logo
المرأة ومسارات شاردة في العراء!!

بقلم : رحاب حسين الصائغ*  ... 04.09.2009

العالم يتأثر بقوة في كل ما يتعلق به، ويهزمه الزمن لأنَّ الزمن متجدد الشباب، أما التنوعات من حولنا قد تكون معتوهة، وكلنا ممسك بما تدوس قدماه، لا يهمنا ما تكسر من احلام معلقة حد التربع منذ الولادة في حياة المرأة، نسمع آهاتها من حولنا، واصوات ارتطاماتها المنكفئة فوق المكان والزمان والحدث، وما تمر به من خشخشات متداخلة بسير مساراتها اليومية، مهما علا شأنها نجدها لا تخرج من دائرة العذاب وسلاسله المحيطة بها، اما المرأة دائمة البحث عن لمسة ضوء تتصدر كل خطوطها وبجدارة عالية تعمل على إزاحة كل الخرافات من امامها، وتقدم انعكاس لواقعها بعمق قوتها على انها حقا ذلك الانسان الذي بدونه الحياة لا معنى لها ان غابت او غيبت، في الشعر المرأة حاضرة؛ بعكس وجودها في الحياة اليومية يعمل على تهميشها بطرق شتى، الشعر اولاً لغة يعبر بها عن أدق وحدات الحياة، لأي أمة اوشعب قائم بكل معاناته، عن مدى تقدمه او اندثاره او علامات التخلف في واقعه، ومن ثمة الشعر مادة حية، وجميع مفرداته التي تتكون منها الصورة الشعرية، الشعر مصدره الكلمات التي في الاصل تعبر عن معنى معروف ودال، وتعني للخاصة والعامة مكوناتها اللغوية، وعندما تتصدر تلك اللغة "المرأة " بصورة شعرية تهدف الى ايضاح موقف قد يعجز غير الشاعر او الشاعرة عن التيان به بضم المفردة الى عبارته شعرية، عندها نعلم معنى تلك المفردة وما قوتها ودلالتها وحقيقة وجودها، وتلك المفردة " المرأة " دائما نجدها في صميم اغلب القصائد الشعرية، وبعدت صفات ( أم / زوجة / اخت / حبيبة / رفيقة درب في قضيةٍ ما / ابنة / صديقة / زميلة ) الشخصية المؤثرة في حياة الرجل وبكل اوجه الحنان المتعلق بالارض، والحب الذي يعلم كيفية الاحساس بالحياة والتفاعل معها، والقوة والماضي والذكريات الجميلة، والاشياء المشجعة لتحمل اي موقف غادر يمر على الانسان، ان ما يشتقه الشاعر عبرتجارب عاشها من ألفة حملتها مواقف التكتل الجميل مع المرأة، واشعرته بنسمة الحب والعودة للايام الرائعة والخوالي منها، وما تذيبه من مسافات الشوق واللوعة، يدفعه الشعر لمخاطبة لواعجه واشجانه بكل دقة استمكن منها في تلك اللحظات، فيتدفق الشعر بكل تأثيراته الفكرية وما اتنجته الهموم من واقع المجتمع والحياة، فيبدع عندها بخلق اجمل القصائد عن المرأة، ومن خلال الشعر نستطيع فهم واقع امة كتب الشعر بلغتها وما قدمته من مضامين ورموز وصور ومعاني يتحلق حولها الشاعر، ولو جمع ما كتب من شعر عن المرأة لعجزنا عن جمعها في دواوين كبيرة لا تعد ولا تحصى، للشعر نفوس تستنهض همم الحياة، وتبحث في اعماق مكونات هذا الكون والمرأة في الشعر اخذت نصيبها وبلغة مضاعفة، لغة ادبية رقيقة هادفة تحمل من النضج والقدرة على التحفز تضعها في مسارات اعلى المراتب، ولكن لحد عصرنا هذا لم تعطى مرتبة الشرف في كسبها هذه المكانة، أما عند الشعراء والقصائد التي كتبت عنها، بتعبير مشع من نور الفكر والتجارب القاسية