أصْبَحنا عَلى قَوس..وَ..رَقْم!!
بقلم : نبال شمس ... 21.02.2010
**في مُدن البرتقال
بَعيد عَن كُل المَراسيم والصُحُف المُبعْثرة عَلى الطاوِلات وكُؤوس الاسْبرسو الفاخِرِة..
بّعيد عَن الحفَلات والخَطابات والتضامُنات وعَن عَناوين الجَرائد الأسْبوعية...تضاعَفَ الهَمّ وّتّضاعفت المأساة.
بعيد عن اصدق حالات الكَذب يَعلو السُؤال:
مَن نَحْنُ؟
أصْبَحت المَدينة مَطموسَة المَعالِم دون قَهوة عَربِيّة و تأثير الهال على شارِبّها، تَأملنا الأمكِنَة التي فاضَت بِالأزْهار بِكل الألوانِ دونَ رائِحةِ الطَبيعةِ .بَحَثنا عن طَعم البُرتقال وعَن رَغيف خُبز نَسدّ جوع المَسافات فَوَجدنا الرَغيف وضاعَت المَسافات.
مِنَ المَدائن القَديمة طارَت نَغَمة حَزينة بلونٍ أبْيض..فَمَن حوّل الأبْيَض إلى لَون حُزن..ومَن زَرَعَ الحُزن عَلى صدرِ رَقمنا.
ما انفكّ طائر الدوري يُعلن رَحيله عَنّا، وما انْفكّ الأطْفال يَرسُمون خارِطَة حَيفا بِأسْماء أمْكِنتِها القَديمة والبَحْث في تِلك الصَفحات محال الشَرْعِية.
كهلٌ، تَعَثَر لِسانه عَن كُلّ الأسْماء وتَعَثّرت عَصاه عَن آخر خطوة..ارتَطم بِالأرض فَحَلق اليَمام مِن فَوق جُثته رافِضَة الرَحيل عَن المَكان.+
**عَلى قَوْس أخْضَر
الحُلم غافٍ لا يَنْتفض داخلنا..تَنتفض رفات آخر الآمال .. قََبِلْنا الرحيل إلى مَسارٍب خَطّ اخْضَر..رَحَلنا وما زِلنا مَكاننا.. تَحتَ وَطْأة صَيف حارِق.
انتَهى الصَيف..رَحَل الصَيف وَبَقينا تَحت وَطأةٍ تَجرّد مِنها الوُجود؟
أصْبَحنا عَلى قَوسٍ أخْضَرٍ..نُداعِب حُلم البَقاء ولافِتاتٍ لا تَحمل آخر ما تَبَقّى لنا في أرْجاء الطُرقات.
أصْبَحنا عَلى رَحيل..عَلى انْهِيار..وَرَقم على وَجه العُمر لآخر العُمر.
حَنْظَله غَيْر قابِل للانْهيار..ِللموت..هُو القابِل للحَياة...إلى ما بَعد السَماء..نَتَناقله حيّا..صامِتا..مُتمرِدا جَميلا.
**عَلى قَوْس اسْوَد
كُلما ارتَفعْنا كُلما زادَ سَواد الَمنطِقة..أبْيض ثَلجها كَأسْود صُخورها ..نَكهَة مَمْزوجة بِرائِحة البَرد والسَوسَن...
نَزيف البَرد يَقتلنا ونَزْف البَراكين يُرعبنا...يلفّنا كَقوسٍ اسْود لا قزح فيه سِوى ابْيَض ثَلجه.
أصْبَحنا عَلى عُلوّ شاهِق..تَلة الصُراخ نَفَرت مِن أقْدام مَن حَطّ عَليْها..فاضَت عَلينا إنسانِيَة وَدموع..اعْشَوْشَبَت مِن تَحت نِعالنا الطَحالِب..شَهدت عَليهم المأساة وِشِهد عَلينا الفُراق.
عَن تِلك المُدن وعَن سُفوح البازِلت، امتَطَت العَناوين صَفحات الصُحف مُعلنة الحَقيقة أو الوَهْم عَن مَوضوع وُجودنا.
كهلٌ، تَعَثَر لِسانه عَن كُلّ الأسْماء وتَعَثّرت عَصاه عَن آخر خطوة..ارتَطم بِالأرض فَحَلق اليَمام مِن فَوق جُثته رافِضَة الرَحيل عَن المَكان.
في مُدن البازِلت لا طَعْم لِلقَهوة السَمْراء..كَأرْض الصُبّار لا طَعم فيها لِخَلّ التُفاح..سِيّان هُو الأمْر لِكيمياء المَزج..أو كيمياء الحَياة المَمْزوجة بأفْراحِنا وأحْزاننا وما اقتَرفنا من فُرْقة غَريبة الأطْوار.. واقِعِية المَعْنى.
**على قَوس قُزَح...
هُوَ الحُلم المُتَبَقي في نَفس ذلك الطِفل..حُلمه كانَ أن يَمتطي قَوس قُزح لِيَرى العالَم المُبلل بالمَطَر.
قَوس قُزح ذات سَبعة ألوان والثامِن كُنّا نَحْن ...العالَم رُباعي مِن حَولنا ...الرقْم باقٍ... سَوف نَقضي لِيحمله ذلك الطِفل وبَقِية الأطْفال... َمنذ البِداية نُحن الأصل ونَحن النِهابة.
بِدايات ونِهايات انْهزام وانْكسارات وَحملنا فَوق ظَهرنا نَتأَمل هُنا وَهٌُناك والبازِلت الذي نَزلنا مِن عَلى سُفوحه نَبحث عَن الحَقيقة المَطموسَة في مَكانها، ما زالَ صامداً..أسوداً..جميلاً بنكهة البَردِ.
عاد الطِفل باكيا، سَألناه عَن السَبَب عَلَّلَ فقال:
" لم اسْتطع أن أصِل قَوس قُزح".
بَكينا فَقلنا:
" لم نَسْتطع أن نَصِل الحَقيقة.
الحَقيقة وَقوس قُزح هُما الوَهم وعَليْنا نَحن العَيش مَع كُلّ الأرْقام".
غابَ الطفل وغِبنا مَعه، رَحَل الكهل عن الوجود وَاخْتَفت جُثَّتَه رافِضَة الرَحيل عَن المَكان، وَبَقيَت مُدن البُرْتقال وحْدَها تَداعب آخِر ما تَبَقى من رفات الحُلم.
www.deyaralnagab.com
|