الغروب - التقديس والتأثيم...بحث في ازدواجية بنية العقل النسوي العربي للكاتبة كلاديس مطر!!
بقلم : رؤى البازركان ... 07.09.2009
تبدأ الكاتبة كلاديس مطر في مقدمة الكتاب بعبارة: لست ممن ينحازون للمرأة ضد الرجل، وعلى عيني عصابة المنقاد إلى حتف مجهول. كما لا أعرف أن أكون متطرفة في دفاعي عنها مهما كلف الثمن، بل أعتقد أن أكبر تأذ وقع على المرأة كان من قبل أولئك الذين يدافعون عنها دون أن يتمكنوا من أن يروا فيها طرفاً عليه تحمل قسم من مسؤولية حالة التميز التي تقبع فيها.
وتناولت في الفصل الأول: نظرية الجنس اللطيف
حيث تفترض الكاتبة نظرية الجنس اللطيف وجود حد تمييزي أولي واضح لا لبس فيه، يفصل جنس النساء عن جنس الرجال. والتميز كما تراه في بعده الابسط يعني الاختلاف الفيزيولوجي العضوي. فالمرأة الأكثر هشاشة والاكثر ضعفاً ولطفاً مقابل الرجل الأقوى والأخشن. وتطرح الكاتبة تساؤلات متعددة:
أين يتبدى الاختلاف فعلاً بين المرأة والرجل؟
ماهي صورة المرأة عن ذاتها التي تعبر عنها من خلال اللغة؟
من أين أتت مواصفات المرأة في التاريخ القديم؟
وتجيب عن التساؤلات من خلال بحثها في الاساطير القديمة وما جاء في الكتاب المقدس العهد القديم في سفر التكوين وسفر التثنية وايضا ما تخزنه الذاكرة الشعبية عن شهرزاد النموذج النسوي الصاعق والأمثل.
و في الفصل الثاني تحدثت عن: مرحلة المرآة
تأخير الغروب .. أي جهد منهك لوقف الزمن
تقول الكاتبة تعرفت على المرآة ،من خلال أمي وخالاتي الجميلات، وعرفت أنها حليف في وقت وخصم في أوقات.
تسأل الكاتبة كيف ترى المرأة نفسها في المرآة؟
فإن المرأة تتعامل مع السلطة أو المعرفة السلطوية أنطلاقاً من إحساسها بجسدها، هذا الإحساس الذي تطور بعمق وقوة عبر التاريخ، على عكس علاقتها بعقلها الذي بقي متوقفاً في مرحلة المرآة.
أما الفصل الثالث كان عن: ناقصات العقل
تشير الكاتبة الى اعتبار عبارة ناقصات العقل من أكثر العبارات العربية الرائجة ارتباطاً بالمرأة. وهي الأكثر إشكالية باعتبارها جزءاً راسخاً من هذا الجسم المعرفي الثقافي المتراكم عن المرأة من دون أن نعرف لأغلبه مصدراً محدداً، وإنما وصل إلينا عن طريق التواتر الشفهي المحض أو الفتاوي التي تجعل الإسلام اختزالاً معجمياً للمحرم والمحلل. إن في هذه الفتاوي ما يؤكد على أن مستوى النص تابع لمستوى قراءته: يكبر إذا قرأه عقل كبير، ويصغر عندما يقرأه عقل صغير.
وفي الفصل الرابع كان البحث في: مخاوف العقل الأنثوي الخمسة
تحدد الكاتبة إلى أن هناك كم كبير من المحظورات التي كن النساء يتجنبن الاقتراب منها. حيث أن المرأة العربية تحديداً مرت في فترات غير مسبوقة من القمع والشدة والتهميش، فبرز الخوف كسمة أقوى وأكثر رسوخاً وحدة من بين الآثار الأخرى التي تترك بصمتها على بنية هذا العقل.
الخوف من البقاء وحيدة: كالعاقر والمطلقة والعانس وكبيرة السن والغير جميلة إلخ.
الخوف من أن تدفن حية: يخبرنا التاريخ قصص الوأد التي انتشرت في مختلف المجتمعات منذ القدم.
الخوف من الحرية: إنه خوف علني مصرح عنه بدافع القهر والألم أنا لست حرة! وأحياناً أخرى بدافع الألتزام المزيف بالاخلاق والقيم الاجتماعية والدينية المعمول بها لايجب أن أكون حرة.
