العريفي ـ السيستاني.. مراجع ومواجـع!![2]
بقلم : علي الكاش ... 01.02.2010
"من نظر في عيوب الناس ، فأنكرها، ثم رضيها لنفسه، فذلك هو الأحمق"الإمام علي (رض)
ناقشنا في الجزء الأول نقطة مهمه وهي المشكلة (العريفية ـ السيستانية) وتطوراتها إلى أزمة (الإيرانية ـ السعودية) وحاولنا أن نقترب من الحقيقة ما أمكن وتحليل ظاهرة التكفير بشكل مبسط قدر المستطاع على ضوء العوامل المستجدة المرتبطة بالأزمة الحالية وتداعياتها سواء على الحاضر أو المستقبل. وكما لاحظنا إن هناك تكفير وإتهامات متبادلة ومحاولات عقيمة لتوظيف الدين لأغراض سياسية بحته وهذا الإسلوب مع الأسف الشديد غالبا ما تتبعه الأحزاب الإسلامية وقد أضر بسمعة المسلمين أشد الضرر! ومن الأولى أن تنزع هذه الأحزاب قناع الإسلام التنكري سيما بعد أن إنكشفت ألاعيبها وبانت مكائدها وخبائثها وتبعيتها للأجنبي! وفي العراق كان الشعب كبش الفداء للأحزاب الإسلامية التي حولت الوطن إلى مسلخ كبير. لقد كانت هذه الإحزاب (كحزب الدعوة الإسلامية والحزب الإسلامي والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية) أشد قذارة من الأحزاب العلمانية بل حتى الإلحادية! وكانت الأحزاب التي تحمل لفظ الجلالة( كثأر الله وبقية الله وحزب الله وغيرها) أشد من الأحزاب الإسلامية قذارة وجرما وغدرا! وهذه حقيقة يدركها العراقيون بالتجربة المرة التي عاشوها مع الإحتلال الامريكي الصهيوني الإيراني الغاشم.
نؤكد للمرة الألف لسنا بصدد صب حمم غضبنا على مذهب آل البيت الطاهر كما يتصور البعض لأنه ببساطة تاج على رأس كل مسلم مرصع بجواهر الكلام، ولكن مذهب آل البيت ليس المذهب الصفوي الذي ننتقده لأن الأخير يناقض مذهب آل البيت قلبا وقالبا، بل أساء إلى البيت الطاهر إساءات بالغة لم يقوم بها حتى أعداء التشيع كما سنلاحظ في بحثنا المتواضع هذا. والحق إن المذهب الصفوي ليس مذهبا بقدر ما هو دين مستقل يختلف جوهريا عن الإسلام فهو يختلف عنه في كل أركانه من الشهادة (أضيف لها وأشهد أن علي وليً الله) والصلاة والصوم والزكاة والحج وإستبعاد فريضة الجهاد وفرض الخمس. حتى تحديد بداية ونهاية شهر رمضان والعيدين المباركين ومواعيد الأفطار والسحور والأذان مختلف! بأعتراف المراجع الصفوية أنفسهم في إستحباب مخالفة أبناء العامة وهي من الأمور المسلم بها. بل أعتبرت الكثير من الروايات أن مقياس صحة الخبر عندهم هو مخالفته لخبر أهل السنة. وهناك مئات الأحاديث التي تؤكد ذلك. فقد ذكر نعمة الله الجزائري صاحب كتاب الأنوار النعمانية "إننا لا نجتمع مع السنة على إله ولا على نبي ولا على إمام، لأنـهم يذكرون بأن ربـهم هو الذي كان محمد نبيه وخليفته من بعده أبو بكر، في حين نحن لا نقول بـهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول بإن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا"! وذكر الخميني" ما أنتم والله على شئ مما هم فيه ولا هم على شئ مما أنتم فيه فخالفوهم" أفكار ذات مدلول واضح لا غبار عليه.