التي لا يجد الشاعر غير المرأة من يلهث باسمه وصفاته وجماله وعذوبة وجده ولطافة وجوده، لذا الرجل فقط في الشعر لا يخشى لومة لائم في البوح عن مشاعره تجاهها، ويبحث عنها في كل الزوايا ويقدسها بلغة الشعر الصافي الخارج من شعوره الواعي واللاواعي، الشاعر لايحب التسلط والضعف والجهل ويجد المرأة هي الحاملة لكل هذه الصفات دون مبالغة، ويجدها قوية مدافعة تواجه الحياة بثبات وعزة وصلابة، نافضة عنها خمار العبودية معبرة عن وجودها الامثل، كالموشور تشع اينما تتواجد، لذا الشاعر اكثر انسان يقدرها ويثمن وجودها ويفتخر بانها الاقوة، وهو من يفهم ان سفن المصالح هي من تحطم سيرها، حين تتهم بالقصور وعدم القدرة على الزج في معترك الحياة، مع انها اتيتت على مر العصور جدارتها والتاريخ شاهد، وكثير من المجتمعات لم تنصفها وتسلبها حقوقها المشروعة، او تعمل على استلاب شخصيتها وتتهاون في منحها صفة القوة والتثبوت، المرأة لا تنتظر من يمنحها حقها أو ينصفها او يدافع عنها حين تكون بحاجة لمن يقف معها، بل تتحرك وتحاول وتسعى، والنقص في القوانين التي تدعمها تعيقها احياناً في مجتمع يسوده التخلف وتشابك الفهم غير الصحيح، أو التعايش على اسس قوانين غير عادلة أكل الدهر عليها وشرب ولم تعد نافعة في عصرنا عصر السرعة والتكنلوجيا، وحلقات موروث شائن دس بين طياته تلك الصور الغادرة عن المرأة، تجاوزها الشاعر بقوة فكره السديد وخياله الثاقب ولم يتوانة عن اظهار الصورة الحقيقة عن المرأة، بلغة متميزة خلع بها الغطاء الاسود واظهر حقائق المجتمع ودقائقه الرمادية، الشاعر انسان غير مهزوز ورافض للظلم، فكيف اذا كان هذا الظلم واقع على قوارير العطر، بالشعر فتح الانفاق المظلمة واخرج الجوهر المكنون داخلها، الشعراء هم من عرك الحياة بكل معانيها، وان لم ينظروا الحقيقة ويبحثوا عنها يكونون كالنهر الجاف أو الحقل اليباب او جسد يعيش بلا حب ويفنى بدون ان يذق طعم السعادة في الحياة لأنه لم يفقه سبب وجوده الثر بمعاني التلاحم والتفاعل الحر، وفي كثير من قصائد الشعراء نجد المرأة هي الرمز للارض والوطن والجذر والحياة والامل والرغبة بالخير والمستقبل والامان، وهي الزمان و المكان والحاضر بعيدا عن المستلبات الاخرى، بحضورها ألواعي الجمال مشروط، والصور النورانية والفضائل وقدرتها على اشعاع الخير، والعودة العاقلة في عموم مفاصل الحياة، الشاعر اعطى المرأة قيمتها الانسانية وابتعد عن الحساسية في التعامل معها كشيء موازي وليس ثانوي ، وان كتبت المرأة الشعر فهي اكثر قدرة على البوح عن خصوصيتها الانسانية بما تجده في داخلها عن الحياة، وتضم قصائدها مشاعر الرقة والحنين الى كل ما حولها بصور خلاقة ومبدعة قادرة على كشف معاناتها بشيء من التمرد والتشويق الذاتي، والبحث عن اسباب قسوة المجتمع، صارخة حينا وحينا آخر ناطقة برغبتها الجياشة لعلها تجد من يفهم عذاباتها وماتحمل من نضوج لا يقل بشيء عن الآخر.

*كاتبة عراقيه ..المصدر : المركز التقدمي لدراسات و ابحاث مساواة المراة.

www.deyaralnagab.com