يوميات الحرب على غزة!!
بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 25.01.2010
لأنها الحرب التي قلبت موازين الصراع مع العدو الإسرائيلي، وفتحت بوابات النصر على المستقبل، لأنها الحرب التي هزت ضمير العالم، وأيقظت وعي البشرية على إجرام دولة اليهود، فقد حرصت صحيفة فلسطين، الصحيفة الورقية الوحيدة التي توزع في قطاع غزة، دون سواه، حرصت على تقليب أيام الحرب، ومعايشتها من خلال الشهود، والأحداث، ولاسيما أن صحيفة فلسطين قد أغلقت أبوابها كل أيام الحرب، واحتبست كلماتها في حلق مطابعها، بعد أن استحال صدروها تحت قصف صهيوني لم يفرق بين مدني وصحفي، ولكنه فرق بالموت بين طفل وأمه، وبين الندى والزهرة، لتعيد صحيفة فلسطين المشهد، وهي تنتبه إلى البعد الآخر للإنسان الفلسطيني، الذي كان وقود المعركة، وضوءها المشع.
بأثر رجعي، راحت الصحيفة تتابع أحداث الحرب يوماً بيوم، بدءاً من اليوم الأول، وموضوعة "غزة في بطن الحوت" التي وثق فيها المستشار ناهض الريس، أيام الحرب التي احترق في نارها، فراح يوثق للإحداث من لحظة اتخاذ العدو لقرار الحرب، وبداية الهجوم بالطائرات، ثم الهجوم البري على غزة، والمواجهات، والتضحيات، وما قيل عن الحرب في إسرائيل، وفي بلاد العرب، وكأنه يسبق ما نشرته الصحيفة من وثائق اللجنة المركزية للتوثيق، وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وهي تحدد مكان وزمان الجريمة، وأدواتها.
وكما أوجدت الحرب على غزة البطولة، والأبطال، ورفعت من شان المقاومة، والمقاومين، كان لابد أن توجد الحرب ذلك الصحفي المبدع، والكاتب المنغمس في الحدث، القادر على تطوير ذاته، والانتقال بالخبر من هامش التقليد إلى دائرة التأثير، ومن بداية التعرف إلى حضور المعرفة، فإذا بصحفيين شباب، في بداية مشوارهم الصحفي، يعزفون على أوتار صحيفة فلسطين سيمفونية الصمود والانتصار، أمثال: أمثال: هنادي نصر الله، وهي تكتب موضوع: حبيبتي تحت النار، وهديل عطا الله وآلاء أبو عيشة وهدى بارود في يوم من عمري، وفاطمة الزهراء العويني وهي ترسم بقلمها قصص الشهداء، وتقارير حنان مطير عن الذي أغفل في زحمة الحرب، وكانت تقارير الصحفيين سيد إسماعيل ومحمد الأيوبي، التي غطت أحداثا لن تنسى، وزاويتا حصاد المقاومة ومذكرات مقاوم لإيمان عامر ومحمد المنيراوي، وهي تنقل صور المقاومة التي لم تنقلها الكاميرا أثناء الحرب، وآمنة غنام التي قلّبت أوجاع الحرب، وكانت تسنيم الزيان وصفاء عاشور ورنا الشرافي ونسمة حمتو ومريم الشوبكي وتغريد عطا الله، وأسماء أخرى استعادت ذاكرتها مع الأحداث، بكفاءة تؤكد أن الفتاة الصحفية الفلسطينية شقيقة الرجل في الفعل، والإبداع، والتخيل، وليس في المظهر، والخيلاء، والإغفاء الواهم على قارعة الزمن.
لم تغفل يوميات الحرب على غزة أهمية الأدب، وكيف آخت الحرب بين الكلمة والطلقة، بل كيف آزرت الكلمة الطلقة لكي تواصل اندفاعها بالأمل، وذلك من خلال مجموعة الأشعار، والأقوال التي عبرت عن وجدان العرب، الذي نبت كرامة في شوارع غزة، لتأتي الصفحة الأخيرة من يوميات الحرب لتوثق بالرسم الكاريكاتوري للدكتور المبدع علاء اللقطة, كما كانت الصورة الحية حاضرة ومعبرة عن إرادة شعب لن ينسى دمه، وعن جريمة عدو لن تغتفر جرائمه.
www.deyaralnagab.com
|