لذلك فنحن لسنا مع خلاف مع شيعة آل البيت الأطهار، ولكن لسنا مع شيعة من يسيء إليهم مع بقية الصحابة. ونحن مع شيعة آل البيت ولكن لسنا مع شيعة بوش بريمر. ونحن مع شيعة علي(رض) والحسين(ع) ولسنا مع شيعة خامنئي ورفسنجاني. ونحن مع شيعة الحرية والكرامة ولسنا مع شيعة الإحتلال والإذلال. ونحن مع شيعة العراق ولسنا مع شيعة إيران. ونحن مع ثورة الحسين(ع) ولكن ليس مع ثورة الخميني. نحن لا نقصد البته ان نشهر بمذهب آل البيت أو نزدري علمائهم الأفاضل الذين يلتزمون بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وهي القاعدة الرئيسة للإيمان. فما وافق القرآن الكريم والسنة النبوية أخذنا به وما تعارض معهما عد باطلا. ونحن إنما نناقش الأفكار المنحرفة، والمطالب الملتوية من قبل بعض المحسوبين كعلماء دين وهم الأبعد عن روح الدين ومبادئه السامية النبيلة. ولا نعتقد إن مناقشة هذه الأفكار أمر مستهجن أو محظور. سيما إن كان بهدف إظهار الحقيقة ولاشيء غير الحقيقة, ولا نريد أن ندغدغ مشاعر الغير على حساب الحقيقة مهما أسعدهم وأبهجهم ذلك فهذا ليس مرادنا.
قبل أن ندخل في صلب الموضوع وهو إحترام مشاعر الغير، نود أن نبين بإن أفضل النقد ما كان مبنيا على الحقائق وليس العواطف والإنفعالات والكلام لفارغ. البعض كذب ما ذكرناه من فتوى السيد السيستاني بتحريم زواجة الشيعي من السنية والعكس. وهي الفتوى التي رفعها سماحته من موقعه بعد الضجة التي أثارها بعض العلماء(من الشيعة والسنة) وكان من الأولى به قبل أن يكذبنا أن يستفسر من الموقع نفسه بإعتباره من أتباع آل البيت ولديه مشكلة من هذا النوع ويوافينا بالرد بنفس الموضوعية التي يتبناها ويرعاها! ويمكن الرجوع لردً الباحث الشيعي المعروف الإستاذ احمد الكاتب وغيره على الفتوى وهو عالم دين شيعي عراقي ومن خريجي حوزة النجف ومؤلف كتاب (تطور الفكر السياسي الشيعي). ونود ن نبين بأن فتوى السيد السيستاني مأخوذة من مصادر قديمة يمكن الرجوع إليها بسهولة مثلا: في صحيحة عبد الله بن سنان في الكافي والتهذيب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الناصب وعداوته هل يزوجه المؤمن وهو قادر على رده وهو لا يعلم ؟ قال: " لا يتزوج الناصب مؤمنة، ولا يتزوج المستضعف مؤمنة". كذلك في صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله أبي وأنا أسمع عن نكاح اليهودية والنصرانية؟ فقال: "نكاحهما أحب إليّ من نكاح الناصبية". وذكر أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "أتزوج اليهودية أفضل من أتزوج الناصبية". وهناك حديث سليمان الحمار عن أبي عبد لله عليه السلام قال: " لا ينبغي للرجل منكم أن يتزوج الناصبية ولا يزوج إبنته ناصبيا ولا يطرحها عنده" للمزيد راجع الكافي والأنوار النعمانية وبحار الأنوار و المحاسن النفسانية.وهناك من إعترض بأن السيد السيستاني قد حج إلى بيت الله وبتهكم أنه(أي سماحته) نسى أن يخبرنا؟ حسنا نسى سماحته أن يخبرنا! فلماذا نسي أن يخبر وكلائه وما أكثرهم، بغرض تنبيه المواقع التي تناولت سيرته ليثبتوا هذه الفقرة ويصححوا الخطأ؟ ولماذا لا يسأل الناقد موقع سماحته عن مرات حجه وزياراته لمرقد جده الأمام علي (رض) ومتى كانت آخر حجة وزيارة له؟ وبالتالي يوافينا مثابا بنتيجه جهده المبارك! وسنعتذرعن خطأنا له ولسماحة السيد وللقراء كسبا للفضيلة ونصرا للحقيقة، ونساهم بدورنا في أعلام حجه المبرور لمن يؤرخ سيرته ؟
