السيد القمني أم القمي؟..التجني على العراق والمقاومة الوطنية!!
بقلم : علي الكاش ... 05.03.2010
الشأن العراقي له طابع خاص مميز من الصعب ان يكتب عنه بشكل منهجي وواقعي من لا يمتلك معلومات واسعة ومن مصادر موثوقة عما يدور في أروقته من صراعات وفتن داخلية ومؤثرات خارجية. سيما اذا كان ذلك الكاتب ممن يدعي الحيادية والانفتاح والثقافة والعلمانية في كتاباته مما يستدعي ان يكون طروحاته منصفة وحيادية. والحيادية من أبسط مقومات الكاتب الرصين كي لا ينطبق عليه نفس الصفة التي أفتانا بها السيد القمني " إننا نهوى ضياع الحق بيننا رغم نص الحديث ( لعن الله قوما ضيعوا الحق بينهم)"! ومن المؤسف ان يقع في مطبات التحليل السياسي الكثير ممن كنا ندعوهم اساتذة لنا وتفتحت أذهاننا على كتبهم ومنهم خالد محمد خالد الذي جذب عقولنا الطرية بطروحاته في خمسينيات القرن الماضي وما تضمنته من مثاليات ووطنيات. ليفاجئنا بعد أربعة عقود خلال أزمة الخليج الثانية بقول مدفوع الثمن من جارة السوء الكويت"إن المشكلة الكبرى ليس في إن أمريكا قد تدخلت في حرب الخليج وصدت وأخرجت صدام, ولكن المشكلة الكبرى لو أن امريكا لم تكن موجودة على الساحة السياسية الدولية"! وكذلك الكاتب المصري فهمي هويدي المعمم العقل، الذي مازال مساهما فاعلا في شركة الخميني لتصدير الثورات! رغم كل المصائب التي فقستها ومست وطنه مصر مؤخرا تحت شعار تصدير الثورة! لقد أوصلنا هذا الرهط الخائب الى قناعة بأن العقل مثل الجسد يصل الى أرذل العمر.
الغريب ان بعض الكتاب العرب برروا للرئيس بوش استخدامه مصطلح الحرب الصليبية في حربه على الارهاب ومنهم شاكر النابلسي المقيم في امريكا والراضع من ثدي مادلين اولبرايت حتى الثمالة. والكاتب الكويتي يعقوب حياتي معتبرين كلمة(CRUSADE) ذات معنى خاص وتأريخي يحدد فقط في المواقع الحربية الي خاضها المسلمون في القرون الوسطى ضد الدول الاوربية لاستعادة الاراضي المقدسة! اي فسرا الماء بعد الجهد بالماء! بمعنى ان الرئيس بوش لم يقصد شن حرب مقدسة ضد الاسلام! ولكن لم يفسرا لنا فيما إذا كان هذا قصده فعلا! فعلام إعتذر عن كلامه؟ الم يعتذر البيت الابيض زاعما ان الرئيس بوش لم يقصد المعنى التأريخي للعبارة؟ اذن هناك معنى تأريخي لا يحتاج الى تحليل النابلسي والحياتي عفا الله عن سماجتهما. ثم لماذا تم تغيير إسم الحملة ان لم يكن يقصده بوش من ( العدالة بلا حدود ) الى (الحرية الراسخة)؟
ونفس القول ينطبق على السيد القمني فقد جاء في كتابه الموسوم ( أهل الدين والديمقراطية) الكثير من المغالطات والاخفاقات التي لا تتناسب وكاتب يحمل مثل سمعته الطيبة. وبغض النظر عما وراء دوافعه لأن يتخذ من الأزهر الشريف محورا للتهكم والسخرية في معظم كتاباته. لكننا لا نتدخل في هذا الأمر فأهل مصرأعرف بشعابها كما أن أهل العراق أعرف بشعابه. ولكننا سنتطرق الى ما جاء في كتاباته عن العراق بشكل رئيسي حيث وردت فيها مغالطات وإفتراءات لا يمكن السكوت عنها، كما هو شأنه عندما لا يسكت عن بعض فتاوى شيوخ الأزهر المثيرة للسخط واللغو! ويبدو ان السيد القمي كما أسميته نصب نفسه مدافعا عن بعض الأقليات في محاولة لكسب ودهم ولا نبخسه حقه في ذلك لكننا سنمارس نفس الدور بالدفاع عن عراقنا وطنا وشعبا ونكشف المخططات التي تستهدفه والتي تضببت أمام أنظار القمي وغيره فجاء حكمهم هامشيا وظالما بحق الشعب العراقي.
