بقلم : د. عدنان بكرية  ... 01.12.2010

برغم اهمية الوثائق، الا ان تغييب امورا هامة كالعدوان على لبنان وغزة .. ومسلسل الاغتيالات على الساحتين اللبنانية والفلسطينية ..يثير تساؤلات حول طبيعة وأهداف الجهة التي سربت التقارير
اهتزت وسائل الإعلام لتسريبات موقع "ويكيلكس" وكأن الوثائق التي يعرضها هذا الموقع غريبة أو عجيبة أو خارجة عن إطار المعقول ! فبرغم أهمية هذه الوثائق كونها تدين وتعري واقع النظام الرسمي العربي.. إلا أنها ليست بالوثائق الغريبة والعجيبة على المواطن العربي..وحتى أنها لم تأت بجديد.. فالمواطن العربي ليس بحاجة لوثائق تفضح النظام.. فهو يعيش يوميا واقعها ويكتوي بنارها.. ويدرك تماما فساد أنظمته ومدى العمالة التي وصلت اليها.
لو نظرنا للعناوين التي تصدرت الوثائق للمسنا مدى البؤس والفساد الذي وصل اليه النظام الرسمي العربي.. ولم يكن غريبا على أنظمة تعيش على فتات الامبريالية الأميركية وتدجنت في حظيرتها هذه الأفعال.. ولم نتفاجأ مما عرضته الوثائق:
*باراك عرض على عباس ومبارك استلام غزة بعد سحق حماس!
*العاهل السعودي الح على واشنطن لضرب ايران.
*ويكيليكس تكشف عن خطة لضرب المشروع النووي الايراني اعدها مائير داغان.
*ويكيليكس: نتنياهو صرح بأنه يؤيد فكرة تبادل المناطق.
*ويكيليكس: عمر سليمان ابلغ اميركا ان ايران تجند البدو لتهريب اسلحة لحماس.
هذه بعض العناوين التي جاءت في تقارير ويكيلكس.. ولأول وهلة يظن القارىء بأنه يقف امام قنابل اعلامية من العيار الثقيل.. لكن المتابع يوميا للاحداث والتطورات والتفاعلات على الساحة العربية والعالمية.. لا يجد شيئا جديدا تحمله التقارير.. فممارسات وعمالة الانظمة العربية تفوق ما اوردته تقارير "ويكيلكس"!
النظام العربي الرسمي دائما يقف في خدمة الولايات المتحدة سواءا فيما يخص العراق او ايران او القضية الفلسطينية وهو يعتبر دائما بمثابة شرطي علني ومكشوف في خدمة الأجندات والمشاريع الامبريالية.. والتقارير لا تشكل ابتكارا في كشف دور الأنظمة العربية لضرب مقدرات العالم العربي.. بل شكلت عرضا مرتبا لتسلسل مظاهر العمالة والفساد لأنظمة كانت وما زالت خادما أمينا للسيد الأميركي.
النظام الرسمي العربي والذي ارتكب أبشع مما جاءت به التقارير بحق الشعوب العربية إبان الغزو الأميركي للعراق من خلال مشاركته في الغزو..هذا النظام والذي فقد شرش الحياء.. لن تضيره اليوم تقارير تشير الى دوره في التآمر على الأمة العربية.. ولن يحسب أي حساب لتقارير لا تزيد من بشاعة المشهد العربي بتاتا.. ولن تثير الشعوب العربية.. فلو كانت الشعوب العربية قادرة على محاسبة جلاديها.. لحاسبتهم عندما شاركوا في غزو العراق وباعوا فلسطين.
ويكيلكس لم يتحفنا بصندوق عجب والتقارير لم تكن غائبة عن وجدان ووعي الانسان العربي .. هذا الانسان الذي اكتوى بنار الأنظمة.. عرف حقيقتها.. لكنه يقف عاجزا عن محاسبتها أو حتى إدانتها.. والأنظمة نفسها لن تخجل من هذه التقارير لأنها ومنذ فترة عرت نفسها تماما امام شعوبها وليس لديها خشية من تثور هذه الشعوب لمحاسبتها!
ثمة اسئلة تثار حول هذه التقارير وفي مقدمتها.. لماذا تفتقرالوثائق لما دار وراء الكواليس في حرب لبنان وحرب غزة.. ومسلسل الاغتيالات في لبنان وغزة ؟!
وماذا مع اغتيال الشهيد ياسر عرفات ؟ وماذا عن غزو العراق واعدام صدام؟!
اعتقد ان المواطن العربي يتوق لمعرفة كواليس هذه الأمور ودور اسرائيل والولايات المتحدة.. فافتقار التقارير لأمور كهذه غيرت الموازنة السياسية في العالم العربي.. تبقي التقارير ناقصة ربما لغرض الحفاظ على أسرار الدور الاميركي والاسرائيلي وابقائه طي الكتمان.. من هنا وبرغم اهمية الوثائق، الا ان تغييب امورا هامة.. يثير تساؤلات حول طبيعة وأهداف الجهة التي سربت التقارير !