البعض يعتبر السيستاني أكثر منا عراقية! فيفرض عليه ما لايريده ( الجنسية العراقيه) متبرعا بها من جيبه الخاص. رغم رفض سماحته هذه المكرمة السخية التي قدمها له البرلمان العراقي، لكنه رفضها بأباء إعتزازا بجنسيته الفارسية وهذا موقف مشهود له ولا يعاب عليه مطلقا. بل إننا نتمنى من مزدوجي الجنسية في الحكومة والبرلمان العراقي أن يحذو حذو سماحته ويتنازلوا عن الجنسيات الأجنبية التي حصلوا عليها إلتزاما منهم بالدستور الذي وضعوه على مزاجهم ولخدمتهم. ونحن والحمد لله عراقيون أبا عن جد عن جد, فليس من حق أي بشر أن يسلب عراقيتنا ويتكرم بها لمن لايريدها. ولماذا يكون هذا البعض اكثر سيستانية من السيستاني نفسه؟ وما الغرض من ذلك؟البعض يؤاخذنا بأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليس بصاحب فكر(إذن هو صاحب ما؟ وما تسمي مؤلفاته؟ أهي ليست نتاجا فكريا؟) الحقيقة! إننا لا نريد أن نخوض كثيرا في هذا الموضوع لأنه يجرنا إلى جوانب فلسفية بشأن طبيعة وماهية الفكر وإذا عرفناه بأنه (مجموع الوظائف والنشاطات التي يؤديها العقل البشري بشكل ناضج للتعامل مع ظاهرة معينة يتفاعل معها وينشد التعبير عنها أو أيصالها للغير لتحقيق غاية خاصة أو عامة! وإرتباط الفكر بمفاهيم أخرى كالوعي والإدراك والحس والمشاعر والنفسانية المنطقية. وتماشيا مع تصنيفه إلى تجريدي وبديهي ومنطقي ومعرفي أوعلمي ونقدي وواقعي وخيالي وإبداعي وحرفي...الخ. يمكن أن ندخل فكر الشيخ في تصنيف الفكر النقدي أوالعقلاني. لا نريد أن نزيد عن ذلك فنبتعد عن موضوعنا الرئيسي. كما إننا لم نمس ببحثنا سمعة الشيخ عبد الوهاب بسوء ـ معاذ الله ـ وندرك جيدا بأن موضوع البدع التي أثارها الشيخ ليست وليد الساعة أو من إبتكاره فهناك آراء عديدة ومختلفة كانت محطة نقاش لمن سبقوه من الفقهاء والعلماء. ولا يعينيا الأمر كثيرا في الوقت الحاضر لأن الشيخ أشار إلى البدع بشكل عام ولم يقصرها على طائفة محدد.
لكننا نود أن نوضح بأن البدع لا تقتصرعلى الطائفة الشيعية فهناك بدع أيضا لدى الطائفة السنية بدرجة محدودة. أنظر إلى فرق التصوف والدروشة! أليس تلك بدع أم ماذا نسميها؟ وأن كان الدراويش بمثل تلك القوة الخارقة ليتوجهوا مباركين مصحوبين بدعواتنا إلى الفكة ويحرروها من الإحتلال الإيراني! ليمضوا معا في مسيرة التحريرساعد بساعد، وقدم مع قدم صحبة أخوانهم من أبناء الشيعة الذين يطبرون أنفسم بالباطل ويسترخصون دمائهم على الماضي المشرق، وعلى من يعيش في الجنة! عازفين عن الحاضر المبتلى بالإحتلال الجائر والشعب الذي يعيش في الجحيم.
