بيان حول تقرير :"متعطشون الى العدل: القيود على سبل حصول الفلسطينين على المياه"!!
بقلم : الديار ... 04.11.2009
على اثر الحقائق التي اعلنتها منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر بتاريخ 27/10/2009 حول السياسات والممارسات الاسرائيلية الممنهجة والهادفة الى تعطيش الفلسطينيين ونهب مصادر المياه وتلويثها في الضفة الغربية وقطاع غزة، يحذر المركز الوطني لحقوق الانسان مما آل اليه الواقع المأساوي للانسان الفلسطيني وانعكاس ذلك على تمتعه بحقوقه الاساسية التي كفلتها المعايير الدولية لحقوق الانسان، سيما وان هذه السياسات الاسرائيلية تشكل انتهاكات خطيرة وجسيمة للحقوق الانسانية التي كفلتها الإعلانات والاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان التي صادقت عليها الحكومة الاسرائيلية، واهمها: الحق في الحياة، والحق في المساواة وعدم التمييز، والحق في مستوى معيشي ملائم، والحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية، والحق في مياه شرب كافية ومأمونة ونظيفة، والحق في توفير خدمات الصرف الصحي، والحق في بيئة سليمة.
ويرى المركز الوطني لحقوق الانسان ان تقرير منظمة العفو الدولية يمثل صـرخة استغاثة مدوية تدق ناقوس الخطر في وجه المجتمع الدولي ومؤسساته المختلفة من اجل وقف سياسة النهب المائي التي تقوم بها الحكومة الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية، ووضع حد لحالة الاكراه والاجبار التي يعيشها الفلسطينين تحت ظروف مزرية ومزمنة من شح المياه تعرض حياتهم للخطر الشديد.
وإذ يحث المركز الوطني لحقوق الانسان المنظمات الدولية الحقوقية والانسانية منها على فضح السياسيات الإسرائيلية التي تهدف الى حرمان الفلسطينيين من الماء كوسيلة للتطهير العرقي؛ من خلال التنكيل بهم بوسائل شتى كإصدار مراسيم قضائية بمصادرة أراض غنية بالموارد المائية ومنع تطوير أية مصادر مائية جديدة، وهدم المنازل والطرقات، وردم الآبار، وتدمير شبكات المياه وانظمة الصرف الصحي، وإتلاف المحاصيل الزراعية والإعلان عن أماكن واسعة مناطق عسكرية مغلقة ممنوعة الدخول، فانه يؤكد اهمية إدارج موضوع المياه كجزء من المنهج الحقوقي في تعامل هذه المنظمات التي كانت تخشى الحديث عنه او ابرازه بشكل أساسي في اهتماماتها بوصفه موضوعا سياسيا.
وينوه المركز الوطني لحقوق الانسان الى أن حرمان الفلسطينيين من المياه واستهداف هذا القطاع الحيوي بوصفه مرفقا مدنيا حيويا بالممارسات التي وثقها تقرير منظمة العفو الدولية؛ يعتبر انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الانساني الذي يحمل دولة الاحتلال مسؤولية رفاه السكان الفلسطينيين، حيث تقضي المادة 3 المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع بالمعاملة الانسانية للمدنيين، ويشمل ذلك تزويدهم، أو السماح بتأمين الضروريات لبقائهم على قيد الحياة بما فيها توفير المواد الغذائية والإمدادات الطبية والمأوى، والحصول على مياه الشرب النظيفة والآمنة، وخدمات الصرف الصحي والنظافة الشخصية. كما تؤكد المادة 56 من اتفاقية جنيف الرابعة على واجب دولة الاحتلال في الحفاظ على الصحة العامة والشروط الصحية العامة في الأراضي الأرض المحتلة، ويتطلب تحقيق ذلك في جزء هام منه توفير مياه الشرب النظيفة ومرافق الصرف الصحي الملائمة. بالاضافة الى ان المادة 54 من البروتوكول الاول الملحق بالاتفاقية، والتي تعتبر قاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي النافذة بصرف النظر عن انضمام إسرائيل إلى البروتوكول أم لا، تنص على أنه يحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري، إذا تحدد القصد من ذلك في منعها عن السكان المدنيين أو الخصم لقيمتها الحيوية مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على النزوح أم لأي باعث آخر.
