logo
عبد ربه: قالوا يا فرعون مين فرعنك!!

بقلم : عطا مناع  ... 15.10.2010

ما هذا الهجوم على ياسر عبد ربة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؟؟ ولماذا سيل البيانات والتصريحات والتهديدات لمهندس اتفاقية جنيف؟؟ بصراحة لم يأتينا عبد ربة بجديد في تصريحاته حول الاعتراف بالدولة اليهودية أو الصينية أو البطيخية، وبصراحة أكثر لا أجد مبررا لهذه الحملة على ياسر عبد ربة، لأنة وبكل بساطة الضرب بالميت حرام، واستنادا لهذه القاعدة من المفيد أن توضع النقاط على الحروف.
من غير المقبول تصوير ياسر عبد ربة سوبرمان، فالرجل لا يمتلك مقومات العبث بالثابت الفلسطيني إلا إذا اعترفنا بأن وراء الأكمة ما وراءها، وبالتالي يحق لنا أن نقول أن عبد ربة لا ينطق عن الهوى بل ينطق باسم شريحة فلسطينية وضعت هدفها الذي تسير نحوه خطوة خطوة، ومن المفيد الرجوع لمبادرة جنيف التي كان عبد ربة ولا زال عربها، فبالعودة لوثيقة مبادرة جنيف لن يجد القاري صعوبة في رؤية ما جاءت به على ارض الواقع.
لقد جاءت تصريحات عبد ربة حول يهودية الدول كسياق طبيعي للمتغيرات التي ميزت المشهد التسووي، صحيح أننا نرفض فكرة الدولة اليهودية، ولكننا نرفضها ألان، ماذا بعد سنة؟؟؟ بالحديث عن موازين القوى الداخلية نجد أن فعل قوى المعارضة معدوم تماما، وان المعارضة الفلسطينية ارتضت لنفسها أن تكون أسيرة للبيان، وبوضوح أكثر فان بعض قوى المعارضة تتعاطى بخجل مع المشهد الداخلي التفاوضي وتستأنس بالموقف ألانتظاري الذي أصبح شعار استراتيجي تدغدغ به عناصره ونفسها دون معرفتها أنها تدفن رأسها في الرمل وتقنع نفسها أنها تمسك الحلقة المركزية في المعادلة.
طرف المعارضة الأخر الذي يكتفي بالبيانات الاستنكارية كجزء من تكوينها السياسي مما اضعف أداءها رغم مصداقية الشعار السياسي رغم أنها تتسلح بتراث يساعدها على رفع صوتها، والمقصود هنا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي علقت عضويتها في المنظمة، غير أن هذه الخطوة لا تعطيها الحق وبالطبع وطنيا للتذرع بشعار بقولها علقنا عضويتنا في المنتظمة وكفى الله المؤمنين شر القتال، لأنة وبكل بساطة فان هذا الشعار لن يصمد أمام المتغيرات المتسارعة التي تعصف بالقضية الفلسطينية، متغيرات تهدد الوجود الديمغرافي والسياسي الفلسطيني.
ما ينطبق على المعارضة الفلسطينية ينسحب على حركة فتح التي يفترض أن تشكل صمام أمان وضمانة للحفاظ على الثوابت الفلسطينية ، وتتحمل حركة فتح المسئولية الأكبر مما تشهده الساحة، وقد يكزن مقبولا على حركة فتح أن تتبني الشعار التكتيكي في تعاملها مع الواقع الفلسطيني، لكن الشعب الفلسطيني يفترض أن تقود التحرك لاجتثاث من يهددون الثوابت، لان التفريط بالثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين يضرب العصب الرئيسي للحركة ويفقدها مبرر وجودها كقائدة لحركة التحرر الوطني الفلسطينية المعاصرة، ولا يمكن لقادة الحركة التاريخين التذرع بالوضع الداخلي للحركة ولا بالظروف الدولية والعربية لان منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح بالذات ولدت في الزمن الصعب.
لا تكمن الحلقة المفقودة في تصريحات عبد ربة بحرفيتها، لأنة حمل على عاتقة إحداث الفوضى السياسية والأيدلوجية في الشارع السياسي، وفي نهاية الأمر لا يمكن الأخذ بما جاء به الرجل إلا إذا كان يعكس توجه على الساحة الفلسطينية وهنا ممكن الخطر، والأخطر الأكبر الذي تعيشه الساحة السياسية الفلسطينية في فوضى التصريحات المتعلقة بالثابت الفلسطيني والتعامل مع انعكاسات هذه الفوضى بردود فعل سرعان ما تنتهي مع استمرار المنهج الفوضوي الذي يؤسس للمرحلة القادمة، ويتضح ذلك من الموقف الأمريكي الذي التقط تصريحات عبد ربة وأسس عليها.
المعادلة واضحة للأعمى فالسيد ياسر عبد ربة يؤسس للمدرسة اليسارية التي أخذت على عاتقها اعتماد منهج وضع العصا في العجلة، فمن غير المستوعب من الناحية التكتيكية أن يرمي السيد عبد ربة الحجر في البئر في ظل التناغم والتوافق الفلسطيني على رفض فكرة الدولة اليهودية، لأنة ببساطة يحدث حالة من فوضى نحن في غنى عنها، وخاصة إذا أخذنا بالاعتبار الموقف الفلسطيني الذي يعيش ضغوط غير مسبوقة والمخاطر التي تواجهها القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية والمشروع الوطني برمته، ومن هذا المنطلق لا يمكن التعاطي مع تصريحات عبد ربة بنوايا حسنة لأنها ستقودنا إلى جهنم هذا أولا، وثانيا علينا أن لا نتعامل معها بمعزل عن المنهج الذي ينادي به الرجل الذي يعتمد على مبادرة جنيف بالأساس.
الخطير في التصريحات أنها مست الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 48 الذين يعانون من العنصرية الإسرائيلية والضغوط التي يتعرضون لها بمحاولة فرض "قانون المواطنة"، وكان أن جاء الرد من الأراضي محتلة من خلال الدكتور جمال زحالقة الذي طالب عبد ربة بالاستقالة على الفور وشدد على اللجنة التنفيذية بإقالته على الفور، وقال الدكتور زحالقة أنة لا يحق لعبد ربة أو غيرة بيع حقوق الفلسطينيين في الداخل وان يتنازل عن حقوق اللاجئين في الشتات.
إن تناغم الموقف الوطني من تصريحات عبد ربة له دلالات تؤكد الرفض القاطع لهذه التصريحات، وعزز هذا الموقف بما جاء على لسان الرئيس محمود عباس الذي أكد أن يهودية الدولة ليس شأنا فلسطينيا، ولكن السؤال المطروح على أطياف العمل الوطني الفلسطيني، على ماذا يستند عبد ربة في إلقاء الحجر في البئر؟؟؟؟؟ أم أننا بصدد فرعون فلسطيني يمتلك رؤية مغايرة للكل الفلسطيني، فرعون فلسطيني لا يقيم لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وزنا، فرعون فلسطين تجرأ على المس بالثوابت الفلسطينية وعلى رأسها حق اللاجئين بالعودة ، فرعون فلسطيني يضع السيف على رقابنا، فرعون فلسطيني نقول له من فرعنك على شعبنا وقضيتنا وثوابتنا، سيأتي الرد ما لقي حدا يردني.


www.deyaralnagab.com