logo
بان كي مون والمسألة الفلسطينية!!

بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 22.03.2010

إذا كان استكمال بناء مائة وخمسين وحدة سكنية في خان يونس تطلب زيارة بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة للدولة العبرية، فكم عدد رؤساء الدول، والوزراء، والشخصيات الدولية، والإنسانية التي يتوجب عليها أن تزور إسرائيل كي تأخذ الإذن بإعادة تأهيل خمسة آلاف بيت دمرتها الحرب الإجرامية على غزة نهاية عام 2008؟ وللتوضيح؛ فإن الوحدات السكنية المذكورة هي مبانٍ قائمة في خان يونس، وهي بحاجة إلى استكمال بناء فقط، وقد شرعت هيئة الأمم المتحدة في بنائها سنة 2006، وهي مخصصة لمن دمرت بيوتهم قبل الانسحاب الإسرائيلي سنة 2005، وتعطل العمل فيها بسبب الحصار.
ما سبق من هوان لا يمكن عزله عم مجمل ما تعانيه الساحة السياسة الفلسطينية التي يهدها الانقسام، واعتمدت التفاوض خيارا وحيداً، فإذا بالقضية الفلسطينية تتحول من قضية سياسية إلى قضية إنسانية، وبدل أن يطالب أمين عام الأمم المتحدة بمعاقبة إسرائيل لحصارها مليون ونصف في غزة، ومحاصرة ثلاثة ملايين بالجدار والاستيطان في الضفة الغربية، اكتفى الرجل بنداء وقف الاستيطان، ولم يقل: قلع المستوطنات. ولم يقل: على إسرائيل أن تنسحب من الأراضي التي احتلتها سنة 67. ولم يقل: بضرورة عودة ملايين اللاجئين إلى الأرض التي اغتصبتها سنة 1948؛ ما زالت هيئة الأمم المتحدة تقدم لمعظمهم الخدمات حتى يومنا هذا. ولم يكتف الرجل الدولي بذلك، بل حرص على عدم إغضاب إسرائيل، ولئلا يبدو بمطالبة الإنسانية متحيزاً للفلسطينيين، طالب حركة حماس وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل، دون أن يبصر الدم الذي يشر من الطائرات الإسرائيلية!
لا نلوم بان كي مون على حسن قراءته للواقع الميداني، وتقديره لمصادر القوة والضعف السياسي في المنطقة، ولا نلوم جورج ميتشل الذي يسعى لاستئناف المفاوضات رغم صراحة نتانياهو، واعتباره الاستيطان في القدس مماثلاً للاستيطان في تل أبيب، فجميعهم صادق مع نفسه، ويتلمس خطواته وتصريحاته على ضوء ما يجري في الميدان من تفوق إسرائيلي، ومن فائض قوة تملي على ملوك العرب، ورؤسائهم ما يحلم فيه اليهود .
قيل: إن رجلاً ركب فرسه المميزة، وذهب لزيارة أحد شيوخ العشائر، وما أن وقعت عين شيخ العشيرة على الفرس، حتى طمع فيها، وتخيلها قد ولدت له مهراً لا مثيل له، فعرض على صاحب الفرس أن يترك فرسه وسط الخيول، ثم يعود ويأخذها بعد عام هي ووليدها، فوافق الرجل، وترك فرسه وغادر الديار، ليعود بعد عام يسأل عن فرسه وولدها، فقال شيخ العشيرة للموظفين والعمال والخدم: أعطوه فرسه وولدها. وهنا كانت المفاجأة، فقد أعطاه الرعيان مع الفرس خروفاً، فاستغرب الرجل، وقال: هل هذا الخروف ابن هذه الفرس الجميلة، رد الحضور جميعهم، نعم؛ لقد ولدت فرسك خروفاً.
لم يصدق الرجل في بداية الأمر، وأصر أن يذهب إلى القضاء، وهنالك استمع القاضي إلى حجج المتخاصمين، وطلب من الرجل شاهداً يؤكد على روايته، فلم يجد أحداً، بينما وجد شيخ العشيرة عشرات الشهود الذين أقسموا بالله أن الفرس قد ولدت خروفاً.
لقد أصدر القاضي "بان كي مون" حكمه الذي صار فيما بعد حكمة تقول:
إذا تكافأ الحيل بالحيل، فإن الخيل تلد خيلاً. وإن لم يتكافأ الحيل بالحيل، فإن الخيل تلد خرافاً، وتلد اتفاقيات أوسلو، وتلد شروط الرباعية، وتلد توسلاً دولياً بعدم التوسع الاستيطاني في الضفة، والسماح بإدخال الزجاج والألمونيوم واللحوم المجمدة إلى قطاع غزة.


www.deyaralnagab.com