logo
نموذج لحِد واستراتيجية الراتب مقابل الوطن , والسلطه الفلسطينيه كنموذج حاصل !!

بقلم :  د.شكري الهزَّيل ... 24.10.2009

منذ امد وتحديدا منذ حصار العراق الطويل والمضني وحتى احتلاله عام2003بدأت الامبرياليه الامريكيه ومن لف لفها من صهاينه عرب وغيرهم بادخال سلاح جديد الى منطقة المشرق العربي بهدف انهاك الشعوب والانظمه الوطنيه من الداخل وهذا السلاح ماهو الا سلاح الحصار والجوع والتجويع, فإما الرفض والقبول بالحصار والجوع او الانصياع والقبول بمعادلة الذل مقابل الغذاء الذي تطورت في العراق فيما بعد واصبحت معادلة النفط مقابل الغذاء , لكن ما لم ينتبه له البعض وقبل احتلال العراق بدأت ملامح استراتيجيه صهيونيه وامريكيه اخرى موازيه لسلاح الجوع تتطور وهي ظاهرة خلق وتكوين جيوش وحلفاء من العملاء المحليين ليكونوا بمثابةالذراع المساعده للاحتلال في فرض احتلاله ومحاربة المقاومه وهذا النموذج بدأ واضحا وتجلى في تشكيل ما سمي بجيش " جنوب لبنان" في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي وهو جيش العملاء الذي تحالف مع اسرائيل وتحديدا بعد عدوانها على لبنان عام 1982 وانيطت به مهمة التصدي للمقاومه اللبنانيه والفلسطينيه ومساعدة الاحتلال الاسرائيلي في ترسيخ وجوده واحتلاله لجنوب لبنان وفي المقابل صرفت اسرائيل لهؤلاء العملاء رواتب شهريه منذ البدايه و حتى هزيمتهم مع اسرائيل على يد المقاومه اللبنانيه في عام 2000 وهروب انطوان لحد الى تل ابيب وتشتت فلول جيشه الهارب وانهياره بالكامل,, وبالتالي كانت وما زالت ظاهرة سعد حداد وانطوان لحد وجيش لبنان الجنوبي ليست ظاهره عابره لابل انها شكلت ركن من اركان الاستراتيجيه الصهيونيه والامريكيه في تصورهما لفرض الهيمنه والاحتلال على العالم العربي والى حد ما العالم الاسلامي, بمعنى بسيط ومبسط وكما هو واضح رأت الامبرياليه الامريكيه والاحتلال الصهيوني في اتفاقية اوسلو 1993 وتشكيل السلطه الفلسطينيه كمنفذ او كمنطلق لمحصله حاصله وعائده الى تجربة لحد و هي ان تصبح سلطة اوسلو في يوم من الايام نسخة معدله من انطوان لحد وجيش لحد ضمن معادله: تقديم الخدمات للاحتلال مقابل ضمان الرواتب لمنتسبي اجهزة السلطه بشقيها العسكري والمدني , ولكن قبل ان نسهب في دور سلطة اوسلو ودعمها للاحتلال الاسرائيلي فلابد اولا من شرح استراتيجية تعميم نهج لحد واستراتيجية الراتب والغذاء مقابل الوطن على العالم العربي والاسلامي وذلك على النحو التالي:
1. منبع الفكره[ نهج لحد] : مما لاشك فيه ان فكرة خلق العملاء والحلفاء قد رافقت الاستعمار والاستكبار الغربي والامبريالي على مدى التاريخ واينما حل الاستكبار والاحتلال كان هنالك متعاونيبن ومخبرين وعملاء الى حد ان الكاتب فرانس فانون الذي كتب كثيرا عن الاستعمار الفرنسي والغربي في افريقيا والجزائر ذكر في احدى كتاباته ان الاستعمار الفرنسي كان يمول رحلات الحج للمتعاونين معه, وعليه يترتب القول بانه لايمكننا ان نخوض في تفاصيل هذه الظاهره بشكل كامل[ تاريخها طويل وشائك], لكن بامكاننا ان نشير الى بعض الامثال القريبه زمنيا وهي: ان هزيمة فرنسا في الجزائر افرزت ظاهرة عشرات الالاف من العملاء الجزائريين الذين هربوا مع قوات الاحتلال