logo
النقب : حال وموقع المرأه البدويه في المجتمع العربي النقباوي!!

بقلم : د.شكري الهزَّيل  ... 05.12.2009

يُخطأ من ظن او يظن ان الحريه والعداله الاجتماعيه قضيه عاديه وتلقائيه يمكن للمرء والانسان ان يحصل عليها بمجرد ولا دته, ناهيك عن ان الصعوبات الجمه في فهم مفهوم الحريه عندما يولد هذا الانسان امرأة او رجل في مجتمع مكبل بقيود وتقاليد اجتماعيه لا تُعد ولا تحصى, وهنالك للاسف من يظن ان المناظر واللباس والعصريه المعصُوره اجتماعيا وانسانيا تعني الحريه والتقدم, ويبدو ان اشكالية موقع المرأه البدويه في المجتمع العربي النقباوي قد تبقى على حالها او تزداد تعقيدا في ظل المعطيات والتحولات التقنيه والتاريخيه والاجتماعيه الجديده التي تمر فيها المرأه العربيه في النقب بشكل خاص والمجتمع العربي النقباوي بشكل عام, ومكرها اخاك لابطل هنا لابد من توجيه اصبع الاتهام الجزءي للمراه نفسها قبل الرجل في مساهمتها في ترسيخ ثقافة الخنوع والتغريب والتضليل, لانها صمتت وتصمت على ظلم واضطهاد المرأه ولا تجرأ على كتابة او نشر ما يُساهم حضاريا واجتماعيا في تطوير موقع المرأه العربيه في المجتمع العربي النقباوي, وبالتالي ورغم التقدم الشكلي للتي احرزته المرأه البدويه في النقب وخاصة في مجال التعليم,إلا ان المرأه العربيه في النقب كانت ومازالت تُعاني من صعاب وعقبات جَمّه فرضتها وما زالت تفرضها الظروف والتقاليد الاجتماعيه السائده اللتي تحول دون حصول المرأه البدويه في النقب على حقوقها الاجتماعيه والانسانيه في أطر الهويه التاريخيه والحضاريه للمجتمع العربي النقباوي, وعليه يترتب القول اولا وللتاريخ ان المرأه المُتعلمه في النقب لا تُعبر بالضروره عن مستوى الثقافه المطلوبه وليست بالضروره ان تكون المتعلمه مثقفه ولا يبدو ان الامر هكذا اذا لاحظنا فقدان الوجود الفكري والكتابي للمرأه البدويه النقباويه على الساحه الفكريه والوطنيه, لان الثقافه شئ والعلم والمهنه شئ اخر, ولا اظن ان هنالك مساهمه فكريه حضاريه تقوم بها المراه العربيه في النقب على مستوى التعريف بحال واحوال المراه البدويه في النقب, وهذا النقد هو نقد بناء يهدف الى استفزاز حيز العطاء الفكري والاعلامي وايقاظ روح الشجاعه والكتابه في حيز وعالم المراه العربيه في النقب التي قد تكتفي بالمهنه وتلتهي بالمناظر وتترك الجوهر وحبل حرية المرأه على غارب مجتمع "متحضرا" شكليا ومتجذرا في التخلف الحضاري وظلم المراه, وألأسئله المطروحه :ماهو حال المرأه في المجتمع البدوي في النقب؟وماهي صُورتها في المجتمع؟؟ والاسباب الاجتماعيه والذاتيه اللتي تكمن خلف موقع المرأه البدويه الدوني في المجتمع العربي النقباوي؟؟
هذا ما سنُحاول الاجابه عليه في هذه المقاله وذلك من خلال مُحاولة تفسيرالخلفيه الاجتماعيه اللتي القت بظلالها الثقيل على موقع المرأه البدويه في المجتمع العربي النقباوي من جهه ورسمت معالم الظلم والاضطهاد الاجتماعي اللتي تُعاني منهُ المرأه العربيه في النقب من جهه ثانيه وبالتالي الحيلوله دون أخذ المرأه البدويه دورها في المجتمع بالرغم من انها عماده الاساسي وأساس مُهم في تركيبة المجتمع الاجتماعيه والديموغرافيه والاقتصاديه!!