أخيرا نوضح للسادة القراء بأننا نتحدث عن الوهابية من ناحية التنظيمات السياسية المتخفية تحت جلبابها كتنظيم القاعدة الإرهابي مثلا. أي من الناحية السياسية بالدرجة الأولى وليس العقائدية, وكذلك توظيف الدين لخدمة السياسة. وكان بودنا أن نتحفظ على إثارة مثل هذه المواضيع! فلدينا في الأمة الإسلامية والعراق يشكل خاص من المشاكل أهم من ذلك بكثير وأجدر بمناقشتها، لكنها طالما طرحت على بساط البحث والنشر في وسائل الإعلام، كان لا بد من إزالة اللبوس عما طرحه بعض الكتاب في إشارتهم لموضوع (إحترام المشاعر). سيما بعد تهجم الشيخ العريفي على السيد السيستاني. وأخذ عن الأول عدم مراعاة مشاعر أتباع الثاني بل تجاوزه أيضا كل الحدود والضوابط!
بلا شك إحترام مشاعر الغير أمر محمود وكلام منطقي ولا أحد ينكره أو يتنكر له. فمراعاة مشاعر الآخرين ضرورة بالنسبة للناس العاديين فما بالك بزعيم ديني وسياسي كبير كالسيستاني يقلده الملايين؟
موقفنا من هذه المشاعر واضح لا لبوس فيه، لذلك فأن الشيخ العريفي في تهجمه على السيد السيستاني لم يراع فعلا مشاعر الطائفة الشيعية التي تقلد السيد السيستاني وهذا أمر واضح ومفروغ منه! لكن لنبحر إلى الضفة الثانية لننظر بصورة أعمق فيما إذا كان شيعة السيستاني يراعون مشاعر الطائفة السنية؟ لإحقاق الحق في مطلبهم وتثبت حقهم الشرعي والقانوني والأدبي على العريفي ومن يحذو حذوه! وسوف لا نتحدث عن كون الطائفية السنية هي الأكثرية وتشكل حوالي 90% من مجموع المسلمين في العالم لأن إحترام المشاعر برأينا لا يخضع لمبدأ الأكثرية والأقلية! وسنتجاوز هذه النقطة رغم أهميتها. مع تحفظنا على إدعاء وتشبث شيعة السيستاني في العراق بهذا المبدأ وتوظيفه لخدمة الطائفة سياسيا. وسوف لا نغور في البحث عن الخلاف الفقهي بين السلفية والصفوية فليس للأمر علاقة بموضوعنا، لذلك سنتجاوزه إلى معرفة مشاعر الطائفة السنية، وليس مشاعر الوهابيين والسلفييين فحسب. ونقيم مدى إحترام المراجع الشيعية لمشاعرهم ورموزهم المقدسة ونزن بين الكفتين بالعدل. سنبحث في رأي الفقهاء والعلماء والخطباء الجدد فقط وليس القدامى لأن هناك تكفير متبادل بين عدد من الفرق الإسلامية إبتداءا من فرقة الخوارج فنزولا وهذا لايهمنا حاليا، لأن مثل هكذا مبحث يحتاج إلى إنسكلوبيديا وليس دراسة بسيطة ومتواضعة.
من المعروف إن الطائفية السنية تحترم الخلفاء الراشدين و جميع الصحابة رضوان الله عليهم وهم كما وصفهم الرسول الكريم مثل النجوم أيهما سلكت أهتديت، مع إعتراف صريح بأفضيلية آل البيت رضوان الله عليهم لأن ألله جل وعلا أبعد عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. لذلك لا يمكن أن تجد كتابا واحدا لمرجع أو كاتب سني يطعن بآل البيت الأطهار ـ وحاشا لله أن يفعل ـ وهل يجرؤ أحد أن يطعن فيهم؟ وأن فعل فهل هو من الإسلام بشيء؟ ويكتسب جميع الصحابة أهمية كبيرة لدى السنة ولا سيما الخلفاء الراشدين الأربعة الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل نصرة الرسول الكريم ونشر دعوته المباركة. ويخطأ من يظن بأن هناك تفضيل للخليفتين أبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما على بقية الصحابة من قبل السنة! أو إنهما من حصة السنة في حين إن الإمام علي(رض) وأهله بيته الأشراف من حصة الشيعة! فهذه المحاصصة الطائفية وليدة الفكر الشعوبي والصفوي لا يقبلها إلا ذو عقل سقيم أو جاهل لا يع من الإسلام شيئا أو مغرض يروم الإساءة للإسلام.