الفرنسي الى فرنسا في ستينات القرن الماضي,, وهزيمة امريكا في فيتنام[ستينات القرن الماضي] اسفرت عن هروب عدد كبير من العملاء مع المحتل الامريكي واعدام عدد كبير منهم في فيتنام من لم يتمكنوا الهروب وتم القاء القبض عليهم من قبل الثوار الفيتناميين, وابان الانتفاضه الفلسطينيه الاولى وبعدها1987 هرب الكثير من العُملاء والجواسيس الفلسطينيين الذين تعاملوا مع الاحتلال ضد شعبهم الى الداخل الفلسطيني حيث وطنتهُم اسرائيل في اكناف المناطق العربيه الفلسطينيه في الداخل, وبعد هزيمة جيش الاحتلال الاسرائيلي في جنوب لبنان عام 2000 هرب منتسبي جيش لحد مع الجيش الاسرائيلي, وهُم والعملاء الفلسطينيين يعيشون اليوم في بلاد الديار الفلسطينيه في اسوأ الاحوال المعيشيه والانساتيه.. مُلقى بهم على هامش الحياه !!..... النتيجه : منبع الفكره قديم ولكنه تطور في شكل ومسلكية ودور لحد في جنوب لبنان كنموذج احتذى فيه فيما بعد في فلسطين وافغانستان والعراق, وهذا ما يقودنا الى المرحله الثانيه وهي:
2. تطبيق وتوسيع فكرة نهج لحد[ افغانستان والعراق]: مما لا شك فيه ان نظام كرزاي في افغانستان كان تتويجا لفكرة لحد واستراتيجية الراتب مقابل الوطن وبالمناسبه وقبل ان تحتل امريكا افغانستان عام 2001 وتسقط نظام طالبان, قامت بحصار طالبان وتجويع الشعب الافغاني, ومن ثم تحالفت مع ميليشيات افغانيه شماليه وشكلت توليفه عميله مسانده للاحتلال الامريكي برئاسة كرزاي الذي يتقاضى ر اتبه ورواتب موظفيه وجيشه من جيش الاحتلال الامريكي لابل ان ضباط الجيش الامريكي يدفعون المال مباشرة لشيوخ القبائل في افغانستان لشراء ذممهم وكسب تأييدهم للاحتلال الامريكي وكرازاي. ولكن ما جرى في العراق هو الاكثر اهميه ولافتا للنظر حيث ماجرى يشير الى ان الامبريالية الامريكيه قد طوَّرت نهج لحد والراتب مقابل العماله للاجنبي والوطن اولا من خلال انهاك العراق بواسطة الحصار الذي فرض عليه منذ العام 1991 وحتى احتلاله عام 2003 وثانيا من خلال فرض معادلة الغذاء مقابل النفط وفيما بعد اسقاط النظام من خلال تحالف الاحتلال الامريكي مع ميليشيات عميله [ الحكيم, جلبي,طلباني, برزاني وغيرهم] وانشاء نظام لحد جديد موسع من خلال تنصيب العُملاء في خضراء بغداد وحل الجيش العراقي وانشاء جيش عراقي[ لحدي] موالي بالكامل للاحتلال ويخضع لاوامر لتصبح المعادله في العراق في اطر اوسع وعلى نطاق دوله كامله يحكمها بالاساس نهج لحد في لبنان واستراتيجية العماله والراتب مقابل الوطن.. الاحتلال الامريكي هو الذي شكل الجيش العراقي الجديد؟ واجهزة الامن العراقيه وهو عمليا وفعليا من يدفع الراتب للمالكي وجيشه واجهزته, وهذا الجيش واجهزته ورؤساءه يقدمون الخدمه للاحتلال الامريكي مقابل ضمان وجودهم ورواتبهم..سواء يغيض هذا ام لم يغيظ الاخرين : فكل التركيبه اللحديه في العراق من خضراء بغداد ومحتوياتها ومرورا بالبرلمان وكذبة الانتخابات وحتى "الجيش العراقي"؟ هي في الجوهر تطوير لفكرة لحد والراتب مقابل الوطن.. بالمحصله: صار كل الوطن العراقي رهينه في يد الاحتلال في اطر الراتب مقابل الوطن او بالاحرى حكم العملاء مقابل الوطن.. تبادل خدمات بين الاحتلال الامريكي وعملاء ه في العراق... نموذج لحد موسع!
