دولة على خازوق !!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 16.09.2009
يقول المثل الشامي اللطيف : لا تشكيلي لابكيلك!
وهذا المثل ينطبق على حالي أنا وصديقي فاروق، فهو ما أن أرفع سماعة الهاتف، وقبل أن أقول هالو، حتى يعاجلني بالسؤال مفسدا علي تهيئتي للسؤال الذي أزمع أن ألقيه عليه: شو بتكتب وبتقرا وبتعمل هالأيّام؟
فيرتج علي، ويتصاعد لهاثي وكأنني عدّاء في آخر السباق:
ـ شو بدّي أكتب يا فاروق؟!
ـ والله إنني أحسدك، فأنت تكتب..وأنا لا قادر أكتب، ولا قادر أن اقرأ...
ـ ...
ـ يا أخي ..لماذا لا تكتب عن شيء آخر غير السياسة؟
وقد ملت إلى الفكاهة:
ـ عندي بحث في الاقتصاد سيظهر قريبا، وهو عن اقتصاديات السوق في مناطق السلطة.
ـ رجعنا للسياسة ...
لأخفف عنه سألته:
ـ يا فاروق هل سمعت عن توزيع مهام اللجنة التنفيذيّة؟!
يأتيني صوته ملولاً:
ـ آ ..سمعت ..ما العجيب في الأمر؟! كله محصّل بعضه.
ثمّ بعد صمت يسألني:
ـ ما رأيك في تسليم علي اسحق دائرة الرياضة والشباب؟
أجيبه بمنتهى الجديّة:
ـ هو شاب طيّب، أقصد كان شابا قبل ثلاثين سنة..وأنا ارتحت لتسليمه دائرة الرياضة والشباب، وبخاصة الرياضة، ذلك أنه بحسب معرفتي به عن قرب، لم يكن يوما مولعا بكرة القدم، ولا بالملاكمة، ولا بالمصارعة الرومانيّة، أو اليابانيّة (الجودو)، ولا بكرة الطاولة (البنغ بونغ)، ولا بكرة الريشة، ولا بالكونغ فو ..ولا ..ولا يا أبو سيف: أما زلت معي على الخط؟ يأتيني صوته مع نهنهة تشبه الضحكة المكتومة، أو العاجزة عن التعبير عن نفسها: أيوه معك ..وبعدين؟ يا سيدي: لقد تم صرف كرة قدم له فورا، وشورت وتي شيرت و..وأغدق عليه السيّد الرئيس لقب مارادونا اللجنة التنفيذيّة، فصار علي مارادونا!
ـ بتحكي جد؟
ـ طبعا ..لا مزاح في المسؤوليّات والمراسم، و..مع القيادة.
ـ وبعدين؟!
ـ صدق علي أنه صار وزير رياضة فغادر قاعة الاجتماع ليتوجه مع فريق اختاره على عجل، لتحديد موقع ملعب كرة قدم دولي. دار في منطقة رام الله، فلم يجد مساحةً تكفي لإنشاء ملعب مع مدرجات. عندما علم الرئيس استدعاه وزجره: ملعب كرة قدم؟! ..نحن نريد منطقة بحجم ملعب الكرة لننشئ عاصمة للدولة. فقط سنصرف لك طاولة بنغ بونغ..وشوية طابات بيضاء صغيرة، ومضربين للاعبين فقط ..لا تزعل: ومضرب احتياط. هكذا ستصير مضرب المثل كوزير للرياضة!. وهنا سأله علي مارادونا ببراءة ـ وهي أوّل مرّة يرتفع فيها صوته في اجتماع ـ وماذا عن الشباب؟ الشباب!..نحن حكومة كهول يا سيد علي. وهنا حبكت مع علي الذي لا يخلو من حس الفكاهة: إذا سنرفع على مدخل الوزارة الشعار التالي: دائرة يا ألله حسن الختام...
دائرة الانتقام:
تقرر في اجتماع تقاسم الدوائر في اللجنة التنفيذيّة أن يضيف أبو مازن الدائرة السياسيّة لصلاحياته التي بدأت تتفوّق على صلاحيات القائد الرمز، وإبقاء (أبو اللطف) بلا دائرة، سوى دائرة تحركه بين تونس، وعمّان، ودمشق...
اقترح أحدهم همسا، فالحيطان في رام الله لها آذان ـ أن يُغيّروا اسم الدائرة السياسيّة بعد استحواذ أبو مازن عليها، ووفقا لمهامها الجديدة المتوقعة: دائرة الانتقام!
المُخطط:
الدكتور أحمد مجدلاني وريث الراحل سمير غوشة، مُنح دائرة التخطيط!
صحتين..هو فعلاً موقعه المناسب، فهو منذ كان يدرس في بلغاريا العلوم السياسيّة..كان يخطط، وياما خطط، وها هو ارتفع إلى منصب مناسب طالما تاقت نفسه له ..وقد شوهد في رام الله وهو يرتدي بدلة مخططة بخطوط عريضة تعلن عن فرحته بدائرته!
أبو علاء الأيوبي!
