الجمع ما بين عارين .. عار الغرور وعار ضياع الوطن!!
بقلم : أ . تحسين يحيى أبو عاصي* ... 02.09.2010
كثير من قادة الشعب الفلسطيني منذ فجر تاريخ الصراع مع العدو وحتى اليوم من رجال الفكر والعلم والسياسة والثقافة ، هم بدون ريب ولا شك على درجة كبيرة من الاحترام الذي يستحقونه ، والتقدير الذي هم أهله ، فأولئك هم العظماء بحق ، نجحوا في شق طريقهم بدمائهم وبعرقهم وبمعاناتهم في مواقع نضالية كثيرة ، وفي جميع ميادين المواجهة والقتال ، وهم بالنسبة لنا كالشريان من القلب وكالروح من الجسد ، فهم رموز شرف الأمة وأدوات كرامتها وعزتها ...
أولئك الأبطال يعجز القلم واللسان كما يعجز البيان والتبيان عن إيفائهم بحقوقهم ، فلهم علينا وعلى أبنائنا وذرياتنا من بعدنا دينا ثقيلا لا وفاء لهم إلا بالدماء والسير على نهجهم .. ، منهم من اختاره ربه ليكون في جواره ومنهم من ينتظر ، ولا يزال المنتظرون من هؤلاء العظماء يحترقون كالشموع التي تبدد ظلمات قبور الصدور والعقول السوداء المستأجرة وما أكثرها اليوم ، وهم كالنجوم يقتدي بهم كل حر شريف ، فكان لهم بذلك السبق في خط صفحات مضيئة من تاريخ النضال الفلسطيني ، ووضع بصمات مشرقة في مسيرة عزة وكرامة شعبنا العربي الفلسطيني ... هؤلاء نعرف منهم الكثير فلهم منا التحية والمحبة والسلام ...
ولما كانت الحياة كتاب تطوى صفحاته صفحة تتلوها أختها ، وكل صفحة وتجربة هي عبارة عن مدرسة وميدان للتعليم والثقافة واكتساب الخبرات ، تمر عينا هذه الأيام صفحة غريبة من نوعها عجيبة في مضمونها ، فمنذ سنوات عجاف وأنا ألاحظ بعضاً من رجالات السياسة والفكر والعلم والثقافة والأدب على مختلف مشاربهم ، هم على نقيض أسلافهم العظماء ، فأثناء قراءتي لتاريخ حياة عظماء ومفكري العالم ، بدأت أقارن بين تركيبتين من البشر.. تركيبة ذهنية وسيكولوجية لرجال اتصفوا بصفات مكنتهم من تحقيق النجاحات المتتالية ، وأثبتوا ذواتهم بنفس طويل وعزيمة لا تلين ، ثبتوا أمام محارق الصعاب وجسامة التحديات وعظمة المهمات ، من خلال صحة الأداء وتقييم الفعل ، الأمر الذي أدى بالضرورة إلى تحقيق النجاحات المتكررة والبعد عن الإخفاقات المعيبة ... أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: الزعيم لومومبا ومانديلا وجيفارا وكاسترو ومحمد نجيب وعبد الناصر وهوشي منه وتيتو ونهرو وغاندي وألندي وموندلين وعرفات وياسين وخلف والوزير وصايل .
فهوشي منه قائد الثورة الفيتنامية كان عاملاً بسيطاً في مطعم على متن سفينة شحن فرنسية إبان الاحتلال الفرنسي لبلاده ، وعندما شتمه أحد قبطان السفينة بسبب أنه فيتنامي ، ووصفه إياه بالتخلف والإرهاب ، بدأت تلك الشتيمة تفتح قريحة ووعي ذلك الشاب العامل البسيط النحيف ، فحركت مشاعره وأثارت تفكيره ... فآثر العودة إلى وطنه والعمل مع الثوار رغبة منه في تحرير بلاده ، ومكنته الظروف من تنظيم الثورة في فيتنام الشمالية ، ومن ثم إعلان استقلال فيتنام ..بقيادة جبهة التحرير الوطنية الفيتنامية في 30 من إبريل 1975م فدخل الثوار الفيتناميون الشماليون العاصمة "سايجون" وأسقطوا الحكومة الموالية للولايات المتحدة .
