logo
الحلقة المفقودة في لجم أطراف الانقسام الفلسطيني!!

بقلم : عطا مناع ... 01.07.2010

يستطيع المتتبع للمشهد الفلسطيني المنقسم على نفسه وضع اليد على الوجع أو بالأحرى ظاهرة الطفولة السياسية التي تسيطر على أطراف الانقسام والتي تحولت لمرض يفرض على القوى المناهضة للطغم المتحكمة برغيف خبزنا استخدام المبضع على الرغم من الإمكانيات المتواضعة لهذه القوى.
تشائلنا مرغمين عندما تابعنا التصريحات الصادرة من غزة ورام اللة، واقنعنا أنفسنا بأننا قاب قوسين او ادنى من نهاية الكابوس، لكن حساباتنا سقطت أمام العدمية السياسية التي تتعامل مع قضيتنا ومصالح شعبنا باستهانة لم يشهد لها تاريخنا الفلسطيني مثيل.
لقد شكلوا اللجان وخرجوا علينا يتباكون وينددون بالانقسام، وكأنة نزل علينا من السماء وليس من صنع أيدينا، واعتقدوا أنهم يستطيعون أن يمرروا لعبتهم على الشعب الذي يرى عريهم وفقرهم إلى الإمكانية للخروج من المأزق الغير مبرر شعبياً والذي جلب لنا الموت والجوع والاستهانة بحقوق الإنسان والانفلات ألاحتلالي الغير مسبوق في التعاطي مع حقوقنا كفلسطينيين ناهيك عن إعلانهم بكل صفاقة عن تهويد القدس والمضي في إجراءات الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة وابتكارهم لمزيد من القرارات الضاغطة على شعبنا وعلى رأسها قرار 1650 الهادف بتفريغ القدس من سكانها الأصليين.
إذا حاولنا أن نفكك المشهد الفلسطيني سنجد أن المعضلة الوطنية والحياتية الفلسطينية خرجت عن كوننا شعب محتل، فهذه الحقيقة موجودة منذ أكثر من ستة عقود، وشعبنا استطاع خلال مقاومته بإشكالها المختلفة أن يدرك ماهية هذا الاحتلال ألتفريغي الذي يستهدف اقتلاعنا من أرضنا وفي أحسن الأحوال تحويلنا إلى مجموعات بشرية هدفها الأكل من اجل العيش والتقوقع في الذات وعدم الانخراط بالهم العام، بمعني أن حال الفلسطيني هذه الأيام كحال جحا الذي رفع شعار المهم راسي وليكن الطوفان.
وإذا قدر لي التشخيص بصراحة فان"جحا" كما قال الشاعر العراقي مظفر النواب من يحمل في الداخل ضده، فجحا الفلسطيني يحاول أن يقنعنا بمقولة فلسطين من النهر إلى البحر، وجحا الفلسطيني يتميز بقدرة غريبة في التلاعب بالكلمات وتصدير المواقف، فهو المدافع عن الأول عن حقوق الإنسان وفي نفس الوقت غارق إلى الرقبة في انتهاك حقوقنا، فحسب حركة فتح مثلا قامت أجهزة الحكومة المقالة باستخدام أبشع أساليب التعذيب مع 1500 من عناصرها بإتباع أسلوب عدم الاعتقال واعتماد الدوام لساعات محدودة يتعرض لها الفلسطيني الفتحاوي لأبشع أساليب التعذيب، وحسب حماس فان الأجهزة الأمنية الفلسطينية تلاحق وتعتقل أبناء الحركة بالعشرات.
الأخطر في حالتنا الغارقة في انفصامها أنهم ينهالون عليك بجام غضبهم إذا تطرقت للمأساة الفلسطينية الذين هم سببها، وهم صنعوها، والخطير أنهم لا يرون عذابات الناس ووجعهم ويقنعون أنفسهم أنهم على صواب وكل من يضعهم أمام أنفسهم جاهل وغبي وضد المصلحة الوطنية رغم أنهم أبعدونا عن الوطن وابعدوا عنا الوطن عقوداً وأغرقونا في نفق لا يعلم إلا اللة متى نخرج منة.
قد يكون من المهم على شعبنا الخوض في التفاصيل للوصول للتشخيص والاعتراف بالحقيقة التي تختصر علية استحضار العلاج، والحقيقة تقول أن القدس التي يجاهر الكل الفلسطيني بأنها عاصمة الدولة الفلسطيني تهود ويسرح ويمرح فيها عتاة المستوطنون الإسرائيليون، والحقيقة أن القدس وحسب رئيس وزراء دولة الاحتلال ستفرغ من المقدسيين الفلسطينيين عام 2020 ، حقيقة أخرى أكدها الممارسة السياسية أن فلسطين لم تعد من النهر إلى البحر، وهنا لا أتحدث عن أصحاب المفاوضات المباشرة او الغير مباشرة، بل اصل لحركة المقاومة الإسلامية حماس التي تنادي بفلسطين من نهرها إلى بحرها حسب نظامها الداخلي، هذا طرح نظري يسقط أمام الممارسة والتصريحات الصادرة عن بعض قادتها واللقاءات مع الأمريكان بصرف النظر رسمية او غير رسمية، وللتذكير فقد سقطت القيادة الفلسطينية في شباك أوسلو من خلال اللقاءات الغير رسمية، وما ينسحب على القدس ينطبق على خطاب راس الهرم الفلسطيني بالنسبة لحق اللاجئين بالعودة إلى أراضيهم التي هجروا منها عام 1948 .
حقائق مفزعة تطالعنا كل صباح تضاعف الهموم مما يفرض على شعبنا البحث عن الحلقة المفقودة في حالتنا التي تكاد تصل للاستعصاء، وقد تكون المواجهة هي الحلقة المفقودة مما يفرض على المجوع الفلسطيني المتضرر من الانقسام وترجماته الميدانية الانخراط في المواجهة الديمقراطية والتحرك الميداني الممنهج لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فساعة التيه تدور بسرعة والجرح يتعمق والأجنبي يوغل في دمنا.
من المجدي أن ننزل إلى الشارع وان نقول كفي للانقسام، صحيح أن الخوف يلقي بظلاله على أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، هذا ما يؤكده لي العديد من الأصدقاء، ولكن علينا أن نقف في وجة الأغنياء الجدد أغنياء المستفدين من حالة الانقسام الداخلي الذي يتعامل مع الشعب بالقطعة.
ما بين الانقسام وتجاوز الخوف من النزول إلى الشارع خيط رفيع، وفي ظل عجز المنقسمين التقدم خطوة إلى الأمام تحتم الضرورة الامساك بالدفة والمجاهرة بالموقف وعدم الاختباء وراء الإصبع، وما موقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي قررت تنظيم احتجاجات على قضية شركة كهرباء غزة وقضايا أخرى تتعلق بالشأن الداخلي الا بداية الغيث، صحيح أن ثمن التحرك الشعبي كبير ويحتاج للكثير من التضحيات ولكنها الحتمية الفلسطينية التي لا مهرب منها، فالفلتتان الوطني واستباحة المقدس الفلسطيني وصل لعنق الزجاجة والحلقة المفقودة في لجم كل من يتجاوز الخطوط الحمر ويستهتر بالشعب ويتقن سياسة الضحك على الذقون هي الحراك الشعبي أولا وثانيا وثالثا وعشرا، وإلا فعلى قضيتنا السلام.


www.deyaralnagab.com