logo
التحدث مع الذات !!

بقلم : ريم عبيدات ... 24.07.2009

لماذا يتندر الشباب حين نكلمهم عن إمكاناتهم الحقيقية للفعل، وما الذي يثير استنكارهم الشديد لدى الحديث عن المستقبل والإنجاز واتخاذ قرارات النجاح المختلفة؟
ففي تجربة خاصة، نقوم مجموعة من المستشارين بالتنمية البشرية بإجراء تجربة تدريبية رائدة عربياً، تقوم على مخيم خبرات شبابي يعنى بتطبيق الأفكار المختلفة بصورة عملية مباشرة لمجموعة مميزة من الشباب العربي، كإدارة الأزمات بصوة فعلية، وإدارة المؤسسات، وإجراء الدراسات، والتدرب على تغيير الذات. إضافة لأيام للقراءة والمناقشة والتديب الرياضي والعقلي وغيره.
واللافت هو كثافة المعتقدات المثبطة عند نخبة من الشباب العرب، مما يؤكد أن الكثير من مجهود المؤسسات الاجتماعية الفاعلة في حياتنا من أسرة ومدرسة وجامعة ومجتمع ومحيط عمل، تنصب في اتجاهات محددة وتغفل الجوانب الأهم أحياناً التي تهندس بناء النجاح. كما أن الكثير من السلبيات المحطية، تغمر حياتنا بفعل الآخرين وما يرشح طوال الوقت عنهم من خبرات سالبة، ليتحول الشباب إلى طابور من المريدين الضحايا لهذا النوع من الفكر الأسود.
نورد بعض معلومات حول قضية “أيا يصنع الآخر نحن أم الحياة” إذ قامت جامعة كاليفورنيا بعمل دراسة حول التحدث مع الذات لتصل إلى أن أكثر من 80% مما نحدث به أنفسنا سلبي: ليعمل ضد كافة مصالحنا وتطورنا متسبباً في قلق مزمن لدى معظم البشر ولينينتج الأخير بدوره أعتى الأمراض النفسية والجسدية في أكثر من 75% من الأمراض كضغط الدم والقرحة والنوبات القلبية.
اتجاهات ومدارس سلوكية تصف الحديث السالب: الذاتي منه أو مع الآخر- بالعدو الرئيس لطاقة القوة والنجاح. فمن شأنه تمزيق النفس عبر توليد أحاسيس هدامة للفرصة الحقة في حياتنا. إذ يبرمج العقل بإشارات سلبية تستقر وترسخ في العقل الباطن لتصبح عادات راسخة يحتاج تغييرها أو الخروج من سجنها لمجهودات كبيرة.
فنحن أذن إزاء حالة علمية حقيقية تستحق التوقف للتأمل والتفكير بمسؤولياتنا بما يحدث من حولنا وحجم النماء أو التراجع الذي تصنعه أفكارنا. وبالذات وسط الكم الهائل من الاستلاب لقيم النجاح الواهمة والمعلبة التي تطيح واقع ومستقبل الشباب في بلداننا، في الوقت الذي تتجه فيه دراسات تطوير الذات لإقرار حقيقة أنه باستطاعتنا في كل لحظة تغيير ماضينا ومستقبلنا بإعادة التعامل مع حاضرنا.
القضية تتعدى الذات الى مسؤولية مهمة في تشكيل المجتمعات الناجحة والمميزة في تعاملها مع الحياة. ففي دواخلنا يصنع العالم بصوره المختلفة.


www.deyaralnagab.com