يفرق القمني بطريقة عجيبة بين الجهاد والتحرير، ولا يعتبر الجهاد هو الطريق الأمثل لتحرر الشعوب من نير الإحتلال وتحقيق الإستقلال فيدعي" نحن نمارس فعل الجهاد، لا فعل التحرير وما أبعدهما عن بعض معنى ومبنى" مختزلا دوافع الجهاد بالخمر والغلمان وحور العين! بينما التحرير يعني تحرير الأرض فالأولى مهمة سماوية والثانية وضعية من صنع البشر, ومن المؤسف ان تكون نظرته القاصرة بأن دوافع الجهاد سماوية وليست لها علاقة بالأرض! فعندما تغتصب أرضك ويشرد شعبك وتنهب ثرواتك ويذبح شعبك وتجاهد قي سبيل هذه القضية الوطنية فأن الهدف من جهادك برأي القمني ليس التحرر والقصد الوطني المحض، بل الخمر والغلمان وحور العين. إنها نظرة بائسة لا يمكن أن تصدر من كاتب له ضمير. كيف يفسر ما في قلوب الناس من مباديء يفعلونها إلى تطبيق حسب هواه؟
وبأجحاف أشد يدعي بأن" الجهاد هو إعلان حرب. وإعلان الحرب مخول فقط لسلطة الدولة ورئيسها" فإذا كان الجهاد إعلان بالحرب فهذا يعني ان ليس هدفه حور العين والغلمان وإنما أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية, وإذا كانت صلاحية الجهاد محصورة بالملوك والرؤساء فقط فمعنى هذا إنها خرجت من إطارها الديني لأنه الحكم ليس للخلفاء ورجال الدين بل معظم الدول محكومة بالنظم العلمانية. واذا جرت الأمور بهذا الحسبان فكيف يعلن الجهاد في سبيل تحرير الشعوب من غول الاستعمار؟ طالما إن الحاكم منصب من قبل الدول الاستعمارية نفسها! كما هو الحال في العراق وإفغانستان؟ وهذه حالة طبيعية ما تزال تلازم الاستعمار منذ نشأته حتى الوقت الحاضر، هل يتوقع القمني ان يعلن كرزاي أو المالكي وسلفه الجعفري الجهاد ضد الأمريكان؟
و في خضم هذه المتاهة يأتينا بما يناقضها وبعد صفحة واحدة فقط فيذكر" ان الجهاد مسئولية عامة ويتحول الى فرض في حال الاحتلال" عجبا هل هو مسئولية عامة أم مسئولية الزعماء؟ ويستمر في هذه الدوار ونحن معه في رحلته المملة مضيفا " عندما يقف الجهاد أمام المستحيل، يتحول الى قوة تدميرية منفلته، أينما كان ضرب، بغض النظر عن النتائج والأهداف. ويتحول الى قدرة عاجزة هي إرهاب فصيح صريح" ! وهنا نتساءل كيف يا ترى تبدأ حركات الجهاد والمقاومة؟ أليست بنفر قليل وتستمر بالتناسل بإنتشار العقيدة وزيادة عدد المؤمنين وهكذا كان جهاد الانبياء والرسل وحركات المقاومة والتحرر. بمعنى إنها وقفت أمام المستحيل فصرعته ولم تتحول الى قوة تدميرية منفلتة كما يدعي القمني بل العكس إزدادت انتظاما وإنضباطا والتزاما بأهدافها النبيلة بمرور الزمن! ولا نعرف كيف تجري عملية تبخير الجهاد ليقطر الى إرهاب فصيح وصريح؟ وأن كان القمني يطبق نظريته على تنظيم القاعدة فأن ما يصح على القاعدة لا يصح على غيرها! ولا أعرف لماذا يتغافل القمني عن حقيقة أن القاعدة هي وليدة امريكا وأن ابن لادن هو ماركة أمريكية مميزة انتهت صلاحيتها بعد الغزو السوفيتي لأفغانستان، وحاولت امريكا إعادة تصنيعها ففشلت. ربما لا يعرف القمني أن الرئيس رونالد ريغان في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي أعتبر كل المقاتلين ضد الغزو السوفيتي في أفغانستان "هم مقاتلون من أجل الحرية" فما الذي غير صفة هؤلاء المقاتلين من أجل الحرية الى أرهابيين؟
