تاريخنا عصي على النسيان!!
بقلم : مها زحالقة مصالحة* ... 07.05.2010
السينما والفن الوطني وكتب التاريخ هي أسلحة التوثيق والتصدي، وهي حرب طاحنة في عالم النشر لا تقل وطأة عن حرب السلاح، بيد أن ضحايا حرب السلاح شهداء أفراد وإن وصلوا الملايين، إلا أن ضحايا حرب كتابة التاريخ هي أوطان كاملة شهيدة في سجل الأوطان المسلوبة وفي معركة النضال الكتابي".
بوبنا فعالية اليوم تحت عنوان "رحلة الشوق والحنين إلى بيارة البرتقال الفلسطيني"، برتقالة ثرثارة العطر، لونها طعمها، لونها صفة الشمس في نومها.
والبرتقال هنا كزهر اللوز أو ابعد كما يقول خالد الذكر محمود درويش، كزيتون فلسطين وككرم العنب كريم الشذى الذي يفوح بعبق عرق أصحاب هذه الأرض، كليمون فلسطين الملطخ بدم الوطن المستباح والمكلم بالجراح أهله..
الفيلم الوثائقي يافا يحكي قصة التفاحة الذهبية بنت الأرض الفلسطينية، الفيلم يناقش قضية الرمزية في الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي، وعملية البلبلة في الرموز والاستيلاء عليها من قبل المُحتل المُستعمر كجزء من مؤامرة الاستعمار الثقافي والاحتلال الفكري. ماركة يافا هي ماركة عالمية تجسد أحد أهم هذه الرموز، وفقدان هذه الماركة يشكل احد أبعاد النكبة المؤلمة، ويعزز الغربة والمنفى على أرض الوطن وهما أقصى درجات الألم الوطني والشعور بالمهانة.
فيلم يافا ليس درامياً بل هو وثائقي يرمي بالنهاية إلى تجسيد القدرة والتكتيك الإسرائيلي على احتلال الأرض والرموز وحتمية التصدي لذلك. السينما والثقافة الوطنية وكتب التاريخ هي أسلحة التوثيق والتصدي، وهي حرب طاحنة في عالم النشر لا تقل وطأة عن حرب السلاح، بيد أن ضحايا حرب السلاح شهداء أفراد وإن وصلوا المليون، إلا أن ضحايا حرب كتابة التاريخ هم أوطان كاملة شهيدة في سجل الأوطان المسلوبة وفي معركة النضال الكتابي. لا وقت لدينا لإهدار الوقت، علينا الفلسطينيين سباق الزمن لتوثيق تاريخنا الشفوي، وإلا خسرنا المعركة بلا عودة، فلننمِّ الأمل فينا بأن فلسطين الذاكرة والتاريخ لا تقل هيبة عن فلسطين الأرض ولا يجوز الفصل بينهما... فتاريخنا عصي على النسيان هو..
هناك فجوات في الذاكرة الجماعية والرواية التاريخية بفعل المؤسسة وبتقصير صارخ منا وبعيداً عن سياسة الجلد الذاتي، الفشل في هذا الصراع الخفي الظاهر هو حقاً موت ضمير شعب ووطن كامل.
أيار من كل عام هو شهر النكبة، وفعالياتنا الثقافية بروح هذا الشهر مستمرة بعرض فيلم زهرة لمحمد بكري والذي يحكي سيرة ذاتية للباقين على هذه الأرض، ولطالما كان التاريخ والتأريخ الشفوي الفلسطيني أداة مقاومة وصمود، رمزاً من رموز الثقافة وشكل استحضاراً للذاكرة الجماعية واستمرارية الهوية وساهم في الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، وشكل سدا متينًا من الفلسطنة أمام بلدوزرات الأسرلة الأخطبوطية ووكلائها.
درب التبانات، زهرة الفلسطينية، عيد ميلاد ليلى وشجرة ليمون هي محاولات سينمائية ناجحة لعملية إنتاج المعرفة، كي لا ننسى نحن ولكي يدركوا هم_ هم هي الآخر القومي والند التاريخي لنا وهم أيضا الرأي العام العالمي وتسويق قصة النكبة فيه بطريقة صادقة ومداعبة لأوتار القلب الموصولة بخلايا التصديق والتضامن، هي حرب إنتاج للمعرفة والملكية على الحقائق التاريخية لا أكثر ولا أقل.
التاريخ هو الصراع والصراع هو التاريخ، مؤسسة المعرفة والعلم والتوثيق بالروايات الشفوية والمنقولة والمصادر الأرشيفية هي الآليات للانتصار.
وفي الختام أقول لكم أمام هذا الواقع واستظل بنور مسحة سميحية لأبي الوطن سميح القاسم: أيها الظلام الأزلي! كم أنت أعمى وركيك وزائل في حضرة النور الأبدي. نحن النور الأبدي، كما جاء في كلمة افتتاحية هذا الأسبوع سبقت عرض فيلم يافا ضمن النشاطات الثقافية التي يعكف عليها قسم الثقافة والتربية اللا منهجية في مجلس كفر قرع المحلي.
*مها زØالقة مصالØØ© - مديرة قسم الثقاÙØ© والتربية اللا منهجية ÙÙŠ مجلس ÙƒÙر قرع المØلي...Ùلسطين
www.deyaralnagab.com
|