ألاجابه على الاسئله المطروحه اعلاه تتطلب الاعتراف بأن وضع المرأه وتحديد مكانها في المجتمع البدوي يبدأ بيوم ولادتها من منطلق خلفية الذكر وألأنثى واللتي لا تُطرح على اساس الاختلافات البيولوجيه والطبيعيه بين المرأه والرجل لابل على أساس علاقة الفوقيه والدونيه وأساس تفضيل الذكر على الانثى وإعطاء الرجل حق السلطه ومنحه الامتيازات الاجتماعيه كما يقول المثل البدوي" البشاره عندك أجاك ولد" بينما يختلف الحال في حالة ولادة البنت اللتي يحكم عليها المجتمع موقع الدونيه من المهد الى اللحد!!
وللتذكير هُنا لابد من القول ان النساء انفسهن في النقب وكما هو في المجتمع العربي ككل , يحبذن ويفضلن إنجاب الذكور حتى يتخلصنَ من الضغوط الاجتماعيه اللتي يضع أساسها ومعاييرها مجتمع الرجال من جهه وحتى يكون للمرأه مركز إجتماعي يدعمه إنجاب الذكور[ الرجال] كحمايه للمرأه من المجتمع والزوج وفي كثير من الاحيان كضمانه إقتصاديه من جهه ثانيه وبالتالي تبدو قضيه اضطهاد المرأه قضيه مزدوجه تشارك فيها المراه نفسها قسرا وظلما مجتمع الرجال في ترسيخ مقومات الظلم وتشويه صورة ومكانة المراه والفتاه في المجتمع الى حد ربط مكانة المرأه بقدرتهاعلى الخصوبه و انجاب الاولاد,, وقد حدد المجتمع مكانة المرأه اللتي لا تنجب اولاد وشبهها بالشجره التي لا تثمر حيث يقول المثل الشعبي البدوي والعربي:" الشجره اللي ما بتثمر حلال قطعها",, بمعنى اما تنجب المرأه الكثير من الذكور او انها تتعرض للطلاق او زواج زوجها امراه ثانيه بالاضافه اليها, وهذا ما يجعل الكثير من النساء القيام بانجاب كم كبير من الاطفال مما يعرضهن صحيا الى مخاطرصحيه كبيره لا يأبه لها المجتمع لها حيث يعكس المثل الشعبي جور وتخلف المجتمع الذي يفرض على المرأه الانجاب الكثير ويجعلها لا تأبه لصحتها حين يقول المثل البدوي " حبلى ومرضعه وقُدامها اربعه,, وطالعه الجبل تجيب دوى للحبل" !!... يعكس الحديث البدوي الشعبي العام والمُتداول في المجتمع العربي البدوي حول موقع المرأه عُمق تراكمات المواقف السلبيه من المرأه, وهذا مايتجلى بوضوح في ألامثال الشعبيه اللتي تدور حول المرأه فمثلا جملة" كلام نسوان" تعني أنه كلام فارغ وتعني ان كلام المرأه غير موثوق به ويفتقد المصداقيه , وللمثال ايضا " الحرمه لها العصا" تعني ان التعامل مع المرأه افضل من خلال العصا والقوه, والحديث والامثال الشعبيه ترقى الى مستوى شَيطنَة المراه وبالتالي يمضي الحديث الشعبي والثقافه الشعبيه في ترسيخ خلفيه وواقع حول المرأه ترقى الى نزع حتى مشاعرها الانسانيه مثل مثل" دموع الفاجرات على الخدود حاضرات" و" تحت السواهي دواهي" وغيرها الكثيرمن اللغط والاقاويل اللتي تُحاصر المرأه وتجعلها عبر الاجيال ضحيه موقع الدونيه في المجتمع وضحية للشك وعدم الوثوق بها كانسان وكيان قائم بذاته يقتدى به!!