لايقبل السنة مطلقا الطعن بالخلفاء وصحابة رسول لله أو الإساءة لهم تحت شتى المسميات فهذا الأمر يؤذي مشاعرهم والمفروض مشاعر الشيعة أيضا. فالخلافات بين الصحابة وما تلاها من فتن ومعارك لم تكن لأسباب دينية مرتبطة بأركان الإسلام الرئيسة ومبادئه العامة، أو فقهية بشأن مسائل عقائدية معينة وإنما بجوانب ذات علاقة بإدارة الأمة وسياسة الحكم, فمعركة الجبل ووقعة صفين ومعركة كربلاء وغيرها هي من نتاجات التنافس والنفوذ السياسي ودوافعها دنيوية محضة. ومهما كان حجم الخلافات بين الصحابة فهذا لا ينقص من مكانتهم ولا يلغ محاسنهم وأهميتهم في أرساء وإنجاح ونشر الدعوة الإسلامية، وهم ببن يدي الله سبحانه وتعالى له الأمر يفصله كما يشاء بشأنهم وليس هذا من مسئولية البشر. فلا ينفعهم مديح مادح ولا يضرهم قدح قادح! يقول ابن مسعود(رض)" إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد(ص) خير قلوب العباد فأصطفاه لنفسه وأبتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه". ومن نحن أمام هذه النخبة الطيبة المباركة؟ وما مكانتنا أمام مكانتهم العالية؟ ومن منا يقربها أو يبلغها؟ وممن نستمد الحق في الحكم عليهم أو على وقائع جرت قبل ألف وأربعمائة عام؟ وقائع قديمة لها ظروها الخاصة وزمانها وأشخاصها وأسرارها التي لا نعرفها بشكل تفصيلي لكي نحكم على أصحابها! الأولى بنا أن نولي شطرنا لواقعنا المزري ومستقبل أجيالنا وهو بكف عفريت خرج من قمقمه، بدلا من نبش الماضي للتحقيق في أمر لا يقدم ولا يؤخر في حاضرنا ومستقبلنا.
الصحابة جميهم إذن يعدون رموزا مهمة للطائفة السنية، ولابد أن تحترم مشاعرهم بعدم الإساءة إليهم أسوة بمطالبة إتباع السيد السيستاني وهذا حقهم. وسنسبر أغوار مدى إحترام علماء الشيعة وخطباء منابرهم لرموز السنة وما يروجون من أفكار. ولكننا سنبقى على الساحل ولا نتوغل كثيرا في العمق كي لا نتجاوز منطقة الحظر العقائدي لأسباب يفهمها كل ذي عقل سليم. ولابد من التنويه بإننا نتحدث عن المراجع والخطباء الصفويين والشعوبيين وليس علماء الشيعة العلويين الأقحاح الذين يرفضون هذه التوجهات الشعوبية مثل الشيوخ الأفاضل محمد حسين فضل الله والشيخ المؤيد والشيخ الخالصي والشيخ على جابر سلامة والشيخ طالب المولى والشيخ علي شعبان والشيخ جعفر البحراني والأستاذه احمد الكاتب ونذير الماجد وأحمد المهري والمئات غيرهم.
