logo
الحاج سليمان العزازمـة :ما زالت عيوننا تذرف دمعـاً على أرضنـا!!

بقلم : عادل العزازمه ... 18.08.2009

*[مقابله مع الحاج سليمان العزازمة]
كغيره من الرجال الذين ذرفت دموعهم كثيراً على ارض الآباء والأجداد بئر السبع . الأرض التي مازلت تبكي على أصحابها الذين هجروا منها . الذين تشتتوا في بقاع الأرض الحاج سليمان محمود احمد العزازمـة (أبو ابراهيم) واحد منهم ومن بين هؤلاء الذين دائما يستذكرون ماضيهم بدمعة تسقط من أعينهم. عندما يتذكرون ارض النقب وأيامهم الذين أمضوها هناك. ارض النقب.وبيت الشَعر. والإبل. والخيول والماشية .وزرع القمح والأصدقاء الذين ما عادوا ألا مفقودون في أماكن غير معلومة. منهم من رحمه الله بشهادةٌ ومنهم من لا يعرف أين والده تهجر به . تلك الدمعة التي لا تكفي ولا تعطي حق شيءً عن أصالة الماضي الملتصق بروح الشخص منهم. هؤلاء الرجال أبناء النقب الحبيب الذين ما زالوا في كل مجلسٌ لهم يتذكرون ويتكلمون للجيل الجديد أن النقب ما زال موجوداً فيهم ويردون أن يُورثوا هذا التلاحم والانسجام والحب الذي يعجز المعجم العربي عن كملةٌ تصف هذا الحب. للنقب ورماله أو الأرض التي عاشوا بها. وعن ملاحمهم التاريخية التي خاضوها .
عندما كنت اجلس بجوار الحاج سليمان العزازمة في فرحاً للمهندس عدنان العزازمة في منطقة الضفة الغربية في أحدى قرى مدينة بيت لحم في فلسطين في بيت الشَعر.وأحاول أن استيقظ جزء من ذاكرته لأيامه في النقب أتفاجئ بأن لديه ذاكرةٌ تحمل الشيء الكثير عن النقب .وهو ما زال يتذكر جزئيات يكد من يتحدث معه أن ينبهر به من حيث انه يتذكر ألوان الخيول التي كانوا يملكونها أو ألقاب بعض الماشية التي كانت عندهم . فحينها سألته لكي يعرفني باسمه كاملا وأتحدث معه متسائلاً عن بعض ذكرياته.
-*هل عَرفتنا باسمك كاملا يا حاج سليمان؟
أنا الحاج سليمان محمود احمد الولايده العزازمة من مواليد النقب منطقة الشقيب عام 1939م. واحدٌ من مجموعة من الأولاد للحاج محمود وقد كنت المتوسط بين أخوتي من البنات والذكور.وقد كنا أسرة تعيش في النقب الحبيب كغيرها من الأسر بطبيعتها وتقاليدها البدوية الأصيلة.
-*هل حدثتا عن الأيام التي أمضيتها في النقب؟
نعم أياما لا أستطيع أن افقد من تذكرها شيءً فمازلت أتذكر أقراني في الطفولة وما زلت أتذكر أرضنا في النقب وتحديدا منطقة الشقيب . ومازلت أتذكر شيء بغيض على نفسي. دائما أحاول أن أتجاوزه في استذكاري لما حدث معنا وهو النكبة. أيام لن تنسى. عندما تقوى الظلم وتجبر على الحق عندما خرج أهل الأرض ليسكن غيرهم فيها بكل عنوة وقسوة بغير رحمة ولا شفقة. هكذا كانت تلك الأيام الطفل يبكي. والرجل يدافع .والمرأة تبحث. تبحث عن َرجلها وعن طفلها الذين جزء كبير منهم ما فُقد وغاب أثره. لقد سمعنا كثيرا عن هذا المجموعات التي تخرج أصحاب الأرض من أرضهم(المحتل). ولكن كنت اسمع عنهم من الكبار لان عمري كان لا يتجاوزا التسع أعوام ولكن قد وصلونا وأخرجونا من ديارنا بغير حق مثل غيرنا من بلاد فلسطين.
وحاولت كثيرا مع الحاج سليمان العزازمة أن يحدثنا عن أيام النكبة وما جرى ولكن لما كان لها من واقعة مريرة على نفسه فقد حاول حقيقةٌ أن لا يستذكر هذه الأيام.
وقد تحدث فيما بعد عن ذكرياته في ارض والده الحاج محمود فتحدث عن كيفية رعاية ماشيتهم وتقاليدهم العربية الأصيلة .
فكثيرا ما كنت اسرح مع الإبل والماشية وكانت أيام عز وخير للجميع وكان الجميع سعداء بحياتهم وطرق معيشتهم ولكنها لم تكتمل هذه الفرحة ففي عام 1948م كانت تلك السنة تكاد تكون سنة وداعاً للقبيلة مع أرضها التي كانت تعانقها في الصبح والمساء . فقد تهجر أبي إلى منطقة الضفة الغربية وتحديدا إلى منطقة الخليل مسافر يطا. وفكان معظم أبناء العشيرة قد تهجروا إلى هذه المنطقة ولكننا لم نمكث بها سوا ستة اشهر فقط ومن بعدها قد غيرنا المكان إلى منطقة صحراء البحر الميت ومازلنا حتى هذه اللحظة نمكث بها ننتظر العودة إلى ديارنا . فقد تزوجت من أم إبراهيم وهي أبنت عمي وقد أنجبنا أطفالا ودائما أتذكر أنني خرجت واحدٌ مع أبي أصبح لدي أسرة تزيد عن العشرة أفراد
-*ماذا تقول يا حاج سليمان عن العودة إلى الديار؟
ارض النقب العودة أليها شيء مقدس لا يغيب عن بالي ودائما أحدث به إلى أولادي وأحفادي وأتحدث معهم عن النقب وعن ذكرياتي معه. لذا لا يمكنني أن أنسى لحظة العودة إلى النقب وفي كل صلاة أصليها إلى ربي ادعوهُ بها إلى أن يغطى جسدي رمل النقب وان ادفن فيها. وكثيرا ما أتمنى من أن أعود واسكن في النقب واشتم رائحة الشيح وان اشرب من مياهه.

أجرى المقابلة :- عـادل العزازمـة

www.deyaralnagab.com