ولكننا سنتغافل عما تقدم ونناقشه في الشأن العراقي وهو صلب حديثنا. فالقمني يخلط شأنه شأن من يتبنى وجهة نظر الاحتلال بين المقاومة والأرهاب وهو يستمد رؤيته الضيقة هذه من الطروحات الأمريكية نفسها فيحدثنا " بعد كل هذا سيظل المزايدون على مستقبلنا يسمون ما يحدث في العراق مقاومة" ! ولا أعرف إن كان القمني قد إطلع على نشريات وفعاليات المقاومة العراقية أم انه إستنبط كلامه كما أشار الى كاتبة غير معروفة تدعى (وداد فاخر) ليتخذ من مقالتها المقدسة قاعدة لتهجمه على المقاومة العراقية متجاهلا مئات الكتاب و آلاف المقالات التي تخالف هذا الرأي وتعريه لكتاب معروفين في المشهد العراقي والعربي. وإذا لم تكن مقاومة فكيف تفسر الخسائر في صفوف قوات الاحتلال البشرية والمادية التي أجبرتهم على طرح موضوع الانسحاب؟ ربما يصدق عليه وصفه للبعض" حتى غاب العقل المسلم عن أي رؤية أخرى للموقف السياسي والشرعي". نتفق كليا مع القمني وغيره بأن إستهداف المدنيين هو الأرهاب بعينه. ولكن استهداف الأمريكان وعملائهم من صلب فعاليات المقاومة, إنه لأمر مقزز ان تنطلي خدعة الاحتلال في الخلط بين المقاومة ولإرهاب على كاتب عربي في حين يدركها كاتب أجنبي هو السياسي وأستاذ القانون الدولي يورجن تودنهوفر الذي عايش المقاومة العراقية في الفلوجة. ولم يحكم عليها من خلال التقارير الصحفية المشبوهة التي اعتمدها القمني كوداد فاخر بقوله" المقاومة العراقية لا تقتل الأبرياء بل تسعى لتحرير العراق " وأسفاه؟
لم يكن للقاعدة وجود في العراق كما أشار جونثان رادل" لم يكن للقاعدة وبقية الجهاديين سوى قلة من الأتباع في العراق قبل الغزو الأمريكي وكان وجودهم يقتصر على المنطقة الكردية الممتدة على الحدود العراقية- الإيرانية حيث رأت طهران إن بقائهم في هذه المنطقة أفضل وسيلة لضمان بقاء حالة عدم التوازن لدى القوميين الأكراد". كما إن الارهاب لم يعرفه العراق إلا بعد الأحتلال, بالضبط إثر إعلان الرئيس بوش بأنه سيجعل العراق ميداناً لمحاربة الإرهاب. ونفيد القمني بهذا الصدد عن حادثة إلقاء القبض على بريطانيين يتجولان بسيارة تاكسي في البصرة وكانا يرتديان الزي العربي وجد بحوزتهما متفجرات وأحزمة ناسفة وعندما ألقت عليهما القوات العراقية القبض واعتقلتهما في سجن البصرة قامت قوة بريطانية مدرعة بمهاجمة السجن ودمرت أسواره وقتلت عدد من الحراس العراقيين وأخرجت المعتقليين وهربتهما الى بريطانيا, والقصة معروفة وموثقة في وزارة الداخلية العراقية. وسبق أن كشف عراقيون قيام عناصر امريكية بمساعدة مترجمين من أشقائنا العرب بقتتل مواطنيين شيعة ورميهم في المناطق السنية والعكس لتأجيج الصراع الطائفي.