وكذلك ثورة موزمبيق التي انبثقت من بين القرى والأدغال والمستنقعات والكهوف والغابات ، أنتجت ثواراً وقادة واجهوا أشرس نظام قمعي في التاريخ ، وانتصروا عليه من بعد أن استعمر البرتغاليون موزمبيق لأكثر من خمسمائة عام منذ عام 1502م ، واشتدت حركة المقاومة بعد توحيد الحركات بجبهة تحرير موزمبيق ( تعرف اختصارا بـ فريلمو) التي أعلنت قيادتها للكفاح المسلح ضد الاستعمار البرتغالي في سبتمبر 1964 تحت قيادة (ادياردو شيفامبو موندلين) الذي نجح في جمع كافة الأعراق والأطياف في برنامج سياسي واحد.
وثورة غوانتيمالا التي انتزعت النصر بقيادة الجبهة الثورية المتحدة ضد الاحتلال الأسباني ، وقد استعمرها الأسبان سنة 1524 م ، ورغم أن سكان غواتيمالا من الهنود الأمريكيين وعناصر هندية ، و جماعة اللاندمينوس ، وهم خليط من الهنود الأمريكين والأسبان ، والباقي أقليات صغيرة من البيض والزنوج ، إلا أنهم تمكنوا من تشكيل جبهة واحدة قادتهم إلى النصر، فقد نجحوا أيضاً في جمع كافة الأعراق والأطياف في برنامج سياسي واحد.
جنوب إفريقيا في سبعينات وثمانينات القرن الماضي شهدت ثورة السود المتواصلة ضد حكومة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا ، ولم يشطب أحدهم الآخر، واتفق الجميع على برنامج تحرري مشترك.
وفي الجزائر قادت الثورة العمليتين السياسية والعسكرية معاً ، واندلعت الثورة الجزائرية سنة 1955، وكان لقبول مناقشة القضية الجزائرية في الأمم المتحدة منعطفاً حاسما في تاريخ الثورة الجزائرية ، وهذا ما اعتبره السياسيون أول هزيمة دبلوماسية وسياسية لحكومة فرنسا ، حيث اضطر وزير الخارجية الفرنسية ان ينسحب من تلك الجلسة ، وكانت فرنسا الاستعمارية تطرح المشكلة الجزائرية على أنها قضية فرنسية داخلية ، وأنها لن تسمح لأي كان ان يتدخل فيها ، لقد انتصرت الثورة الجزائرية من بعد أن وحدت الصفوف فجمعت ما بين القومي والديني والماركسي .
والثورة المصرية في 23 يوليو 1952 ، عرفت في البداية بالحركة المباركة ، ثم أطلق عليها البعض فيما بعد لفظ ثورة 23 يوليو، وكان لضياع فلسطين وحرب 48 أثر كبير فيها .
وثورة نيبال ضد الهيمنة البريطانية والهندية ، ففي عام 1815، انتفض الشعب النيبالي على بريطانيا وأحرز انتصارات عديدة ضد جيشها ، وفي أوائل عام 1996، أعلن الحزب الشيوعي النيبالي الماوي ثورته المسلحة ، مستلهماً برؤية ماو تسى تونغ في حرب الشعب طويلة الأمد ، بقيادة الحزب الشيوعي النيبالي الماوي .
وثورة كوبا في عام 1953 ، حيث قاتل كاسترو مع مجموعة قليلة من المتمردين أطلقت على نفسها : حركة 26 يوليو/تموز، وانضم إلى الزعيم الثوري أرنست تشي جيفارا ، وأطاح عام 1959 بحكم باتيستا الديكتاتوري ، وكيف أصبحت كوبا ساحة قتال إبان الحرب الباردة ؛ بسبب التقارب بينها وبين الاتحاد السوفيتي.
وفي أبريل/نيسان 1961 قادت الولايات المتحدة محاولة فاشلة لإسقاط حكومة كاسترو بتجنيدها جيشا خاصا من المنفيين الكوبيين لغزو الجزيرة ، وفي خليج الخنازير مني الغزاة بهزيمة كبيرة ، وقتلت القوات الكوبية كثيرا منهم ، وأسرت ألفا آخرين ، وحاولت الاستخبارات الأميركية اغتياله أكثر من 600 مرة ، كما جاء على لسان أحد الوزراء الكوبيين ، وكان من بين وسائل محاولات اغتياله محاولة تقديم سيجار له محشوا بالمتفجرات ، ودعم الثوار الماركسيين في أنغولا وموزمبيق في السبعينيات ، فهل شطب هنا احدهم الآخر ؟.