ويشير المركز الوطني لحقوق الانسان الى ان تقرير منظمة العفو الدولية كشف النقاب عن مدى التمييز الذي تتسم به سياسات وممارسات إسرائيل في حرمان الفلسطينيين من حقهم في الحصول على المياه، وهو ما لا يقر به القانون الدولي لحقوق الانسان ويدينه بوصفه ينكر العدالة والكرامة الادمية ، حيث تستهلك إسرائيل ما يزيد على 80% من مياه الينابيع الجبلية التي هي المصدر الوحيد للمياه بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية، بينما لا يحصل الفلسطينيون إلا على 20 % من منها. وفي حين لا يكاد يصل الاستهلاك اليومي للفرد الفلسطيني إلى 70 لتراً من المياه، يتجاوز الاستهلاك اليومي للفرد الإسرائيلي 300 لتر، أي أربعة أضعاف ما يحصل عليه الفرد الفلسطيني، وفي بعض المجتمعات الريفية يحافظ الفلسطينيون على بقائهم بالحصول فقط على ما لا يصل إلى 20 لتراً في اليوم للشخص الواحد، وهو الحد الأدنى للاستعمال المنـزلي في حالات الطوارئ، علما بان معدل حصة الفرد اليومية من المياه وفقا لمواصفات منظمة الصحة العالمية تقدر بنحو 150 لتراً في اليوم. هذا بالاضافة الى منع قوات الاحتلال لسكانها القرى الفلسطينية من جمع مياه الامطار بغية ترحيلهم القسري عنها.
وفي المقابل، خلص التقرير الى ان المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وعلى نحو ينتهك القانون الدولي، يملكون مزارع مروية بمياه غزيرة وحدائق وبركاً للسباحة، فيستعمل المستوطنون الذين يبلغ عددهم نحو 450,000 مستوطن، مياه تزيد في كميتها عما يستعمله إجمالي السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة. أما في قطاع غزة، الذي يأتي 90% من مياهه من مصدر وحيد هو الحوض الساحلي، فالمياه ملوثة وغير صالحة للاستهلاك البشري نتيجة نضوح مياه البحر ومخلفات الصرف الصحي اليها والافراط في استخراجها. وقد أدت القيود المشددة التي فرضتها إسرائيل على دخول المواد والمعدات الضرورية لتطوير وإصلاح البنية التحتية في غزة إلى مزيد من التدهور في الوضع المائي وحالة الصرف الصحي، اللذين وصلا إلى تخوم الأزمة.
وأوضح التقرير أن المستوطنات الإسرائيلية تلعب دورا رئيسيًّا في تلويث مياه الخزان الجوفي في الأراضي الفلسطينية، حيث إن جزءا من مياه الصرف الصحي الناتجة عن المستوطنات الإسرائيلية تتسرب إلى الأودية والأراضي الزراعية المجاورة، وتتسرب من خلال التربة إلى خزان المياه الجوفي، وبين أن ذلك أدى إلى تفاقم المشاكل البيئية والمكاره الصحية .
كما يشير المركز الوطني لحقوق الإنسان إلى استنزاف مياه نهر الأردن وتلويث مجراه جراء تحويل اسرائيل للنهر المقدس إلى مصرف صحي يتم التخلص فيه من مخلفات برك الاسماك والمياه العادمة للمستوطنات في الأراضي المحتلة، مما يشكل مساسا بالحقوق المائية وتدميرا لتوازن المنظومة البيئية في منطقة وادي الأردن.
وفي هذا السياق، يدعو المركز الوطني لحقوق الانسان المجتمع الدولي والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الى القيام بواجباتهم تجاه السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك بإلزام إسرائيل بمسئولياتها القانونية، واحترام مبادئ القانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان، والتحقيق في الانتهاكات التي تضمنت استهداف المدنيين والأعيان المدنية، بما فيها ذلك تقديم الإسرائيليين الذين ارتكبوا، أو أمروا بارتكاب هذه الانتهاكات إلى المحاكمة وفقًا لما ينص عليه القانون الدولي.
كما يطالب المركز المنظمات الدولية الحقوقية الى فضح الممارسات الاسرائيلية في استنزاف المياه الفلسطينية وتلويثها وجعلها غير صالحة للاستخدام الآدمي والكشف عن حجم التلوث الذي لحق بالبيئة والاثار السلبية لهذه الممارسات على حقوق الانسان الفلسطيني وحرياته الاساسية، ويحثها على الضغط على المجتمع الدولي، دولا ومؤسسات، لاجبار إسرائيل على إنهاء تلك السياسة المنظمة القائمة على انتهاك الحقوق الاساسية للشعب الفلسطيني، لاسيما تلك المنظمات الحقوقية في الدول المانحة التي يقع على عاتقها بشكل خاص الضغط على حكوماتها لوقف تدمير القوات العسكرية الاسرائيلية لمشاريع البنية التحتية المائية في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
ان المركز الوطني لحقوق الانسان يدعو كل المنظمات المعنية بالحقوق والعدالة الى مضاعفة جهودها سعيا نحو وقف انتهاكات حقوق الانسان والقانون الدولي لحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية المحتلة وتحقيق العدالة والكرامة الانسانية دون تأخير.
بيان: المركز الوطني لحقوق الإنسان.. الاردن / عمان
www.deyaralnagab.com
|