عن جهل مطبق وإنحراف عن بوصلة الحقيقة يتوصل القمني الى خيوط الجريمة المنظمة في العراق وبطبيعة الحال فأنه برأ أبرز المجرمين مما يحدث وهما قوات الاحتلال الامريكي والنظام الإيراني الذي لم يتطرق اليه سوى مرتين بطريقة مهذبه وخجولة جدا تعبر عن ولاء مذهل لإيران كأنه في تنافس محموم مع فهمي هويدي كقوله" تشجيع الميليشيات الشيعية الصدرية من قبل إيران"؟ تشجيع فقط يا رجل! ليس تمويل ولا تدريب ولا تسليح ولا توجيه لفنتة طائفية؟ ثم تشجيع على ماذا؟ ولماذا التيار الصدري فقط؟ واين المجلس الأعلى للثورة الأسلامية وذراعه العسكري فيلق بدر وميليشيات الحزب الاسلامي وثأر الله وحزب الله فرع العراق وميليشيات حزب الدعوة المتشظي وكتائب الحسين والبيشمركة الكردية التي تدعمها إيران والكيان الصهيوني. المدهش إنه ينتقد الشيخ القرضاوي لانه برر قتل الجواسيس من عملاء الامريكان بعد إستجوابهم من قبل رجال المقاومة لكنه لم يعترض على محاكمات جيش المهدي وإعدامهم للنواصب؟ وينتهي جازما حازما الى القول" يكفينا فقط إجماع علماء العراق على ذبح الابرياء إنهم هيئة علماء المسلمين وجبهة علماء الازهر وجماعة انصار السنة وجماعة التكفير والهجرة انهم باختصار على مختلف المسميات هيئة علماء الارهاب" ولكن ماذا بشأن ذبح الأبرياء على أيدي ميليشيا بدر وجيش المهدي وتنظيم القاعدة وثأر الله وحزب الله والحزب الاسلامي و32 ميليشيا اخرى تمولها إيران هل يقعوا ضمن جغرافية هيئة علماء الارهاب أم إنهم يتامى بلا هيئة؟
في إتهام بلا حجج يسوق لنا حديثه" حتى تأكد للعراقيين ان هيئة علماء المسلمين تحرك خيوط الجريمة المنظمة في العراق وإن أعضاء تلك الهيئة هم المجرمون الحقيقيون وراء ما يحدث في العراق" ! كلا يا سيدي هذا هراء لا يقبله أي عراقي، وبصاق يمكنك أن تبلعه وترجعه لجوفك! فأنت وملهمتك وداد فاخر لا تمثلون العراقيين وليس من حقكم الكلام بأسمهم. فنحن العراقيون ندرك جيدا الجهات التي تقف وراء الجريمة المنتظمة حيث يقف الأحتلال الامريكي المباشر والأحتلال الإيراني والكيان الصهيوني والميليشيات المسعورة الممولة من إيران والتنظيمات الارهابية وأبرزها القاعدة. وليس من المنطق والعدالة ان تغيب العناصر الرئيسية الفاعلة وتحمل كل ما يجري هيئة علماء المسلمين! لأنك لا تقل بذلك خسة عن بوش وبلير وبريمر! ولسنا بذلك ندافع عن القاعدة فهي إحدى واجهات الإرهاب ولكن ليس كلها ولا أقواها. لربما لم يطلع القمني على تقاريرمصادر الاستخبارات الغربية التي أكدت بإن الزرقاوي هرب من أفغانستان إلى إيران في شهر ت 2/2001 حيث تم إحتجازه قبل أن يطلق سراحه من الإقامة الجبرية ويسمح له بالسفر إلى العراق! او يفسر سبب وجود الكم الهائل من قادة القاعدة في إيران؟
وان هيئة علماء المسلمين هيئة شرعية وليست لها ميليشيات إجرامية. وأذا استشهد القمني بمقتطفات من مقولات الزرقاوي وغيره من علماء الهيئة فهذا لا يعني موافقة الهيئة عليها ولا تعبر عن توجهها ولا تنسى ان تنظيم القاعدة انتقد عدة مرات هيئة علماء المسلمين. كما أنتقدت الهيئة تنظيم القاعدة على لسان أمينها العام - والذي يبدو ان القمي يجهل من هذا الرجل وتأريخه وأصوله- وإذا اردت تصريحات فبأمكاننا ان نزودك بالمئات مع الوثائق عن تصريحات صادرة من عبد العزيز الحكيم ونجله ومقتدى الصدر وحازم الأعرجي أشد عنفا من تصريحات علماء الهيئة. ونعرف كعراقيين أكثر من القمي بأن الهيئة بسبب موقفها المناهض للاستعمار الامريكي واحتضانها للمقاومة العراقية الباسلة يحاول الاحتلال وعملائه تلويث سمعتها وصورتها. ولو شهدنا موقفا واحدا يدين الهيئة بالإرهاب لما سكتنا عنه. ولكنها فقط تصريحات مشبوهة مصدرها قوات الاحتلال وعملائها! وإذا كانت الهيئة بتلك البشاعة فلماذا توسطت الحكومة العراقية عدة جهات للتحاور معها؟ كان الأجدر بالقمي أن يشير الى مذابح جيش المهدي ولو إشارة عابرة وأغتيالات فيلق بدر لكبار القادة والطيارين والعلماء والاكاديميين والصحفيين وغيرهم ودعوتهم لتصفية النواصب. مثلما أشار الى دعوة الزرقاوي لقتل الروافض حتى تتوازن الكفة ويقنعنا بأنه كاتب حيادي غير متحيز لجهة ما. وإذا قدر القمني عدد عناصر القاعدة ما بين(5000) عنصر أوضعفه فأن هذا الرقم لا يشكل شيئا أمام ميليشيا واحدة فقط مرتبطة.
