logo
البطالة في فلسطين برميل بارود قوي الانفجار!

بقلم : صباح الشرقي ... 2.6.07

وضعت الشرائع وانتظمت المحاكم العالمية لتطبيقها، لكن بعد كل العصور الذي
مرت والفوارق بين الأقوياء والضعفاء لا زالت حجرة عثراء على ارض واقع
الاختلاف على شريعة الحق والعدل والإنصاف والمساواة.
إن الوسائل العالمية الحديثة التي تتجلى في قوة الاضطهاد والعنصرية والقمع وسلب الحقوق عمدا أو عن طريق الاحتيال لتحقيق الغايات والمطامع، لا تراعي ولا تعتبر الفوارق بين القدرة والعجز، بين القوة والضعف و لا الشرائع بل تأتي على اليابس والأخضر وبهذا أصبح العالم الحديث يحكم بطريقة الغاب، البقاء للأقوى فما جدوى وجود ذلك الكم الهائل من المحاكم إذ أصبح وجودها وعدمها سواء.
من عجائب أطوار العجرفة الإسرائيلية المثل الأعلى في الظلم وتوارت الفتن، الذي لا يخمد في ناحية إلا واشتعل واضطرب في ناحية أخرى، بسبب سياستها الهمجية اتجاه العالم عموما والشعب الفلسطيني خصوصا، إلا أن إرهابها تضاعف منذ اندلاع الانتفاضة المباركة سنة 2000 وهي لازالت تحاول جاهده في التخريب والتدمير والقتل بحجة توفير الأمن والأمان لمواطنيها ضاربة عرض الحائط بكل التشريعات والقوانين.وبهذا كشفت أكثر عن وجهها الحقيقي، فعرضت الشعب الفلسطيني للمحن وزجت به دهرا طويلا تحت وطأة ظلمها ووسائل تركيعها بل اتضحت كذلك نواياها المهزومة والمتشتتة أصلا.
إسرائيل التي لم تقف عند تهجير الشعب الفلسطيني وسرقة أراضيه وممتلكاته، واغتصاب حقوقه، بل حركت دواليب خبثها والتجأت إلي استخدام عنادها الكامل وإرهابها لمحو الهوية الفلسطينية وتفكيك وحدة وقطع أوصال هذا الشعب المرابط الأصيل.
لنذكر ما اقترفه الكيان الإسرائيلي الصهيوني في حق شعب اعزل: هدم المصانع و المستشفيات، و المحلات التجارية والمنازل، قلع الأشجار والنبات، جرف الأراضي والممتلكات، دمر المنشآت والبنية التحتيه للبلاد، قطع أوصال المدن والبلدات، قتل الأبرياء، استنزف الطاقات البشرية والاقتصادية والسياسية والنفسية، شرد الآلاف جوع الشعب برمته، احتجز العائدات والمساعدات والمستحقات، اقفل ينابيع الموارد، حجز الأموال، أغلق المعابر، وخرب المطار واللائحة طويلة...، كل هذا ولم يحقق الرضا المطلوب بشروطه الثقيلة ورغم الدعم العالمي له والدولي حتى العربي الذي فرض بدوره طوقا وحصارا خانقا كمعاقبة جماعية وإذلال شعب برمته.
من هنا تبقى عدة أسئلة عالقة:
• إلى متى سيظل هذا الشعب يصارع وحده هذا الظلم الجائر؟؟؟
• إلى متى سيظل هذا الشعب صابرا في انتظار اليوم الموعود ؟؟؟
• إلى متى سيظل هذا الشعب يكافح وضعه المزري الذي يقفز من سيء إلى أسوء ؟؟؟
إن الإرهاب الذي تمارسه إسرائيل تحت المظلة الأمريكية والدولية خصوصا منذ اعتلاء حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) سدة الحكم، وأمام رفض الكيان الصهيوني الاعتراف بها كحكومة شرعية، رغم نزاهة الانتخابات (الذي كان بشهادة عالمية ) له تأثير سلبي جد قوي عصف بدولة فلسطين على نطاق واسع ضرب اقتصادها مما جعل وضعها المالي حرجا وخانقا ترتب عنه شلل شبه عام تأثرت من وطأته جميع الشرائح الفلسطينية، لنأخذ كمثال من خلال هذا النص الطاقة الشبابية.
هم الذين يعتبرون الفئة الكبرى في المجتمع، هم أكثر الشرائح الاجتماعية تضررا من الحرمان والعوز، هم الأكثر تأثرا من سياسة الاحتلال والإغلاق والحصار، إذ أصبحت البطالة من أهم المشاكل التي خيمت بظلالها عليهم، رغم تواجدها في معظم الدول باختلاف الأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية أو باختلاف درجات تقدمها، إلا أن البطالة الفلسطينية تعتبر حالة جد خاصة ويطلق عليها اسم البطالة الكامل، وتفسير هذه التسمية هو حين يعجز الفرد عن الحصول على عمل مناسب، رغم قدرته على الشغل واستعداده له والبحث عنه.
البطالة تشكل السبب المباشر لمعظم الأمراض وتمثل تهديدا لاستقرار النفسي والسياسي والترابط والتكافل الاجتماعي، وما يلعبه دخل الفرد من دور فعال في حياته، وأسرته ومحيطه ومجتمعه ككل، فذلك الدخل هو الذي يضمن له الاستقرار والاستمرارية في العيش.
إن سياسة الاحتلال الهمجية الإمبريالية الصهيونية، الضاغطة هدفها تدمير المجتمع والواقع الفلسطيني من خلال عدم تأمين له سبل العيش، والسهر على احتياجات المواطنين سواء المادية أو المعنوية و توفير لهم مقومات العيش الكريم أسوة بباقي المجتمعات.
