logo
وطن وكفَّن : عرب في مزاد الفضائيات ووطن في مهب الريح!!

بقلم : د. شكري الهزَّيل ... 22.08.2009

كل هذا البحر ولا ماء وكل هذا الوطن ولا ارض وكل هذه البشر ولا شعوب ولا امه ولا يحزنون وكل هذه الشمس الساطعه ولا نور وكل هذا النفط ولا وقود و كل هذه المساحات الشاسعه من المحيط الى الخليج تختسرها مساحة علبة سردين وشاشة تلفزه يتكدس امامها ملايين العرب العاربه, وهاكم مما تيسر لنا : فلسطين تأن وغزه محاصره منذ امد والقدس تنتهك قدسيتها كل يوم وبغداد تتطاير فيها اشلاء الناس منذ سنين وماتبقى من عروبة وطن سوى شاشات فضائيات تنقل الاخبار بلغة العرب وكأنهم ليست عرب لابل وكأنهم يعيشون في عين ووسط ام الغيبوبات وام الكهوف المظلمه وكل ماتبقى لهم مساحة شاشة تلفزه ومساحة علبة سردين وكأنهم ولدوا مُعلبين في وطن شاسع وواسع وكأنهم مكبلين بقيود القيود وسلاسل السلاسل وكأن لسانهم قُطع وباعهم بُتر وهامتهم قُصفت وخُسفت ونخوتهم طارت مع اعاصير الزمن والازمنه وكرامتهم يشهد على غيابها حالنا المزري من المحيط الى الخليج .... يا بغداد لاتسالينا عن ما جرى لكي لابل اسالينا عن ما جرى لنا من تطهير وتصحير لما بقي لنا من جيوب عقول وانتي يا بغداد لم تخسري سوى الكفن وتبقي شامخه بينما نحن المُكفنون في وطن لانساوي كفن ... عذرا يا اقصى ويا قدس لا تصيحي ولا تنيحي ولا تنخِينا وانتي عروس التاريخ وزهرة المدائن ونحن.. نعم نحن الذي هجرتنا النخوه في وطن صارت مساحته محصوره في مساحة عقول علب السردين الذي يتجول فيها عقلنا المسروق,, ووطننا المسلوب تتسع مساحاته لمساحات المساحات واليوم يختصروه في مساحة شاشة تلفزه تلقي علينا الاخبار وتذهب وكأن الاخبار لا تتحدث عن غزة هاشم والحصار.... وكأن الاخبار التي تنقل صورالمستوطنين اليهود وهم يتجولون في باحات الاقصى اخبار تتحدث عن نجمة المريخ اللتي لا وجود لها في قواميس اللغه العربيه وغير موجوده على خارطة وطن علب السردين العربي..سُخرية القدر التاريخي ان نصبج مُحنطون ومُكفنون ومُكبلون في حُقبة زمن يَصبح فيها العربي مجرد عُلبة لحم رخيص يدثرها المحتلون والطغاه باقدامهم لابل ان العربي المجرد من انسانيته وكينونته يُعكَّس ويُقلب على عقب حيث يصبح المحتل ذو شأن والعربي صاحب الوطن مجرد متسول يتجول بين شاشات الفضائيات "العربيه" لعله يجد في طياتها وعلى شاشاتها جزء من عقله المسروق ومن قميصه المسروق ووطنه المسلوب, ولعله يجد فتات من رغيفه المسروق ولعله يحصل على كسرة من رغيف خبز قاطن بين فَكي تَنين مُتجَبِر ولعله ينضح من ِصحنٍ بشري يَندب حظه المُتعثرعلى فراغ عُمرٍ قَضَاهُ في عَراء التاريخ ووحشة المكان وغُربة الانسان في وطن تُتاح فيه الحياة فقط لِغير اهله...... من هو هذا الذي يذبحنا في العراق ومن هو ذاك اللذي ينحرنا في فلسطين؟ ومن هو الذي يسلط سيفه على رقبة لبنان ويمد يده الى وحدة ارض السودان... من هو الذي اعطاهم الحق وشيد لهم الجسر على عظام اطفالنا ونساءنا حتى يمرون على جثثنا ويُجثثوننا احياءا بكفن وطن مباح ومُستباح ومُزرَّب بكل زرائب الدنيا الذي يجرنا من داخلها الجلاد العربي الى مقاصل الاعداء.... يا هذا الذي تسمع جعجعتنا في فضائيات عرب الرده تمهل وترجَل و تأمل في حقيقة ان حارس فضاء هذه الفضائيات طائرات واقمار امريكا واسرائيل... تسمع جعجعتنا ولا ترى طحين الاخرين.. طحين الاعداء الذين يطحنوننا روحا وجسدا ووطنا ومكانا وكيانا..