من هنا يبدو جليا ان المراه في المجتمع البدوي النقباوي من وجهة نظر المجتمع,, ليست لها مشاكل إجتماعيه وإستحقاقات حقوق لا بل انها كونها امرأه يجعلها مُشكله و"مصيبه" قائمه بحد ذاتها والتعايش معها من وجهة نظر إجتماعيه مُتخلفه يُشبه التعايش مع حالة مرض مُزمن, وهنا للمثال قول بدوي جائر وظالم يصف المرأه بأنها قاصره عقليا وفضيحه انسانيه بحد ذاتها حيث يقول المثل" إذا بَذَك تفضح رجل أطلق وراءه حُرمَه, وإذا اردت فضح حُرمه أطلق وراءها ولد"!!وحتى الشتيمه لا تُوجَه للمرأه مُباشره لكونها "غير مسؤوله" ولذلك يُقال"يلعن اللي قانيها" او "يلعن اللي مربيها", ولكن الانكى من هذا وذاك هو إعتبار المرأه " بضاعه" او سلعه تجاريه اوحتى بهيمه يُعيدها المُشتري[الزوج] الى البائع[ الاهل] حين يريد التخلص منها حيث تقول الامثال البدويه في هذا المجال: " لِف رَسَنها[ المراه!!] على رقَبتها وقُل لَها الدرب اللتي جابتكي تأخذكي!" او "حَمِلها وارمِيها لأهلها" وكأنها بضاعه او علبه فارغه يقوم الرجل بالتخلص منها من خلال اعادتها الى اهلها!!
إنطلاقا من هذه الخلفيه والنظره الدونيه للمراه في المجتمع البدوي النقباوي, ورغم كل التغيرات اللتي طرأت على حياة المجتمع البدوي من حيث اسلوب الحياه, ماز الت المراه البدويه في النقب ترزح تحت وطأة الاضطهاد الاجتماعي والقيود الثقافيه اللتي تحول دون تطورها في إطار انساني واجتماعي يكفل لها حقوقه المشروعه ودون المس بهوية المجتمع, إلااننا ايضا امام حاله فريده هُنا وهو ان الرجل ايضا مُضطهد سياسيا وإجتماعيا وإقتصاديا, ولكنه في هذه الحاله يُصدر ازمته على حساب المرأه بدلا من ان يسعى الى مُساعدة المراه والمجتمع ككل في نيل حقوقه وبناء اجيال المستقبل اللتي تُعتبر المرأه[ الأم] حاضنتها ومدرستها الاولى!!, ولكن ماهو لافت للنظر في النقب ان المراه البدويه المتعلمه او المثقفه نوعا ما لا تخرج من دائرة العبوديه الذاتيه وتقييد الذات والارتباط بأطر سياسيه لاهداف مصلحيه واقتصاديه وهذا ما يفسر ارتباط بعض ما يسمى بالجمعيات النساءيه العربيه في النقب بحركات سياسيه واجتماعيه موجهه لاهداف سياسيه سواء من قبل اسرائيل او احزاب وحركات اجنبيه او عربيه او اسلاميه لها اهداف سياسيه واجتماعيه ولا تخدم بالدرجه الاولى حقوق المرأه ومساندتها في المجتمع العربي النقباوي!!.... هنالك اختراق سياسي وحضاري خارجي وتوظيف سلبي لادوار اجتماعيه وسياسيه لبعض المتعلمات البدويات من قبل المؤسسات الاجنيبه والمحليه اللتي ترعى ظاهريا مشاريع تخص المرأه ولكنها باطنيا تسعى الى تحقيق مكاسب سياسيه من خلال توجيه خاطئ يأخذ منحى التحييد السياسي والوطني للمرأه البدويه العريه في النقب والمحصله هي بقاء وضعية المرأه كما هي ما عدى بعض الانتفاع الشكلي والدعايه الحزبيه او ما شابه ذلك!!
من المؤسف والمُحزن القول بأن المجتمع البدوي في النقب ما زال يُشوه صورة المرأه وموقعها الحقيقي في المجتمع ويُحاصر المرأه بين"صورة الشيطان ومساحة الحِيطان", ولكن من المؤسف ايضا ان المرأه بخنوعها وجهلها تساهم في ترسيخ هذه الصوره القاسيه والسلبيه, بمعنى ان الفكر والموقف المغلوط كان ومازال يتحَكم بسلبيه في تطور المرأه وحُريتها وكأنهَاحاله قابعه في قفص الاتهام والدونيه من المهد الى اللحد!!
