logo
هانت، وبانت!!

بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 02.02.2010

لم يبق كثيرُ زمنٍ لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، فقد اختصر السيد عباس المسافة، وأبدى حسن نية، ورغبة جدية في تواصل المفاوضات، فبعد أن اشترط وقفاً شاملاً للاستيطان مع بداية حكم "نتانياهو"، تراجع، واشترط وقف الاستيطان لمدة سنة واحدة فقط، على أمل أن يتم التوصل خلالها إلى اتفاق سلام، ولما لم يتحقق ذلك، ونظراً للتعنت الإسرائيلي، ولأن التآلف الحكومي في إسرائيلي قد يتطور إلى مزيد من التطرف، فقد اقترح السيد عباس أن يجري تجميد الاستيطان سراً، ولكن "نتانياهو" رفض أن يمارس سراً ما يعتبره منكراً. فما كان من السيد عباس، وحرصاً منه على الاستقرار الأمني في المنطقة، إلا التراجع عن الفترة الزمنية التي اشترطها من قبل، والتنازل في آخر حديث جرى له مع صحيفة "الغارديان" في لندن عن شرطه السابق، واكتفى بوقف الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر فقط.
من المؤكد أن الرد الإسرائيلي سيكون بالنفي، وعدم قبول استئناف المفاوضات مع وقف كامل للاستيطان، وذلك لثلاثة أسباب؛ الأول: أن الاستيطان الإسرائيلي أيديولوجية صهيونية ارتبط باغتصاب الأرض الفلسطينية، وإقامة المدن الاستيطانية مثل: تل أبيب، وحيفا، وريشون، والخضيرة، وغيرهما، وأي إخلال بهذه العقيدة ليوم واحد فقط، يعني التخلي عن أسس قيام الدولة العبرية، وهذا ما لا يسمح فيه "نتانياهو". والثاني: أن السيد عباس، وطاقم المفاوضات الفلسطينية قد فاوض الإسرائيليين ثمانية عشر عاماً دون توقف الاستيطان؟ وثالثاً: إصرار السيد عباس أن لا خيار آخر أمام الفلسطينيين غير المفاوضات، وإصراره على عدم السماح بعودة المقاومة العنيفة! وهذا ما يطمئن إسرائيل.
السيد عباس يهيئ الأجواء، ويمهد الطريق إلى المقترح الذي يحمله السيد جورج ميتشل، والداعي لاستئناف المفاوضات دون توقف الاستيطان، والذريعة لذلك هي: مفاوضات غير مباشرة، وعن قرب. بمعنى آخر، أن لا تستأنف المفاوضات على طاولة واحدة، وإنما على ثلاث طاولات، طاولة يجلس عليها الوفد الفلسطيني، وأخرى يجلس عليها الوفد الإسرائيلي، وبينهما طاولة ثالثة يجلس عليها الوفد الأمريكي، الذي سيكون حلقة الوصل في البداية فقط، ليصير النقاش، وتبادل المقترحات، وتحديد موعد اللقاءات بشكل مباشر فيما بعد.
ضمن هذا الغزل الإعلامي، فإن الأزمة التي نشبت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول استئناف المفاوضات على وشك الحل، ولكن ما لا حل له هو: إلى متى؟ وكم سنة من المفاوضات يحتاج الإسرائيليون لاستكمال سيطرتهم على الضفة الغربية؟ وأين سيفضي خسران الزمن بالصراع الذي ضرّس بتعقيداته أسنان الشعب الفلسطيني؟


www.deyaralnagab.com