يوم الأرض الخالد والواقع الفلسطيني!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 30.3.07
كعادتهُم كل عام ولَوْ كَلَّ العالم كُله وتقاعص عن نصرة الحق الفلسطيني لم يَكِل الفلسطينيون في يوم من الايام ولم يتوقفوا يوم ما اينما كانو ا وتواجدوا وطنا ومهجرا من الارتباط بالارض روحا وحاضرا وماضيا ومستقبلا , وفي هذه الايام يستعد الفلسطينيون في الداخل والخارج في الثلاثين من آذار/ مارس لهذا العام 2007 لاحياء الذكرى الحادية والثلاثين ليوم الأرض الخالد و لعرس الارض الفلسطينيه الطاهره والحبلى دوما بعبق التاريخ الفلسطيني والشامخه بنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والاحلال الصهيوني وضد الظلم والقهر الذي لحق ويلحق بالشعب الفلسطيني منذ عقود مضت ومنذ النكبه ومرورا بالنكسه وحتى يومنا هذا ظل شعبنا في الداخل والخارج وفي المدينة والقريه والمخيم والشتات,,ظل وفيا جيل بعد جيل لرسالته النضاليه والحضاريه وكا ن ما زال ورغم تكالب المتكالبين رمزا من رموز التضحيه والصمود على المستوى الاقليمي والعالمي!!
وبدايةً وكما في كل عام وفي الذكرى ال حاديه والثلاثين ليوم الارض تحياتنا لكم أين ما كُنتم وأين ما تواجدُتم في أرضكم ومهجركم وفي سهلكم وجبلكم وبحركم وصحراءكم ووطنكم ومهجركم, والحقيقة أننا ومُنذ أكثر من نصف قرن وفي هذا العام ايضا نعيد نفس الأسئلة ومن ثم نلوكها مرةً أخرى.. من نحن.. وهل نحن "مواطنو" دولة أو دولة "المواطنين" أو فلسطينيي عرب الـ48 أو عرب إسرائيل؟ او من هؤلاء الذين تاهُوا في صحراء المسميات والتسميات بين ارقام الاعوام وتواريخ الاحداث؟؟.. هناك عبر الحدود وفي المخيمات يقطن ابن عم او قريب او اب او جد لهؤلاء الشهداء الذين سقطوا في سخنين ودير حنا وغيرهما وسطروا بدماءهم الطاهره التاريخ الاول والانطلاقه الاولى ليوم الارض الخالد بخلود الشهداء والنضال,, وهنا وهناك نهر وروافد أنهر تلتقي مصباتها وروافدها ومنابعها في قصة ارض المنبت والوطن الفلسطيني!!! وهنا وهناك ايضا هنالك قضية شعب تشهد على مأساته وكارثته اطلال يافا وحيفا العربيه واسوارعكا ومساجد وكنائس اللد والرمله وبئر السبع وعسقلان التي حوَّل اكثريتها الاسرائيليون الى متاحف وخمارات وحتى المقابر وعظام الاموات لم تسلم من الة الدمار والاحلال الاسرائيليه.... وهنالك في جعبةالفلسطيني كمٌّ هائل من الأسئلة حول الدوله والسلطه الفلسطينيه واوهام السلام الضائع بين دولة غزه ودولة رام الله ,,و حول "أدبيات" الداخل والمساواة في الحقوق وظواهر كُثر أبرزتها عقود من الإحلال والتضليل والتجهيل والانتهازية الذاتية وخليط من "الخطوط والاتجاهات" السياسية التي يتغذى أكثرها على لَوك وهضم الشعارات الهادفة إلى إيجاد أكبر عدد من المُهللين لشيخ "قبيلةٍ" عصريّ يجمع الناس حوله حتى يصل إلى أقصى "القمة".. عضو برلمان اسرائيلي "عربي إسرائيلي"... رئيس "حزب"!!...مُناضل من أجل "الحقوق والمساواة".. نحن "نطالب الحكومة ببحث ظاهرة الفقر في القطاع العربي"!!, نحن نُطالب بوقف هدم البيوت ومُصادرة الأرض في النقب والجليل!!...نحن لم نصوت "لصالح الحكومة" والاحزاب الصهيونيه!!.. نحن ونحن "مواطنون" أو "شبه مواطنين",..... نحن يا سيداتي وسادتي لا هذا ولا ذاك, ولا مواطنين ولا شبه مواطنين، لا بل نحن ضحية الضحايا التي عانت وما زالت تُعاني من تسُونامي إسرائيل ومُشتقاتها من بين ظهرانينا,...... نحن رهائن تُراهِن ويُراهَن عليها وتعيش في صُلب وطنها سجينةً ورهينةً مخطوفةً منذ أكثر من قرن، وأخطأ من أٍرّخ تاريخ "ميلادكم" بالرقم 48 أو رقم الـ 67 أو ما شابه هذا من أرقام عابرة في سجلات دولة إسرائيل التي لم ترَ فينا وفي وجودنا سوى حقل تجارب لسياسة الإحلال والاستيطان