لنناقش أولا الإساءة إلى أم المؤمنين عائشة(رض): وقد نفاها علماء الشيعة الصفوية بلا وجه حق من حجرة آل البيت وكذلك تصنيف أمهات المسلمين! دون مراعاة للآية الكريمة( سورة الأحزاب/6) فقد جاء فيها " وأزواجه أمهاتهم". عائشة التي وردت في حديث للرسول(ص)" خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء"! ما رأي علماء الشيعة بالحميراء؟ يقول الشيخ حسن شحاته في شرحه لوصف الرسول(ص) لعائشة بالحميراء" لماذا سُميت عائشه بحميراء؟ حميراء تصغير حِماره. لإنها منعت الحسن بن علي من أن يدفن مع رسول الله" ثم يستطرد بقوله" لعنه الله عليكِ يا عائشه، لعنه الله عليك بعدد أنفاس الخلائق" ويخاطب أتباعه في مدينة قم " شفتوا الجنايه التي فعلتها الملعونه. يا بنت الكلب. أبو بكر وعمر يدفنون مع الرسول والحسن يدفن بعيداً عنه". وأنا أقرأ هذه الهراء الفاحش أستذكر المثل الإسباني " فاقد الشرف أسوأ من الرجل الميت".
إلإساءة إلى الخلفاء الراشدين: ورد في سنن النسائي بشرح الإمام السيوطي بأنه سئل الرسول(ص) من يحبه أكثر من النساء؟ فأجاب: عائشة. ومن الرجال؟ إجاب: أبو بكر! وقد عرفنا الموقف من عائشة فلنطلع على موقفهم من أبيها الصديق(رض)! جاء في دعاء يسمى(صنمي قريش ويقصد بهما أبو بكر وعمر بن الخطاب) وقد أشار له الخميني في كتبه"اللهم إلعن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وإفكيها وابنتيهما اللتين خالفتا أمرك، وأنكرتا وحيك، وجحدتا نعامك وعصيتا رسولك،اللهم العنهما وأتباعهما وأولياءهم وأشياعهم فقد خربا بيت النبوة، وردما بابه ونقضا سقفه، وألحقا سمائه بأرضه وعاليه بسافله، وظاهره بباطنه، واستأصلا أهله، وأبادا أنصاره، وقتلا أطفاله، وأخليا منبره من وصيته ووارث علمه وجحدا إمامته، وأشركا بربهما، فعظم ذنبهما وخلدهما في سقر.اللهم العنهم بعدد كل منكر أتوه، وحق أخفوه، ومنبر علوه، ومؤمن أرجوه، ومنافق ولوه، وولي آذوه، وطريد أووه، وصادق طرده، وكافر نصوه، وإمام قهروه، وفرض غيروه، وكفر نصبوه، وكذب دلسوه، وإرث نصبوه، وفيء إقتطعوه، وسحت أكلوه، وخمس إستحلوه، وباطل أسسوه، وجور بسطوه، ونفاق أسروه، وغدر أضمروه، وظلم نشروه، ووعد أخلفوه، وأمانة خانوه، وعهد نقضوه، وحلال حرموه، وحرام أحلوه، وبطن فتقوه، وجنين أسقطوه، وضلع دقوه، وصك مزقوه، وشمل بددوه، وعزيز أذلوه، وذليل أعزوه، وحق منعوه، وكذب دلسوه، وحكم قسبوه، وأمام خالفوه. اللهم العنهم بعدد كل آية حرفوها، وفريضة تركوها، وسنة غيروهان وأحكام عطلوها، ورسوم قطعوها، ووصية بدلوها، وأمور ضيعوها، وبيعة نكثوها، وشهادات كتموها، ودعواء أبطلوها، وبينة أنكروها، وحيلة أحدثوها، وخيانة أوردوها" عجبي! بربكم اليست ذنوب هذين الشيخين الجليلين تفوق ذنوب أبليس؟ ألا يعطي هذا الدعاء لأبليس الأمان والإطمئنان بأن هناك من هو أشر منه؟ ألم يحذرنا الرسول الكريم من سب الأموات بشكل عام حتى المشركين منهم؟ فيقول(ص)" لا تسبوا الأموات فإنهم قد افضوا إلى ماقدموا" فما بالك بالمؤمنين؟ وفي حديث له (ص) رواه مسلم" سباب المؤمن فسوق"! فما بالك إذن بالأقربين وهم الصحابة!
