جيتو" الرملة...صرخة لا يسمعها أحد..!!
بقلم : رانية مرجية ... 30.1.07
يقع حي الجيتو على ما يقارب أل 55 دونمًا. غالبية المساكن ذات طابع عربيّ تقليديّ، وهي ملك شركة "عميدار"، غالبية المباني غير مرخصة ومعرّضة للهدم في أي لحظة، نتيجة لعدم تطابقها مع" الخارطة الهيكليّة" تبين خلال الفترة المنصرمة أن هناك مخطّطات و مشاريع (مغلفة بأنها مشاريع
تطويرية)لإخلاء العرب من مكانهم وبناء وحدات سكنية لليهود. وأحد هذه المشاريع، يدعى" ماعوز هعير" الذي يخصّص وحدات سكنيّة بشروط تمويل مغرية، أهمها أن من يريد(من اليهود طبعا) امتلاك شقة سكنية هناك يحظى
ب 100 % قروض، وهذا المشروع لصالح الذين أدّوا الخدمة العسكريّة، والقادمين الجدد..
عودة إلى التاريخ
في عام 1948 تم حصر السكان العرب وكان عددهم 900، بالإضافة إلى 2000 فلسطينيّ من القرى و مركز المدينة و من حينها تم إطلاق اسم "الجيتو" على هذا الحي وأصبح اسمه الدارج
يسكن الحي اليوم 4000 مواطن عربيّ، حيث تعدت نسبتهم أل 70% من سكانه بعد أن صار الحيّ فقيرا وأشبه بقرية معزولة تفتقر للخدمات الأساسية، ولا شيء صالح به سوى المعالم التاريخية القائمة فيه منذ زمن والتي تذكر بأنه في حقبة زمنية ماضية كان مجدا لهذا الحي .
عند الدخول للحي تستوقفك تلك العبارات "نعيش ويمر بيننا خائنون" و"ليعيش الشعب المنغولي" تلك العبارتين كتبها أحد أطفال الحي ممن لم يتعدوا الثالثة عشرة ربيعا
عاش الشعب المنغولي
"لماذا كتبنا عبارة "يعيش الشعب المنغولي" لأن هم أكثر الناس سلمًا وتقبلا بالواقع ونحن علينا أن نتقبل واقعنا سنستمر بقطع مسافات كبيرة لنلعب بأحياء من جاءوا بعدنا وأخذوا حقوقنا"، هذا ما قالته لي مريم أبو هزاز وهي لم تتعدى الثماني سنوات بعد. وأضافت: "من حقنا أن تكون لنا حديقة بالحي كما يوجد حدائق في الأحياء اليهودية، العملاء يسكنون أفضل الأحياء وينعمون بحدائق وبيوتهم فخمة وكذلك اليهود، ينظرون إلينا على أننا نلعب بالأوحال والحجارة" واصطحبتني رغم صغر سنها إلى بيتها لأرى كيف تعيش في بيت مكون من غرفتين فقط هي وسبعة من أفراد عائلتها ببيت تغمره مياه الشتاء عنوة
أعضاء البلدية العرب لا يسألون عنا
سليم أبو معمر وهو رجل كادح وأب لثلاثة أطفال قال وهو يحتضن أطفاله: "الحي مهمل جدًا لا أحد يسأل عنا نحن من نكنس الحي بأنفسنا، أعضاء البلدية العرب لا يسألون عنا لا يتفقدوننا وإن أتوا فإنهم يأتون ليشحذوا علينا، أنا وأخوتي وجيراني قمنا بحفر الشارع لتمر المياه كما ترين، المياه هكذا كالبركة منذ 40 عامًا، الإهمال نفس الإهمال لم يتغير شيئًا في الحي، كما ترين الدرج من حديد، نحن ممنوعون من صب الباطون، ممنوعون من إضافة حجر، لا إضاءة في شوارع الحي، لا يوجد أي ملعب للأطفال، ويصف تقليدا غريبا: نقوم بين مدة ومدة بإحراق إطارات سيارات لتهريب الجرذان والثعابين من البيوت والحي
ويضيف: "مدرسة الأمل بالحي لم تقبل تسجيل أولادي، قالوا لي سجلهم بمدرسة ابن سينا التي أضحى معظم من يدرس فيها من أبناء العملاء من الضفة والقطاع، رفضت. ليس بسبب أطفال العملاء إنما بسبب أهاليهم فأنا غير مستعد لأن أخسر إبني أو ابنتي نتيجة لأخذ بالثأر، من يعرف: قد يصادف أن يخرج ابني أو ابنتي من مدرسة أبن سينا وتصيبهم رصاصة عشوائية"
وتضيف زوجته: "ابنتي نورهان لم تذهب اليوم إلى مدرسة العمرية الموجودة بجان حاقال لأن المسئول عن المواصلات لا يأتي لأخذ الأولاد بالمطر، الفقير دائما يدفع الثمن".