لا أعرف كيف يتسنى لكتاب مشهورين ومثقفين الاعتقاد بأن الهدف من الاستعمار زرع بذور الديمقراطية والحرية وحقوق الأنسان في الدول التي يستعمرها, فأن كان" هؤلاء يصفون أنفسهم بالمثقفين فبماذا نصف الحمير"؟ - ملاحظة هذه العبارة تعود للقمني وليس ليً وصف بها علماء الأزهر فقط استبدلنا كلمة العلماء بالمثقفين- فهو يكتب أبجدية جديدة للأستعمار ويقدم لهم خدمة لم يطلبوها منه بقوله " ان القاعدة ضد ثقافة امريكا التي تريد نشرها هنا بإقامة الديمقراطية وحقوق الانسان التي تؤدي لنشوء التسامح بدل الكراهية والعلم بدل الجهل والتقدم بدل التخلف" !!! يا ألهي رحماك هل نحن بهذه السذاجة؟ لا نعرف الغرض من إحتلال بلادنا فيعلمنا به هذا القمني؟ طيب لنفترض إن الرجل استفاق مبكرا عن رفاقه من أهل الكهف وهو يحاول أن يصرف عملته القديمة على العميان! ألم يسمع بديمقراطية سجن أبو غريب التي أزكمت انوف الأعداء قبل الأصدقاء؟ الم يعطي لنفسه راحة ويستمتع بفلم مواطنه نور الشريف عن هذه الفضائح ليخجل قليلا مما يكتب؟ وماذا بشأن ديمقراطية غوانتناموا! ألا يعرف هذا الرجل بهذه المصائب الديمقراطية وكيف حلت على رؤوسنا! الا يعلم القمني بأن روح الكراهية في العراق أججها الامريكان والإيرانيون بحيث بات الشيعي يقتل السني والعكس. وإستجد لدينا مصطلح القتل على الهوية بعد ان كانت قلوب الجميع مؤلفة قبل الاحتلال- النظام الذي يصفه القمني بالطغيان والدكتاتورية-؟ هل يعلم القمني أن كلمة النواصب والروافض لم تكن آذان العراقية تألفها أو تسمعها في وسائل الاعلام الدكتاتوري كما يصفه! وإنما في زمن الديمقراطية الامريكية حيث التسامح بدلا من الكراهية كما يدعي! هل يعلم شيئا عن حالات الطلاق لأسباب مذهبية ولدت في رحم الديمقراطيةالامريكية التي يشير اليها تقرير المنظمة الدولية وإحصاءات وزارة العدل العراقية، فمعدلات الطلاق ارتفعت من عام 2003 إلى عام 2006بنسبة 200%، لأسباب طائفية! في حين تراجعت نسبة الزواج للفترة نفسها إلى50%. وسأزيدك عسى أن تمسح الضباب المتكاثف على نظارتك وترى بوضوح ثقافة التسامح الامريكية! فقد بلغ عدد المهجرين قسريا داخل العراق اكثر من مليوني مواطن, و75% من العراقيين قتل لهم قريب منذ الغزو الديمقراطي المبارك. وعدد القتلى تجاوز المليون. وحوالي 80% من العراقيين شهدوا عملية قتل. و72% منهم شهدوا انفجار عجلة مفخخة!