مُنذ عقود وقرون يتكرر المشهد العربي ويتوالد ويتكاثر في بيئة حُبلى بروتينية الحدث الذي يَصنَعهُ اهله ويُخرِجهُ الغُرباء الى حيز المكان والزمان حيثما وكيفما ما شاءوا في زمن الجيل العربي الغابر والحاضر الذي يتوالد لِصُنع القادم والمُثقل بِتُراث يَفوحُ منهُ عَبَق الموت والحياة المسروقة مُنُذ ولادتها اسيرة وراء قُضبان سميكة بِسُمك طبقات الهزائم والكوارث غير الطبيعيه لابل الكوارث والزلازل العربيه الذي زلزلت كياناتنا البشريه واليوم جاء دور الفضائيات لتزلزل كيانات عقولنا وتقتل اخر جيوبها وتكفنها بكفن التجهيل لتشيعنا الى مثوانا الاخير على هذه الدنيا... مساحة شاشة فضائيات تُمارس التعليب لتحصرنا في مساحة علبة سردين....رحمة الله على العرب في مثواهم الاخير.. شاشة تلفزه... بيت اخرة الدنيا... واخر درجة في سلم العالم.. العالم وصل الى المريخ وغزه المحاصره قسرا تستعمل الطابون والبابور وفي العراق يتظاهر الناس في بغداد احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي شبه الدائم .. في العراق البلد العربي الغني لايوجد كهرباء بعد ان دمرته امريكا وعرب الرده واعادوه الى العصور الحجريه... العالم يتقدم والعالم العربي يُعاد الى العصور الغابره... كل ماتبقى لنا في وطن علب السردين فضائيات وعُلب الكترونيه تتسلى بِنا و ليس العكس... صرنا فرجه ورهائن تنتظر الافراج عنها من اقفاص الاوطان من امام شاشات الفضائيات.... لا شئ:: لا نركع ولا نشفع ولا نقوم ولا ننهض::: تردد الفضائيات اخبارها ونحن كالببغاء نردد ما قال هذا وذاك من فرسان الفضائيات... يذكرني القول بالشاعر الراحل نزار قباني:يا سادتي الكلام.. في ربع قرن و انا امارس الركوع والسجود..امارس القيام والقعود...امارس التشخيص خلف حضرة الامام...يقول : أمارس الركوع و السجود أمارس القيام و القعود ..أمارس التشخيص خلف حضرة الإمام ..يقول : ( اللهم امحق دولة اليهود ) ..أقول : ( اللهم امحق دولة اليهود ) ..يقول : ( اللهم شتت شملهم ) ..أقول : ( اللهم شتت شملهم ) ..يقول : ( اللهم اقطع نسلهم ) ..أقول : ( اللهم اقطع نسلهم ) ..يقول : ( اعزق حرثهم و زرعهم ) ..أقول : ( اعزق حرثهم و زرعهم ) ..و هكذا يا سادتي الكرام ..قضيت عشرين سنة .. اعيش في حضيرة ..!" ... تموت الشعراء وتبقى اشعارهم واكاد اقول اننا نعيش اليوم في حضائر الفضائيات,, واكاد ان اجزم انه بعد اربعون عاما سيأتي نزار اخر ويقول اربعون عاما وانا اردد كالببغاء ما تردده الفضائيات العربيه ومشتقاتها من اكاذيب...اربعون عاما في حضائر السلاطين والفضائيات... نسمع وتسمعون : اقتحم اليوم مستوطنون باحة الاقصى واستولى اخرون على بيوت المقدسيين وقتل في العراق و بغداد مئه وجرح مئتين واسرائيل تهدد لبنان... الحمد لله انني ومن بينكُم الكثيرون لن يعيشون الى ما بعد اربعين عاما ... لنسمع:: اسرائيل قصفت وذبحت وامريكا دمرت ولا نسمع ولو لمرة واحده العكس...