حنا مينا: هل هي نهاية الرجل الشجاع؟؟!
بقلم : عطا مناع ... 21.11.2009
نشرت صحيفة تشرين السورية الحكومية إعلانا جاء فيه: لأسباب خاصة أرغب في بيع التحف الأثرية التي أملكها، وبالسعر الملائم، العنوان برزة مسبق الصنع- المرحلة الرابعة على اليمين- خزان الكهرباء مباشرة- بناء 47 الطابق الأول حنا مينا 25/10/2009.
نفس الصحيفة كانت نشرت بتاريخ 18/8/2008 وصية الروائي السوري المعروف حنا مينا والتي قال فيها: لقد عمرت طويلا حتى صرت أخشى ألا أموت، بعد أن شبعت من ألدنيا، وقال.........
لقد كنت سعيداً في حياتي، فمنذ أبصرت عيناي النور، وأنا منذور للشقاء، وفي قلب الشقاء حاربت الشقاء وانتصرت علية.
جاء في وصية حنا مينا أنة لا يرغب أن يذاع خبر موته في أية وسيله إعلامية، وقال لقد كنت بسيطا في حياتي، وارغب أن أكون بسيطا في مماتي.
لا جنازة ولا لباس أسود ولا حفله تأبين فالذي سيقال في موتي سمعته في حياتي،هذه التأبين منكرة، منفرة، مسيئة ، يحملني لأي قبر أربعة أشخاص مأجورين من دائرة دفن الموتى، وبعد إهالة التراب علي ينفض الجميع ويعودون إلى بيوتهم فقد انتهى الحفل......
كل ما سبق تناقلتة الصحف والمواقع الالكترونية عن رجل وهب حياته للهدف الذي وضعة نصب عينية، هو صاحب رواية نهاية رجل شجاع، هو حنا مينا الذي عاش الفقر في حي المستنقع، وهو الذي عمل حمالاً وبحاراً وحلاقاً ومصلح دراجات.
هو الذي عرف العمل الحزبي مبكراً، كان عمرة 12 عاماً، ناضل ضد الانتداب الفرنسي وعاش المطاردة والاختفاء والنفي.
هو الذي قال عن نفسه: أنا كاتب الكفاح والفرح الإنسانيين، وهو الذي قال: لحمي سمك البحر، دمي ماؤه المالح، صراع مع القروش كان صراع حياة، أما العواصف فقد نُقشت وشماً على جلدي.
حنا مينا الذي مل الحياة وما فيها كغيرة من روافع الفكر العربي يتخذ موقفاً صارماً من محيطة الذي لم يفهم ما حاول أن في أكثر من ثلاثين رواية كانت الهدف بالنسبة له.
أنة الاحتجاج المقدس على المرحلة والنظام، الاحتجاج على الرفاق وعلى القاريء المنغمس في سلبيته، وهو تتويج فاق حدود العقل والمنطق لحياه تستحق الحياة، هو لا يريد أن يحمل إلى قبره على أكتاف انحنت للعاصفة، ولا يريد كلمات التأبين الكاذبة، بالفعل ما أكذبنا عندما نؤبن عظماءنا، وهو بذلك يتفق مع الشاعر العراقي مظفر النواب عند قال في قصيدة..في الحانة القديمة.............ولون الدم يزور حتى في التأبين رمادياً ويوافق كل الشعب أو الشعب وليس الحاكم أعور.
وبالمناسبة فأن شاعرنا العراقي مظفر النواب ليس أحس حالاً من كاتبناً حنا مينا، وكأن لعنة الأنظمة وتخلف الشعوب تلاحق نخبة المجتمع من كتاب وشعراء ومبدعين.
عندما يجاهر حنا مينا ببيع مقتنياته وبمعنى آخر ثمرة حياته ليعتاش، فهذا يعني أننا مجتمعات لا تستحق الحياة، هذا يعني أننا مجتمعات بدائية تسير إلى نهايتها على غير هدى، مجتمعات فقدت البوصلة وانحنت لظاهرة العهر الفكر التي تجتاحها، هذا يعني وكما قال الشاعر العراقي مظفر النواب أن القهر يزني بنا، ففكرنا كاذب، وخبزنا كاذب، وأشعارنا كاذبة.
وفي زمن ألعم سام والانحطاط العربي تفقد ألأشياء قيمتها، وتتغلب السلعة على الفكرة، وفي زمن التيه العربي يباع الفكر والشعر على الأرصفة، في هذا الزمن يخضع المبدعون للإقامة الجبرية الاختيارية وتحرق منتجاتهم طوعا وبلا أحكام ومحاكم.
لقد جاء الزمن حلت فيه الخلاعة والجنس المباح محل الروائع، وفي زمننا أخذت غابت رواية نهاية رجل شجاع، والمصابيح الزرق، والمستنقع، والثلج يأتي من النافذة، حدث في بيتاخو، واليا طر، والشراع والعاصفة، لتحل محلها الأغاني الساقطة التي يسمونها فناً، أغاني اللحم الرخيص التي تجتاحنا أمثال بوس الواوا، أنت داري كده.
هي نهاية الرجال الشجعان، رجال الهدف، ألأسماء مختلفة، ألتسابه بين الوجوه، حنا مينا، غسان كنفاني، ألشيخ أمام، ناجي ألعلي، والملايين الذين عاشوا الهدف وساروا اتجاهه وصنعوا الحياة لشعوب تستحق الحياة.
www.deyaralnagab.com
|