قضاء الحاجة؟ في بيت أهالينا فقط
حال سامي أبو معمر ليس أفضل من حال سليم، فهو يعيش في غرفة واحدة هو وزوجته، الغرفة عبارة عن مترين بمترين ونصف، بالكاد تستطيع أن تضع قدمك فيها، الغرفة عبارة عن مطبخ وغرفة نوم، لذا تجد السكر والخبز والطحين وزجاجات الماء في الغرفة، يدفعون ألف شيكل ومع هذا يعيشون في ظروف صعبة، وعندما يرغبون بقضاء حاجتهم أو الاستحمام يذهبون لبيوت أهاليهم.
ضيق التنفس بسبب الرطوبة الحادة والاكتظاظ
وحال السيدة رسمية أبو معمر ليس بأفضل من غيرها أيضًا، تسكن في غرفة عبارة عن أربعة أمتار بخمسة أمتار هي وزوجها وأبنائها الستة الذين يعانون من ضيق التنفس بسبب الرطوبة الحادة والاكتظاظ. الفئران والجرذان والثعابين تسرح وتمرح في الصيف، وكثيرًا ما نمسكها ونقتلها.
الفقر والجوع والإهمال.... أصبحت الحياة كفرا بكفر
ثم أزور سهام أبو معمر التي قضم جرد كبير أنفها يوم كانت طفلة صغيرة نتيجة لإهمال الحي وقذارته، عمرها اليوم 40 عامًا، تؤكد لنا أن المعاناة معاناة وأنها بالكاد تحصل على ألف شيكل شهريًا بسبب إعاقتها، وتعود وتحمد الله على مصابها وتسأل: "لو حدث هذا مع يهودية هل سيكون التعامل معها بنفس الطريقة؟ " سهاماتصلنا عشرات المرات لمركز الشرطة بالمدينة ولموكيد البلدية بهدف إنقاذنا من المياه التي غمرت معظم البيوت، إلا أن محاولاتنا باءت بالفشل" وتضيف: " ممكن أن يتدخلوا عندما يموتوا أطفالنا وتُهدم البيوت على رؤوسنا ، أين أعضاء الكنيست العرب؟" سهام لا تتمالك نفسها وتبكي"الفقر، الجوع، الإهمال... كل شيء أصبح كفر بكفر".
لم ولن يستطيعوا إخراجي من بيتي
محمد بدوية وهو أب لأثني عشرة ولدًا وبنتًا يحدثنا عن محاولات العميدار الاستيلاء على بيته وإخراجه منه، إلا أنهم فشلوا! زوجته أم خليل بُطرت رجلها إلا أنها بقيت صامدة، تقول: "سنبقى متمسكون ببيتنا وسنحافظ عليه في هذا البيت، ربيت آلـ 12 ولد وبنت، ومن هذا البيت كانت تنظم المظاهرات."
، أنهم بارعون في تصويرنا كمجرمين
عيسى ضبيط أبو طوني وهو أحد سكان الحي القديم قال لنا أنه مثل أغلبية سكان الحي ملاحق قضائيًا وأضاف: "العميدار وهي السلطة التي تملك البيوت العربية في الأحياء القديمة. تلاحقني بأوامر إخلاء، أنا مُلاحق في داخل دولة من قبل مؤسسات الدولة القضائية، إنهم يريدون إلغائنا، أنهم بارعون في تصورينا كمجرمين خارجين عن القانون، أين نذهب؟ نحن السكان الأصليين، نطالب بحقوقنا وليس بفتات حقوق، يجب أن تُرمم البلدة القديمة، إننا لا نبحث عن لافتات بل عن حق، يقولون أن الرملة هي مدينة المساواة والتعايش! أين المساواة والتعايش؟ فلو كان رئيس البلدية مع التعايش الحقيقي لكان رمم الحي القديم كما يرمم الأحياء اليهودية".