3. الحاله الفلسطينيه[سلطة اوسلو] : كما ذكرت في بداية هذا المقال فان اسرائيل وامريكا عندما عقدا مايسمى باتفاقية اوسلو مع التيار الفلسطيني المتنفذ كانا يأملان ويهدفان ان يكون تشكيل ما يسمى بالسلطه الفلسطينيه منطلقا لنتيجه ومحصله نهائيه تجعل سلطة اوسلو نموذجا اخر متطور لنهج ونموذج لحد وجيش لحد في جنوب لبنان وفي اطر استراتيجية الراتب او الغذاء مقابل الوطن, والملاحظ ان جميع القوى العالميه والاقليميه العربيه اللتي شاركت في حصار العراق وذبحه من الوريد الى الوريد و فرض معادلة الغذاء مقابل النفط وفيما بعد إحتلال العراق وإسقاط النظام وفرض استراتيجية لحد والراتب مقابل الوطن, هي نفسها اللتي شاركت و تُشارك اليوم في ذبح القضيه الفلسطينييه وحصار غزه وشاركت في تنصيب حكومة مجلس حكم كرازاي ونموذج لحد في رام الله .. لاحظوا معنا ان غزه محاصره منذ امد طويل ومدمره منذ العدوان الاسرائيلي الاخير والمعادله واضحه وهي: استسلموا.. تسلموا.. والغذاء مقابل الوطن, بمعنى بسيط اعيدو[ حماس وغيرها] غزه الى حكم كرزاي فلسطين وتعاونوا مع الاحتلال الاسرائيلي والامبرياليه الامريكيه ومن ثم ستُمطر السماء عليكم غذاءا ودواءا وتزدهر غزه وينعم سكانها بالغذاء والامن... معادله واضحه!...من الواضح ان ما هو جاري للشعب الفلسطيني في مناطق الضفه والقطاع منذ امد وخاصة بعد اقتلاع جذور نهج لحد من غزه, يسير ضمن خطه مبرمجه تهدف الى تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني وتيئييسه وتركيعه من خلال سياسة الحصار الاقتصادي والعسكري والتجويع على وجه التحديد!,... ولذلك ومن وجهة نظر امريكيه واسرائيليه: لا بُد من حجب الماء والكهرباء والوقود ورغيف الخبز عن الشعب الفلسطيني في غزه ودعم اللحديون الجدد في رام الله, بمعنى بسيط:إما الخبز والاحتلال والفاسدين الفلسطينيين.. او الوطن!!.. لاحظوا معنا وركزوا في هذه التشكيله الجديده: ماجرى بعد عام 2007 [ كحت عباس ودحلان من غزه] ان وكر رام الله قد صار واضح المعالم والمهام ويتبادل المصالح مع الاحتلال الاسرائيلي ويشاركه سوية مع عرب الرده في حصار غزه بهدف فرض معادلة الراتب والغذاء وتوسيعها جغرافيا من رام الله الى غزه, بمعنى بسيط لحد رام الله وجيش دايتون التابع له يخدم الاحتلال الاسرائيلي وفي المقابل يضمن حماية وجوده ويوفر الراتب لمنتسبي اجهزته وهياكله العامه وفي نفس الوقت يحاول لحد رام الله فرض معادلة الراتب مقابل الوطن على غزه.. ايِدو عباس تحصلوا على راتب وغذاء من خزينة ومخازن امريكا واسرائيل.. لاحظوا كيف يظهر المرشيُون الفلسطينيون على شاشات الفضائيات ويكيلون المديح لرئيسهم عباس... يا عيب الشوم !.. نعم هذا هو الواقع : هؤلاء بالنسبه لهم عباس والراتب هو الوطن فل تذهب فلسطين[ من وجهة نظرهم] الى الجحيم !! بمعنى بسيط : نجحت اسرائيل وامريكا من تطبيق نموذج لحد والراتب مقابل الوطن لتخلق جيش من المرتزقه الفلسطينيين الذين يرتزقون من راتب عباس ويتعاملون مع الاحتلال ويقدمون له الخدمات المخابراتيه ويلاحقون كل اشكال المقاومه ضد الاحتلال!!.. الشعب الفلسطيني شعب جبار ومثقف ووطني ولم يُصدق حتى الان ان هذا حدث ويحدث في صفوفه!. يبدو انه في حالة ذهول وصدمه مرحليه! .. نعم علينا ان نصدق:: هذا واقع حاصل وما تشكل في رام الله هو جيش الراتب مقابل الوطن!! لابل جيش الراتب الذي يطالب بمحق حماس ويسحب تقرير غولدستون ويتهم حماس بتهويل الامر ويتناسى ان الشعب الفلسطيني وكل الشعب الفلسطيني وليست حماس هو الذي قاد انتفاضة الرفض لنهج الخونه الذين سحبوا تقرير غولدستن واجبرهم على العوده بالتقرير الى مجلس حقوق الانسان...