والمصادرة والتغريب و"الأسرلة" من جهة، وسوى بشر عاشوا ويعيشون على أطراف وهامش جُغرافيا "دولة الأسياد" المدعومة بطابو "أسطورة الألفي عام" من جهة ثانية. .. وبالتالي ما جرى ويجري ضمن رحلة النصف قرن ونيف أننا شاركنا أو أُشركنا في عُرس "ديموقراطية إسرائيل" قسراً وطوعاً وجهلا، بحقيقة أن أهل العُرس يَرون فينا مجرد وَلائم لعُرسهم مهمّتها التقاط فتات" ديموقراطية السيد" بعد أن يشبع نَهشاً في مُقومات وجودنا.. الأرض... الإنسان.. الدين... الحضارة.. الهوية الوطنية.. الاقتصاد.. وحتى حجب الهواء والشمس والماء عن قُرانا ومُدننا المُحاطَة بمستوطنات "الأسياد"!.
تحل في هذه الأيام الذكرى الـ 31 ليوم الأرض الذي كانت انطلاقته الأولى عام 1976 احتجاجاً على مصادرة الأراضي العربية ومشروع كينغ الداعي إلى تكثيف الاستيطان اليهودي في مناطق التواجد العربي في الجليل من خلال مُصادرة الأراضي العربية وبناء المستوطنات اليهودية, ولكن مشروع كينغ لم يكن الوحيد الذي استهدف الوجود العربي والأراضي العربية، لا بل سبق هذا المشروع (كينغ) مشروع توطين عرب النقب والاستيلاء على أراضيهم والذي ما زال مُستمراً حتى يومنا هذا, ومن ثُم جاءت خطة النجوم السبعة لعام 1990 بهدف تهويد المثلث العربي ومناطق وادي عارة, وجاءت خطط وتوصيات إسرائيلية كثيرة لا تُعد ولا تُحصى بهدف الاستيلاء على ما تبقى من أراضٍ عربية في الجليل والمثلث والمركز والنقب، نَذكُر منها وثيقة مؤتمر هرتسيليا لعام 2000 الداعية إلى تكثيف الاستيطان اليهودي في مناطق التواجد العربي, وكماجاءت خطة تهويد النقب والجليل اللتي رصدت لها الحكومة الإسرائيلية مليارات من الدولارات بهدف الاستيلاء الكامل على ما تبقى من أراضٍ عربية في النقب والجليل خاصة ومناطق التواجد العربي بشكل عام ومطاردة سكان القرى الغيرمعترفبها من قبل حكومة اسرائيل سولء في النقب اوالجليل,, واستمرارية اسرائيل في تحويل ماتبقى من جيوب عربيه في المدن الفلسطينيه اللتي احتلت عام 1948, الى جيتوات محاصره ومُهمله!
منذ أمدٍ دخل الكثيرون من بيننا في مُهاترةٍ مع التاريخ والواقع, وحاول البعض عَقلَنَة "الوهم والسراب" وتدجين التاريخ والاجيال تحت مُصوغات وحجج الواقع ومستوردات "البراغماتية والعقلانية", ومحاولة نرجَسة الأمور وتثبيت الباطل ونفي الحق، حتى أصبحنا نُكيل جوهر قضايانا بِألف مكيال (نُكران الضحية وتنكّرها لواقعها),.. تارةً نجلد ذاتنا الطيبة والصادقة بسوط "ديموقراطية الفتات" وبنعوت "التزمّت والتطرف"، وأخرى نصطف في الطابور ننتظر دورنا في التصويت والترشيح والطرب على نغمات أوتار "ديموقراطية" مُقطَّعَه, والرقص على حبال تشد الطوق على رقابنا عاماً بعد عام، إلى درجة محاولة إفراغنا ليس من الارض فحب لابل تجريدنا ايضامن إنسانيتنا وقيمنا الحضارية, وهكذا وعلى هذا النحو سنحتاج بعد حين ليس فقط لـ"تأشيرة" مكوث (مواطنة الوهم) لا بل لتصريحٍ وفتوى حتى تتمكن من مد العون والإغاثة لأخيك ابن أمك وأبيك، ناهيك عن جُرم الدفاع عن بيتك الذي يُهدَم وأرضك التي تُجرف وتُحرث وتُصادَر تحت حجة "منع الاستيلاء على أراضي الدولة", وسُخرية التاريخ تكمن هنا صارِخةً في أن الغاصب والغازي يتهم الأهل الأرض العرب في النقب مثلا بأنهم "غُزاة" وفي الجليل بانهم يستولون على ارض الدوله.. وفي مايسمى بالمدن المختلطه يتهمون السكان الاصليين من العرب بالاستيلاء على بيوت واملاك البلديه وال عميدار؟؟::::بيوت واملاك الفلسطينيين الذي استولى عليها المستوطنين اليهود عام 1948!!... من غَزى من؟؟ ومن وَطَّن وشردَّ من قسرياً ونهب الأرض والديار؟...الجواب: يُجيب عنه واقع عرب ال48 الذين تُطاردهُم "ديمواقراطية" إسرائيل في عُقر أراضيهم وديارهم الأصلية!!.
