من بعض الردود!!
بقلم : هيفاء حيدر ... 06.06.2010
"أسئلة مطروحة لو تفكرت كل واحدة منا مع نفسها على الأقل وحسب ظروف حياتها لحصلنا على التشخيص لإمراض معدية تداولها الأجيال. هذه الدوائر الداخلية المقيدة للمرأة تتولد من تأثير الخارجية خاصة عندما تسمع الفتاة كلمات الإطراء لواضعي تلك الحلقات الخارجية على إنها البارة ولم تتجاوزها . فتصبح حبيستها حتى لو انكسرت ،فقد ترهلت طباعها وتتولد إحساس لديها بان الأوان فات للتغير. وان نبقى مكتوفي الأيدي دون تجاوز أطواقنا تنعكس سلبيا على الجيل القادم."
وددت اليوم أن ابدأ بهذه الكلمات التي جاءتني كتعليق على الموضوع السابق من الأستاذة منال مشكورة على ذلك.
وحقيقة الأمر أن الموضوع بالنسبة لنا نحن النساء شائك للغاية بمقدار ما هو مهم وضروري أن نتطرق له، وأن نظل نرمي بتلك الحجرات الصغيرات في بركة الماء الآسن وربما في بحار أوسع وأعمق ولو بدا وجه الماء صافي الزرقة .
إن الحديث بالموضوع النسوي، نقول شائك وصعب وكما السهل الممتنع لا لكي نعقد الأمور علينا أكثر، ولا كي نزيد من دوائر الاختناق واحدة إضافية ،بل لأن من لايسمعون ندائنا يتكاثرون يوما" بعد يوم، ولو توقف الأمر عند هذا الحد لهانت المشكلة أمامنا، بل تعدى ذلك إلى أخذ المواقف المسبقة مما نكتب وعن ماذا نكتب؟ وعن الكيفية التي نرى أمورنا تتراجع عبرها أمام ناظري هؤلاء ،إلى أن أصبحت هذه الآراء تتبناها نساء تحت حجج واهية مفادها أننا أخذنا حقوقنا وأكثر فماذا نريد بعد ذلك.ومما أثارني للكتابة في هذا الموضوع هو صوت البعض الذي لا يرى نفعا" من أن تطرح النسا ء قضيتها بنفسها هذا إذا ما كان يؤمن بأن للنساء قضية فغالبا" ما يتم تهميش ما نطرح وتسطيح الأمر إلى درجة إلغائه بالكامل تحت شعار ليش شو ظل بعد بدكم يا معشر النساء ؟
ونحن نرى أن الأمر ليس بهذه البساطة وهذه ليست شفافية بمقدار ما هي رؤية ضبابية لحقوق النساء ودورهن. ولكن لا علينا ، أرى أن هذا يصب في باب أهمية أن نمضي قدما" في طرح ما يعتري مسيرة حقوق الإنسان بشكل عام و النساء بشكل خاص من انتقاص وهدر لكرامتنا الآدمية .وخطوة كان لا بد من أن نقدم عليها أجلا" كان أم عاجلا" وهي أن نقاوم ليس الدوائر التي تحيط بنا وتقيد حركتنا و أن نزعزع حتى الداخلي منها ، كي نذهب الى كسر حواجز الخوف التي تعترينا وتنام معنا وتشاركنا ليالينا ونهاراتنا .
فكثيرا" ما نقرأ عن كسر حاجز الصمت عن العنف أو ما نتعرض له من تمييز و اضطهاد ، لكننا نرى صعوبة أن نتقدم نحو ذلك أولا" ودون خطوات إستباقية أو تمهيدية ، فالصمت بحد ذاته لم يولد من الفراغ بل جاء نتيجة عوامل ومسببات عديدة لدرجة إنه أصبح لغة نتخاطب بها ،نتقنها ونتقن الحوار بمفرداتها ، لقد علمونا إياها على مدار سنوات من عمر كل منا تشربناها وشربنا وذقنا طعمها المر مع كل حركة حاولنا أن نفهم عبرها كيف لهذه اللغة أن تصمد كل هذا الزمان وهي تعرب ليس فقط حركات الأعراب الرئيسة لها بل تعرب كل خلجة أردنا أن نتنفس عبرها ولو قليلا" من الهواء النقي .
وكما كانت كل لغات العالم وليدة مجتمعاتها ،وثقافة وعادات عاشها الإنسان قرون من الزمان طور خلالها إيماءاته و أصوات حركاته و دلالاتها المختلفة لتصبح بما هي عليه الآن من لغة تخاطب للإنسان وبيئته .كانت لغة الصمت تنشأ وتتطور من أحشاء الخوف الذي تملكنا وملك حياتنا ، خوف من الصعب أن نتجاوزه بسهولة إذا لم نرسم الطريق ونعبده قد يشبه درب الآلام ودرب كامبوستيلا وتاريخ المايا ،دروب عديدة سلكها الإنسان وعانى فيها الكثير وصمد لكنه تقدم خطوة في البداية وتابع بعد ذلك دربه المحفوفة بالمخاطر .ولمجد أن نتحدث عن ما يعتري نفوسنا من مشاعر الاستياء والغضب نظن أن هذا سيمهد الطريق لنكسر حواجز الخوف ونرمي بها بعيدا".
حلقة لا بد لها أن تخلخل سلسلة الموت الذي لم يكتب لنا في سفر التكوين لأننا نساء وحسب, بل لأنه ما زال يحسب علينا خطيئة أدم الأولى من حيث كنا ندري أم لا ندري، من كان البادئ في ذلك لعل المثل يصدق معنا هنا بأن البادئ كان أظلم .
المصدر : مركز مساواة المرأه
www.deyaralnagab.com
|