بقلم : ديار النقب ... 19.01.2010

كان وما زال المرحوم شيخ المشايخ الشيخ سلمان الهزيل المنتسب لقبائل التياها المتواجده في فلسطين والدول المجاوره, معلم اساسي من معالم النقب ووجهائه وهو الشيخ الذي ارتبط تاريخه بالنقب وتاريخ بدو النقب في جنوب فلسطين ارتبط به وظل الشيخ سلمان الهزيل في حياته ومماته محل تقدير واعجاب, حيث ترك ميراث كبير من القصص والاحداث الذي عايشها وعاشها الشيخ الهزيل على مدى حياة طويله وحافله بالاحداث امتدت الى 120 عاما لا بل ان الشيخ سلمان الهزيل قد عايش في فلسطين ثلاثة حقبات تاريخيه وانظمة حكم امتدت من زمن الحكم العثماني وولادة االشيخ الهزيل في عام 1860 و مرورا بزمن الانتداب البريطاني ومن ثم احتلال فلسطين عام 1948 وقيام اسرائيل في ذلك العام والتي حاولت [ كما فعلت في مناطق اخرى في فلسطين] طرد عشيرة الهزيل ونفي الشيخ سلمان الهزيل الى خارج البلاد, الا ان الشيخ الهزيل رفض الهجره والتهجير القسري وفاوض مفاوضات مريره على ابقاء عشيرة الهزيل في النقب الشمالي[ منطقة وادي زباله شمال بئر السبع] ولم يستثني اي عائله من العائلات وعندما قال له الجيش الاسرائيلي انهم سيطردون قسم كبير من عشيرة الهزيل ويبقون قسم صغير ومن بينهم الشيخ الهزيل قال مقولته الشهيره "" اما ان نبقى جميعا او نرحل جميعا.. كل العشيره"", وبعد مفاوضات ووساطات نجح بتثبيت عشيرة الهزيل و ابقاء عائلات كثيره في النقب وفي عشيرة الهزيل[ جزء كبير من هذه العائلات يعيش اليوم في رهط], ومن بين هذه العائلات من حمل الجميل واخرى من تنكرت له في زمن اختلط فيه في النقب حابل الامور بنابلها وصارت كل عائله كبيره او صغيره تطلق على نفسها تسمية عشيره وتُشيخ شيخ الخ, وبالرغم من احترامنا للجميع الا اننا تاريخيا وعلميا نفرق بين مفهوم نشأة العشيره والقبيله وبين مفهوم العائله كفخذ او كجزء من العشيره والقبيله.. العشيره والقبيله لها شيخ وسكانها ومنتسبيها ينتسبون الى عائلات مختلفه ومتنوعه.. ليست بالضروره ان يكون جميع ابناء العشيره من عائله واحده... وعليه وبعد تقييم الامور تاريخيا ترتب القول اليوم انه وبعد ا كثر من 61 عاما على النكبه الفلسطينيه وتشريد الشعب الفلسطيني ان الشيخ سلمان الهزيل قد نجح بابقاء الكثير من بدو النقب [ شردت اسرائيل اكثرية بدو النقب عام 1948] وخاصة في منطقة عشيرة الهزيل في وطنهم وهم الذين تكاثروا مع الزمن والاجيال ليشكلوا قوى ديموغرافيه[ سكانيه] عربيه لا يستهان بها اليوم في النقب وفي مدينة رهط وما حولها,, وبعيدا عن كل الحساسيات القبليه والقيل والقاله والمهاترات الفارغه لابد من الاعتراف بان الشيخ سلمان الهزيل قد نجح في امرين اساسيين بالاضافه لامور كثيره اخرى وهُما: الاول : انه ناور وفاوض كزعيم قبلي ونجح بابقاء وتثبيت ما امكنه من بدو في النقب كانت العصابات الصهيونيه تنوي تهجيرهم, وما لا يعرفه الكثيرون عن الشيخ الهزيل هو بداوته الاصيله وعروبيته ورفضه التوقيع على ان يخدم البدو اجباريا في جيش اسرائيل وذلك بالرغم من انه تعرض للابتزاز والتهديد بالطرد من البلاد من قبل السلطات الاسرائيليه, لكنه ثبت على موقفه وقال انه" لن يختم ولن يوقع على ابناء و مستقبل بدو النقب العرب", وبفضله افلت عرب النقب من مصيدة " الخدمه الالزاميه و الاجباريه في جيش اسرائيل" .... الذين يذهبون اليوم وينضمون لجيش اسرائيل من بين بدو النقب يفعلون هذا بصوره شخصيه او تطوعيه وليس الزاما!!