قد يقول قائل إن نصف الكأس أو رُبعه أفضل من لا شيء!!!! أو رائحة الشيء ولا عدمِه, ولكن للأسف بِتنا موضوعياً وعملياً لا نملك لا الكأس ولا نصفه ولا الشيء ولا عدمه, ولا نملك القفل ولا المفتاح، ولا حتى رَسَن واقعنا الذي ضاعت مُقوماته بين طيات وملفات "ديموقراطية" إسرائيل التي تلفّ وتدُور حول الموقع الذي تشتَمّ فيه رائحة العربي!, ومن ثم تسلك طريقاً التفافية إلى مواقع "الأسياد", ولكن إذا تعلق الأمر برفاهية وراحة مواقع "الأسياد" تَضيق الدنيا والأرض بـ"ديموقراطية" إسرائيل وتأبى أن لا تمرّ ببلدوزوراتِها وجحافلها إلا من خلال الأراضي والبيوت العربية التي تلتهمها "الديموقراطية" في طريقها حتى تُوفر الراحة و"السيادة" الكاملة لأهل "الأرض الأصليين" مالِكي طابو "الألفي عام" وأصحاب الحق في إزاحة ودَثر "مواطني دولة ديموقراطية" لا ترى فيهم سوى عقبه أمام مشروعها الإحلالي الهادف ليس فقط للاستيلاء على الأرض، لا بل فرض وضعيّة اللاجئ على العربي الذي يجب عليه أن يتسول ويتوسل "ديموقراطياً" البقاء في وطنه وأرضه والعيش على هامش فتات "الديموقراطية" الإسرائيلية!.
الواقع الفلسطيني ككل هو واقع مر, ولكنه واقع اني وعابر ولن يستمر الى الابد ,,ما زالت الاجيال تتلاقف احياء معنى الارض وارتباط الانسان الفلسطيني بهذه الارض وتمسكه بالحق التاريخي والشرعي للوجود الفلسطيني.., وستبقى الأرض مركز وجوهر الصراع بين سياسة الإحلال والإقصاء التي تمارسها إسرائيل، وبين الأجيال العربية الفلسطينيه المُتعاقبة, وبالتالي ..الأرض ثُم الأرض.. وستبقى الأرض وفيةً لأهلها إذا صانوا وجودها في الوجدان والكيان الإنساني والحضاري ومرة اخرى واخيرا وليس اخرا لابد من القول..: إن الزمن سيستمر في الانسياب والتعاقُب, وستتعاقب الأجيال, وستبقى الأرض مركز وجوهر الصراع بين سياسة الإحلال والإقصاء التي تمارسها إسرائيل، وبين الأجيال العربية المُتعاقبة, وبالتالي لا بد للجميع أن يَتزَمنُوا الزمان ويتمكنُوا المكان وألا يساوموا على وجودهم بالإغراءات المادية وغيرها، مع التأكيد على حتمية بزوغ فجر العدل ليدحض ظلم سلب الإنسان أرضه ودياره!.
ملاحظه اعلاميه: نشأة وإنطلاقة يوم الارض الاول كانت في عام 1976 في مناطق فلسطييني الداخل[فلسطينيي ال48 ], ومنذ ذلك الحين يُحيي فلسطينيي الداخل وكامل الشعب الفلسطيني هذه الذكرى سنويا في الثلاثين من اذار كل عام!!!
باحث علم إجتماع ورئيس تحرير موقع ديار النقب
www.deyaralnagab.com
|