إلى أين يذهب العالم؟!
بقلم : ريم عبيدات ... 16.02.2010
“إن أردت ألا تتعب، فاتعب لئلا تتعب” .
هناك يضحكون ويسافرون بعيداً وطويلاً، هناك يتسامرون صباح مساء، يتناقشون بكل شيء ولا حدود لما يريدون قوله أو بحثه أو التعبير عنه . وهناك يعيشون حياة كاملة بتفاصيلها البسيطة والمعقدة .
ترى لو قدر للعالم الكبير ماسلو أن يعيش زماننا، فأي شكل جديد سيتخذه هرمه الشهير القائم على فكرة الحاجات الإنسانية، والقائل بحاجة الإنسان المتقدمة إلى الحب والانتماء والاحترام لغرائزه الأولية . أي اختلاف سيطال هذا الهرم، حين يحول الأمن والسكن وهذا الحب والانتماء إلى أمواج وإشعاعات وأسلاك وتوصيلات .
هل من المعقول أن تنتقل الحياة بأكملها إلى النت، تشرق الشمس وتغرب لأيام وأشهر وربما سنوات هناك . ويولد أناس جدد ويموت آخرون، وهم في زاوية صغيرة من ركن منزل أو مكتب مساحته لا تزيد على المتر في أكبر الأحوال .
فيه يعيشون ويأكلون وينتقلون ويدرسون ويلعبون رياضة، ينامون ويحلمون، ينتقلون، يعملون ويكسلون، يخفقون ويتفوقون، يعيشون اليوم بساعاته الأربع والعشرين، يتعرفون إلى إنسانيتهم الخاصة بحالاتها المختلفة ومشاعرهم اللامحدودة . هل يمكن أن ينتقل الإنسان إلى افتراض حياته بالكامل ونسخها من جديد بصورة خياليه وأقرب ما تكون إلى انتفائها منها إلى وجودها؟ وأتساءل هل سيكون هناك بديل إلكتروني أيضاً للطعام والإنجاب والنوم وحتى التنفس؟
اللافت للنظر حجم الهروب والعزلة الاجتماعية التي يعيشها الشبان، فيما يتمترسون ساعات طويلة مقابل شاشات الإنترنت . في الطائرات والمواصلات العامة، في الأماكن العامة، في المقاهي والجامعات، يتابعون حياة خاصة بعيدة عبر أطراف أصابعهم، في الألعاب الإلكترونية أو هواتفهم النقالة مختلفة المواصفات والخدمات .
فهل يأس منا هذا الجيل، ومن قضايانا المملة، وأحاديثنا المتعبة، وأحلامنا التي ضلّت طريقها منذ زمن؟ وهل يبحث عن عوالم يرسمها ويبنيها بنفسه؟ فيها يرى نفسه بالصورة التي يحب ويتمنى ويفترض، هل يرفضون تماماً طريقتنا في الحياة؟
الظاهرة عالمية بحيث تجتث مواقع التواصل الاجتماعي أركان وتفاصيل المشهد الحياتي بصورة جنونية في تسارعها، إذ شهد عام ،2009 انضمام أعداد كبيرة من مستخدمي المواقع الاجتماعية بصورة عامة . فمثلاً وصل عدد مشتركي “فيسبوك” وحده 350 مليوناً، بينما ضاعف “تويتر” بمقدار عشر مرات عدد مستخدميه، من أربعة ملايين في بداية العام إلى 40 مليوناً في أواخره، حسب مواقع البحث والإحصاء الإلكتروني .
فإلى أين يذهب هذا العالم؟ وأين يذهب الاتصال الإنساني فيه؟ وأي شباب قادم علينا أن ننتظر؟ وأية توقعات لإنسانية الحياة علينا أن نتهيأ لها؟
www.deyaralnagab.com
|