logo
كافور الفلسطيني!!

بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 23.12.2010

بعض الفلسطينيين يصر على حتمية زوال دولة الكيان الصهيوني من الوجود؛ رغم قوتها العسكرية، وقنابلها النووية، وتأثيرها الاقتصادي، ونفوذها السياسي، وسطوتها في الساحة الدولية، هذا البعض الفلسطيني يرفض الاعتراف بوجود دولة الكيان، رغم أنه جائع، وفقير، وممزق، وفي حصار، فهو يحاول جاهداً أن يوفر ما يقدر عليه من وسائل القتال، والمقاومة. بينما بعض الفلسطينيين يصر على الاعتراف بدولة إسرائيل، وينشد المصالحة التاريخية معها، ويتفاوض معها من أجل اعترافها فيه، وأمنية هذا البعض الفلسطيني أن يقيم دولة ولو على خمس تراب فلسطين، ضمن الشروط الإسرائيلية، وهو منشغل في تصريف شئون حياة الشعب اليومية، وكل تفكيره في كيفيه توفير رواتب آخر الشهر!.
بعض الفلسطينيين يتخيل نفسه قوى عظمي داخل المجتمع الدولي، بينما هو لا يملك قوت يومه، ويتصرف سياسياً وكأنه يمتلك كل الخيارات، وأنه صاحب البيت، ومصدر القرار، وبعض الفلسطينيين يتخيل نفسه فاقدا لكل قوة، وتأثير على مجرى السياسة الدولية، ويتصرف مع المجتمع الدولي وكأنه لا يمتلك خيارات، وليس له غير الاستجداء للوصول لغايته..
حال الفلسطينيين كحال كافور الإخشيدي وصاحبه، وكلاهما كان عبداً معروضاً للبيع في سوق النخاسة، ولا يملك من أمره شيئاً، وقد أدركا أنها سيفترقان عما قريب.
سأل كافور الإخشيدي زميله في القيد قائلاً: ماذا تتمنى وأنت معروض للبيع في هذا السوق؟ فقال العبد الجائع: أتمنى أن يشتريني طباخ، كي أشبع اللحم، وأزهد في المرق!.
فماذا تتمنى أنت يا صديقي، وبماذا تفكر أنت يا كافور، وأنت معروض للبيع؟
قال كافور: إنني أفكر كيف أمتلك أمر هذه البلاد!.
بعد سنوات تحقق حلم الاثنين، الأول شبع اللحم بعد أن اشتراه طباخ، أما كافور الإخشيدي فقد امتلك أمر مصر، وصار حاكماً عليها لمدة ثلاثة وعشرين عاماً ساد فيها الاستقرار، رغم ما افتراه المتنبي على كافور، ورغم ما قال فيه في ذلك العصر، عندما كان المتنبي أهم وسيلة إعلام، وأهم موقع إلكتروني ينشر الأخبار، حين قال:
لا تشتري العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيدُ.
ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن يسيء لي فيه عبدٌ، وهو محمودُ
من علم الأسود المخصي مكرمة أقومه البيض، أما آباؤه الصيدُ؟
رغم هذا التشهير والتجريح الذي تعرض له كافور، إلا أن كتب التاريخ تقول لنا: لقد حقق كافور حلمه، ونشر العدل بين الناس، وحقق التطور والرخاء والازدهار.


www.deyaralnagab.com