أخشى على ابنتي من مجرد السير في الحي بسبب قذارته وكثرة المكروبات
السيدة إلهام القرا وهي أم لطفلة تقول والدموع لا تفارقها: "بت أخشى على ابنتي من مجرد السير في الحي بسبب قذارته وكثرة المكروبات، عدا الزواحف السامة والحجارة المكومة، ولدت ابنتي بعد سنين طويلة من العلاج المستمر، ودائما تسألني لماذا عليها أن تقطع مسافات طويلة حتى تصل إلى حديقة عامة؟" وتضيف: "لماذا لا نستطيع ترميم بيوتنا؟ لماذا كُتب علينا أن نعيش وكأننا في داخل مخيم في غزة، لا أملك أيّة إجابة، إنني انتظر من أعضاء البلدية العرب أن يجيبوني ماذا فعلوا لنا؟ ماذا قدموا لنا؟ وأتوجه لكافة أعضاء الكنيست العرب بهذا السؤال لماذا تتجاهلون وجودنا وحقوقنا ترى هل تعرفون مدى معاناتنا؟"
الاتحاد الأوروبي يدفع والأموال لا تصل للحي
أحد أبناء الحي أكد على كلام السيد سليم أبو معمر: "كل فترة وفترة يأتون إلينا من مؤسسات وجمعيات مختلفة يصورون الحي والناس المساكين، ولكن لا يفعلون شيئا، اشي رايح واشي جاي، نسمع أنهم يلمون على ظهورنا أموالا طائلة تأتي من الاتحاد الأوروبي، ولكن لا شيء يصل للحي، حسبي الله ونعمة الوكيل ماذا أقول خلي الطابق مستور، من جهة أخرى نعرف أن البلدية غير معنية بدعمنا، ولن تدعمنا إلا بحدوث معجزة."
مخطط البلدية أن يترك العرب بيوتهم
عضو البلدية الشيخ سليمان أبو صويص قال: "هنالك تخطيط بأن يهدم الحي بأكمله وتُبنى مكانه مباني جديدة لإزاحة المعالم العربية، حتى اليوم لم يتم تطوير أي شيء، حتى مواسير المياه والبيوف، وأضاف البلدية: ستفعل كل شيء ليتركوا العرب بيوتهم ولن يعوضوهم إلا بقروش".
أعضاء البلدية العرب ليسوا شركاء في قرارات البلدية
عضو البلدية المربي فايز منصور قال: "منذ عام الـ 48 لم يضف أي شيء للحي، يريدون أن يمحوه، وأن يدمروا كل الملامح العربية والأثرية" وأضاف: "لم يبنَ أي مشروع للعرب أو للأزواج الشابة، ويمنع العرب من السكن في أحياء معينة، هذه سياسة، ينظرون إلينا كمشكلة بيئية، عشرات البيوت ملاحقة بالإخلاء من قبل سلطة العميدار، العديد يظن أن عضو البلدية العربي شريك في القرارات، ولكن هذا ليس صحيحًا، نحن ضد ما يقوم به رئيس البلدية، نحن نؤثر في الموقف ولكن ليس في اتخاذ القرارات، من يقرر رئيس البلدية وليس نحن، لهذا نحن في المعارضة".
وأخيرا
لا تزال مخططات البلدية مستمرة بالفعل فقد تمت خلال الفترة الأخيرة إحاطة مئذنة النبي صالح بوحدات سكنية، عدا عن إقرار إقامة مشروع سكنيّ جديد بنفس محور المئذنة، ببناء حوالي 8 عمارات تضمّ كل منها 14 طابق، وهذه تعدّ واحدةً من المحاولات العديدة لطمس المعالم العربية للمدينة.
www.deyaralnagab.com
|