هؤلاء عظماء التاريخ اتصفوا بالإرادة ، وبالتواضع والبساطة ، وبالواقعية وحسن السيرة والأداء ؛ فالتف من حولهم شعبهم ، ونجحوا في تحقيق تلاحم الإرادات ووحدة الهدف والمصير ....
هذه تركيبة الرجال القادة الذين قادوا شعوبهم نحو الوحدة والاستقلال والنصر والتحرير .
أما التركيبة الأخرى فهي تركية ذهنية سيكولوجية مقلوبة ( منكفئة ) ، وهي على النقيض تماما من التركيبة السابقة ، فقد نجحت بامتياز مع مرتبة الشرف بالجمع ما بين عارين ، عار الغرور وعار ضياع الوطن ..
أصحاب التركيبة المقلوبة ( وهنا لا أعمم مطلقاً كما أوضحت في بداية مقالي ) ، فمنهم من هو على درجة أكاديمية عالية ، ومنهم من يشارك في صناعة القرار ، ومنهم أصحاب الأقلام ، ومنهم من رجال المال والأعمال ، ومنهم الحقوقيين ، ومنهم رجال الدين ، ومنهم الوجهاء والمخاتير ، ومنهم المثقفين ، ومنهم من رجال الوظائف العالية ، ومنهم أصحاب الامتيازات المعروفين وهكذا ... هؤلاء تعايشت معهم عن قرب ، واختلطت بهم ؛ حتى وقفت بدقة شديدة على طبيعة تركيبتهم الذهنية والسيكولوجية المعوجة ( منكفئة ) ، وفهمت عن عمق طبيعة تفكيرهم ، ونهج حياتهم ، وأساليب تعاملهم ، وتأملت أفكارهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية .
وبشفافية من المؤسف القول : أن الفكر الوطني أصبح اليوم طريداً أو أسيراً أو قتيلاً ، وأن ذات اللون الوطني الواحد والذي هو تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية يتصارع فيما بينه كتصارع الديدان على ثمرة معطوبة ؛ حتى صرنا نشم منهم رائحة لا طاقة لنا بها ، رغم تقديرنا لهم ، وحتى القوى الإسلامية ذات الأيديولوجية الواحدة والدين الواحد ، والتي هي خارج سقف منظمة التحرير ، لم تتمكن من تنفيذ ما وعدت به شعبها لتثبت من جديد خطأ قراءتها السياسية ..
لقد التقيت بحكم استقلاليتي السياسية مع بعضهم في كثير من اللقاءات الأدبية والثقافية والفكرية ، وحتى السياسية في بعض الأحيان ؛ فلمست منهم العجب العجاب ، يجلس أحدهم شامخاً منتفخاً ، أو عابساً متكبراً وكأنه أفلاطون زمانه ، أو زرادشت عصره ، أو القائد الفكري الذي لا نظير له ، ولاحظت أنهم رؤوس بصل ، وأنها عنزة حتى ولو طارت ، والويل لمن يعارضهم الرأي بحكمة أو بتحليل علمي ، فسرعان ما يكيلون عليه الاتهامات ، وينهشون جسده من وراء ظهره ... فكيف لا وهم يدّعون أنهم القادة والمفكرون وعلماء السياسة والقانون والأدب والثقافة ! ، وكيف لا وهم رجال المال والأعمال والشهادات والمناصب العالية والوظائف الرفيعة ! .. كنت أتمنى أن يقرؤوا تاريخ قادة وثورات وحركات الشعوب ، وكيف قضوا سنوات عمرهم بين الأدغال وفي الغابات والمستنقعات ؛ حتى انتزعوا النصر انتزاعا من بين أنياب ومخالب عدوهم ...