يدعي القمني بأن الأمريكان يبغون العلم بدلا عن الجهل؟ إذن كيف يفسر لنا عقله المتنور بمصباح أمريكي الصنع أستهداف العلماء في العراق من قبل الصهاينة حلفاء الامريكان بأعتراف الامريكان أنفسهم فقد جاء في تقرير امريكي بأن "الموساد الإسرائيلي قتل 350 عالماً نووياً و200 أكاديمي عراقي" علما ان مجموع ما قتل على أيدي الصهاينة والأيرانيين والميليشيات التابعة لها (5000) عالم وأكاديمي! وما رأيك بحديث نهاد الجبوري وكيل وزارة التربية "العراق الآن يعاني من إزدياد نسبة الأميين بنسبة مقلقة جداً ويجب التسريع بتشريع قانون محو الأمية الذي قدم منذ عام ونصف العام على طاولة مجلس النواب ولم يصادق عليه؟ وأن البيئة العراقية الآن أصبحت ممتازة جداً لإنتشار الأمية. ولا غرابة إن قلنا إن أعداد الأميين في العراق بلغ 5 ملايين عام 2008 و2009 بينما عام 1991 انتهت ولم يبق أي أمي في العراق". هل تصح معادلة القمني أم العكس هو الصحيح!
وسنقدم لك احصائيات رسمية عن مستوى التقدم العلمي الذي جاء به الاحتلال للعراق ويبشرنا به قلمك! فقد كشفت نوال السامرائي وزيرة الدولة لشؤون المرأة بالعراق الديمقراطي الفدرالي الموحد بإن سنوات من الحرب تركت العديد من العراقيات أرامل يائسات تجهلن القراءة والكتابة ونتيجة لوضعهن المتدهور أصبحن فرصة يمكن للمتشددين استغلالها. وقالت إن هناك أكثر من 1.5 مليون مطلقة ومليوني أرملة ونحو أربعة ملايين إمرأة تجهلن القراءة والكتابة. وأن 75% من أطفال العراق ليس لهم مقعد دراسي, وبلغ عدد الطلاب المتسربين من الدراسة ما يزيد عن(3) مليون طالب. ولا نريد ان نطيل فالأحصائيات متوفرة وليست من مصادر القاعدة ولا المقاومة التي لا يعترف بها القمني! بل من أحباب القمني المصادر الامريكية والبريطانية وحكومة الإحتلال العراقية.
أما موضوع التقدم فالحمد لله لم يبقى أمام العراق سوى دولتين هما هاييتي وبورما ليتربع على عرش أفسد نظام إداري ومالي في العالم حسب منظمة الشفافية الدولية, هل يمكن لأدارة محتلة تقسم بإعادة العراق الى عهد ما قبل الثورة الصناعية ان تعمل فعلا على تقدمه وتطويره؟ أي ذكاء خارق هذا الذي يتحفنا به القمي! مع هذا سنقدم له بعض الاحصئيات التي تكشف مستوى التقدم الذي وصل اليه العراق مما لم يرد في مصادر السيدة وداد, فقد بلغ الفساد المالي والاداري ما يعجز عن تصوره العقل(200) مليار دولار منذ عام 2003 ولغاية عام 2008 وكان العراق خلال النظام الوطني السابق يعيش على(6) مليار دولار كل ستة أشهر صدقات من الأمم المتحدة رغم إنها من ثروته النفطية! وكان التعليم مجاني من الروضة لغاية الدكتوراة. والخدمات الصحية والبلدية مجانية والعلاج والأدوية المزمنه توزع مجانا وكذلك مواد البطاقة التموينية. الخدمات الكهربائية والماء والهاتف كانت رمزية! واليك المعلومات الاقتصادية عن العراق الجديد 54% من العراقيين يعيشون بـ 50 بنس يوميا. نسبة البطالة 40% من القوى القادرة على العمل. و(9) مليون عراقي يعيشون حالة الفقر. هل يعلم السيد القمني عدد اللاجئين العراقيين بعد الغزو حسب تقدير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة بحوالي (4.4) مليون لاجئ.