إن استمرار العدوان الإسرائيلي وسياسة الحصار والإغلاق جعل الطبقة العاملة وخرجي المعاهد والجامعات وغيرها من المؤسسات، الأكثر عرضة للمعاناة من مشكل البطالة، بسبب الوضع الاقتصادي المزري الذي زاد من تفشي الأسر التي تعيش تحت خط الفقر حيث ارتفعت نسبة البطالة إلى 78 في % واتسعت رقعت الفقر إلى 75 في % وهذا في الضفة الغربية وقطاع غزة وهذه الأرقام صدرت عن دراسة ميدانية قام بمسحها الإتحاد العام لنقابات عمال فلسطين والذي أكدها تصريح رئيس مركز الإحصاء الفلسطيني في خاطبه عشية يوم عيد العمال، حيث أفادت تقديرات جهاز الإحصاء لسنة 2006 أن نسبة البطالة في فلسطين مرتفعه جدا عن مثيلاتها الدول المجاورة كالأردن الذي بها نسبة 14 في % وإسرائيل 8.4 في % وفلسطين 23.6 في % هذا راجع لغياب الدعم الرسمي العالمي والعربي وشح الإمكانيات كذلك قلة فرص التوظيف في القطاع الحكومي أو الخاص.
اخطر القضايا الاجتماعية التي تنعكس سلبا على الفرد والعائلة والمجتمع حين يعجز الفرد عن الحصول على اجر يضمن له العيش المناسب يحقق به ذاته إذ يلجأ للانحراف، أو السرقة أو النصب ويلجأ كذلك إلى العنف والتطرف وقد يصبح طعما سهلا ولذيذا للجماعات المتطرفة أو يتعاطى لجميع أنواع المخدرات التي تنسيه ولو لوقت وجيز بطالته وعوزه أو تزج به في الدهاليز المظلمة للهجرة، كذلك قد يصاب بحالات نفسية كالتوتر والعصبية والحزن والكآبة والعنف سواء ضد الزوجة أو الأطفال أو الآخرين بشكل غير مقصود، كذلك قد يصاب بحالات انطوائيه تسبب له مشاكل على مستوى الصحة والسلوك وقد يتولد معها التفكك الأسري ويتلاشى التلاحم الاجتماعي وقد يصبح إنسانا بائسا مما يتعرض له من ضغوط نفسية واجتماعية ناتجة عن الحرمان والظلم، حين يفقد المعنويات الإنسانية بل كل شيء يصبح مستعد لارتكاب أبشع الجرائم كالقتل والانتقام كلما سمحت له الفرصة بذلك دون خوف أو تردد من كل الذين كانوا سببا أو وراء وضعه القاسي خصوصا ضد الاحتلال، ضد المسئولين عن بلده وضد نفسه...و بهذا يصنف دوليا بالإرهابي من الطراز الأول وبسهولة دون العناء في البحث عن الأسباب التي كانت وراء ذلك السلوك إن كان موجودا اصلا.
سأل عمر ابن الخطاب احد ولاته فقال: ماذا تفعل إذا جاءك سارق ؟؟؟ رد عليه اقطع يده.
قال عمر رضي الله عنه: إن جاءني منهم جائع أوعز فسوف يقطع عمر يدك.
يا هذا !!! إن الله استحلفنا على عباده لنسد جوعهم ونستر عورتهم ونوفر لهم حرفهم فان اعطيناههم الأمور قضيناهم شكرها.
روى كذلك الإمام احمد بن حنبل مثلا فقال:
(إذا جلس الرجل ولم يحترف، دعته نفسه إلى أن يأخذ ما في أيدي الناس )
إن إهمال علاج هذا المشكل وواقعه المؤلم قد يؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها فهي باب البلاء المفتوح على كل الشرور، هي البركان المتوهج الذي إذا انفجر لن يسلم من حممه أي كان.
• يجب العمل بسرعة على تشكيل دعم مالي عربي قوي والذي سوف يعتبر اكبر تحدى تضامنا مع الشعب الفلسطيني
• يجب توفير مصادر التمويل من اجل إحداث مشاريع تكفل ضمان الشغل لجميع الفلسطينيين
• يجب إقامة نظام اقتصادي عربي يخدم مصالح الدولة الفلسطينية وشعبها ووضع الأهداف العاجلة التي تخدم حل مشكل البطالة الكاملة
• يجب ترميم تنمية المباني والمنشآت والبنية التحتية حتى تخلق فرص الشغل
• يجب على لجان الزكاة العربية والإسلامية مساهمة فعالة وعاجلة لإنقاذ ما تبقى وللحد من هذه الآفة الفتاكة
• التدخل العاجل والفعال من اجل رفع اليد عن الأموال الفلسطينية المصادرة والمحتجزة عند المحتل الإسرائيلي.
• خلق اوراش للتأهيل الاجتماعي لمحاربة الفقر والبطالة والتهميش
• إنشاء مشاريع استثمارية وتنمية محلية تكفل الشغل اكبر عدد منهم
• يجب أن تتسم الرؤى وتحدد الأهداف بالجدية في العمل والدراية الكافية بالمجال، وإحداث ركيزة شراكة من اجل الحد من هذه المعضلة التي عمرت طويلا، كذلك من اجل انقاد فلسطين العربية ومستقبل شعبها، في إطار عمل وحوار مبني على المسؤولية المقسمة بهدف النهوض بالإصلاحات الأساسية بكيفية منسجمة وأسوة بباقي البلدان.

* كاتبه مغربيه

www.deyaralnagab.com