من هنا ومن منطلق الدفاع عن قضيه عادله, يجب الاعتراف بأن المرأه البدويه في النقب كانت وما زالت جمل المَحامل الذي طالما انكرنا حقوقها وتجاهلنا دورها, وهي العامله من اجل العائله في البيت وفي الزراعه والرعايه تاريخيا, وهي ربة البيت, وهي ماكنة الولاده, وهي الجنين والمزرعه اللتي ترعرع فيها الابناء والبنات, وهي في حالتُها تُعبر عن ضمير مجتمع لطالما أنكر وُجودها وفضلُها, ويُحملها ظُلما في كثير من الاحيان مسؤولية فشل الرجل وفقره وغَناه..." غناه[اي الرجل] من حُرمتِه وفقره من حُرمته!!", وهذا القول غير صحيح وغيرعادل لابل ظالم ومُتخلف!!!
من هنا ومع إحترامنا للجميع لابد من التفريق بين الهويه والمرجعيه الدينيه للمجتمع وبين عادات وتقاليد ومواقف سلبيه نحو المرأه لا بُد من وضعُها تحت المجهر في أطر الدفاع عن قضيه عادله وهي الدفاع بالأصل عن تَكوينة نصف المجتمع الذي يُغَيب قسريا عن اخذ دوره في تطور المجتمع مما يعني فرض الشلل على نصف المجتمع ودخول النصف الأخر في غيبوبه فكريه وحضاريه!! من هنا وعلى هذا الاساس سنحاول في هذه المقاله الاجتماعيه القاء الضوء على الفكر السلبي والعادات التي تحول دون تطور المرأه البدويه في النقب وأخذها دورها الصحيح في تطور المجتمع العربي النقباوي , وذلك على النحو التالي:
*اولا: نشأة وتربية المرأه البدويه في النقب:
بالرغم من مُشاركة المرأه البدويه تاريخيا وحاضرا في الحياه الاقتصاديه والبيتيه,إلا انها بقيت مُحدده ومُقيده بين تقاليد المجتمع وقضايا اجتماعيه اخرى جعلتها تتحرك فقط في فلك مايفرضه الرجل والمجتمع من قيود ومُعوقات جعلت تَطورها رهينه للقرار العائلي ومساحة الحركه المسموح بها إجتماعيا وعائليا ضمن سلسله من الُسلطات سواء من قبل الاب او الام او الابن والعائله والمجتمع ضمن تركيبه سُلطويه داخل البيت وخارجه مع الاخذ بالحسبان إختباء هذه السلطات والمعوقات وراء عادات وحُجج تُبرر إضطهاد المرأه وفي الوقت نفسه لا تسعى الى تطوير حالة المرأه وموقعها في المجتمع ضمن إستراتيجيه حضاريه وإنسانيه لابل تُحاصرها في اطر الأعمال البيتيه!!! من اللافت للنظر هُنا ان ألأُم تَنقُل بدورها فكرة الدونيه للبنت على اساس تربيتها وإعدادها للعيش في نفس الظروف التي عاشتها وتعيشها الام!!
*ثانيا: المرأه البدويه والزواج:
هُنا للتذكير ورغم الالتزام الاجتماعي للمرأه البدويه إلا هُنالك إشكاليه إنسانيه كُبرى مازالت عالقه وهي إختيار الزوج وقرار الزواج اللتي هو في اكثر الاحيان قرار الأب والعائله بالدرجه الاولى, وفي اكثر الاحيان لا تُسال المرأه عن رايها في الزوج قبل عقد القران, وهذا مايعني ان المُساومه على الزواج تدور بالدرجه الاولى بين ألأباء والعائلات دون ان يكون للمرأه الحق إعطاء رايها في زوج من المفروض ان تكون فيه شريكة العُمر!! المهم في القضيه هنا ليس المرأه وليس الزواج لابل كلمة الاب او الاخ التي تعني "كلمةرجل", بمعنى"كلمة رجل" واللتي تعني ان المرأه لا راي لها وعليها ان تقبل بما يُمليه والدها او ولي امره " الرجل" عليها!
هُنا للتذكير ان زواج القرابه وابناء العمومه مازال شائعا في النقب وذلك بالرغم من مساوئ هذا الزواج سواء الاجتماعيه او الصحيه وخاصة ولادة الاطفال مع عاهات جسديه وعقليه بسسبب قرابة الدم وتشابهه بين الزوج والزوجه[ بنت وابن العم او العكس] اللذي يؤدي الى ولادة الاطفال مع امراض جسديه وعقليه, والواقع المؤسف ورغم وُجود الاف الحالات المرضيه بين الاطفال بسبب زواج ابناء العمومه , إلا ان المجتمع العربي النقباوي لم يتعظ ويُغير اسلوب زواج القرابه لابل ان هذه الظاهره مازالت مُستمره وفي تزايد مُضطرب!!