أما الشيخ ياسر الحبيب وهو من المحدثين فيصف لنا جهنم ومن فيها كأنه أقام فيها كشاهد عيان أومبشر بها؟ يقول" جهنم مراتب ودرجات. وأبوبكر وعمر في أسفل هذه الدرجات. وإبليس أعلى منهما درجه. أبوبكر وعمر أسوء مخلوقات الله في هذا الكون. وأعدا أعداء الله"! ويضيف بلسان أوسخ من الكنيف" لو لم يحرم عمر المتعه لما زنا مسلم، ولكن عمر حرم المتعه لسببين:ـ أولاًـ لأنه سمع رسول الله يقول: يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا إبن زنا. فأراد عمر أن يُكثر أبناء الزنا عداوه منه لعلي بن أبي طالب. فلذلك حرم المتعه. والسبب الثاني: إن عمر عندما يحرم المتعه. فإن الناس يتجهون الى اللواط وفي هذا منفعه شخصيه لعمر. فإنه كان يحب اللواط. أي أن يلاط به، وكان به داء في دبره، لا يُشفى إلا بماء الرجال"!!! اللهم لاتؤاخذنا على ما فعل السفهاء منا. هل هناك حديث فاحش لرجل دين بهذا المستوى من السفالة والدناءة والدعارة يأباه حتى الصقار والديوث والقندع. وأي سموم تنفثها هذه الأفاعي في عقول أتباعهم خصوصا الجهلاء والسذج؟ وبأي وجوه سيقابلون الله جلت قدرته؟
ولم يخلص حتى الإمام علي(رض) من إساءاتهم! فهذا عبد الحميد المهاجر يذكر" نادي الآن يا علي! والله أنه يجاوبك! لأنك عندما تقول يا علي يعني يا الله"! بهذه السفسطات يسألون الإمام علي وليس الله ليساعدهم في قضاء حوائجهم؟ كان الله في عون الإمام فقد ظلم حيا وظلم ميتا على يد أتباعه أو أعدائه لا فرق بينهما فغايتهم واحدة! أما السيد محمد جمعه فيوضح لنا مراسيم دخول الجنة والمصيبة إنه يقسم على صحتها! " والله لا يدخل الجنه إلا من كان في يده صكٌ من علي بن أبي طالب". كما يبدو أن السيد مصرفي يتعامل بالصكوك! ربما إستذكر صكوك الغفران التي كانت تبيعها الكنيسة في العصور الوسطى أو المفاتيح التي كان يوزعها الخميني على الجنود الإيرانيين ليفتحوا أقفال باب الجنة الموصودة في وجوههم.
أما السيد محمد باقر الفالي فقد جعل من الله جل جلاله شاعرا يمدح الإمام علي!!! فقد ذكر"إن لله بيتانٍ من الشعر قالهما في علي بن أبي طالب عند ولادته يخاطب فيهما والد ووالدة علي بن أبي طالب رزقتما بالولد الزكيِ *** والطاهر المنتجب المرضيِ
وإسمه من شامخِ عليِ
ولكن كيف عرف هذا الصفوي الرقيع بأمر هذا الشعر؟ هل عن طريق وحي أم ماذا؟ اللهم إني أبرأ إليك مما يقوله هذا الحاقد على الإسلام. أما الشيخ حسين الفهيد فأنه أعتبر عرش الرحمن من مكارم الإمام علي(رض) بقوله" الحقيقه أن العرش بعظمته وبجلاله وبفيوضاته كله مكرمه من أبي عبدالله الحسين. لأن العرش مخلوق. والكرسي مخلوق. وليس هناك مخلوق أشرف من آل البيت"! صدق لقمان الحكيم بقوله" لا تُجالس الفجار ولا تُماشيهم، اتقِ أن ينزل عليهم عذاب من السماء فيصيبك معهم".