اما النموذج الديمقرطي فيتجلى بأبهى صوره في عدد المعتقلين فقوات الغزو الديمقراطي تعتقل يوميا (100) عراقي على الشبهة! ولدينا تشكيلة رائعة من السجون بإدارات امريكية وبريطانية وحكومية واخرى منفصلة لا يعلم بها الى الله والراسخون في العمالة تابعة لوزارة الدفاع و للداخلية وأخرى للميليشيات، وقد أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن وجود (60) ألف معتقل عراقي في سجون الاحتلال وهم يواجهون ظروفا صعبة للغاية, ووصف رئيس البعثة في العراق كارل مانليفي بأن" وضعهم صعب للغاية" وان اللجنة تستخدم الحمض النووي( دي أن اي ) للمساعدة في كشف هوية المفقودين. وان جميع المعتقلين لا يعرف ذويهم عنهم شيئا حيث لا يسمح لهم بالإتصال بأحد. وليس لهم محامين بل معظمهم لم توجه له تهمة رغم مرور سنوات من اعتقاله.
" انه عراقنا يا كلاب جهنم" هذا العنوان من فصول كتاب القمني ويشير فيه بأن" وجود قوات التحالف قد اكتسب مشروعية دولية باهداف علنية واضحة المعالم" ! عجبي كيف يتحول غير الشرعي إلى شرعي بمزاج أمريكي؟ لقد بدأ الاحتلال دون موافقة الشرعية الدولة المتمثلة بالأمم المتحدة وتحول الى شرعي بعد إبتزاز الأمم المتحدة من قبل الادارة الامريكية. فإذا أنطلت هذه اللعبة على الكاتب فتلك مصيبة وأن كان لا يعرفها فتلك كارثة! وإذا أراد أن يبرر دور مصر بالسماح بمرور الاساطيل الامريكية لأحتلال العراق فذلك شأن آخر! ولكن ما يجب أن يعرفه أن الأحتلال بدأ بأكاذيب متتالية من أسلحة التدمير الشامل التي كذبها بعد الغزو الكونغرس الامريكي نفسه وجعلت (David Kay ) رئيس لجنة التفتيش في العراق ينوح متحسرا " إننا كنا على خطأ في كل شيء تقريبا فيما يتعلق بامتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل"! الى علاقة العراق بالأرهاب وأبن لادن وهذه أيضا كذبها الكونغرس نفسه ففي شهر ك 2عام 2004 أعلن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول بأنه لم ير" دليلا ثابتا أو ملموسا أو حتى تلميحا يدعم تأكيدات إدارة بوش بوجود علاقة بين صدام حسين وتنظيم القاعدة". ولم يكن من بين منفذي الهجمة على مركزي التجارة الدولية في نيويورك عراقيين ويعرف القمي جيدا جنسياتهم! وأخيرا أضطرت إدارة الاحتلال للتشدق بأهدافهم في الديمقراطية والحريات الاساسية والتي تحدثنا عن تداعياتها الوخيمة على الشعب العراقي. أما بشأن دور الأمم المتحدة في الحرب على العراق، فيكفينا ان نذكر القمي بإعلان الأمين العام للامم المتحدة كوفي عنان بأنه "دون الحصول على قرار من مجلس الأمن سيكون العمل العسكري ضد العراق غير شرعي". في حين صرح توني بلير في 6 مارس2003 في لقاء مع شبكة( MTV) بأنه" مستعد لتجاهل أصوات النقض في مجلس الأمن والذهاب الى الحرب" ! بل ان وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف قال صراحة " إن امريكيا وبريطانيا تنتهكان ميثاق الأمم المتحدة" أما عن إبتزاز بقية أعضاء مجلس الأمن فقد ذكر الكاتب جيف سيمونز في كتابه (عراق المستقبل) التالي" لقد أبلغ الرئيس بوش كل من فرنسا والمانيا بأنهما سيخضعان للمحاسبة في حال معارضتهما سياسة امريكا تجاه الحرب على العراق". مضيفا " لقد دأب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان على التأكيد بأن دوره لا يتجاوز الخادم المطيع لمجلس الأمن, وإن منصبة لا يزيد عن سلطة أدبية فقط, لكنه موقف يرضي الولايات المتحدة". وربما يجهل القمي قول مادلين اولبرايت" سأجعل بطرس غالي يظن إنني صديقته ثم سأكسر ساقيه" عندما كان يشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة، وفعلا كسرتها من خلال رفض تجديد ولايته لأنه لم ينصاع كليا لسياسة الولايات المتحدة!