من هنا ورغم ان انجا زات الشيخ سلمان الهزيل كثيره الا ان هنالك انجا زان وحدثان في غاية الاهميه انجزهما الشيخ المرحوم سلمان الهزيل وهما **:الاول:اسرارة على البقاء في ارض الوطن،هواالسبب الرئيسي لبقاء بدو النقب في وطنهم.
والثاني**:عندما قام الشيخ بزيارة الملك حسين لتعزيتة بوفاة الملكة علياءعام 1977. بعد تقديم تعازية،طلب من الملك ان يفتح الطريق للمسلمين من فلسطين,باداء مناسك العمرة واداء فريضة الحج عن طريق الاردن ,وكان لة ما اراد.
من هناومهما كتبنا عن الشيخ سلمان الهزيل فلن نتمكن ان ننصف شيخ عاش احداث 120 عاما في فلسطين والمنطقه المجاوره ومنح في زمن الانتداب البريطاني لقب شيخ المشايخ في النقب, والشيخ سلمان الهزيل اشتهر بالكاريزما القياديه والشخصيه القويه والعدل بين الناس الى حد انه في قضايا كثيره كان لايميل لصالح ابناءه في قضاياهم الحياتيه مع عائلات اخرى رغم معرفته بعدالة مايطرحونه من حجج, لتجده ينصف الاخرون حتى لايقولو ان الشيخ انحاز لابنه هذا او ذاك لابل ان الشيخ سلمان الهزيل الذي كان يملك اراضي شاسعه وواسعه[* الكثير من هذه الاراضي صادرتها اسرائيل وا ستولت عليها المستوطنات اليهوديه, وكما ان مدينة رهط الذي وطَنَت فيها اسرائيل البدو اقِيمَّت على قسم كبير من اراضي الشيخ الهزيل وعائلة الهزيل التي صادرتها اسرائيل قسرا] كان يضمِنها او يؤجرها او يمنحها للزراعه لعائلات بدويه فقيره ويرفض منحها واعطاءها لابناءه تحت شعار ان كل العشيرة اهله وابناءه وكان الناس الذين يزرعون ارض الشيخ الهزيل لايطالبهم احد بقسم او جزء من المنتوج الا اذا توفر المحصول [ سنين الوفره والخير] وجلبوا هم بانفسهم بعض من الغله والحبوب للشيخ الهزيل,, وعن الشيخ الهزيل تحكى حكايات كثيره تدل على الشهامه والحكمه والانسانيه من بينها: انه يوم من الايام مر مع حاشيته المكونه من بضعة اشخاص من جانب خيمة بدوي مستور, حيث اصر هذا البدوي على تكريم الشيخ الهزيل ونحر له ما يملكه من ضان , وحتى لا يمس الشيخ الهزيل كرامة مضيفه الفقير وافق على الغداء ولكنه اوصىى سرا حاشيته على ان ياكلوا القليل من اللحم من على الصحون المقدمه حتى يبقى الكثير من اللحم والخبز لاطفال وعائلة البدوي الفقير و الشهم, وهكذا فعل الشيخ وحاشيته وتركوا صحون المناسف عامره بما فيها واكلو القليل وشكروا مضيفهم وعندما عاد الشيخ سلمان الهزيل الى البيت نحر الذبائح كغداء لحاشيته اللتي لم تاكل وتشبع من صحون المُضيف الشهم وامر الشيخ الهزيل في اليوم التالي بارسال بعض الضان وفردة قمح الى البدوي المستور تعويضا له واكراما له على اصالته وشهامته وكرمه البدوي... وهنالك احاديث كثيره عن فتح الشيخ الهزيل ابواب الكمور وزنانير القمح والشعير والغله للناس المحتاجين والفقراء في سنين المحل.
