أعداء الأمة يعقدون قمة!!
بقلم : د.عبد الستار قاسم ... 25.03.2010
حكام العرب على وشك التجمع في قمتهم السنوية لكي يتداولوا، حسب أقوالهم، في هموم الأمة والاتفاق على الحلول ومواجهة التحديات. هناك وسائل إعلام مستنفرة تنقل للناس أخبار المتخاصمين من القادة والمتنافسين والزعلانين، ومنها من يذرف الدموع منذ الآن على مودة مفقودة بين المؤتمرين، وعلى فشل محقق يتوجه بيان هزيل.
إذا أراد هؤلاء الحكام أن يناقشوا هموم الأمة العربية ويضعوا لها الحلول فعليهم أن يعترفوا بأنهم هم همّ الأمة الأول وهم عدوها الأول وأضخم مصائبها، ولا حل للمشاكل الأخرى التي تواجه الأمة ما داموا هم على كراسي الحكم. إنهم كذلك لأنهم:
أولا: هم الذين يصعرون الأمة للأعداء الخارجيين من صهاينة وأمريكيين، ويسمحون لأهل الغرب باحتلال الأرض العربية في الشرق والغرب، وهم المتحالفون مع إسرائيل وأمريكا ويقدمون لهما مختلف التسهيلات للهيمنة على الأراضي العربية واحتلالها وإذلال سكانها. هؤلاء الحكام هم عون للأعداء على الأمة وعلى وطن الأمة وشرفها ومقدساتها وتاريخها وحضارتها وثقافتها. إنهم يطبعون العلاقات مع إسرائيل، ويقدمون كل ما هو مطلوب لتمكين الاحتلال الأمريكي للعراق، ويستقدمون القوات الأجنبية لتدنيس الأرض العربية.
ثانيا: هؤلاء الحكام يقهرون المواطنين العرب، ويقمعونهم ويلاحقونهم ويكبتون حرياتهم ويزجونهم بالسجون ويعذبونهم ويقتلونهم ويحرمونهم من لقمة الخبز. هؤلاء الحكام يعملون على استعباد العربي واستغلاله وكسر رقبته وهدر كرامته وإذلاله. إنهم ألد أعداء المواطن العربي الذي ينشد الحرية، ويسخّرون أجهزتهم الأمنية وعلى رأسها أجهزة المخابرات الحقيرة المنحطة لقتل الكبرياء في نفسه وسحق أحلامه وآماله في أن يكون ابنا لوطن حر عظيم.
ثالثا: هؤلاء الحكام هم الذين ينهبون ثروات الأمة ويبذرونها على شهواتهم وأهوائهم الشخصية وأهواء أفراد عائلاتهم والمقربين منهم والموالي الذين يوسعون في النفاق. أمتنا تملك الخير الوفير ومن الثروات الشيء الكثير، لكن هؤلاء الحكام يمتهنون السرقة واللصوصية وينهبون في وضح النهار وباسم الشعب والأمة، وأحيانا تحت عناوين دينية.
رابعا: هؤلاء حكام يفتحون خزائن الأمة لأعداء الأمة، ويستهترون بملكية الأمة لثرواتها. ثروات الأمة مفتوحة أمام استغلال الأعداء، وأموال الأمة مخزونة في مصارفهم.
خامسا: حكام العرب يضعون لقمة طعام الأمة بيد الآخرين إذ يستوردون حوالي 75% من احتياجات الأمة من الغذاء من الخارج. هناك أراض صالحة للاستثمار والزراعة، لكنهم يصرون على أن تبقى الأمة رهينة غذائية بأيد خارجية.
سادسا: حكام العرب يستخدمون الدين الإسلامي لتبرير حكمهم البغيض الظلامي الأسود. إنهم يستعملون القرآن الكريم للتغطية على مفاسدهم وسوء أخلاقهم ودنسهم.
ثامنا: هؤلاء الحكام يحترفون الكذب والدجل والتضليل، ويستخدمون وسائل إعلامهم والمنافقين القائمين عليها للكذب على الناس وقلب الحقائق. إنهم يصورون أنفسهم في وسائل إعلامهم على أنهم العظماء الحكماء الذين يصونون الأمة ويحمونها. إنهم يصورون للشعوب بأن وجود الأمة مرتبط بوجودهم، وإن غابوا انقرضت الأمة.
