا على الفحوى لتتغير نظرية الفوضى الخلاقه في عصر بوش الى الكذب الخلاَّق في عصر اوباما ليست في فلسطين والعراق فحسب لا بل في لبنان وفي كل مكان يتدخلون في الشؤون العربي من خلال الكذب الناعم والخلاق ..الكذابون الجدد ونظرية الكذب الخلاق.... لاحظوا معنا كيف يصمت العالم مجددا على الكذابون الجدد بعد الفاشيون الجدد والجريمه الجاريه في وادي سوات في باكستان حيث شرَّدت حرب اوباما وعملاءه في باكستان على حركة طالبان الباكستانيه.. شرَدت ما يقارب المليوني باكستاني من مناطق القتال والمعارك في وادي سوات.. هؤلاء اللاجئين الجُدد يعيشون في اسوأ الظروف الانسانيه والسؤال المطروح:لماذا لايقدم الكذابون الجدد في واشنطن المساعدات اللازمه لهؤلاء اللاجئين اللذين شردهم اوباما من وادي سوات بحجة محاربة طالبان؟... الكذابون الجدد يخوضون حرب اباده ضد الشعب الافغاني بحجة محاربة طالبان افغانستان والجميع يعرف انه مادخل افغانستان محتَّل الا وخسر المعركه في النهايه:بريطانيا,, الاتحاد السوفيتي سابقا, والان جاء دور امريكا وحلفاءها:: لماذا لم يبحث الملاك الاسود في البيت الابيض عن حل سلمي ينقذ ارواح الافغان اللذي انهكتهم الحروب منذ قرنين من الزمن...الكذابون الجدد ماهم الا الوجه الاخر لعُملة المحافظون الجدد في امريكا... واضح اننا امام استراتيجيه امريكيه جديده وهي الكذب الخلاق..!!
اعجب مايعجب له المرء في لغة ومسلكية الكذابون الجدد هو حديثهُم عن الديموقراطيه ودمقرطة العالم العربي واختيارهم مكان الحديث الى العالم العربي من تحت مظلة عاصمة اكبر دكتاتور عرفه العالم العربي والسؤال المطروح: الم يعرف الكذابون الجدد ان مصر يحكمها دكتاتور لايعرف الديموقراطيه منذ عقود قبل ان يقرروا القاء كلمتهم الموجهه الى العالم العربي؟؟ كيف يثني الكذابون الجدد على حُسن النظامين السعودي والمصري ويدعون انهم يريدون دمقرطة العالم العربي؟؟؟... كيف يحتل الكذابون الجدد العراق ويدعون بدمقرطته؟؟ منذ متى صار السيد يمنح عبده الحريه؟؟.. ماهذا الكذب الامريكي الابيض والاسود والاحمر والدامي والاجرامي؟!.. كيف يعلن الكذابون الجدد دعمهم لاسرائيل ليلا نهارا ولا يأبهون بموت بطئ يلاحق اكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزه, ومن ثم يدًّعون انهم شئ اخر غير امريكا الملطخه اياديها بدماء الشعب الفلسطيني والعراقي واللبناني... طائرات امريكا التي تملكها اسرائيل تقطع الشعب الفلسطيني واللبناني اربا اربا, ومن ثم يدعي الكذابون الجدد انهم مع السلام وحل الدولتين المطاطي الذي يمنح المستوطنين في الضفه والقدس المزيد من الوقت لفرض واقع احلالي واحتلالي جديد!!... هؤلاء الملطخون اصلا بثقافة الكاوبوي لايمكنهم ان يكونوا على مايبدو: اما فاشيون جدد او كذابون جدد يشردون ملايين البشر ويدعون بسعيهم للسلام في افغانستان وباكستان والعراق وفلسطين...يتحدثون عن نووي ايران ويتناسون اسرائيل...يتحدثون عن رخاء العالم والفقر يزداد في العالم::يوميا ينضم ملايين الفقراء الى سرب مليارات الفقراء في العالم... الغرب يعيش في رفاهيه والشرق وافريقيا واسيا غارقون جميعا في الفقر والعوز... السمسره والاحتكار الامريكي لموارد العالم هو الذي يفاقم ظاهرة الفقر والظلم في العالم, ومن ثم يتحدث الكذابون الجدد عن العداله وكأنها سياحه لغويه.. كلمات على الماشي على الطريقه الامريكيه.
من هنا وارتكا زا على ماسبق ذكره اعلاه يبدو بوضوح اننا قد دخلنا في حقبة امريكيه جديده اسمها الكذابون الجُدد بعد ان انتهت[لم تنتهي] حقبة المحافظون الجدد, ومن الواضح ان استراتيجية الكذب الخلاق قد حلت مكان استراتيجية الفوضى الخلاقه, وعليه يترتب القول لاتفرحوا ياعرب ولا تهللوا لاوباما::: امريكا هي امريكا الملطخه والمنحازه بالكامل لاسرائيل وماهو جاري ببساطه اننا دخلنا في مرحلة الكذابون الجدد بعد ان فتك المحافظون الجدد بالوطن واللحم والدم العربي....لكن:: الاوطان العربيه لها شعوبها وما حك ظهري الا ظفري .. اركنوا على ذراعكم وباعكم ونضالكم ولا تراهنوا على كلام امريكا الملطخه...تحيى الشعوب اذا امنت بقدرها وقدرتها وقوتها,, وتموت حين تُعلق مصيرها على مخالب اعداءها... امريكا هي امريكا الملطخه ولم يتغير شيئا من المحافظون الجدد الى الكذابون الجدد... الكذب الخلاق !!!
*كاتب فلسطيني , باحث علم اجتماع, ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونية
www.deyaralnagab.com
|