الخوف من الفرح أو المتعة: إنها امرأة تتجنب المتعة وتفشل في الحصول عليها بل إنها ترفضها متى قدمت إليها إذا لم تكن من ضمن المتع الخاصة التي يسمح بها الدين والمجتمع، فكيف إذا كانت متعة تتعلق بالمعرفة؟.
الخوف من المسؤلية:القيادة والمسؤلية يفهمه كل ذي دين، مهما كان هذا الدين. فالمسؤلية مناطة بالقائد والمرشد الذي هو دائماً الذكر. فتلقى العقل الأنثوي هذا المفهوم الالهي للمسؤلية وأبدى الطاعة الكاملة كطفل صغير يستمع إلى إرشادات والديه.
وكان الفصل الخامس عن : الجنس : ازدواجية التأثيم والتقديس
تعمق الكاتبة بحثها في مفهوم الجنس حيث تشير إلى أنه بقي من ضمن التابوات الأكثر شدة وحدة بالنسبة للمرأة بشكل عام، فالمخاوف التي كانت تشل بنية عقلها كان الجنس يشكل قاعدة خفية لها.
تناولت الكاتبة مفهوم السقوط الأسطوري لآدم وحواء من الجنة وكيف ربط بشكل لايقبل الشك بين الجنس والدين (المعرفة) ربطاً تلقائياً. كما تناولت مفهوم الجنس من خلال الفلسفات القديمة والنصوص البوذية كالتانترا و فيفكانادا وما جاء في كتابات القديس اغسطينوس وما جاء التوكيد في الإسلام على فكرة النكاح من وعي هذه الحاجة الطبيعية لدى الكائن الإنساني.
وفي الفصل السادس تناولت: ثقافة العنف المشروع
حيث تدون الكاتبة عن ثقافة العنف المشروع حيث تفتح عبارة العنف المشروع أفقاً هائلاً من الأسئلة والصور، ليس عن المرأة فحسب وإنما عن عالمنا العربي اليوم بشكل عام.
أليس عنفاً أن يرى العقل السياسي العربي مثلا ً في المواطنين جميعاً، نسخة مكررة لاتعرف الأختلاف من فرد إلى آخر؟
أليس عنفاً ان يرى العقل الاجتماعي العري أن شرف الرجل هو تماماً في عرضه أي في حريمه ولا يراه في أي مكان آخر؟
أليس عنفاً أن يرى العقل الديني العربي أن الوليد لايجب أن يكبر أو ينضج أو يطرح سؤلاً؟
أليس كل هذا عنف مشروع صامت يحدث كل يوم؟
وقد تناولت الكاتبة موضوع الأمثال الشعبية بوصفها عنفاً جسدياً ونفسياً وأسرياً واقتصادياً موجهاً ضد المرأة.
كما تحدثت الكاتبة عن العنف في الدراما البصرية وتشويه صورة المرأة بترويج النماذج الهشة للمرأة العربية.
وأخيراً ملحق بالكتاب يتحدث عن: الماضي المقدس
الصوفية نموذجاً للأبداع المعارض
و تتسائل الكاتبة عن هالات الماضي التي لاتنطفئ:
لماذا يتحول الماضي إلى قدر جاثم متراكم ككرة ثلج متدحرجة، متضخمة، مندفعة باتجاه الآن، عابسة ومكفهرة؟
ما الحل أمام مده وهيمنته؟
ما الحل ونحن نقر، بأن لا وجود للثابت حتى في جوهر المادة ذاته بينما نتعامل مع الماضي وكأنه الثابت الأستثنائي؟
ومن كل هذا التاريخ والجغرافية والذاكرة الشعبية المتراكمة تجد الكاتبة كلاديس مطر أن بنيان عقل المرأة لم يتغير لأن الحجاب مازال قائماً بين جدران رأسها ، يحثها على أن تكون لامرئية.
**تأخير الغروب
التقديس والتأثيم
بحث في ازدواجية بنية العقل النسوي العربي
الكاتبة كلاديس مطر
الطبعة الأولى 2009
عن دارالتكوين للتأليف والترجمة والنشر
المصدر : المركز التقدمي لدراسات Ùˆ ابØاث مساواة المراة.
www.deyaralnagab.com
|