هُنا لابُد من التذكير ايضا الى شكل من اشكال الزواج اللذي مازالت ايضا شائعه في النقب,وهو زواج البَدَل اللتي "يَتبادَل" فيه العائلتين او الوالدين الفتيات لزواج الابناء,بمعنى عملية تبادُل النساء والفتيات [زواج الاخ مثلا من عائله س من بنت العائله ص في المُقابل زواج ابن العائله ص من بنت عائلة س], ولكن ابشَع الحالات في زواج البدل واكثرها ظُلما وتَخلُف هو زواج رجلين مُسنين [كبار في السن] عن طريق تبادل بناتهُم, بمعنى زواج كل من الرجلين المُسنين من بنت الرجل الاخر عن طريق البدل, وهذه الطريقه الظالمه تُجبر الفتيات الشابات من الزواج من رجال مُسنين قسرا وبقرار من الوالدين, والحقيقه المُره ان مايجري هُنا عملية إغتصاب موضوعي في ثوب " زواج" من جهه وتجاره بالنساء من جهه ثانيه وبالتالي لا يرقى هذا الشكل من اشكال الزواج الى درجة الاغتصاب الموضوعي فقط لابل الى درجة الجريمه اللتي تختبئ في ثوب زواج قسري جائر وظالم!!
هُنالك الكثير من الجرائم الانسانيه التي تُرتكب بحق المرأه العربيه في النقب, ولكن اكثرها شده وظُلما هو الاسلوب المتواصل الذي يُحمل فيه الرجل والمجتمع دوما المرأه المسؤوليه عن هروبها من البيت او تمردها على الظُلم تحت ذريعة وقِناع " العار" وغيرها من الحُجج, دون ان يُمارس المجتمع عملية النقد الذاتي والبحث في اسباب المشاكل والعُنف ولاضطهاد اللذي يتعرضن له النساء سواء في بيت الاهل اوبيت الزوج او المجتمع ككل!
من المؤسف القول ايضا أنه في كثير من الاحيان تتعرض المرأه البدويه في النقب الى إضطهاد وظلم مُكثف واشكال عده من العنف الجسدي والنفسي والجنسي سواء في بيت الأهل او بيت الزوج, وبالتالي مايجري هو شبه عاده "روتينيه" وهي تصديروتنفيس الاب او الزوج او الاخ عن ازمته[ سواء الاقتصاديه او النفسيه او الاجتماعيه] وازمة مجتمع بكامله من خلال مُمارسة العنف بكل اشكاله ضد المرأه والاطفال ايضا , واللافت للنظر هُنا ان مُرتكبي جرائم العنف ضد المرأه لا يُحاسبون في الغالب قانونيا سواء من قبل الدوله او مايُسمى بالقضاء العشائري السائد في النقب!! وللمثال لا لحصر: لا يرى المجتمع البدوي في النقب حتى يومنا هذا في أب قام بِتزويج ابنته قسرا لرجل اخر [ مُسن اوشاب] بأنهُ مجرم او ارتكب جريمه,,, العكس هو الصحيح وهوتحميل المرأه المسؤوليه في حالة رفضها الزواج الذي يُمليه عليها والدها او ولي امرها!!,, حتى عملية ضرب المرأه او قتلها تحت ذرائع الشرف او غيره تجد غطاءها الاجتماعي حتى ولو كانت المرأه غير مذنبه ولا ناقه لها ولا جمل في موضوع الاتهام الموجه لها!!!
أخطر ما في الامر وأشَده قسوه بما يتعلق بالمرأه العربيه في النقب هو النظر اليها كسُلعه يمتلكها المجتمع الرجالي من جهه وتحميلها كعُنصر" ضعيف" مسؤولية قضايا وإشكاليات اجتماعيه ونفسيه حاصله في المجتمع من جهه ثانيه وبالتالي وبدلا من ان يسعى المجتمع الى رفع مستوى وعي المرأه لحقوقها ولدورها الاجتماعي والانساني في المجتمع, يقوم المجتمع بفرض القيود والمعوقات على النصف ألاهم في المجتمع اللتي من المفروض ان يُساهم في تربية الاجيال القادمه للمجتمع!!