ليس هذا فقط لابل ان الشيخ سلمان الهزيل كان يتقن الطبابه العربيه بالكَي[الكي بالنار من خلال عشبه تسمى القدح] ما يتعلق بمرض " عرق النسى" والشلل الجزءي وفد عالج الاف الناس مجانا من الداخل والخارج وكانت المرضى تاتي للطبابه في ديار الشيخ سلمان الهزيل من اوروبا وامريكا والعالم وليس فقط من فلسطين والمحيط العربي وشفي على يده الكثير الكثير من الناس الذين كانوا يعانون من الالم وعدم القدره على المشي وحول هذا الموضوع قِيل الكثير وحدثت العجائب الطبيه. اذ ان الكثيرون من كانوا ياتون على كرسي متحرك او حمَّاله للطبابه عند الشيخ الهزيل, كانوا يعودون لزيارته سيرا على الاقدام!
من عجائب الشيخ الهزيل نفسه انه عمر طويلا وعاش طويلا وبقدرة الله سبحانه وتعالى ورغم الشيخوخه المتقدمه بقي متماسكا صحيا, ويُحكى انه ولشدة زعامته وكرامته وشهامته وحتى لايُثقل على الاخرين ويشغلهم به وعندما شعر بالمرض والتعب, طلب من ربه الرحمه شاكرا اياه على هذه النعمه من الحياه الطويله, وكان له ما تمنى وطلب, حيث انتقل الشيخ سلمان الهزيل الى جوار ربه بعد فترة مرض قصيره في عام 1982 وتم تشييعه في جنا زة مهيبه وشارك في مراسيم العزاء على مدى اسابيع الاف من الناس والشخصيات والوفود من البلاد وخارجها... تجوز الشيخ سلمان الهزيل على طيل حياته الطويله من 40 امراه وترك الشيخ الهزيل وراءه ذريه كثيره وعائله كبيره جدا, اذ تعتبر عائلة الهزيل اليوم من اكبر واعرق العائلات في النقب....... تعتبر حياة شيخ المشايخ المرحوم الشيخ سلمان الهزيل حياه اسطوريه بكل ما تعنيه الكلمه من معنى وفحوى!!! الاسم السلالي الكامل*: الشيخ سلمان علي سلمان علي عزام الهزيل...... التاريخ مدرسه والاحداث هي صانعة التاريخ وعليه ترتب القول بالتذكير بحدث تاريخي ان جد الشيخ سلمان الهزيل الذي يدعى ايضا سلمان ولقب بلقب " سلمان الاعرج" قد قاد ثورة "الجياع" في النقب ضد الحكم العثماني ابان فترة حكم أحمد باشا الجزار (1734م - 1804م) [اسمه الاصلي :أحمد البوشناقي أصوله من البوسنة والهرسك حاليا] الذي حكم ساحل فلسطين والشام بالحديد والنار والدم, وقد شارك الشيخ سلمان الهزيل" الاعرج" في الثوره التي عمت فلسطين انذاك ضد الفقر والاضطهاد الدموي الذي قاده احمد باشا الجزار, وقد القي القبض على قيادات الثوره والتمرد في فلسطين ومن بينهم سلمان الهزيل "الاعرج" حيث أعدمو جميعا فيما بعد في بلاد الشام ومن بينهم الشيخ سلمان الهزيل الملقب ب"الاعرج"!!