حاولت معهم كثيراً ووضعتهم في الميزان ، فلم أجد لهم في ميزان المعاني والفكر والانتماء والروح والإبداع والتفاني وزناً ، بل وجدتهم يرجحون في ميزان البز نس والمال والأعمال ، والدولار والمنصب والوظيفة ، وحب الجاه والسلطان والنفوذ والنفخة والكِبر، ومع كل ذلك فهم يتشدقون بالوطن والوطنية والقضية والهوية ، ويدَّعون أنهم رجال الفكر والسياسة والأدب والعلم والثقافة والمعرفة ، وسرعان ما أن يتبصَّرهم المتبصر ويدرك أمرهم ، ويكشف نفاقهم وزيفهم وانتفاعهم ، دينهم حب الذات والأنا ، والرغبة في الظهور ، والانتفاخ كالبالون الذي يتأرجح مع كل عصفة ريح ، ويعوم كالقش على كل شبر من الماء ، وديدنهم ميولهم لجلد الذات والاستغراق في التحليل وظلم الآخرين ، ويحاولون ستر عوراتهم بورق التوت ، والإكثار من التعليل والتبرير الذي لا فائدة ترجى من ورائه ، واختزال الوطن بأمور من هنا وهناك ، وهم في وعيهم يتساءلون أسئلة تثير الشكوك والشبهات ، حول كل مِعطاء عظيم فيقولون :
من هو هذا الرجل ؟ وما اسم عائلته ؟ ومن يكون أبوه ؟ وكم يملك من أموال ؟ وبالتالي لا وزن ولا قيمة له بينهم وعندهم ، وفق إدراكهم وثقافتهم ووعيهم مع الأسف الشديد ... أما من يكون جاهلاً فارغاً ومتسلقا بارعاً ، فكل الاحترام والتحية والتقدير له ، وذلك في نظرهم هو الرجل ثم الرجل ثم الرجل .
هؤلاء أصحاب ميول مشبوهة ، نراهم ينشطون في العتمة كخفافيش الظلام ، وكالصراصير التي لا تعيش إلا على مياه الصرف الصحي في الظلمة ، وككلاب الليل الضالة ، وذلك بالأدلة والحقائق والأرقام ، ولو ظهر بين ظهرانيهم نبياً هادياً أو رسولاً مبشرا أو ملكاً علياً ، لما سلم من شرورهم ، فإن حاورتهم في الحقائق المادية الدامغة تجدهم يهربون ويروغون ، وإن تقلد أحدهم منصباً لمست عقمه الاداري وضعف أدائه ، ويتمركز اهتمامه فقط في الشكل الخالٍ من كل مضمون ومعنى ، عار من فوقه وعار من تحته وعار بين جنبيه ، وعار من أمامه وعار من خلفه ، وقديماً قالوا : هم كالريحان رائحته جميلة وطعمه مر .. وقالوا أيضاً : هم كالبقدونس يوضع على موائد الملوك ويشرب البول .
ألا يفكر هؤلاء بشعب طريد مشتت جريح معذب ، ألا يفكرون بوطن سليب وبهوية ممزقة ؟ ألا يفكرون بوطن محاصر ؟ ألا يفكرون بقرارهم السياسي المرتهن ؟ ألا يفكرون بذل الوقوف على الحواجز ، وانتظار المعابر والتصريح من الضابط موشي والياهو وشيمعون ويوسي ؟ .
ناقشتهم كثيراً وهم في صولجانهم الورقي وأوهامهم الزائفة ، فأقروا في الحقيقة التي ألمح هنا بها بين السطور ، ولكن كما يقول المثل : ذيل الكلب أعوج لو وضعته بمائة قالب ، ودعونهم إلى قراءة التاريخ واستقراء الواقع من جديد ، ونصحتهم بألا يلهثوا وراء سراب يحسبونه ماءً ، وميزت لهم بين الحقيقة والوهم ، وبين الغث والسمين ، وبين الخيال والواقع بأسلوب تحليلي علمي لا يقبل النقض ، ولكن لقد أسمعت من ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي .
أولئك نخشى منهم على مصير شعبنا ، وكما يقول المثل الشعبي : البحر يصدق الغطاس أو يكذبه ... وفي المثل : اطلقتك يا سبعي ...فالميدان يشهد على عقلياتهم ومستوى تفكيرهم ، وما آلت إليه الأمور على أيديهم ، ويشهد على فشلهم ، فشل يتلوه فشل ويتلوه فشل ...
