logo
عودة اللاجئين وليس الدولة!!

بقلم : د.عبد الستار قاسم ... 13.04.2011

تنشط إسرائيل وأمريكا هذه الأيام في تكثيف البحث عن سبل لتقديم شيء ما زال مجهولا للسلطة الفلسطينية، وذلك كخطوة أو إشارة إلى تعبيد طريق نحو إقامة كيان فلسطيني يسمونه دولة. وتشير أغلب وسائل الإعلام أن هذا التنشيط يستبق اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/2011، والتي يمكن أن تعترف بدولة فلسطينية.
لا علاقة لهذا التنشيط باجتماع الحمعية العامة التي سبق أن اعترفت بحقوق فلسطينية، وإنما علاقته مباشرة بالتغيرات التي تحصل على الساحة العربية. تدرك إسرائيل وأمريكا أن معادلة الذل والخنوع في الساحة العربية قد أخذت تتغير، وأن تلك الأنظمة التي كانت تتلقى الأوامر وتنفذ في غير مصالح الأمة العربية تتهاوى، أو في طريقها إلى التهاوي، وهما تعيان أن المهام التي كانت تقوم بها الأنظمة العربية لصالح إسرائيل وأمريكا ستتوقف، او ستصاب بعطل كبير، وأن ما كان يمكن تمريره على الأمة العربية وعلى الفلسطينيين في السابق، لن يكون متأتيا في اللاحق. ولهذا تريد الدولتان استباق الحدث، وتقديم شيئ قد يبرر للسلطة الفلسطينية المضي يالتفاوض، والموافقة على الكيان الفلسطيني الهزيل، والذي سيعمل وكيلا أمنيا لإسرائيل.
وهنا لا بد من القول أن هناك ثابتين فلسطينيين فقط وهما حق العودة وحق تقرير المصير، وأن كل تجاهل لأي من هذين الثابتين يشكل عدوانا على الشعب الفلسطيني، ومحاولة سافرة لتجاوز الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. إقامة الدولة ليست من الثوابت، وإنما هي عبارة عن نتاج لحق تقرير المصير. عندما يعود اللاجئون، ويتم الإقرار بحق تقرير المصير لشعب فلسطين، فإن هذا الشعب سيقرر لنفسه وبنفسه فيما إذا كان يريد إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، أو أن ينضم إلى وحدة تجمعه مع دولة أو دول عربية أخرى.
ولهذا من المهم ألا يحاول أحد إضاعة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني ببريق دولة لن تكون مستقلة، ولن تكون منفصلة عن الأمن الإسرائيلي. وإذا كان للولايات المتحدة والدول الأوروبية ان تصنع سلاما، فإن الاعتراف بحق اللاجئين في العودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم في الأرض المحتلة/48 هو المقدمة. قد تنجح هذه الدول الآن بإقناع بعض الفلسطينيين بفكرة توسيع صلاحيات السلطة الفلسطينية، وتوسيع المناطق المصنفة (أ) وفق اتفاقية طابا لعام 1995، لكن هذا لن يقنع الشعب الفلسطيني الذي يصر على كامل حقوقه.
من يبحث عن سلام، لا يهرب من الاستحقاقات. وإسرائيل تعرف تماما أن ميزان القوى قد تغير، وأن البيئة السياسية التي أنتجت اتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة قد تركناها خلفنا، وأن هناك بيئة سياسية جديدة تتبلور الآن في المنطقة العربية. وما كان يصلح لبيئة سياسة سابقة، لا يصلح لبيئة سياسية جديدة، وما كان يمكن أن يكون مقبولا في السابق، ليس مقبولا الآن، وما يمكن أن يكون مقبولا الآن، لن يكون مقبولا بعد عام.
عبر سنين طويلة، لم تقتنع الولايات المتحدة بأن العرب لا يختلفون عن الشعوب الأخرى، وأنهم في النهاية سيثورون. وعساها تقتنع الآن بأن عليها احترام إرادة الشعوب بدل البحث عن أساليب التحايل على هذه الإرادة. ولعل علماؤها يؤكدون لها بأن الفلسطينيين لن يعملوا وكلاء لإسرائيل في الوقت الذي تنبثق فيه الأمة وهاماتها مرفوعة بعزة وإباء. ومن الحكمة لمن يريد المستقبل، ألا يبحث عن عناوين أهل الماضي.


www.deyaralnagab.com