أبو علاء رجل المهمات الصعبة، لم ييأس، فهو بعد فشله في مركزية فتح، عاد من شبّاك منظمة التحرير، ومن اللجنة التنفيذيّة، ولخبراته التي لا تقدّر بثمن، والتي لا يمكن لأحد أن ينكرها ..من ينكر ريادته في إنجاز معجزة أوسلو، وتقديرا لإنجازاته فها هو يبايع رئيسا لدائرة القدس، وهو قدها وقدود ..والدليل أن باراك ما أن سمع بهذا التنصيب حتى أسرع في تكملة حفر نفق العيزريّة ـ أبوعلاء من أبوديس المجاورة لها والتي يعتبرها الصهاينة مدينة داوودـ الممتد إلى جذور الأقصى!
نعم: نتنياهو قليل حياء ..و..مُحرج ..ولئيم. فما الرّد على هذه المكيدة؟!
الدكتور صائب، بحسب مصادر موثوقة، همس في أذنه:
ـ ولا يهمك؟...فاوض، ثمّ فاوض، ثمّ فاوض..حتى النصر!
اقترح أحد الفكهين الفلسطينيين العريقين أن يُستبدل لقب أبوعلاء إلى أحمد الأيوبي، تيمنا بمحرر القدس..ولماذا العجب؟ المهم استرجاع القدس بالسيف يا صاحبي (أبو سيف)، أو بالمفاوضات طويلة الأمد...
سألت صديقي على الطرف الآخر من الهاتف:
ـ هل عرفت أن تيسير خالد عيّن مسؤولاً لدائرة شؤون المغتربين؟ وقبل أن يجيب واصلت: يا صاحبي لا تستغرب، ففي الثورة الفلسطينيّة وجد اليسار غريبا، ونهايته أشد غرابة من بداياته، ولذا استحق بجدارة دائرة الاغتراب والغربة.
جاءني صوت (أبو سيف):
ـ ما عنديش حيل أضحك...
ـ ..أمّا الجنرال صالح رأفت فقد تبوأ منصب رئيس الدائرة العسكريّة!..وماذا يفعل دايتون يا حبيبي في الضفّة؟ وهل يمكن أن يسمح لصالح أن يشاركه في إعادة بناء قوّات الأمن؟
سمعت تنهدة على الخط، فسألت:
ـ عن ماذا تريدني أن أكتب يا (أبو سيف)؟! عن الحب، والفراشات الملونة، والشعر الغزلي؟!
تنهدة عميقة لفحت أذني بهواء ساخن، انبثقت من ثقوب سمّاعة الهاتف، رددت عليها بتنهدة أكثر ألما، وأنا أردد: يا لطيف الطف بنا يا رّب.
جاءني صوته عبر السمّاعة التي تبللت بعرق جبيني وخدي:
ـ سمعت أنهم عينوا اثنين كمراقبين يحضران اجتماعات اللجنة، وبصفة مراقبين..عندك تفسير؟
ـ شفت ..ها أنت تنخرط في الأسئلة والاستفسارات السياسيّة رغم قرفك من السياسة! على كل يا صاح: هذان تنطبق عليهما أُغنية فهد بلان: لركب حدّك يا الموتور، وهما سيستخدمان لتخويف عضوين عتيقين في اللجنة التنفيذية، والأربعة، الأصيلين والمُراقبين ـ يراقبان ماذا؟!ـ ينتمون لفصيلين منقسمين ..أترى كيف تدار معركة الوحدة الوطنيّة؟ العضوان المراقبان نصفان كل واحد منهما نصف عضو، له مهمة تخويفي، فإن لم يرفع الأصيلان يديهما بالموافقة على كل شيء، فلاعبا الاحتياط جاهزان للنزول إلى الملعب، بيدين مرفوعتين، وقبل أن يُطلب منهما ذلك، لأنهما يعرفان مهمتهما التي أعدها لهما راعيهما!
ياسر ممثلاً!
على فضائية فلسطين يُقدّم برنامج رمضاني مباشرة بعد رفع الآذان، بعنوان (وطن على وتر).
أحسب أن من وضع العنوان قصد الوتر المشدود الذي تُعلّق عليه فلسطين، وليس وتر العود لزوم الطرب والسلطنة!
في حلقة يوم الأحد استطاع فريق البرنامج الناقد الساخر من كل شيء في الواقع الفلسطيني، ومن السلطتين المتصارعتين في رام الله وغزة، استدراج ياسر عبد ربه ليمثل مع الثُلاثي الموهوب في حلقة تتحدث عن زيارة أوباما لمناطق السلطة، والحق أن الحلقة كانت جميلة، ممتعة، وأنا ضحكت كثيرا...
ياسر عبد ربه أدّى دوره بالضبط كما يؤدي دوره السياسي في فرقة (الممثل الشرعي والوحيد)، التي وضعت وطننا على وتر أوسلو المشدود، والطريق المسدود، والتي تلهّفت على دولة ولو على خازوق، فأضاعت الدولة، وها هي تتشبّث بالخازوق!
www.deyaralnagab.com
|