لقد وجدت بتركيبة هؤلاء المقلوبة ( المنكفئة ) العجب العجاب والصفات العجاف ، وتذكرت قول الشاعر : ملأى السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ ، فهم يعيشون بفلسفة وبنمطية خاصة بهم ، بحيث شكلوا لهم من خلالها هالة من حب الظهور والأنا ، وسألت نفسي كثيراً هذه الأسئلة :
1- كيف يجمع هؤلاء بين عار الغرور وبين عار ضياع الوطن ؟
2- لماذا يتكلمون باستعلاء وغرور ؟
3- هل يحق لهم الاستعلاء والواحد منهم سليب الوطن والكرامة والحقوق ؟
4- لماذا التعامل الفوقي ؟
5- هل حرر أحدهم حيفا ويافا وعكا لكي يتعامل هكذا ؟
6- لماذا الكِبر ؟
7- ما محتوى احدهم الفكري والثقافي والسياسي والأخلاقي ، وما رصيده النضالي وأين هو من التحليل العلمي ؟
8- لماذا العنجهية وعدونا يقذفنا بنيرانه ويحاصرنا ويفتك بنا ؟
9- لماذا الغرور وشعبنا جائع فقير مجروح مغلوب على أمره ؟
هل نسي أحدهم أنه كان يمشي حافياً في يوم من الأيام ؟ وهل نسي أحدهم أنه كان ينتعل نعالا بالياً أو ثوباً قديماً ؟ وهل نسي أحدهم مسكنه من قبل في بيت من الصفيح والصاج ، ومنهم من كان يقود عربة يجرها الحمار ، أو كان سائق شاحنة نقل أو بائع خضار ، أو صاحب حانوت متواضع ، أو موظف بسيط ، أو بائع خضار؟
فإذا كان هؤلاء هم النخب والطلائع والقادة ، والمنظرون والمفكرون والسياسيون ، والمتعلمون والمثقفون ، فمزيد من الويل قادم لشعبنا ولقضيتنا ولمصيرنا المظلم المجهول ، والذي لا تلوح في الأفق منه لائحة ، الأمر الذي لا يتمناه عاقل .
أدعو هؤلاء إلى أن يتفحصوا مصائب المواطن ، ويشاهدوا عدد المتسولين المتزايد في الطرقات والذين كانوا بالأمس أعزاء ، وعدد المرضى النفسانيين المتصاعد الذين كانوا من قبل أصحاء أسوياء ، أدعوهم إلى متابعة وتيرة اليأس المتفشية بين الناس ، أدعوهم إلى ملاحظة عكر المزاج الشعبي والضغط النفسي ، لتتجسد هنا مادياً عوامل ضرب مقومات وصمود وثبات الموطن الفلسطيني على أرضه ومواجهته لعدوه .
إنه الجمع ما بين عارين .. عار الغرور وعار ضياع الوطن ، فعن أي وطن وتضحية وتحرير بعد ذلك كله يتحدث هؤلاء المقلوبون ( المنكفئون ) ؟
أعلم أن ما ألاحظه وأتابعه هنا ما هو إلا صفحة من صفحات كتاب الزمن ، والتي هي حتماً ستُطوى بكل مساوئها ومحاسنها إن كان لها من المحاسن شيئاً يذكر ، وأعلم أن هذه السطور ستشعل نار حقد الحاقدين نحوي ، وستطلق لهيب ألسنتهم ضدي ، أولئك أصحاب العار المقلوبين الذين جمعوا بين عارين ، عار الغرور وعار ضياع الوطن ، ولكنه القلم الذي لا يُباع ولا يُشترى وإن علقوا رقبتي على أعواد المشانق ، فببكاء الأقلام تبتسم الكتب ، والعقول من تحت أقلام الرجال ( أرسطو ) .
فمتى نلتف حول برنامج وطني واحد يجتمع من حوله جميع القوى والطاقات فلا يشطب أحدنا الآخر ولا يلغيه ؟
*عضو لجنة الØوار الÙلسطيني ØŒ ومنسق لجنة العلاقات العامة ÙÙŠ تجمع الشخصيات الÙلسطينية المستقلة
www.deyaralnagab.com
|