تاسعا: حكام العرب هم قادة الفساد والإفساد، وهم الذين يعبثون بالنسيجين الأخلاقي والاجتماعي للأمة. هؤلاء لا يعرفون أخلاقا ولا قيما إنسانية قويمة، ولا يحترمون قانونا سماويا أو دنيويا. هؤلاء اللصوص يقاضون المسكين الذي يسرق درهما، لكن سرقة الملايين جائزة. هؤلاء يعملون بالوساطات والمحسوبيات والمنطق القبلي التعصبي الأحمق، ولا يرعون في الله ذمة أو ضميرا. لقد علموا الناس السرقة والكذب والنفاق والجبن والاستسلام والتشكك والخداع والمغيبة والهروب من وجه الظالم، الخ. لقد أفسدوا الأمة.
عاشرا: حكام العرب هم العقبة الأكبر أمام وحدة الأمة، وهم السبب الأول في تجزئة الوطن العربي.
أحد عشر: حكام العرب يصرون على إبقاء الأمة ضعيفة، وهم يحعلونها مطية لمن يريد أن يمتطي وهدفا سهلا لكل من أراد تحقيق انتصار عسكري.
اثنا عشر: الحكام المؤتمرون هم سبب التخلف الاجتماعي والاقتصادي والعلمي والتقني. الأمم تتقدم بسرعة هائلة، وحكام العرب ما زالوا يتلهون بخزعبلات صبيانية مثل الاستعراضات والاحتفالات بأعياد الميلاد، أو بعرس كلبة أو هرة. هؤلاء المتخلفون لا يمكن أن يكونوا قادة تغيير أو تقدم، ولا يصلحون إلا لمتحف للعاهات البشرية.
القائمة طويلة، ولو كانت الأمة حية لأمسكت بكل حاكم من ناصيته وشدته بسلاسل من حديد
وأحكمت وثاقه وعرضته أمام الأشهاد ليكون عبرة لكل أفاق دنيء.
هذه أمة لا يمكن أن تستقيم بوجود هؤلاء الحكام. هناك من يدافع عن هؤلاء الحكام، لكنني أسأل هؤلاء عن ماذا على الحكام العرب أن يفعلوا حتى يغير هؤلاء آراءهم فيهم. حكام العرب لم يجدوا عملا قبيحا إلا وقاموا به، ولم يتركوا نقيصة تعتب عليهم، ونأوا بأنفسهم عن الشجاعة والحكمة والغيرة والدماثة والقدوة الحسنة والشرف والإباء والأخلاق الحميدة. لقد جعلوا الأمة ممسحة لكل البغاة الطامعين. والغريب أن وسائل الإعلام مشغولة الآن بمستوى تمثيل الدول في دمشق. ما الفرق بين عتال يمثل دولته أو ملك أو رئيس يفعل ذلك؟ أنا أعتذر للعتالين والحمالين لأنني على ثقة بأنهم أصحاب شرف.
المهمة الأولى الملقاة على عاتق المواطن العربي هي الإطاحة بهؤلاء الحكام. الأمة لن تواجه الصهاينة والأمريكيين بمثل هؤلاء الحكام. وبهم لا يمكن لها أن تحقق القفزات العلمية والتطويرات التقنية، أو أن تستعيد شرفها وكرامتها وأرضها ومقدساتها. فمن أراد بالأمة خيرا عليه أن يشمر عن ساعده ويصمم على التضحية إنقاذا للأمة من هؤلاء المستهترين الفاسدين المارقين. الثورة في وجه هؤلاء الظالمين هي المقدمة الأولى نحو إقامة العدل واسترداد الحقوق.
كل الأمم ثارت في وجه العتلات الآثمين إلا أمة العرب. أمم الأرض تنظر إلينا باستغراب ولسان حالها يقول بأننا نحن العرب نعشق الذل والهوان. هزمتنا إسرائيل مرارا، والأمريكيون يغزون أرضنا في العراق ومصر والجزيرة العربية والإسبان يسيطرون على سبتة ومليلة، والسودان يتعرض لكل صنوف المؤامرات، وهزمنا التخلف وبقينا خلف الأمم في كل المجالات، وبالرغم من ذلك ما زلنا نياما. علينا أن ننهض، وبدون شجاعة الوقوف في وجه الظالمين لا يمكن أن نخلص من هذا الذل المهين.
www.deyaralnagab.com
|