لم يسلم الإمام الحسين(ع) من الإساءة طالما إنها طالت أباه وأصحابه! فهذا الشيخ حسين الفهيد يفضل الإمام الحسين على جده الرسول بقوله" بعض ألأحيان تكون ألإمامه أفضل من رسول الله، فإمامة الحسين بالنسب أفضل من رسول الله، فإن كان رسول الله أمه آمنه، فالحسين أمه فاطمه، وإن كان أبو رسول الله عبدالله، فأبو الحسين علي بن أبي طالب، وإن كان جد رسول الله عبدالمطلب، فجد الحسين رسول الله"! لنسأل هذا العلامة الفهيم: هل يا ترى كان للإمام علي كرم الله وجهه وإبنه الحسين(ع) منزلة وأهمية لو لا وجود الرسول(ص) وقربهما منه؟ أما نجم الفكر الصفوي عبد الحميد المهاجر فقد فسر اللغز القرأني( كهيعص) كما يلي:" الكاف: هي كربلاء، الهاء: تعني هلاك العترة، الياء: تعني يزيد اللعين, العين هي عطش الحسين, والصاد: تعني صبر الحسين" ويضيف كعالم مختص في البيئة " يوم مقتل الحسين مطرت السماء دما ثلاثة ايام"! لو قال أمطرت وحسبها دمعا لكان أكثر موفقية في إدعائه. ونسأله لماذا لم تمطر دما على وفاة الرسول؟ هل الحسين أفضل من جده الرسول الكرم؟ والظلم الذي جرى على الأمام الحسين شمل أمه الزهراء فهذا حديث للمهاجر ((عندما يقول الله " وهزي إليك بجذع النخله" إنما يقصد فاطمه بنت أسد أم علي بن أبي طالب. وهذا دليل على علمها بالقرآن قبل نزوله. وهذه من كرامات آل البيت)). صدق الإمام علي(رض) بقوله" لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب".
السيد السيستاني أيضا يتبنى فكرة تكفير الصحابة فقد كفر(70000) صحابي! وفي فتوى منشورة على موقعه يذكر"على تقدير صحة سند الرواية، فهي لا تنافي ما دل على ردة أغلب الصحابة، أولاً: لأن الارتداد كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولعله كان من باب سوء العاقبة. وثانياً: من المسلَّم به وجود المنافقين في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم".
من المؤسف له أن المرجعية والحوزات العلمية لم تعترض على هذه الأقوال أو تتبرأ منها أو على الأقل تضع حدا لها, بل إنها تروج لبعضها وهي تتداول بشكل واسع بين أبناء الطائفة عبر النشريات والصوتيات! أليست تلك إساءة كبيرة لمشاعر الطائفة السنية؟ هل السيد السيستاني أكبر منزلة من الرسول والخلفاء الراشدين والصحابة؟ إن أجبتم: كلا! فعلام لايراعى شعور الآخرين ويحترم رموزهم التي من المفروض أن تكون رموزا له ولأتباعه أيضا. وأن أجبتم: نعم فمنزلته لا يصلها ملك ولا نبي! نسألكم أليس هذا تجاوزا على كتاب الله ونبيه المصطفى ومشاعر المسلمين عامة وليس السنة فقط؟ ثم ما هي منجزات سماحته للأمة الإسلامية أولا؟ وللعراقيين ثانيا؟ أما لموطنه إيران فمنجزاته معروفة ومنشورة على موقعه ويمكن الرجوع إليها. فالسيد يسكن ويأكل في العراق لكنه يدفع الفاتورة لأيران!
سنتناول في الجزء القادم بإذن الله موقف الحكومة الإيرانية من الشيخ العريفي ويليه الجزء الأخير حول موقف الحكومة العراقية.
كاتب عراقي
www.deyaralnagab.com
|