الحديث هنا يدور عن تشخيص وتلخيص لحالة وشجون المرأه العربيه في النقب واللتي تُعاني من مطرقة المجتمع القبلي وسندان سياسة التهميش الاسرائيليه نحو المجتمع العربي النقباوي بشكل عام والمرأه بشكل خاص في النقب, وماذكر اعلاه وسيُذكر هو مجرد شجره صغيره تُخفي وراءها غابه من الظلم والاضطهاد اللتي ترزح تحت وطاتها المراه العربيه في النقب سواء على المستوى الانساني او الاجتماعي او الصحي ا و الاقتصادي!!
ثالثا: التعليم والدراسات العليا والمراه البدويه:
من المعروف ان سلك التربيه والتعليم في النقب يُعاني من الكثير من المشاكل سواء على مستوى نقص المدارس او النقص في المعلمين المؤهلين او الميزانيات الماليه, ولكن وبالرغم من من الازدياد الطفيف في نسبة التعليم بين النساء, إلا ان نسبة المُتعلمات من بين النساء العربيات في النقب اللذين ينتسبن للمعاهد العليا مازالت محدوده نوعا ما في النقب مُقارنة بالرجال وبالقطاعات العربيه الاخرى داخل البلاد, وذلك بسبب القيود الاجتماعيه اللتي تُفرض على تعليم البنات من قبل العائله والمجتمع اللذي ما زال يرى في خروج المرأه[للدراسه] دون مُرافق او لوحدها تهديدا للعادات وخروجا عن التقاليد البدويه!! زد على هذا ان الدوله الاسرائيليه تدعم التجهيل اكثر من التعليم في النقب ككل من جهه ولا تُوفر الظروف الملاءمه لتعليم النساء من جهه ثانيه, ولكن المراه المتعلمه في النقب شأنها شان الرجل تتعلم حتى تحصل على وظيفه ودخل وزوج ولا تساهم في تطوير نظرة المجتمع الى المراه.. تكتفي بثقافة " المعاش" والاسرله والتوطين مثلها مثل الرجل في المجتمع العربي النقباوي.... المساهمه الحضاريه والفكريه ضحله وضئيله وان لم تكن معدومه .. اندماج تام في واقع مُر!!
واخيرا وليس اخرا يبدو جليا ان وضع المرأه العربيه في النقب سواء في مدن التوطين القسري او ما يُسمى " بالقرى الغير مُعترف بها" ما زال اسوأ من السئ في جميع المجالات, وهو الوضع اللذي يتطلب الكثير من الجهد لاصلاحه والارتقاء بمستوى المرأه العربيه في النقب الى الوعي بالحقوق والواجبات اللتي من المفروض ان تتمتع بها المرأه العربيه في النقب اللتي تُعتبر عماد ومستقبل المجتمع إذا اردنا بالفعل الارتقاء بالمجتمع ككل الى مستوى افضل من ماهو عليه في الحاضر!! والمطلوب من المرأه البدويه في النقب سواء المتعلمه او المثقفه نفسها ان تتعامل مع قضاياها بطريقه حضاريه وصادقه وان تخدم المجتمع ككل و مجتمع النساء بشكل خاص وتساهم في تحقيق الحقوق ضمن اطار هويه حضاريه وثقافيه وطنيه وليست في اطر تغريبيه واجنبيه موجهه في اتجاه التضليل وليست الوعي بأهمية انصاف المرأه والسؤال المطروح: متى ستنهض المراه العربيه في النقب لتأبه لحقوقها المشروعه كأنسان وككيان وكمرأه, وتطالب بحقوقها ورفع الظلم عنها وهي حقا وحقيقه جمل المحامل االذي تحمَّل وما زال يتحمل الكثير... المرأه البدويه في النقب مطالبه بالمطالبه بحقوقها الانسانيه والاجتماعيه ضمن مسيرة الالف خطوه.. واول الغيث قطره !!

الكاتب : باحث علم إجتماع ورئيس تحريرصحيفة ديار النقب الالكترونيه

www.deyaralnagab.com