logo
عيون ومرايا الصوت!!

بقلم : ريم عبيدات ... 26.01.2010

هو مرآة المرايا، وزئبق الساق في أوصالها، صفحة الماء التي عبرها وعليها تتأتى وتتناظر كافة المعاني . فهي الارتداد الأهم للروح إلى طرقاتها المديدة والضيقة كما امتداداتها الأعمق والأرحب . و نافلة الخطاب، خيره وشره، بقوته وضعفه ونهاره وليله .
سفينة الروح والذاكرة والتاريخ التي تتراكض على متنها المعاني تارة وتتأرجح تارة، وتسافر الى الأرواح والأذهان والنفوس والقلوب تارات وتارات .
الصوت حالة متألقة من الثقافة والتجلي، عبر كائن يسكن اهتماماته، وينسدل عبر أثير قراءاته وكتبه وموسيقاه واهتماماته وأسفاره . قدرة فائقة على الصدق والإفصاح عن مكنونات المنجز البشري التي تصهل بعيداً في أعماق مغاور تتسلل إليها فتختبئ عميقاً في رحلتها إلى التجوهر .
للصوت نهار الوضوح والضياء والفكرة والتجدد والعمل والإنجاز، وللصوت أيضا مساؤه وليله المتجلي هدوءاً وخشوعاً، وحميمية ودفئاً، وللصوت ما بينهما من تفاصيل الدرجات اللونية لأشعة النهار وبنفسج المساء .
للصوت صيفه وشتائه، كما فصول اخضراره وابيضاضه، وتقلبه عبر كافة ألوان الطيف والمعاني .
عبره تأخذ مرآة الأهم التي تعكسنا وتدفع بنا إلى ظاهر ذواتنا، فنرى الآخر ويرانا بعيون روحه التي تمتد من أذنه لقلبه لروحه ولكافة تفاصيله المرئية والمختبئة عميقاً في ثناياه البعيدة .
علماء الاتصال وفهم الذات البشرية والخريطة الإنسانية جعلوه قائد أوركسترا المسيرة، وسلموه مقعداً مهماً في قمرة القيادة في النجاح الاتصالي الإنساني الذي يرسم لصاحبه موقعه من خريطة الحياة . إذ يثبتون طوال الوقت عظمة المسافة التي يحتلها من كعكة الرسالة ونجاح الفكرة الاتصالية ونفاذها الأخاذ أو المرتبك إلى آخر يسمعنا أيضاً بأذنين وأرواح وذاكرة وتاريخ مقابل .
وعلماء النفس جعلوه أداتهم الشفيقة لاستجلاب الصحة والاعتلال، القوة والضعف، الصدق والادعاء في التعرف إلى آخرين يبثونهم أدق التفاصيل والهموم والآلام .
علماء التسويق وجدوا فيه سرهم الباتع في رحلة التأثير والريادة .
في الصوت انكشافات الكائن الى أرفع ما يكون، تجليات ثقافته واهتماماته، عمقه وجديته . في موسيقاه اختباءات أكوان تسكننا ونسكنها . فيه تاريخنا المعلن والمختبئ، تفاصيلنا الممتدة من بواكيرنا القادمة الى بواكيرنا المغادرة، عبر رحلة كونية تتمدد بقوة وثقة على تضاريسنا كلها ودفعة واحدة، فتارة هو الجبل بشموخه واعتداده بقدراته الأخاذة على الصمود والتموضع، وتارة اخرى هو الغابات، بضجيجها وتنوعها وأشجارها الكثيفة وينابيعها اللامعة . وثالثة هو صحراء يكتنفها الغموض بشكله الأبهى ورماله الذهبية والحمراء إلى ما لانهائيات المعاني .
وفي تدريب الصوت وتجلي عبقريته الفاتنة تجربة بحجم الكون، إذ اشتغلت ببلورته حضارات وحضارات ليعزف أحلى ألحان المخيلة، وليقول ما تريد أرواحنا قوله برخامه وقوة وتضاريس ومعانٍ . ففيه طاقة لا نهائية على الإشعاع والجذب والإمتاع، فيما لو أمعنا العمل في اكتشاف موسيقاه الكامنة في جميع أصوات البشر باختلاف مبدع .


www.deyaralnagab.com