ولكن الغريب ان القمني لا يستعين بالمصادر الرسمية والتقارير الصحفية بشأن غزو العراق ليعرف الاهداف المعلنة والواضحة التي يتحدث عنها! وسنبصره ببعضها طالما ان معرفته بالسياسة الامريكية تجاه العراق لا تزيد عن معرفة بدوي يعيش في الصحراء بعلم الحاسوب. الأهداف المعلنة يا سيد قمني هي النفط وأمن إسرائيل كما اعلنها الرئيس العراقي جلال الطالباني وهو واحد من أعرق المجرمين في العراق، وتحدث عنها وزير خارجية استراليا وهي من الدول المشاركة في العدوان على العراق. وهذه معلومات إضافية عسى أن تفيد منها ما ورد في تصريح ريتشارد بيرل وكان رئيسا لمجلس تخطيط السياسة الدفاعية في الولايات المتحدة وشارك زميله دوغلاس فيث الرجل الثالث في البنتاغون في كتابة دراسة عام 1996 لرئيس وزراء الكيان الصهيوني اليميني المنتخب حديثا(بنيامين نتنياهو) تدعو لإسقاط نظام صدام حسين باعتباره هدفا استراتيجيا مهما للكيان الصهيوني على اعتبار إن مستقبل العراق يمكن أن يؤثر في التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط تأثيرا عميقا. بل أن ريتشارد كلارك وهو من كبار مسئولي مكافحة الإرهاب في ثلاث حكومات أمريكية متعاقبة علل في إستقالته عام 2002 " إن سبب انتقادي الصارخ لسياسة الرئيس بوش هو أن غزو العراق قد زعزع حربه ضد الإرهاب"- نيويورك تايمز 25/3/2004 وأختتم الحديث بأستشهاد فقرة من كتاب جونثان راندل الموسوم" أسامة السبيل إلى الإرهاب" فقد ذكر" وحده النفط جدير بأن يموت الأمريكيون من أجله". ويضيف "أصبحت أمريكا من القوة بحيث يمكنها منفردة من إعادة تنظيم العالم الإسلامي وفرض الديمقراطية وإبقاء سيطرتها على النفط, أما في العراق فأن حكومة موالية لأمريكا فيه ستمدها بما يكفي من النفط بالشكل الذي يغنيها عن الاعتماد المتعاظم والمحرج على العربية السعودية، إن غرام الأمريكيين الشديد بسياراتهم الفارهة التي تبتلع الوقود ابتلاعا ترشدنا إلى كيف يجتاز النفط متفوقا امتحان الحرب العادلة". وإخيرا لك هذه الفزورة غير الرمضانية. هل تعرف مختصر عملية تحرير العراق كما أطلق تسميتها الأمريكان؟
Operation Iraq Liberation)) إنها (OIL)هذا هو الغرض من إحتلال العراق.
لدينا الكثير من الإنتقادات على طروحات القمني ولكننا لا نريد أن نثقل عليه وكذلك القراء ونسترعي إنتباه القمني بأن الكاتب عندما لا يتوخى المصداقية في طرحه فأنه كالتاجر الذي يروج بضاعة فاسدة للناس. ما الفائدة إذا كان الكاتب مؤمن القلب لكنه كافر اللسان! ولكونك كاتب عربي مع الأسف الشديد! فأن المشكلة تتفاقم وتجعلنا نصنفك ضمن خانة أعداء العراق وهي خانة لا تشرف أحدا. وحري بك ان تعذر للشعب العراقي عن تحليلاتك الخاطئة وعدم حياديك.
ونسأل الله عز وجل ان يحفظ مصر أم الدنيا وشعب مصر الشقيق من جحيم الديمقراطية الأمريكية فقد سبق السيف العذل وتذوقها العراق وماتزال طعم المرارة في فمه, ونحمده تعالى فقد جنب مصر دولة جوار مثل إيران لم تكتف بتصدير الثورة الصفوية الصفراء فحسب بل صدرت الحقد والكراهية والطائفية والمخدرات والايدز الى العراق مع إبتسامة رضا خبيثة من الشيطان الأكبر.
كاتب ومÙكر عراقي
www.deyaralnagab.com
|