هم عادوا بالتقرير مكرها اخاك لا بطل, ولكنهم لن يعودوا عن نهج لحد واستراتيجية الراتب مقابل الوطن... هؤلاء عبيد الراتب ارادوا ويريدون تقزيم القضيه الفلسطينيه وإيصالها الى هذا الحَد والمستوى المُقطَّع جغرافيا وسياسيا كماهي الان, وتحويل القضيه الفلسطينيه برمتها الى قضيه إجتماعيه ومعيشيه يُطالب فيها الفلسطينيون فقط بحق العيش ودفع رواتب الموظفين والمحتاجين الجوعى, لتصبح القضايا الاساسيه مثل الارض والحقوق والاحتلال والقدس واللاجئين قضايا ثانويه وغير مهمه بالنسبه لنهج لحد وجيش الراتب وميليشياته التي تُرهب الشعب الفلسطيني جنبا الى جنب مع الاحتلال الاسرائيلي !!... الجاري في رام الله هو تطبيق حرفي لاستراتيجية نموذج لحد والراتب مقابل الوطن... عملاء يتعاملون مع الاحتلال الاسرائيلي على اساس ضمان المكان والراتب لحاشيتهم... الشله القابعه في وكر رام الله لا تمثل الشعب الفلسطيني لابل هي وكيله للاحتلال!! وحتى نكون صادقين ومتوازنين لاحماس ولا فتح تمثل ايضا الشعب الفلسطيني وقوتهما بين صفوف الشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا لا تشكل نسبه تؤهلهم بتمثيل الشعب الفلسطيني...طبعا لا مقارنه هنا بين وضعية حماس ووضعية وكر رام الله...فقط للتذكير!!
من الواضح ان لحد فلسطين يقول للشعب الفلسطيني:عليكُم ان تدفعوا الثمن من خلال الحصار والجوع والقصف والدمار الى حين تقبلوا بفتات الحقوق والخبز وبحكم الفاسدين وشروط الاحتلال!!... حينها سنشبع بطونكم وندفع رواتب للتابعين!!!..و طالما هذا لم يحصل من وجهة نظر امريكا ومشتقاتها!: فسيبقى سيف التجويع والتركيع مُسلط على رقاب الشعب الفلسطيني في الضفه والقطاع!!!...
الوضع الفلسطيني تعدى مرحلة وكذبة الارض مقابل السلام وطريق خارطة طريق اسرائيل وكرازاي ودولة وعد الفاشي بوش ووعود اوباما الكذاب والعاجز... الان وصل الموس الى لحية الحق الفلسطيني الذي حولهُ لحد فلسطين الى قضية لقمة خبز ومدى قبول الفلسطينيون معادلة: الراتب والخبز مقابل الوطن والقبول بالاحتلال وحكومة جيش الراتب مقابل الوطن !!
واخيرا وليس اخرا ومن الواضح ان الحاله الفلسطينيه الراهنه اصبحت واضحه ومفروزه وانتفاضة الرفض الفلسطيني العارمه ضد سحب تقرير غولدستون قد فرزت الو ضع والاتجاه الفلسطيني الى اتجاهين متعاكسين الاول اتجاه وطني ذو اكثريه ساحقه والثاني اتجاه لحدي عميل شعاره الراتب مقابل الوطن ويحظى بتأييد الاحتلال الاسرائيلي ويتحالف معه ضد الشعب الفلسطيني والنتيجه الحتميه ان الاتجاه الاول ذو التوجه الفلسطيني الوطني مرغما اجلا او عاجلا على محاربة الاحتلال ومشتقاته والنضال ضد جيشين وهما جيش الاحتلال الاسرائيلي وجيش لحد والراتب"" الراما لاهوي" نسبة الى رام الله.... هذه هي الحقيقه واضحه وحتى ولو كانت مره والاسئله المطروحه : ما معنى المصالحه الفلسطينيه مع هكذا نهج؟؟ وحتى ولو تصالحت حماس وفتح ووقعتا الف ورقه!؟ فهل يؤتمن لحد وجيش الراتب على حقوق الشعب الفلسطيني؟؟ .. هذا هو مربط الفرس !!!

*كاتب فلسطيني , باحث علم اجتماع, ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونية

www.deyaralnagab.com