logo
قالت لي سأهاجر: وطني بقرة حلوب؟؟؟؟

بقلم : عطا مناع  ... 09.09.2009

ضاقت بها فلسطين التي أحبت، حالها كحال مئات الآلاف من الشبان والفتيات الذي يسيرون في واد الموت على غير هدى وبدون هدف، هم يحبون الوطن، لكن الوطن أثقل كاهلهم، حالة كحال صخرة سيزيف يحملونه ليل نهار وعيونهم تتطلع لشاطئ الأمان دون جدوى.
قالت لي: هل تتخيل أنني أغرق في حالة لا تنتهي من الاغتراب....؟ لم أعد أطيق وطني الذي أحببت، لقد حولوه لبقرة يتناوبون عليها، تذكرت لحظتها قصة البقرة"حاحا"، تلك البقرة التي تحلب قنطار..... لكن مسلوب من أهل الدار كما أكد لنا الشيخ أمام في قصيدة التي وصفت حال مصر.
لقد وقعت"البقرة المصرية حاحا" في ألبير، ويقول الشيخ إمام أنها وقعت من الخوف ، وتساءل عن سبب الخوف قائلا، فكان الجواب حاضرا.... من عدم الشوف ومن الجوع ومن الراحة.
حال "البقرة الفلسطينية" مختلف عن البقرة "حاحا المصرية"، التي يدفعون بها إلى بئر الغربة للخلاص من عملية الحلب التي لا تتوقف، عملية حلب أرفتنا حياتنا وأصبح شبابنا وكفاءاتنا تفتش عن الخلاص في بلاد العم سام.
إن ثقافة الهجرة أو الهروب من الوطن تتسع لدرجة أنها أصبحت ظاهرة مخيفة، والمخيف لدرجة الرعب أن قطاعات واسعة من الشباب الفلسطيني يهجر الوطن داخل الوطن، فشبابنا وبالتحديد الذين في مقتبل العمر يدركون أن لا مستقبل لهم في حقبة تتسم بالسوداوية، فكانت ردة فعلهم اللامبالاة وعدم الاهتمام بما يجري حولهم.
مخيف أن يصبح الإنسان غريبا في وطنه، ومرعب أن نتحول لبقرة حلوب تستنزف قواها لصالح المتنفذين من أرباب الاقتصاد والوكلاء والبنوك التي تشاركنا حياتنا، والمرعب أكثر أن نرى من حولنا يتضورون دون أن نحرك ساكنا، ما العمل......؟ وهل الحل الناجع للاغتراب الفلسطيني الهجرة من الوطن....؟ وهل الذين يحزمون حقائبهم لمغادرة الوطن بحثا عن الخلاص الذاتي والنفسي سيجدون ضالتهم.....؟ ومن المسئول عن نشر هذه الثقافة المدمرة باعتراف الذين ينادوا بها.....؟
كان المطران عطا اللة حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس قد أصدر فتوى تُحرم هجرة المسيحيين الفلسطينيين من الوطن، وقد أثلجت فتوى الأب المحترم صدري وصدور الغالبية من أبناء الوطن، ولكن .....المطلوب من الأب عطا اللة الذي أكن له كل الاحترام أن يضع الإصبع على الجرح ويرفع شعار الحقيقة كل الحقيقة لأبناء الوطن.
ألحقيقة يا أبو عطا اللة وكما قال سيدنا المسيح علية السلام"ليس بالخبز وحدة يحيا الإنسان"، وأضيف.... ليس بالفتوى وحدها نصمد بالوطن، فالصمود بحاجة لمقومات وعلى رأسها الكرامة، وفي حالتنا نحن الفلسطينيين كرامتنا تهدر كل يوم جراء التناطح الفلسطيني لطرفي الانقسام، تناطح ترجم نفسه بالسطو على الحريات وحقوق الإنسان المكفولة إنسانيا...... الصمود في الوطن ورفع شعار الهجرة إلية يتطلب وقفة مع ألذات، وقفة تجيب على مئات الأسئلة الصعبة التي ينام ويصحا عليها كل فلسطيني...........لماذا.
لماذا التعذيب في السجون الفلسطينية وبإسقاطات لم نعرفها إلا في زمن الاحتلال....؟
لماذا يكتب شباب غزة الوصية قبيل النزول للعمل في الأنفاق من اجل إطعام الأفواه الجائعة .
لماذا حالة الفقر الخارجة عن العادة، فقر يدفع شرائح الفقراء للجنون....؟
لماذا تبتعد عنا القدس وتتحول مع الوقت لمرتع لقطعان المستوطنين...؟
لماذا تراجعنا قيمياً وأخلاقيا وأصبحنا نأكل لحم بعضنا بلذة شيطانية....؟
لماذا يجربنا اللة بقيادة لا هم لها سوى أجندتها.....؟
لماذا وكيف ومتى نضع حدا لامتهان كرامة الإنسان الفلسطيني الذي مل الانتظار، ما أحوجنا في هذه الأيام للعن الصمت ورفع الصوت لإعادة العافية لشعبنا الذي قلنا في يوم من الأيام أن لا صوت يعلو فوق صوت الشعب الفلسطينيين أليس هذا شعار الشعب في الانتفاضة الفلسطينية الأولى....؟" انتفاضة الحجارة"، الانتفاضة التي انخرطت فيها كل فئات الشعب في معركة الكرامة والحرية البعيدة عن المصالح الضيقة واستغلال أوجاع الشعب.
ما أحوجنا للعودة للوطن والهجرة إليه والتخلص من ذاتنا والتطلع حولنا لنجد أن وطننا يستحق الصمود فيه، والصمود الايجابي أن نقول للفاسد أنت فاسد وللمفرط بالثوابت أنت مفرط، أن لا نخاف من يتعاملون مع الوطن كمحطة مؤقتة ورثوها عن آباءهم، هؤلاء الذين جاءوا وذهبوا بعد أن اخذوا ما اخذوا من عالمنا، إلا تتذكروهم...... لقد غادروا الوطن بعد أن امتلاءات كروشهم ومنهم من كان مصيره حاوية النفايات.
إذا كانا نعيش حالة الاغتراب في وطننا فنحن الذين يتحمل المسئولية، نحن الذين نصفق ولا نعرف لماذا، ونحن الذين نذبح بعضنا دون معرفة السبب، قد يكون أن الأوان لقول كلمة لا لكل أسباب الدمار الداخلي وتسمية الأشياء بمسمياتها.... أن الأوان لنقول لحركتي فتح وحماس كفاكم ذبحا لقضيتنا فالوطن ليس كعكة ولا شركة تتقاسمونها.


www.deyaralnagab.com