غيركُم وغيرنا سيأخذون دورهم كغاب الرصاص الفارغ امام الفضائيات... هزائم وما ادراك بالهزائم غير الطبيعية التي طَبَّعنا معها علاقة كادت ان تكون أبدية وقَسرية واِحلالِية وإحتلالية واستعمارية وسمها ما تَشاء.... حَفِظ الله فخامته وجلالته وسموه "حامي" حرامي الوطن المعروض بِبشره وتُرابه وشجره ونفطه ومُقدساته, للبيع في سوق عكاظ وسوق الهَلاك التاريخي الذي لم يَستطع هُولاكو الَنيل من اسواره واطرافه حتى جاء عصر الهولاكيون العرب من ارض الكنانة والجزيرة العربية يَقودهُم هُولاكو واشنطن نحو بغداد "الخارجة" عن بيت طاعة الطامعين بِثروات العراق ومن مَعهُم من عرب الرِدة الذين يرتزِقون على اطلال الهزائم العربية وسُلعة الرُخص الانساني وفتات ما تبقى من حضائر الفضائيات.. ظلت القدس عصيه على الكسر بعد ان حررها صلاح الدين حتى جاء عصر ملوك ورؤساء عرب امريكاواسرائيل الذين يتفرجون اليوم على كيف يُطرد المقدسيون من بيوتهم وكيف تُنتهك يوميا حرمة المسجد الاقصى على مرأى من مشاهدي الفضائيات العربيه.. عرب الملايين الغائبين الحاضرين...قد تَبدو بعض الاحداث غريبة او عادية وبعض الأمور عادية او غير عادية, ولكن في واقع العرب المزري وحضائر الفضائيات وحضائر السلاطين لا يُوجد شيئا غريبا ولا أمر غير عادي في اذهان تَنفي واقعها وتذهب بعيدا لِتُفَتِش عن غائب حاضر بِقُوة أمر حاصل ...يا سيداتي سادتي: كيف يستقيم الوطن مع الكفن والحياة مع الموت... اما ان للعرب ان يهدموا حضائر السلطان وحضائر الفضائيات... طائره امريكيه نفاثه وفضائيه عربيه قاذ فه... كيف يستقيمان... كيف يلتقيان... كيف يتفقان....على قصف العقل والجسد والوطن العربي!..... كفن ووطن وصمت مطبق على ماهو جاري في فلسطين والعراق وبغداد والقدس وكأن الحديث يدور عن قُطر واقطار خارج حدود العالم العربي... عرب في مزاد " حضائر" الفضائيات ووطن في مهب الريح... فمتى ستهب رياح وعواصف العرب لتعصف بهذا الواقع المرير وتطيح بمن يُكفن البشر وهم احياءا ويُحنط عقولهم ويُسمرهم امام فضائيات السلطان والنفط ليجعلهم اصنام مصنمه لاتهش ولا تنش ولا تستجيب الا لمقومات الهزائم... كيف يتحول الوطن الكبير الى مجرد اصنام وارقام في حين يطرق انين اطفال غزه المحاصره افاق ابواب السماء....كيف جا ز ويجوز ان نترك العراق ينتحر على ابواب الوطن العربي.... كيف جاز ويجوز ان نترك لبنان يُدمر... وكيف جاز ويجوز ان نترك الموس يصل الى وحدة التراب السوداني... كيف ولعلا ومنى الخ والعرب ما زالوا مُحنطون ومعلبون يرددون كالببغات ما يقوله دجالوا الفضائيات::هؤلاء الذين يستدعونهم من كل مكان ليطنطنوا شعارات خاويه هم جزء من نظام فضائيات التخدير لا اكثر... كل ماهو ظاهر هو ليس الحقيقه وان الاوان ان نخرج من مربع الببغات الى مربع الاعتراف بواقع ان العالم العربي عباره عن وطن وكفن.. والعرب اليوم قابعون في مزاد"حضائر"الفضائيات ووطنهم في مهب الريح... قد تخسَّر الكفن!.. ولكن خسارة الوطن هي كفن الاكفان للاجيال الحاضره والقادمه....إما الكفن او الوطن...اما الحريه او العبوديه.... اما الاحتلال او الانعتاق... لايوجد خيار وسط بين خيارين... ومكرها انت العربي لابطل... ولماذا لا تكون بطل\ه؟.... من قال هذا انه ليس باستطاعتك ان تكون\ي بطل او بطله؟...فضائيات السلطان والرذيله العربيه... كن عربيا لا فضائيا.. كفى تكفين !!

*كاتب فلسطيني , باحث علم اجتماع, ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونية

www.deyaralnagab.com